![]() |
العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
![]() |
|
أدوات الموضوع |
التقييم: ![]() |
انواع عرض الموضوع |
#431
|
||||
|
||||
![]() في أول زيارة رسمية له خارج إسبانياثاباتيرو بالمغرب في ماي المقبل
![]() ![]() ![]() ![]() وذكرت يومية "أ.ب.س" الإسبانية، في عدد أمس الأحد، أن ماريا تيريسا فيرنانديس، النائبة الأولى لرئيس الحكومة الإسبانية، أعلنت عن الخبر خلال ندوة صحفية بعد أول اجتماع لمجلس الحكومة، انعقد الأسبوع المنصرم. وأضافت اليومية أن النائبة الأولى لرئيس الحكومة شددت على أن الزيارة تترجم العلاقة المتميزة بين المغرب وإسبانيا، على اعتبار علاقة الجوار التاريخية بين البلدين، كما أوضحت أن إسبانيا حريصة على الحفاظ على علاقتها المتميزة مع شمال إفريقيا، خاصة المغرب، وأيضا بلدان أميركا اللاتينية، رغم الرغبة في تركيز اهتمام السياسة الخارجية على أوروبا. من جهتها، أبرزت وكالة الأنباء الإسبانية "أوروبا بريس"، أمس الأحد، أنه بجعل المغرب قبلة لأول زيارة رسمية له خارج إسبانيا، يكون ثاباتيرو حافظ على تقليد حرص سابقوه من رؤساء الحكومة الإسبانية السالفين على احترامه، مشيرة إلى أنها لن تكون الوحيدة، إذ من المنتظر أن يحل ثاباتيرو بالمغرب للمشاركة في أشغال اللجنة العليا المشتركة.
|
#432
|
||||
|
||||
![]() فيناهي واحد
نورس المغرب شفتها غابرة
|
#433
|
||||
|
||||
![]() اوقات الصلاة حسب توقيت الرباط وسلا وماجاورهما
![]() الصـبــح04:14 الشــروق05:46 الظــهــر12:31 العــصــر16:07 المـغـرب19:08 العــشـاء20:28
|
#434
|
||||
|
||||
![]() اش جاي يدير ![]() ![]() ![]() جابته خيرات المغرب والثروة السمكية في نصاصات الليل ![]()
|
#435
|
|||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||
![]()
الله يجازيك بخير فرمضان كنتفقس مني مالين الرباط يفطروا قبل منا ![]() ![]() ![]()
|
#436
|
||||
|
||||
![]() تاريخ المساجد في المغرب
يجد فن الهندسة المعمارية المغربي ازدهاره الكامل في تزيين الصُّروحِ الدِّينيةِ عموماً، وتجميل المساجد على الأخصّ. فقد تشكل الغِنى الملحوظ للتراث المعماري للمساجد المغربية عبر مختلف الأُسَرِ الحاكِمة المغربية عبر مختلف الأُسَرِ الحاكِمة التِي اعتلت عرش المملكة على التوالي، وذلك باعتبارِ هذا التراث ثمرة سيرورةٍ طويلةٍ من التأثير المتبادل بيْن الثقافاتِ والحضارات. وقد تميز عهدُ الأََدارسة ببناء مسجدِ القرويين في فاس، وأعادت تشييده ووسعته فاطمة الفهرية في عام 245 للهجرة. وهو مسجد يشهد على تطوّر الفنّ المعماري المغربي وعلى مظاهره الفنّية التي كانت تتغيَّر من عهدِ دولةٍ إلى عهدِ دولةٍ أخرى. وهكذا، فإنّنا نجد فيه قاعة الصلاة العجيبة الإسبانية الموريكسية التي يرجع تاريخها إلى العهد الموحّدي، والتي تأثَّرت بالفنِ الأندلسي. ويبدو أنَّ أوّل مسجدٍ أُسِّسَ هُوَ ذاكَ الذِي شُيِّدَ في أغمات غيلان قرب مراكش عام 85 للهجرة، في فجر الحضُوِر الإسلامي في المغرب. ومع انتشار الإسلام في مختلف جهاتِ المملكة، والمكانة التي احتلها المسجد على مر الزمان في القلوب وفي نفوس المغاربة باعتباره مكانا لعبادة، وللقاء والتعليم، فقد وضعَ المعلمون الحرفيون المغاربة قواعِد فنٍّ معماري استثنائي؛ فن سيطبع، من قريب أَو من بعيدٍ، كل مساجِد العالم الإسلامي تقريباً. وإلى عهد الموحِّدين كذلك يرجع تاريخ بناءِ مسجد الكتبية في مراكش. هذا المسجد منارة روحية لعاصمة الجنوب المغربي، وقد شُيِّدَ على مساحة 3500 م2. وكان يشتمل على 17 جناحًا و11 قُبَّة مزيَّنة بالنّقوش، ويبلغ ارتِفاعُ منارتِه المربَّعة ثمانين متراً تقريباً. وصُنِعَ المنبر، وهو أحد تُحَفِ فنَّي النِّجارة. والنّقش الإسلاميين، من خشب الصَّندل وهو مُزَيَّنٌ بصفائح فضية وذهبية، في قرطبة من حيث استقدم عام 1150 للهجرة. والمواد المستعملة، في الأغلب، لتزيينِ الجزءِ الأسْفلِ من جدرانِ المسَاجِد هي "الزلّيج"، هذه المربَّعات الطِّينية المشويَّة والمُبَرْنَقَة والملوَّنة بشكْلٍ غَنِيٍّ ويُستعمل الجصُّ المنقوش في أعلى الأعمدةِ والجدران. وهو ممدودٌ، بصفةٍ عامة، بواسطةِ إفرِيزٍ من خشب الأرز من غابة الأطلس المتوسط. أما الزّخارف التي نجد في الأغلب، فهي إمَّا من أصلٍ هندسي أو من فنِّ الخطِّ.الأرابِسك. ومسجد الحسن الثاني، الذي ابتكر تصميمه المهندس المعماري الفرنسي ميشل بنسو، هو جوهرة معمارية ودينية حقيقية، بل هو أكبر صرح ديني في العالم بعد المسجد الحرام بمكّة، وقد دشِّنَ مسجد الحين الثاني يوم 30 غشت 1993 بعد سبعةِ أعوام من الأشغال، وهو مبني على فضاءٍ هائلٍ يتقدم بشكلٍ خاص على المحيطِ الأطلسي. والمنارة المرتفعة بمائتي متر مُزَوَّدَة بجهاز ليزر، يبلغ مداه ثلاثين كيلو متراً، وهو في اتجاه القبلة على الدوام. هذا الصرح الذي يمكن أن يستقبل أزيد من ألف مصلّ، خمسة وعشرون ألفا منهم داخل قاعة الصلاة المَهيبة، يحتضنُ كذلك خزانةً، ومتحفاً ومدرسةً قُرآنية من بينِ ملحقاتٍ أخرى. ويجمع تصوُّرُ تَصْمِيم بنائه بين الهندسة المعمارية التقليدية المغربية وتكنولوجيا عالية بسقفه القَابِلِ للنّقل. كما يَتألف التّزيينُ الرَّائِعُ لهذه التّحفة المعمارية من الزليج، والأربيسك، والجص والخشب المنقوشين. ومن ثم فإنه يجمع كل مكوّناتِ الفنُونِ التقليدية المغربية التي تطلّبت تجنيدَ أزيد من ثلاثة آلاف صانعٍ تقليدي يشهد جمالُ الأعمال الفنّية المنجزة على موهبتهم وعبقريتهم.
