حيث يتأثر بشكل غير مباشر بلهجة الأهل وكيفية التعامل فيما بينهما، وصولاً إلى زملائه في المدرسة
حيث يقضي معظم نهاره، فنراه يتغيّر إما من حيث الإفراط في الحركة أو حتى في تعابيره.
في هذا الإطار، يحاول أن يظهر ميلاً إما لأن يكون تابعاً، أو قائداً، إذ يجب على الأهل أن يقتنعوا أن لكل طفل
ميزة خاصة به، فلا يمكننا أن نفترض أنّ كل الأطفال يملكون شخصيّةً قياديّة.
وهنا يجب عدم لومهم بل إعتماد أسلوب خاصّ وذكيّ يساعدهم على فرض وجودهم بشكل دائم
والتخلص من الشخصية الضعيفة من دون توجيه إليهم مصطلحات قد تؤذيهم وتنعكس سلباً على تكوين شخصيتهم.
وفي حال شعرت بأنّ طفلك يفتقد إلى الإستقلاليّة في خياراته وبأنّه يبالغ في خضوعه لرغبات أصدقائه، فعليك التنبّه إلى أمورٍ عدّة منها:
1– يفيد تقليد الطفل للآخرين في بعض الحالات خصوصاً في حال كانوا من الفئة العمرية نفسها.
فهو قد يجد في صديق له يملك طاقةً كبيرة ينقلها إلى الآخرين نموذجاً مثالياً سيحاول التمثّل به وبالتالي
التطوّر وإكتساب مهارات جديدة، غير أنّه قد يتمثّل بنموذج آخر سيّئ، ما يجعلك متخوّفة من العادات التي سيكتسبها طفلك منه.
2– يشير تقليد طفلك لأصدقائه وتبنّي قوانينهم أحياناً إلى حاجته إلى الشعور بالإنتماء، قد ينتج من نقص ما داخل العائلة
أو بنوعٍ من الغيرة نتيجة وجود أخٍ أصغر يحظى بإهتمامٍ أكبر. الأمر الذي يدفعه إلى محاولة جذب إهتمام الآخرين والإثبات لهم بأنّه ليس مختلفاً عنهم.
3– في موقف آخر قد ينجم ميل طفلك إلى التأثّر بالآخرين عن عجزه عن الرفض، وقول “لا”. عليك هنا أن تزوديه
بالثقة الكافية لكي يكون قادراً على تتبّع رغباته الخاصة لا الإنصياع لرغبات الآخرين، من خلال إعطائه المجال
في أن يقول لك أنت أيضاً “لا” وفي أن يبدي رأيه في ما تقومين به لأجله.
يجب أن تحرصي على مراقبة خطوات طفلك فإذا شعرت أنه يقلد أحد الأبطال الكارتونية عليك التنبه لخطورة
ذلك وتساعديه على التخلص من تلك المشكلة من خلال محادثته في الأمر بعيداً عن أسلوب الوعظ.
إسأليه عما يحبّه في تلك الشخصيات، تحدّثي معه في صفاتها الحسنة منها والسيّئة وحاولي أن تعطي لتلك الميزات التي يحبّها أبعاداً واقعيّة.
ويبقى المهمّ أن يدرك الطفل أنّ كل ما يعرض على شاشة التلفاز ليس واقعياً، بل هو جزءٌ من الواقع إنما ليس كل الواقع.
4– فإن وجدت الأم أن طفلها يلفظ لفظة غربية، أو يأتي بحركة غريبة، فلتعلم أنه لابد قد التقطها من غيره.
ولتبحث من هو هذا الغير؟ ربما من الجيران، أو من الضيوف، أو أحد أفراد الأسرة، أو من التلفزيون.
وهنا لابد من المحافظة على سلامة بيئة الطفل بقدر الإمكان.
5– وقبل أن يترك الطفل البيت حينما يكبر، لكي يختلط بعالم أوسع، علينا أن نغرس فيه مبادئ سليمة
بحيث يرفض تلقائيًا ما يراه أو يسمعه مما يجده مضادًا لها. وإن أخطأ لا نوبخه بكلمة خاطئة، لئلا يلتقط هذه الكلمة ويخاطب بها غيره.
6– وهنا نجد خطورة الخلافات الزوجية التي تنشأ بين الزوجين، وما يتبادلانه من ألفاظ وتصرفات خاطئة أمام أطفالهما.
فإما أن يلتقط الأطفال هذا الأسلوب ويستخدموه، أو أن تسقط في نظرهم المثاليات الخاصة بالأبوين
كمصدر من مصادر التعليم لهم. أحيانًا يتحدث الكبار أمام الصغار، ويظنون أنهم لا يفهمون.
7
– إن كان الطفل الرضيع لا يفهم، فإن الطفل الذي بدأ يتكلم لاشك أن دائرة الفهم عنده تتسع يومًا بعد يوم.
وحتى إن كان لا يفهم كل الكلام الذي يسمعه، فإنه يفهم من الملامح ومن حدة الصوت مثلًا، ويستنتج.
وقد يقلد ما يسمعه أو ما يراه، حتى بدون فهم. ليس الفهم مهمًا عنده، وإنما المنظر.
أيضــًا :
8– تقليد الاطفال الام في كل ما تفعل. فإن كان الأبوان متدينين، سيلتقط الطفل تدينهما. من هنا كان الزواج
مسئولية، ليس مجرد علاقة بين زوجين. إنه رسالة تربوية ونفسية نحو ما ينتجه الزواج من أطفال
سواء من جهة التعليم أو القوة الصالحة. لذلك ينبغي أن يكون المتقدمون إلى الزواج مؤهلين لذلك، مؤهلين
نفسياً وتربويًا، ومؤهلين من جهة كونهم قدوة لأجيال مقبلة.
كما أن الطفل لا ينسى ما يسمعه، بل كثيرًا ما يستعيده ويردده، حتى أمام الضيوف، وأمام باقي أفراد الأسرة.
ويقول لمن يقابله “بابا قال كذا… ماما بتقول كذا” (بابا ضرب ماما!!)… وهكذا.
9– إن الطفل لا يحفظ سرًا. فإحترس من جهة الأسرار التي تُقال أمامه، أو من جهة الأسرار التي تظن إنه لا
يسمعها، لأنه (نائم). بينما لا يكون نائمًا تمامًا.
وأخيراً:
في حال عجزت عن دفع ولدك إلى عدم التأثر بالآخرين، عليك اللجوء الى أحد متخصصي تعديل السلوك بهدف
التعاون سوياً لإنقاذه من دوامة الغيرة والحسد وبالتالي تقليد الآخرين وعدم الإعتماد على نفسه ورغباته.