|
#437
|
||||
|
||||
![]() بطاقات تعريفية بمساجد المملكة جامع السنة ![]() يعد جامع السنة معلمة تاريخية دينية، وهو أحد المساجد الست التي بناها السلطان سيدي محمد بن عبد الله في جمادى الأولى سنة 1199 ﻫ الموافق مارس 1785 م، وقدقامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتجديد جامع السنة ونقل منارته من الطرف الشمالي إلى الطرف الجنوبي حيث رواق التجانيين، وذلك سنة 1969 م. يعد جامع السنة معلمة تاريخية دينية، وهو أحد المساجد الست التي بناها السلطان سيدي محمد بن عبد الله في جمادى الأولى سنة 1199 ﻫ الموافق مارس 1785 م ، وقد ظل المسجد منذ بنائه نحو عشرين سنة خاليا لبعده عن المدينة، الشيء الذي دفع بالسلطان المولى سليمان لنقل أخشاب سقوفه قصد تسقيف جامع علي بن يوسف الذي انمحت آثاره الآن بمراكش، وكان بجانب المدرسة التي تحمل نفس الاسم . وقد قام السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان بتجديد بناء جامع السنة، حيث أصبحت تقام به الصلوات الخمس بشكل منتظم إضافة لصلاة الجمعة، وذلك بعدما بادر إلى زيادة تعمير تواركة بعبيد البخاري، وإقامة دار المخزن والمشور السعيد ( القصر الملكي)، وقد انصبت الترميمات الجديدة على دعم صحون الصلاة بروافد دون تعديل التخطيط الأساسي للجامع، مع إضافة جناح وباب جديدين خلف المقصورة ومحل للوضوء قرب الصومعة، ومخدع مستطيل وراء المحراب يرجع تاريخه إلى عهد السلطان المولى عبد العزيز سنة 1325 ﻫ الموافق لسنة 1907 م . وبأمر من صاحب الجلالة المغفور له الحسن الثاني، قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتجديد جامع السنة ونقل منارته من الطرف الشمالي إلى الطرف الجنوبي حيث رواق التجانيين، وذلك سنة 1969 م. ويعد هذا الجامع من أكبر المساجد في المغرب ولا يفوقه في الضخامة سوى جامع حسان وجامع القرويين. وتجدر الإشارة إلى أن الشكل الهندسي الفريد لجامع السنة كان يشابه مسجد « للا عودة» بمدينة مكناس،إلا أن التغييرات الجزئية التي طرأت على الهيكل الخارجي، جعلت من الجامع حقل تجارب للصناعة التقليدية المتطورة، أضفت على هذه المعلمة جمالية فنية وشكلا هندسيا متوازنا وجذابا.
|
#438
|
||||
|
||||
![]() جامع الأندلس في عهد الدولة العلوية في عهد العلويين كانت الدراسة بالمساجد تعتبر ذات أهمية كبرى وكان العالم لا يبلغ إلى التدريس بها إلا إذا ظهرت مقدرته العلمية وكفاءته في التلقين وكان الأستاذ قبل مهارته يلقي دروسه الأولية بالمدارس الموجودة في المدينة حتى إذا آنس من نفسه الكفاءة أو آنسها منه طلبته توجه إلى المسجد وذلك ما وقع بالفعل لأبي العباس احمد بن علي الوجاري المتوفى سنة1141هـ. وقد كان يدرس بالمدرسة الرشيدية برأس الشراطين لكن الطلبة الحوا عليه في الذهاب إلى مسجد الأندلس فلبى رغبتهم وأصبح أستاذ اللغة في هذا المسجد وأقبل الناس على دروسه وتخرج عليه جل علماء فاس ومن ورد عليها وكان يهتم بتحرير المشكلات اللغوية والنحوية وهكذا أصبح مسجد الأندلس يهتم بالدروس اللغوية كما كان يهتم من قبل بالدروس الفقهية. وفي عهدهم تشجع العلماء على التدريس لان الدولة كانت تضفي عليهم من العطايا ما يغنيهم عن التفكير في مشاكل العيش وكانت تمكنهم من أجرة محددة تختلف باختلاف طبقاتهم وتستغل في ذلك مال الأوقاف وقد نص على ذلك محمد بن عبد الله في منشور كتبه إلى سيدي التاودي بن سودة حين قال: وكذلك الفقهاء الذين يقرئون الاسطرلاب وعلم الحساب فيأخذون حظهم من الأحباس لما في ذلك من المنفعة العظيمة والفائدة الكبيرة لأوقات الصلاة والميراث(1). ولقد عمل المولى محمد بن عبد الله على توجيه العلماء إلى نبذ المختصرات والاقتصار على أمهات الكتب قال الناصري: ومن عجيب سيرته رحمه الله أنه كان يرى اشتغال طلبة العلم بقراءة المختصرات في فن الفقه وغيرهم وإعراضهم عن الأمهات المبسوطة الواضحة تضييعا للأعمار في غير طائل وكان يشهر في ذلك غاية ولا يترك من يقرأ مختصر خليل ومختصر ابن عرفة وأمثالهما ويبالغ في التشنيع على من اشتغل بشيء من ذلك ويفهم من هذا النص أن المولى محمد ابن عبد الله قد منع ذلك منعا مطلقا مع اننا نراه في المنشور الذي كتبه سنة 1203هـ إلى العلامة السيد التاودي بن سودة قد اباح تدريس مختصر خليل ببعض الشروط التي تبينه وتبعد عنه الغموض وتربط بين معانيه من غير أن تخل بالأصول العامة فقال: ومن أراد تدريس مختصر خليل فانما يدرسه بشرح بهرام الكبير والموافق والحطاب والشيخ على الاجهوري والخرشي الكبير لا غير فهذه الشروح الخمسة بها يدرس خليل مقصورا وفيها كفاية وماعداها من الشروح كلها ينبذ ولا يدرس به ولعل هذا القرار الأخير إنما كان اعتدالا من السلطان محمد بن عبد الله حتى لا يثير عليه بغض بعض الفقهاء إلا أن الذي زاد اهتمامه بكيفية التدريس بالمساجد هو المولى عبد الرحمن بن هشام فقد كان يؤسفه أن يرى العلماء يقتصرون على مماحكات لفظية ويقضون مع طلبتهم السنوات الطوال من غير طائل لذلك اصدر ظهيرا سنة 1260هـ، يأمر فيه العلماء أن يقتصروا في التدريس على ما يفيد وان يبتعدوا عن تلك التشبعات في التفكير ومن فقرات هذا الظهير قوله(2): ..فترى الفقهاء يكثرون على المبتدي من نقل الحواشي والاعتراضات وينوعون الأقوال والعبارات حتى لا يدري ما يمسك ولا سبيل يسلك ويقوم من مجلس الدرس اجهل مما كان ولا يحل زيادة مع بلوغه في نفس الامكان وهذا يؤدي الى ضياع العلم الذي هو ملاك الدين ويحمل على عموم الجهل في العالمين وبين في هذا المنشور الطريقة التعليمية التي يجب أن يسيروا عليها ولقد سار على هديه العلماء في جميع مساجد فاس وخصوصا بالقرويين والأندلس إلا أن الواقع يثبت أن الأندلس في هذا العصر إنما كانت تابعة لجامعة القرويين ومع ذلك فقد كان يعتني بها ويختار لها من المدرسين والخطباء من اشتهروا بالعلم والفضل كابي عبد الله محمد بن الطالب التودي بن سودة المتوفى سنة 1209هـ وابنه الشاعر السيد جعفر المتوفى سنة 1276هـ. تجدد بناء جامع الأندلس في عهد محمد الخامس وفي عهد محمد الخامس رحمه الله تجدد بناء هذا المسجد فقد قام بذلك في سنة 1356هـ ثم أعطى الأوامر فجعله فرعا تابعا لجامعة القرويين أما الآن وقد انتقلت الدراسة العلمية من المساجد إلى الكليات الخاصة والمدارس العصرية فان مسجد الأندلس مازال يقوم بدوره الديني وأما الدور العلمي فقد كاد ينعدم إلا من بعض المتطوعين الذين يلقون بعض الدروس النحوية أوالفقهية البسيطة يعينون بها المبتدئين أو من فئة تقوم بدروس الوعظ والإرشاد تابعة لوزارة الأوقاف التي تشجع هذا الجانب الديني في جميع مساجد البلاد وتحاول بذلك أن تعيد للمساجد قيمتها الاجتماعية في هذا العصر الذي طغت كثير من المظاهر المادية على الناس فغيرت وجهتهم من المسجد إلى المقاهي والملاهي فعسى أن تنجح في مسعاها وطوبى لمن أحيا بيتا من بيوت الله. الهوامش: (1)-نفس المصدر صفحة 62 (2)- الدرر الفاخرة صفحة 80 محمد عبد العزيز الدباغ (مجلة دعوة الحق، العدد الأول، السنة السادسة: 1962م)
|
#439
|
||||
|
||||
![]() جامع الأندلس بفاس في أيام يحيى بن محمد بن إدريس فكرت أسرة قيروانية كانت تسكن عدوة القروانيين، تتكون من رجل اسمه محمد الفهري القيرواني ومن ابنتين له إحداهما اسمها فاطمة والثانية اسمها مريم. فلما مات هذا الأب خلف مالا كثيرا ففكرت فاطمة في بناء جامع القرويين بهذا المال الموروث. وفكرت أختها مريم في بناء جامع الأندلس وشرعتا في ذلك سنة (245هـ). عدوة فاس وعدوة القرويين إن المولى ادريس حينما كان بمدينة وليلي وفد عليه عدد وافر من الأندلسيين والقيروانيين فكان من الضروري أن يفكر في تأسيس مدينة تضم الوافدين وتجمع أسرهم وتلائم أحوالهم فما كان منه إلا أن بنى مدينة فاس. كانت المدينة أول الأمر صغيرة وكان البناء فيها يقتصر على ناحية كرواوة وما جاورها حيث بنى المولى ادريس مسجدا صغيرا سماه مسجد الأشياخ ولكن الوفود كانت تتوالى عليه وتنضم إلى دولته وتستظل بحمايته فضاقت المدينة وعمد إلى بناء الضفة الأخرى حيث بنى دورا للسكنى ومسجدا آخر عرف فيما بعد بمجد الشرفاء. إن العدوة الأولى كانت مسكنا للأندلسين الذين التجأوا إلى المغرب بعد فرارهم من الحكم بن هشام الذي أوقع بالفقهاء فنسبت إليهم وأما العدوة الثانية فقد استقر بها المولى ادريس مع بعض القيروانيين فعرفت بعدوة القروانيين. إن هاته الهجرة التي قام بها القيروانيون والأندلسيون إلى مدينة فاس كانت سببا في نهضتها العلمية والاقتصادية وسببا في ازدهارها وترقيتها وعاملا فعالا في نشر اللغة العربية بين أرجائها وتعميم هاته اللغة من بعد في بلاد المغرب. وإن الاهتمام الذي أولاه المولى ادريس لهؤلاء المهاجرين جعل الهجرة إلى هاته المدينة يعلو رقمها يوما فيوما وجعلها تستمر ولو بعد وفاته حتى بلغ رقما قياسيا أيام حفيده يحيى بن محمد الذي تولى الملك سنة 234هـ. تطور العمران والحاجة إلى الزيادة في بناء المساجد إن كثرة الوافدين على مدينة فاس أيام هذا الملك كانت سببا في عمرانها وحيويتها وتمكين نفوذها في باقي أجزاء المملكة ولكن ليس من المعقول أن تظل المدينة كما كانت من قبل لأن الضرورة أصبحت تدعو إلى زيادة فيها والى توسيعها والى تهييء المساجد الكافية للصلاة والتعليم فقد كان في بلاد الإسلام يعتبر مركزا ثقافيا يتلقى فيه المسلمون دروس دينهم ولغتهم بعد أن يؤدوا فيه صلواتهم ولم يعد المسجدان اللذان كانا بالمدينة كافيين لهذا الحجم الغفير من السكان بل أصبح الواقع يدعو إلى التفكير في بناء مساجد أخرى وكانت أريحية المسلمين تدعوهم إلى الاهتمام بشؤون دينهم وإلى العمل على تركيز أسسه والى إنفاق الأموال في سبيل ذلك ولكنهم كانوا يخشون أن ينفقوا مالا حراما في شيء من هذا لذلك كانوا ينتظرون الفرصة حتى يملكوا مالا لا شبهة فيه وحينئذ تطمئن قلوبهم إلى أن يحققوا بعض المشاريع الدينية وهذا ما وقع بالفعل أيام يحيى بن محمد بن ادريس فإن أسرة قيروانية كانت تسكن عدوة القروانيين تتكون من رجل اسمه محمد الفهري القيرواني ومن ابنتين له إحداهما اسمها فاطمة والثانية اسمها مريم فلما مات هذا الأب خلف مالا كثيرا ففكرت فاطمة في بناء جامع القرويين بهذا المال الموروث وفكرت أختها مريم في بناء جامع الأندلس وشرعتا في ذلك سنة 245هـ. الأنشطة العلمية لجامع الأندلس إن هذا الشعور الديني الذي شع من هاتين المرأتين ليعد بحق مفخرة من مفاخر المرأة العربية المسلمة وليعتبر من أقوى مظاهر الرقي الفكري عند نسائنا في الماضي وان تفكير السيدة مريم القيروانية لنستدل به على الانسجام الذي كان سائدا بين سكان فاس أيام الأدارسة وعلى التآلف الحاصل بين عدوتيها وأن ما وقع من التناحر أيام المغراويين بين هاتين العدوتين إنما كان أساسه الخلاف الحاصل بين الحاكمين. ولما تم المسجد بالبناء أقبل الناس عليه واهتموا به إلا أنه لم يصبح مسجدا جامعا تقام فيه الخطبة إلا في أيام الزناتيين الموالين للأمويين بالأندلس سنة 345هـ بعد مائة عام من تأسيسه(1)فقد زاد فيه الأمير أحمد ابن أبي بكر الزناتي زيادة كثيرة نقل إليه الخطبة من مسجد الأشياخ. وبعد نقل الخطبة إليه أصبح له دور سياسي خطير لأن منبر المسجد كان يوجه الشعب حسب آراء الدولة الحاكمة ويشرح للرعايا نظام الحكم الجديد ويحلل لهم المبادئ والخطط التي يسير عليها الملوك الحاكمون خصوصا في تلك الفترة الحاسمة التي كان المغرب يعيش فيها مهدد الجانبين وتحاول كل من الدولة الفاطمية التي كانت قد تأسست بتونس سنة 297هـ والدولة الأموية بالأندلس أن يكون تحت قبضتهما وكلما حاول الاستقلال عنهما أو الصمود في وجهيهما لقي الأهوال والشدائد فهذا يحيى بن ادريس بن عمر ابن ادريس أعظم الأدارسة صيتا وأقدرهم على مجابهة الأهوال وتسيير الدولة مني بهجوم العبيديين عليه سنة 305هـ ورغم مقاومته لهم فقد اضطر إلى أن يقيم معاهدة صلح معهم على شرط ذكرهم في المنابر والدعاء لهم في المساجد ورغم هذه الشروط فقد رجع إليه العبيديون مرة أخرى سنة309هـ وبقي سجينا في يد موسى بن أبي العافية ما يزيد على العشرين سنة. تراجع هذا الدور ورأى الأمويون أن سلطتهم بالأندلس ستنهار إذا ما استمر العبيديون بالمغرب لأنهم سيجعلونه ممرا إلى غزوهم ولذلك ارتأى نظرهم أن يحتلوه ويشجعوا فيه الفتن حتى إذا جاؤوا إليه وجدوه طائعا لينا واستخدموا دهاءهم السياسي فأفسدوا العلاقة بين موسى بن أبي العافية والعبيديين سنة 320هـ، وضيقوا الخناق على الدولة الادريسية التي انتقلت إلى شمال المغرب وتمكن عبد الرحمن الناصر من سبتة وطنجة وجعلهما مبدأ انطلاقه لاحتلال البلاد وأصبح يقاتل البربر حينا ويستميلهم أحيانا حتى أصبحوا تحت طاعته وما هي إلا أيام حتى احتل مدينة فاس وجعل عليها وليا من الزناتيين هو محمد بن الخير ثم ولى من بعده ابن عمه أحمد بن أبي بكر الذي أبعد الرأي العام عن المسجدين الأولين اللذين كانت تنبعث منهما الدعوة للعبيديين والأدارسة ووجه عنايته إلى اصلاح مسجد الأندلس ومسجد القرويين ونقل الخطبة إليهما. وكادت فاس تعرف في أيامه نوعا من الاستقرار السياسي وتأمن غوائل الفتن التي كانت تتعاقب عليها وكاد السكان ينسون ما لاقوه من محن وأصبحوا يهتمون من جديد بالثقافة وأصبح مسجد الأندلس منبعا لما يأوي إليه الطلاب من كل صوب وحدب ينهلون منه غذائهم الفكري ويستفتون فيه عن قضاياهم الدينية بل كاد يصبح مركزا للفقه المالكي نظرا لما يقوم به علماء المذهب من نشاط تعليمي حينذاك يقول الجزنائي في كتابه زهرة الآس(2)أن جماعة من الصلحاء والعباد التزموا جامع الأندلس وتفرغوا فيه للعبادة بعد تحصيل العلم ويقصدهم الناس للفتاوي وطلب العلم والأدب والتماس الدعاء وذكر منهم الفقيه جبر الله بن القاسم نزيل عدوة الأندلسيين بفاس فقال: وهو ممن أدخل علم مالك إليها وهو من مشاهير فقهائها ومتقدميهم لقي أصبغ بن الفرج وسمع منه... وهو ممن لحق دراس بن اسماعيل رحمه الله. كان جبر الله هذا مطلعا على الفقه المالكي اطلاعا متينا حتى أنه استطاع أن يجيب دراسا عن كل ما تضمنه كتاب ابن المواز. وشاء القدر لهاته النهضة العلمية أن يكبح جماحها ولهذا المسجد أن يفقد نشاطه العلمي حين أرسل العبيديون جيشا عظيما سنة 349هـ بقيادة قائدهم جوهر فدخل فاسا عنوة وقتل عددا من أبنائها وعلمائها وأسر أميرها أحمد بن أبي بكر الزناتي وخمسة عشر من أعيان البلاد وحملهم إلى القيروان وهم في أقفاص من خشب وطاف بهم ثم حملهم بعد ذلك إلى المهدية حيث سجنوا إلى أن ماتوا في السجن. من مركز ثقافي إلى مقر سياسي إن مسجد الأندلس بعد هاته الوقعة فقد مركزه الثقافي وأصبح مقرا سياسيا يوجه السكان إلى خطط جديدة خصوصا بعد أن استقلت العدوة عن الأخرى وذلك حينما حاول الأمويون إيعاد شبح العبيديين عن المغرب مرة أخرى فقد أعطوا أمرهم لزيري بن عطية المغراوي باحتلال المغرب فأرسل قائده عسكلان الذي احتل عدوة الأندلس سنة 375هـ، واستغل منبر جامع الأندلس للدعاية لبني أمية وأعلن البيعة لعبد الرحمن الناصر في حين أن عدوة القرويين بقيت في يد العبيديين إلى سنة 376هـ. ثم وقع ذلك مرة أخرى حينما استقل فتوح ابن دوناس المغراوي بعدوة الأندلس وأخوه عجيسة بعدوة القرويين. إن هذا الاضطراب افقد البلاد ازدهارها وأطفأ شعلتها وزال لمسجد الأندلس مكانته الثقافية ولم يسلم المغرب من هذا الاضطراب إلا حينما استولى المرابطون على المغرب بقيادة يوسف بن تاشفين الذي دخل مدينة فاس سنة 462هأ، بعد حصار طويل وبعد أن قتل من أهلها عددا كبيرا وذكر ابن أبي زرع أن ابن تاشقين قتل بجامع القرويين وبجامع الأندلس ما يزيد على ثلاثة آلاف. وفي أيامه استتب الأمن في البلاد لأنه كان مشتهرا بالحزم والجرأة في مجابهة المخالفين ولقد عمل على نشر المهب المالكي بكل الوسائل وعمر المساجد وأعطى الأوامر بعقاب الذين لا يبنونها بإحيائهم لذلك كثرت وانتشرت فلا تمر إلا خطوات حتى تجد مسجدا يذكر فيه اسم الله أو يعلم فيه كتابه أو يلقن فيه درس في الثقافة العامة. جامع الأمويين في عهد المرابطين إلا أن الملاحظ يرى أن جامع الأندلس في أيام المرابطين فقد تلك المكانة التي كان يمتاز بها من قبل وأصبح مسجدا عاديا وتوجهت عناية الدولة إلى جامع القرويين فهذا على بن يوسف بن تاشفين قد وسع مسجد القرويين وزينه بكثير من النقوش ووشى جدرانه بالزخارف البديعة في حين أنه لم يفعل شيئا من ذلك في مسجد الأندلس ولعل السبب يرجع إلى الظاهرة الجديدة التي أصبحت عليها مدينة فاس بعد احتلالها من طرف يوسف بن تاشفين لأن هدم الأسوار التي كانت تحجز بين العدوتين وصير المدينتين مدينة واحدة فقد سئم من تلك الوضعية التي كانت عليها البلاد لأنها كانت تجر دائما إلى التفرقة والثورة ويكفي فاسا ما قاسته أيام المغراويين ويكفيها ما شاهدته من الأهوال أيام تنافس العبيديين والأمويين وأن المصلحة تقضي الوحدة بين جزئيها ولم شتاتها وتوجيه سكانها إلى مسجد واحد يدرسون به وتكون له الأهمية الكبرى في البلد فقر رأيهم أن يكون هذا المسجد هو جامع القرويين ولذلك لا نجد لمسجد الأندلس في عهدهم شخصية يمتاز بها دون غيره. بعث دور الجامع في عهد الموحدين فلما انقضى عهدهم وتولى الكم أصحاب المهدي بن تومرت رجعت مكانته لحاجة الموحدين إلى المساجد يشرحون فيها نظريتهم التي يدعون إليها ويبينون للناس مدى الفرق بين التحرر الفكري الذي يسبرون عليه وبين ما كان عليه الفقهاء أيام المرابطين لقد استغلوا المساجد حينذاك في شرح العقيدة الأشعرية وشجعوا المجددين الذين يعملون على نشرها واشترطوا في الخطباء أن يكونوا عارفين باللغة البربرية بعيدين عن التقيد بمذهب مالك وأصبح مسجد الأندلس يشارك بدوره في توجيه الأفكار ضد المذهب المالكي سيرا مع الدولة الحاكمة التي قاومته بكل نشاط خصوصا أيام الناصر الذي بويع له سنة 595هـ قال عبد الواحد المراكشي في كتابه المعجب: وفي أيامه انقطع علم الفروع وخافه الفقهاء وأمر بإحراق كتب المذهب بعد أن يحرر ما فيها من حديث رسول الله ص والقرآن ففعل ذلك وأحرق منها جملة في سائر البلاد كمدونة سحنون ونوادر ابن أبي زيد ومختصره وكتاب التهذيب للبرادعي وواضحة ابن حبيب وما جانس هذه الكتب ونحا نحوها قال ولقد شهدت منها وأنا يومئذ بمدينة فاس يؤتى منها بالاحمال فتوضع ويطلق فيها النار ثم قال وكان قصده في الجملة محو مذهب مالك وإزالته من المغرب مرة وحدة وحمل الناس على الظاهر من القرآن والحديث وهذا المقصد بعينه كان مقصد أبيه وجده إلا أنهما لم يظهره وأظهره يعقوب هذا(3). ولا شك أن مثل هذا التضييق على مذهب مالك فيه الضغط والإكراه بل يحتاج أيضا إلى تبيين ذلك على أسس العلم والمعرفة وتلك مهمة العلماء في المساجد وإذا كان مسجد الأندلس في تاريخه مرتبطا بحلقات دروس الفقهاء المالكيين فلماذا لا يرجع أيام الموحدين مركزا للدراسات الجديدة؟ لذلك استقر رأي الناصر الموحدي على تجديده وادخل فيه من الإصلاحات ما بقي خالدا إلى الآن ويكفيه فخرا أنه هو الذي بنى أعظم أبوابه وأحسنها زخرفة تلك هي الباب المدرجة التي توجد في جنوب المسجد. إدخال إصلاحات ها مة تطال جامع فاس قال الناصري(4)وفي سنة 604هـ، أمر الناصر ببناء دار الوضوء والسقاية بإزاء الجامع وجلب إليها الماء من العين التي ارج باب الحديد وأمر ببناء الباب الكبير المدرج الذي بحصن الجامع وانفق عن ذلك كله من بيت المال. وأصبح المسجد بعد هذا الإصلاح من أعظم مساجد فاس وتهافت الناس على التعبد فيه والاستماع إلى العلماء والخطباء من منبره خصوصا في السنوات الأولى بعد إصلاحه أن مدة ازدهاره لن تدم نظرا لوفاة الناصر الذي كان حريصا على نشر العلم ونظرا للسبيل العظيم الذي جرف عدوة الأندلس سنة 626هـ فهدم من جامعها ثلاثة بلاطات وهدم دورا كثيرة وفنادق متعددة ونظرا للحالة التي كانت عليها البلد حينذاك فإن الدولة الموحدية كانت في حالة احتضار بعد موت الناصر سنة610هـ، ولم يبق لها الفراغ للعمل على رتق ما فسد إنما كانت تقضي أيامها في الحروب الداخلية التي منيت بها بسبب الخلاف الحاصل بين أفرادها وبسبب اكتساح بني مرين لنواحي فاس وسبب استقلال الدولة الحفصية بتونس وبسبب المحاولة التي قام بها بنو عبد الواد في الجزائر ليستقلوا عن حكم الموحدين لذلك بقي مسجد الأندلس مهدما في بعض الجوانب لا تقام الصلاة إلا في جزء منه حتى إذا كانت سنة695هـ، في أيام المرينيين عرف خطيبه وإمامه الشيخ أبو عبد الله محمد بن مونة الأمير أبا يعقوب ابن أبي يوسف بن عبد الحق بحالته فجدد وأصلحه من مال الأوقاف. وبعد هذا الإصلاح أصبح المسجد كلية تكاد مختصة بدراسة الفقه المالكي وتحليل كتبه لأن رد الفعل من بني مرين كان في منتهاه ضد الموحدين وأصبحوا يحيون من جديد جميع الكتب التي أحرقت في أيامهم وقام العلماء بتدريس ذلك في جامع الأندلس فهذا أبو الربيع سليمان الونشريسي الفاسي المتوفى في سنة 705هـ، كان يدرس بهذا المسجد كتاب التفريع لابن الجلاب والمدونة يقوم عليهما أتم قيام ولأهمية دروسه كان يحضره علماء البلد الأكفاء فقد كان يحضر مجلسه خلف الله المجاصي (5)الذي كان يحفظ المقدمات والتحصيل والبيان لابن رشد والقاضي أبو سالم ابراهيم اليزناسني(6). ازدهار هذا الجامع في عهد المرينيين وفي عهد المرينيين بلغ ازدهار هذا المسجد أوجه لأنهم كانوا يعتنون بالعلم عناية فائقة ويعملون على نشره بكل الوسائل خصوصا في أيام أبي سعيد عثمان وأبي الحسن وأبي عنان فلقد بنى أبو الحسن مدرسة الصهريج بإزائه ليقرب على الطلبة مشقة اليسر وليجعل مأواهم قرب المسجد الذي يدرسون به وكذلك بنى مدرسة السبعين وجعلها خاصة للروايات السبع في القرءان. ورغم أن مسجد الأندلس كان يدرس به في هذا العهد بعض فطاحل العلماء ويخطب به فضلاؤهم فقد كان يعتبره بعض الخطباء دون جامع القرويين لذلك نرى أن ابن الحباك المكناسي المتوفى سنة870هـ حينما كان خطيبا بالقرويين وأزيل من الخطبة طولب بعد ذلك بالإمامة بجامع الأندلس فأبى وقال إذا كان خلعي عن تجريح فأنا لا أصلح لإمامة الأندلس أيضا وإن كان ير ذلك فقبولي من قلة الهمة (7)وعلق ابن زيدان على هاته الملاحظة فقال لأن منصب الخطابة بالقرويين أشرف من منصب الإمامة بالأندلس(8). ربما أن البحث قد جرنا إلى ذكر بعض الخطباء والمدرسين بجامع الأندلس فإني أرى واجبا على أن أذكر من بينهم العلامة الفاضل عليا بن عبد الرحمن الأنفاسي المتوفى سنة860هـ لقد كان مطلعا على الفقه المالكي وانتفع به في قراءة المدونة جماعة من العلماء كالشيخ زروق والأستاذ الصغير النيجي والعلامة ابن غازي ذكره في سلوة الأنفاس فقال: حكي أن الناس احتاجوا في أيامه للمطر فسألوه أن يستغيت لهم ويستسقي والحوا عليه في ذلك فوعدهم ليوم ثالث من يومئذ ولما كان الغد أخرج ما عنده من الزرع وصيره صيرة في صحن جامع الأندلس ثم تصدق به وقال لهم الآن ابكي كبكاء المسلمين فاستقسى لهم فسقوا(9)وبعد وفاته تولى الخطابة بالمسجد تلميذه أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد بن حمامة الأوربي النيجي المعروف بالصغير ذكر ابن غازي أنه لازمه كثيرا وقرأ عليه القرءان ثلاث ختمات آخرها للقراءات السبعة وذكر المنجور في فهرسته إنه ختم عليه القرءان بالقراءات السبعة ثلاثمائة طالب وتوفي سنة 887هـ، وبعد وفاته تولى الخطابة أبو الحسن علي بن القاسم التجيبي الشهير بالزقاق صاحب النظم المعروف بالزقاقية توفي سنة 912هـ. وإذا تتبع الباحث هؤلاء الخطباء أيام بني مرين وبني وطاس فإنه سيجدهم من العلماء المبرزين ويكفيك دليلا على ذلك أن من بينهم رواية المغرب ومفتي فاس أبا محمد عبد الله بن علي بن أحمد العاصمي المعروف بسقين لقد كان مشتهرا بعلمه في الشرق والمغرب رحل إلى المشرق سنة 909هـ وزار بلاد السودان وروى الحديث بمصر عن القلقشندي وزكرياء الأنصاري والسخاوي ورواه بمكة عن ابن فهد وكلهم ن الحافظ بن حجر لذلك اجتمع له من العلم بالحديث ما لم يتسير لغيره من أهل فاس (10)خطب بجامع الأندلس سنة 944 إلى أن توفى سنة 956هـ، وهي السنة التي استولى فيها محمد الشيخ السعدي على فاس. لقد رأى محمد الشيخ أن الدولة السابقة كانت تعتني بجامع الأندلس فتختار لها من العلماء والخطباء ذوي الكفاءة والفضل فسار على نهجهم ولما وفد على فاس العالم التلمساني أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان المغراوي قلده السلطان منصب الفتوى والتدريس المغراوي خطيبا بمسجد الأندلس فاستمر به مدة ثماني سنوات ثم انتقل بعد ذلك إلى الخطبة بجامع القرويين. جامع الأندلس في عهد السعديين وسار السعديون على النهج رغم اشتغالهم بالحروب ومحافظة الثغور ومعارضة التدخل الأجنبي لأن اهتمامهم بالعلم كان من أسس سيرتهم خصوصا في أيام أحمد المنصور الذهبي الذي تولى الملك سنة 986هـ بعد الانتصار العظيم الذي حصل عليه بوادي المخازن وبعد القضاء على كل سعي يحاول الأجنبي القيام به لاحتلال البلاد من جديد. وفي أيامه كان المتولي لخطابة الأندلس والتدريس به العالم الشهير يحيى بن محمد السراج الأندلسي وهو حفيد الشيخ يحيى السراج(11)صاحب ابن عباد وكان ماهرا في علوم الفقه مدرسا يعرف المدونة ويدرسها توفي سنة 1007هـ ورغم اعتناء السعديين بالدراسة في هذا المسجد واختبار أحسن الخطباء له فهم لم يهتموا ببنايته ولم يصلحوه لذلك وجده العلويون في حاجة إلى عنايتهم فقام المولى إسماعيل فخر الدولة العلوية ومحرر المهدية والعرائش من يد الاسبان وطنجة من يد الانجليز بتجديده وترصيفه يقول ابن زيدان في كتاب الدرر الفاخرة حين تحدثه عن المولى إسماعيل: وفي عام 1093هـ جدد مسجد الأندلس ورصف صحنه بالزليج يشهد بذلك ما هو منقوش في الخشب خارج قبة السقاية هناك ولفظه:
مولاي اسماعيل البسني البها *** فسحــبت ذيلي فوق كــل نـفيس زهوي ببيت الله حسبي مفخرا*** إذ صـرت أجلي فيه جلو عروس فرفعت فوق السلسبيل سرادفا ***في عام 1093 يحمل شاهد تأسيسي وكان ابتداء العمل فيه عام تسع وثمانين وألف هـ(12). الهوامش: (1)-قيل أن الخطبة انتقلت اليه سنة 321هـ في أيام حامد بن حمدان الهمذاني عامل العبيديين على فاس (2)- سلوة الانفاس لمحمد بن جعفر الكتاني الطبعة الحجرية بفاس الجزء الاول صفحة 356 (3)- المعجب في تلخيص اخبار المغرب بعبد لعبد الواحد المراكشي (4)- الاستقصا طبعة دار الكتاب الجزء الثاني صفحة 196 (5)-الربع الرابع من الفكر السامي في تاريخ الفقه الاسلامي للحجوي صفحة 70 (6)-سلوة الانفاس الجزء الثالث صفحة 316 (7)- النبوغ المغربي لعبد الله كنون الطبعة الجديدة صفحة 585 (8)-اتحاف اعلام الناس لابن زيدان الجزء الأول صفحة 313 (9)-سلوة الأنفاس الجزء الثاني صفحة 123. (10)-سلوة الانفاس الجزء الثاني صفحة 160 (11)-نفس المصدر صفحة 57 (12)- الدرر الفاخرة بمئاثر ملوك العلويين بفاس الزاهرة تأليف عبد الرحمان بن زيدان طبع سنة 1937م صفحة 40 – 41.
|
#440
|
||||
|
||||
![]() المسجد الأعظم في سلا شكلت مدينة سلا قطبا علميا هاما قصده الفقهاء والعلماء، مما جعل المدينة تلعب دورا رياديا في تاريخ المغرب الإسلامي، وأهلها إلى جلب اهتمام العديد من السلاطين والأمراء، والتحول إلى قبلة لبعض العائلات الأندلسية التي فرت ويلات محاكم التفتيش للاحتماء بأسوارها. هذه العوامل سمحت لمدينة سلا بأن تسمو إلى مرتبة عالية (1) وتصبح في فترات تاريخية عديدة – خاصة الفترتين الموحدية والمرينية- إحدى أهم المراكز العلمية إلى جانب فاس وسبتة وتلمسان. لكن هذه المدينة العريقة بقيت، رغم مكانتها الخاصة، قليلة المساجد الجامعة، وبقي المسجد الأعظم منذ تأسيسه المحور الجامع والموحد لسكان المدينة، مما يجعل استقراء خطوط تصميمه وخاصياته المعمارية والأثرية استقراء في حقيقة الأمر لتاريخ سلا وتطور ساكنتها وجسامة دورها السياسي والعلمي والفكري. من هذا المنطلق سوف نتطرق في هذه المساهمة إلى النقط التالية: 1 -المسجد الأعظم وإشكالية التأسيس 2 - المسجد الأعظم والمميزات المعمارية 3 - المسجد الأعظم والعمارة الدينية الموحدية 1 - المسجد الأعظم وإشكالية التأسيس إن طرح إشكالية تأسيس المسجد الأعظم مرتبط أساسا بقلة المعلومات التاريخية المتعلقة بهذه المعلمة وعدم دقتها، وفي نفس الوقت بسبب أعمال الترميم والتجديد التي، عكس باقي المساجد المغربية، أفقدت البناية أصالتها وطمست جل خاصياتها الزخرفية الأصيلة. ولمقاربة هذه الإشكالية يبقى من الضروري دراسة وتحليل الوثائق المتوفرة، سواء تلك التي جاءت بها المصادر التاريخية أو تلك التي ما زال المسجد يحتفظ بها بين بلاطاته وأروقته. وأول هذه الوثائق تتمثل في نقيشتين سنعتمدها كمنطلق في تحليلنا واستقرائنا للحقيقة التاريخية المتعلقة بإشكالية التأسيس. تتواجد النقيشة الأولى في البلاط الأوسط للمسجد والمتعامد مع جدار القبلة، في الجهة المقابلة مع المحراب، وهي نقيشة مكتوبة بخط نسخي وتحتوي على النص التالي: "أسس هذا المسجد عام 420 هـ (1029- 1030م)". أما النقيشة الثانية فتتواجد بالقبة الجنائزية المتواجدة بالزاوية الجنوبية للمسجد، بالبلاط الموازي لجدار القبلة، وتحمل سنة 590هـ الموافق لسنتي 1193 و 1194 م. من جهة أخرى، يذكر صاحب كتاب الاستبصار (2)في حديثه عن مدينة سلا وعن استقرار بني عشرة بها النص التالي: "وقد كان اتخذ أرباب البلد العشريون وأولياؤهم مدينة بالعدوة الشرقية (لشالة) وهي المعروفة الآن بسلا، فيها ديارهم بحومة الجامع، ولم يبق منه سوى المنار، وأما السقف كله فتهدم واحتمى الغرباء ببنائه في سنة أربع وسبعين وخمسمائة الموافق لسنة 1178م " (3). ويروي محمد بن علي الدكالي أن الجامع الأعظم بطالعة سلا من بناء "السلطان الأعظم والملك الأكرم، ذو المزايا الكثيرة، والغزوات الشهيرة يعقوب المنصور الموحدي: بناه سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة، وهو من أعظم مساجد الإسلام وأحسنها شكلا، وأفسحها مجالا وأنزهها منظرا"(4)، مشيرا في الوقت نفسه، اعتمادا على رواية لعبد المنعم الحميري، إلى أنه "كان يعمل في بنائه ونقل حجارته وترابه سبع مائة أسير من أساري الإفرنج في قيودها"(5). وجاء في مصادر أخرى مثل كتاب الاستقصا للناصري أن أبا محمد عبد الحليم بن عبد الله المرسي المعروف بالغماد، أحد علماء وصلحاء مدينة سلا، قد توفي سنة 587/1193- 1194 ودفن بجوار المسجد الأعظم، قرب الباب الرئيسي لجدار القبلة(6). وفي سنة 593/1196 أمر الخليفة يعقوب المنصور الموحدي بتوسيع المسجد، واستمرت الأشغال ثلاث سنوات لتنتهي سنة 595/1198- 1199، إذ يؤكد الناصري أن الخليفة المنصور الموحدي أجتاز في سفره إلى الأندلس سنة 591/1194 "بأرض سلا وأمر أيضا ببناء مدينة رباط الفتح فأسست سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وكمل سورها (...) وأمر ببناء المسجد الأعظم بطالعة سلا ومدرسة الجوفية منه"(7)، وكان أول من ولي الخطبة فيه على عهد مؤسسه يعقوب المنصور "الفقيه الأديب المشارك المتفنن الورع الدين، الحافظ الثبت الفاضل، أبا محمد عبد الله ابن سليمان بن داود بن حوط الله الأنصاري" (8)قاضي مدينتي سلا ورباط الفتح. يتبين إذن من خلال هذه الوثائق كلها أن المسجد الأعظم قد أسس على عهد بني يفرن في سنة 420 هـ الموافق 1028- 1029م، ومن المرجح أن يكون من عمل الأمير تميم اليفرني الذي عرف بتقواه وإيمانه بالمذهب السني من جهة، وعظمة ملكه وقوة سلطانه من جهة أخرى، إلى درجة أنه سار إلى مدينة فاس على رأس اليفرانيين في مواجهة المد الشيعي للفاطميين، إذ يروي الناصري أنه "لما كانت سنة 424/1032 كان الأمير على بني يفرن أبا الكمال تميم ابن زيري بن يعلي بن محمد بن صالح اليفرني، فزحف من سلا إلى فاس في قبائل بني يفرن ومن انضاف إليه من زناتة، وبرز إليه حمامة في جموع مغراوة ومن إليهم (...) ومات من مغراوة أمم، واستولى تميم على فاس وأعمال المغرب"(9). وإذا كانت هذه القرائن كلها تدفع إلى تأريخ النواة الأولى للمسجد بالفترة اليفرينية، فإن التصميم الحالي يبرز من جهته، بما لا يدع مجالا للشك، بأن البناية قد مرت بمراحل وشهدت إضافات، مما يجعل من المسجد نتاجا لتلك الزيادات والإضافات التي تمت على عهد كل من بني يفرن والخليفة الموحدي يعقوب المنصور والسلطان العلوي عبد الرحمن بن هشام. 2 - المسجد الأعظم: المميزات المعمارية أقيم المسجد الأعظم فوق مساحة شاسعة تزيد عن 5070 مترا مربعا، تغطي مربعا منحرف الشكل ( trapèze )، تصل مقاييسه إلى 40. 90 مترا في الجهة الشرقية (حائط القبلة)، و 75. 62 مترا في الجهة الجنوبية الغربية، و 80. 53 مترا في الجهة الشمالية الشرقية و 50. 75 مترا في الجهة الشمالية الغربية. تضم هذه الساحة التي تحيط بها أسوار عالية مبنية من الطابية قاعتين للصلاة وثلاثة صحون ومجموعة من الملحقات، وجاء كباقي المساجد الموحدية ليضاهي أكبر الجوامع الإسلامية بأعمدته العالية وأقواسه المختلفة الأشكال وتصميمه المحكم. بيت الصلاة يتكون بيت الصلاة من ثلاثة عشر بلاطا متعامدا مع جدار القبلة، مقسمة إلى سبعة أساكيب محمولة على دعامات وأقواس عالية ضخمة مختلفة الأحجام والأشكال، كتلك التي اعتمدت في باقي المساجد الموحدية مثل الكتبية بمراكش وتنمل بمدينة تنمل الأثرية والمسجد الكبير بمدينة تازة(10). يتوسط هذه البلاطات العمودية بلاط يتميز باتساعه وعلوه، يؤدي مباشرة إلى المحراب ليلتقي بالبلاط الموازي لجدار القبلة ويحددا عند التقائهما قبة مقرنصة تزيد وترفع من مكانة المحراب، ويرسما تصميما يأخذ شكل حرف التاء اللاتيني. ولتسهيل عملية ولوج المصلين إلى قاعة الصلاة تم تزويد المسجد بخمسة أبواب موزعة على جهاته الأربع، من أبرزها الباب الرئيسي المنفتح بالجهة الشرقية والذي يؤدي مباشرة إلى الأسكوب الموازي لجدار القبلة. يتشكل هذا الباب من قوس منكسر متجاوز مبني بحجارة منجورة ملساء، تعلوه زخرفة هندسية وتحيط بجهاته الثلاث أخاديد متوازية ترسم إطارا مستطيلا خاليا من الزخرفة، محافظا بذلك على العادة الموحدية- المميزة للمرحلة الأولى لهذا العهد- الرافضة لكل إسراف في النقوش والتزيين. تقابل هذه القاعدة المتناسقة الأطراف مجموعة من الملحقات، تتكون من ثلاث بلاطات شمال الصحن الرئيسي وأربعة في واجهته الجنوبية. تتميز هذه الأخيرة بتناسق مكوناتها وتراتبية مختلفة اختلافا كبيرا عن باقي المسجد، بحيث تغطي مساحة مستطيلة الشكل يصل عمقها إلى 22 مترا وعرضها إلى 15. 25 مترا، مقسمة إلى أربعة بلاطات متعامدة مع الجدار القبلي وستة أساكيب، تحملها دعامات مربعة الشكل، وهي أقل اتساعا من تلك المتواجدة في الأجزاء الأخرى للمسجد. أما الجزء المتبقي والذي يحتل الواجهة الغربية، فينتظم في شكل مستطيل يحتل مساحة الأسكوبين الأخيرين على شاكلة صحن صغير مكمل لبيت الصلاة. من ناحية ثانية، يحتفظ هذا الجزء من المسجد بعنصرين هامين. أولهما يتواجد بالبلاط الثاني وهو عبارة عن حنية ( niche ) تحتل وسط الجدار القبلي، يبدو أنها بقايا لمحراب. أما العنصر الثاني فهو باب جانبي مفتوح في الواجهة الجنوبية ويؤدي مباشرة إلى الصحن الثانوي بالجهة الجنوبية للمسجد. إن هذين العنصرين يؤكدان بأن هذا الجزء من المسجد قد توفر على كل المكونات التي تجعل منه مسجدا مستقلا وكافيا لإيواء المصلين. من ناحية أخرى، تبرز هذه الاختلافات كلها أن هذا الجزء من المسجد الأعظم يشكل النواة الأولى لمسجد القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، إذ تتفرد هذه القاعدة المخصصة حاليا للنساء بخاصيات ومقاييس تدفع بالجزم على أنها بنيت في فترة سابقة للفترة الموحدية، وتفسر في نفس الوقت الأسباب التي أدت إلى تغاضي الطرف من طرف الموحدين على تلك القواعد المعمارية الصارمة التي نلاحظها في كل من تنمل وتازة وحسان، والتي اعتمدت الدقة والتناسق معا(11). الصحن الرئيسي تنفتح قاعة الصلاة في واجهتها الشمالية الغربية على مربع منحرف الشكل، تتراوح مقاييسه ما بين 30 مترا و10 .18 مترا يشكل الصحن الرئيسي للمسجد. هذا الأخير تحيط به صفوف من الأقواس المنكسرة المتجاوزة تتوسطها في الواجهة الجنوبية الشرقية عقود مزدوجة تساهم في تحديد موقع المحراب الصيفي أو العترة وترفع من مكانتها لتنضم بذلك إلى الكشك الأوسط والمحراب وتزيد من أهمية البلاطة الوسطى ومحوريتها بالنسبة للمسجد بصفة عامة وبيت الصلاة بصفة خاصة. الصحنان الجانبيان من خصائص المسجد الأعظم وجود صحنين جانبيين يزيدانه تناسقا واتساعا مما يسمح بتصنيفه ضمن المساجد الكبرى في العالم الإسلامي. يحتل هذان الصحنان الجانبيان الواجهتين الجنوبية والشمالية للمسجد، ويغطيان مساحتين مستطيلتين تشكلان امتدادا للأروقة الجانبية. إن هذا التصميم، رغم تشابهه بذلك الموجود بمسجدي حسان بالرباط والقصبة بمراكش، يطرح عدة تساؤلات عن أصل هذين الصحنين وتاريخ بنائهما. فقد حاول البعض ربطهما بالمسجد الفاطمي بالمهدية بتونس التي دخلها أبو يعقوب يوسف منتصرا، أما البعض الآخر فيرى فيهما ما يذكر بالزيادات التي عرفها مسجد سامراء بالعراق وابن طولون بمصر. لكن يظهر أن اللجوء إلى هذه الصحون الجانبية جاء رغبة في توسيع الطاقة الاستيعابية للمسجد وفي نفس الوقت تعبيرا عن السياسة الموحدية التي حاولت أن تجسد من خلال تصاميم مساجدها عظمتها وقوتها السياسية وازدهار فنونها وعمارتها خدمة للإسلام الذي نصبت نفسها حارسة له وحامية لأرضه. الزخرفة من الصعب الحديث عن الزخرفة الأصيلة للمسجد الأعظم بسبب تعرض جل مكونات هذه المعلمة إلى ترميم لم يأخذ في غالب الأحيان بعين الاعتبار أهمية المحافظة على البنيات الأصلية للبناية، مما أدى إلى تغيير جذري لعناصرها وبالتالي الجهل التام بالخاصيات المعمارية لجدار القبلة وللمحراب والقبب التي استغلت وطورت من طرف حرفيي الموحدين لتزيين مساجدهم. الأبواب يتوفر المسجد على خمسة أبواب موزعة على مختلف الواجهات. لكن اثنين فقط يحتفظان ببعض المميزات الزخرفية. يوجد الأول بالجهة الجنوبية الشرقية وينفتح بجانب المحراب بواسطة قوس منكسر متجاوز (arc brisé outrepassé ولبنات من الحجارة المنجورة تستقبلها عضاضتان (droits- pieds) بسيطتان وخاليتان من الزخرفة. أما ظاهر القوس فتزينه عقود مصففة (arc polylobé) تنتهي بزخارف أفعوانية (serpentiforme) .وتعلوها نقيشتان تحتضنان زخرفة خطية "الملك لله" تسجيلا لوظيفته الثانية والمتمثلة في استعماله كمقر للقضاء، وتذكيرا وتنبيها للقضاء والمتقاضين الذين كانوا يقصدونه للجلوس لرد المظالم. أما الباب الثاني فينفتح في وسط الواجهة الشمالية الغربية، ويتميز ببساطة زخرفته وانسجام خطوطه. لكن الزخرفة الجصية التي أضيفت إلى واجهته في العقود الأخيرة طمست ملامحه وغيرت الكثير من مكوناته فأفقدته جماليته الأولى ورونقه الأصيل. الأقواس من خصائص الزخرفة الموحدية البساطة في التشكيل والانسجام في الأشكال والبنيات بصفة عامة. هذه الخاصية لم تقتصر على الأبواب والواجهات بل تعدتها إلى القبب والأقواس. هذه الأخيرة خضعت لنفس التقسيمات ونفس التراتيبة لتسهم في الرفع والفصل بين مختلف مكونات المسجد الأعظم ما هو الشأن في مسجدي تنمل والكتبية، وذلك باستعمال أقواس مفصصة (polylobé) موازية لجدار القبلة لتأخذ مكان الأقواس المنكسرة المتجاوزة (brisés outrepassés) الشائعة بباقي المسجد. لقد تم الالتزام في هذه القاعة بشكل لافت للنظر في المسجد الأعظم، وتم اللجوء إلى ثلاث أنواع من الأقواس لتحقيق ذلك الهدف وتفادي الإطناب والتداخل وإتعاب العين. فبموازاة جدار القبلة تجري سلسلة من الأقواس المفصصة لتزيد من علو وجمالية البلاطة – الأسكوب. أما البلاطات الأخرى فتعلوها عقود منكسرة متجاوزة (brisés outrepassés) سباعية وأخرى خماسية محمولة بواسطة دعامات ضخمة مستطيلة الشكل بقاعة الصلاة ومصلبة الشكل في الواجهة الموازية للصحن الرئيسي للمسجد. من جهة أخرى تضم الواجهة الجنوبية الشرقية للصحن قوسين متجاوزين يحملهما عمود يعلوه تاج مزخرف بصف لأوراق الأقنثة وإفريز مما يجعل منه مثالا يشبه تلك التيجان الأموية التي تزين محراب مسجد الكتبية بمراكش. المنارة تقع المنارة في الصحن الشمالي الشرقي، وهي من بناء السلطان عبد الرحمن بن هشام سنة 1256هـ كما تدل على ذلك نقيشة تعلو الباب المؤدي إلى داخلها. أما المنارة الموحدية فقد تهدمت واندثرت معالمها. وقد ذكر الفقيه ابن علي الدكالي أنه كانت "للمسجد الأعظم منارة رفيعة من بناء يعقوب المنصور الموحدي، لكنها تصدعت بصاعقة أولى وثانية فنقضت سنة 1244هـ عن إذن أمير المؤمنين عبد الرحمن رحمه الله، وأعيد بناؤها فجاءت في غاية الإحكام والحسن والإتقان، وفرغ من بنائها عام 1256، وجل المصروف عليها من بيت المال، وبعضه من الأحباس، ومقدار ما صرف عليها ثلاثة آلاف ريال" [12] . وقد أورد المؤرخ جعفر الناصري نفس الرواية أثناء الحديث عن آثار المولى عبد الرحمن بن هشام ( 1238- 1276/1822- 1859) مؤكدا أنه من آثار هذا السلطان "البرجان العظيمان بسلا وأشبار الكبير المواجهة للبحر والمارستان الكبير، ضريح الشيخ ابن عاشر والمنار الشهير بالمسجد الأعظم منها (...) وانفق عليه بواسطة أمناء مرسى العدوتين (...) سنة 1256 الموافق لسنة 1840 وكان يتولى النظارة يومئذ والقيام على البناء عامل سلا السيد الحاج أحمد بن محمد بن الهاشمي عواد"(13). ويذهب الناصري إلى غير ذلك ويرجع سبب تهدم الصومعة إلى هجوم الفرنسيين سنة 1268/1851 إذ يروي أنه في هذه السنة "هجم الفرنسيس على ثغر سلا (...) وكان الكور والبنب [القنابل] الذي رمى به العدو في ذلك اليوم شيئا كثيرا (...) وقتل أناس ووقع في المسجد الأعظم ومناره كور كثير خرق السقوف والحيطان (...) فأنعم السلطان [المولى محمد بن عبد الرحمن] على الناس بإصلاحها من بيت المال" (14). وتبقى هذه الرواية الأخيرة مستبعدة إذ أن النقيشة السالفة الذكر والتي تزين الواجهة الشرقية للمنارة ما زالت تحمل تاريخ"7 جمادى الثانية عام 1256/1840- 1841)، وبالتالي تأريخها بعهد السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام. ويبدو من خلال صور تعود إلى القرنين السادس والسابع عشر الميلاديين أن المنارة تشبه منارة المسجد العتيق بقصبة الاوداية، التي يرجع بناؤها إلى عهد الخليفة عبد المومن بن علي وتظهر على واجهاتها بعض الإفريزات الزخرفية وخاصة التشبيكات النباتية والمعمارية ذات الأشكال الهندسية والأقواس المصففة أو المقرنصة التي أبدع منها الحرفيون خلال هذه الفترة أشكالا متنوعة ومتميزة جعلت منها عنصرا مفضلا على واجهات جل صوامع الفترات اللاحقة. 3 - المسجد الأعظم والعمارة الدينية الموحدية إن هذه الدراسة الموجزة للمسجد الأعظم تؤكد أن هذه المعلمة التي تغطي مساحة تصل إلى 5070 متر مربع والتي ترتفع فوق مائتين وثلاثة وثلاثين دعامة، تشكل سجلا يحتفظ بين جنباته على صفحات غنية من تاريخ مدينة سلا تدعو إلى مزيد من الاستقراء والتمحيص. فمن خلال هذه القراءة الأولية يمكن الجزم بأن الجزء المخصص حاليا إلى مسجد النساء يشكل النواة الأولى لجامع القرنين الحادي والثاني عشر الميلاديين. أما التصميم الحالي فقد أدمج البناية الأولى وزاد عليها زيادات تترجم رغبة الخلفاء الموحدين في ترك بصمات واضحة تجسد عظمة ملكهم وتليق بمدينة سلا وتبرهن في نفس الوقت على ازدهار المدينة وارتفاع عدد ساكنتها. من جهة أخرى جاء المسجد الأعظم ببلاطاته المتعامدة مع جدار القبلة وأقواسه المختلفة والمتنوعة وزخرفته البسيطة والمتناسقة ليؤكد على نضج وشيوع قوالب العمارة الموحدية، تلك القوالب التي نجدها في مساجد المدن الكبرى كالكتبية بمراكش وحسان بالرباط والقصبة بإشبيلية، حيث المحارب المزينة بأقواس منكسرة ومتجاوزة وبزخرفة جصية بسيطة تتفادى الإطناب الذي سوف يميز الفترة المرينية. فقد عاشت خلال هذه الفترة الزخارف الجصية النباتية والهندسية وتركزت في المحراب دون غيره، وبقيت بعيدة كل البعد عن الغلو والتشعب كما هو بارز في محاريب جوامع الكتبية وحسان والخيرالدا. من جهة أخرى، استطاعت هذه الجوامع أن تحقق تقابلا وتطابقا في التوزيع العام لمكوناتها وذلك بإخراج جميع الملحقات على خارج المسجد، وبدت بذلك كما هو الحال بالمسجد الأعظم بسلا، أكثر انتظاما وفخامة من مساجد الفترات السابقة. في نفس الوقت، يظهر من خلال المسجد الأعظم بسلا الاهتمام الواضح بالمحراب من خلال الأهمية المخصصة للبلاط الأوسط والبلاط الموازي لجدار القبلة والعترة (المحراب الصيفي) والقبة التي ترتفع أمام المحراب الرئيسي، مع اعتماد تمايز بارز بين البلاط الموازي لجدار القبلة باعتماد العقود العمودية والمصففة، وبين باقي البلاطات حيث اقتصر على العقود المنكسرة والمتجاوزة المصقولة ( lissees )، وهي عناصر كلها أدخلت من أجل إبراز مكانة وقوة العمارة الموحدية وتميزها ومن خلالها تجسيد عظمة إمبراطوريتهم وحكمهم. الهوامش: (1) - يروي عبد المنعم الحميري بأن المدينة "منيعة من جهة البحر(...) وهي حسنة في أرض رمل، ولها سوق نافقة وتجارات ودخل وخرج، ولأهلها سعة وأموال، والطعام بها كثير رخيص جدا (...) ومراكب أهل اشبيلية وسائر المدن الساحلية من الأندلس يقلعون عنها ويحطون بها بضروب من البضائع (...) ويتجهز منها بالطعام إلى سائر بلاد الأندلس الساحلية" أنظر: محمد بن عبد المنعم الحميري، الروض المعطار في خبر الأقطار، تحقيق إحسان عباس، مكتبة لبنان، الطبعة الثانية، بيروت، 1984، ص 319 (2)- كتاب الاستبصار في عجائب الأمصار، وصف مكة والمدينة ومصر وبلاد المغرب، نشر وتعليق سعد زغلول عبد الحميد، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1985، وهو مؤلف مجهول يرجع تاريخ تأليفه إلى سنة 587هـ. (3)- كتاب الاستبصار، المصدر السابق، ص 140 (4)- محمد بن علي الدكالي، الإتحاف الوجيز، تحقيق مصطفى بوشعراء، منشورات الخزانة الصبيحية، سلا، 1986ن ص 51 (5)- محمد بن علي الدكالي، نفسه ص 51 (6)ــJ hassan – Benslimane, Le Passé de la ville de Salé dans tous ses états, Histoire, archéologie, archives, Maisonneuve et Larose,Paris, 1992,p.73 (7)- أحمد خالد الناصري، كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، الجزء الثالث، منشورات وزارة الثقافة، الرباط، 2001، ص 160 (8)- محمد بن علي الدكالي، نفسه ص 51- 52 (9)- الناصري، كتاب الاستقصا، الجزء الثاني، ص 141 (10)-Voir L. Golvin, Essai sur l’architecture religieuse musulmane, éditions Klinksieck, Paris, tome 4, 1979, p. 248 et ss (11)- قارن بين تصاميم المساجد الموحدية بكل من إشبيلية والرباط وتازة ومراكش. L.Golvin, Essai sur l’architecture…, op. cit., fig. 82, fig. 83, fig. 84 et fig. 85. (12)- محمد بن علي الدكالي، نفسه، ص 52 (13)-انظر: جعفر الناصري، سلا ورباط الفتح، الجزء الأول، ص 122، مخطوط. انظر: خالد الناصري، الاستقصا....، الجزء الثامن، ص 76- 78 (14)- خالد الناصري، كتاب الاستقصا...، الجزء الثامن، ص 76- 78
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |