العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#21
|
||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||
|
#22
|
||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||
|
#23
|
||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||
|
#24
|
||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||
|
#25
|
||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||
|
#26
|
||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||
|
#27
|
||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||
|
#28
|
|||
|
|||
معركة الاراك التسمية وقعت المعركة قرب قلعة الاراك والتي كانت نقطة الحدود بين قشتالة والأندلس في ذلك الوقت ولذا ينسب المسلمون المعركة لهذه القلعة كما ينسب المسيحيون اسم المعركة أيضا لهذه القلعة (Alarcos) ويطلقون عليها كارثة الأرك لعظيم مصابهم فيها. ما قبل المعركة قام ملك البرتغال (سانشوالأول) بغزو مدينة شلب المسلمة -تعرف الآن باسم سلفش (faro)- بمساعدة القوات الصليبية وكان ذلك في عام 1191 م. عندما علم السلطان الموحدي يعقوب المنصور بذلك جهز جيشه وعبر البحر لبلاد الأندلس وحاصرها وأخذها وأرسل في ذات الوقت جيشا من الموحدين والعرب فغزا أربع مدن مما بأيدي المسيحيين من البلاد التي كانوا قد أخذوها من المسلمين قبل ذلك بأربعين عاما مما ألقى الرعب في ملوك أيبيريا وخاصة ألفونسو الذي طلب من السلطان الهدنة والصلح فهادنه 5 سنين وعاد إلى مراكش عاصمة بلاد المغرب. لما انقضت مدة الهدنة أرسل ألفونسو جيشا كثيفا إلى بلاد المسلمين فنهبوا وعاثوا فسادا في أراضيهم وكانت هذه الحملة استفزازية وتخويفية أتبعها ألفونسو بخطاب للسلطان يعقوب المنصور -استهزاء به وسخرية منه- يدعوه فيه إلى مواجهته وقتاله فلما قرأ السلطان المنصور الخطاب كتب على ظهر رقعة منه (ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون الجواب ما ترى لا ما تسمع).واشتد حنق أبي يوسف ، وأمر بالتأهب للحرب في الأندلس ، وأن يذاع الخطاب في جنود الموحدين ليثير غيرتهم ، فثار الناس للجهاد ودوت صيحة الجهاد في جميع أنحاء المغرب ضد النصارى ، وسير قواته إلى الأندلس ، وعبر إلى الجزيرة الخضراء في 20/7/591هـ ، ولم يسترح بها إلا قليلاً ، ثم بادر بالسير إلى قشتالة وانضمت إليه الجيوش الأندلسية فتجمع له جيش ضخم يوصل بعض المؤرخين عدده لـ100 ألف مقاتل فيقولون أنه كانت المسافة بين مقدمة الجيش ومؤخرته مسيرة 3 أيام بينما يذكر آخرون أن العدد بين 60 و80 ألف مقاتل فقط. وانطلق المنصور بجيشه إلى بلاد الأندلس ومكث في إشبيلية مدة قصيرة نظم فيها جيشه وتزود بالمؤن وبادر بالسير إلى طليطلة عاصمة مملكة قشتالة فبلغه أن ألفونسو حشد قواه في مكان بين قلعة رباح وقلعة الأرك فغير مساره إلى هناك وعسكر في مكان يبعد عن موضع جيش ألفونسو مسيرة يومين ومكث يستشير وزرائه وقادة جيشه في خطط المعركة وكان ذلك في الثالث عشر من يونيو عام 1195 الموافق 4 شعبان591 هـ. كان أبو عبد الله بن صناديد أحد قادة الحرب الأندلسيين الذي كان من أعقل وأخبر زعماء الأندلس بمكائد الحروب فأشار على السلطان المنصور باختيار قائد موحد للجيش كما أشار عليه بتقسيم الجيش إلى أجزاء على النحو التالي:
استجاب السلطان لإشارة ابن صناديد وعينه قائدا للجيش الاندلسي واختار أحد وزرائه وهو أبو يحيى بن أبي حفص كقائد عام وكان السلطان يمر على أفراد جيشه ويحمسهم ويبث فيهم الشجاعة والثقة بنصر الله.ومما يروى ان السلطان المنصور خطب في الجيش بعد اكتمال الحشد والاستعداد و قال:"اغفروا لي فان هذا موضع غفران وتغافروا في ما بينكم, وطيبوا نفوسكم واخلصو الله نياتكم". فبكى الناس جميعا. على الجبهة الأخرى حاول ألفونسو الحصول على بعض المدد والمساعدات من بعض منافسيه السياسيين ملوك نافارةوليون فوعدوه بالمدد إلا إنهم تعمدوا الإبطاء فقرر خوض المعركة بما معه من القوات التي لم تكن بالقليلة فقد أوصلها المؤرخون إلى حوالي 60 ألف مقاتل منهم فرسان قلعة رباح وفرسان الداوية. المعركة كان الجيش القشتالي يحتل موقعا متميزا مرتفعا يطل على القوات المسلمة وقد كانت قلعة الأرك تحميهم من خلفهم وقد قسموا أنفسهم لمقدمة يقودها الخيالة تحت إمرة لوبيز دي هارو -أحد معاوني ألفونسو- وقلب الجيش ومؤخرته ويضم 10 آلاف مقاتل من خيرة مقاتلي قشتالة ويقودهم ألفونسو بنفسه. واستدعى الفونسو فرسان قلعة رباح ، وفرسان الداوية لينضموا إلى جيشه فبلغ بذلك تعداد مائة ألف 60,000 مقاتل في رواية ، وأكبر عدد ذكرته الروايات ثلاثمائة ألف مقاتل 300,000 ، ومع ذلك طلب مساعدة ملكي ليون ونافار النصرانيين الذين جمعا حشوداً ولكنهما تباطآ في المجيء للمساعدة . وفي 9 شعبان 591هـ كانت موقعة الأرك الفاصلة وقبيل ذلك بقليل بدأ المتطوعون في الجيش الموحدي في التقدم قليلا لجس النبض ,اتبع القشتاليون نظاما متميزا وذكيا وهو نزول الجيش على دفعات كلما ووجه الجيش بمقاومة عنيفة واستبدال مقدمة الجيش بمقدمة أخرى في كل مرة يقاومون فيها. أرسل القشتاليون في باديء الأمر 7 آلاف فارس وصفهم ابن عذاري في كتابه البيان المُغْرِب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب كبحر هائج تتالت أمواجه وقد رد الموحدون المسلمون هجمة الجيش الأولى فما كان من القشتاليين إلا أن أمروا بإرسال دفعة ثانية وقد قاومها الموحدون مقاومة قوية جدا مما حدا بلوبيز دي هارو بإرسال قوة كبيرة لتفكيك مقدمة الجيش والقضاء عليها. فلما تبين ذلك للسلطان المنصور نزل بنفسه دون جيشه في شجاعة نادرة, واخذ يمر على كل القبائل والصفوف يقول :" جددوا نياتكم وأحضروا قلوبكم". رد المسلمون هجمات القشتاليين مرتين ، ولكن العرب والبربر استنفدوا جميع قواهم لرد هذا الهجوم العنيف ، وعززت قوات القشتاليين بقوى جديدة وهجموا للمرة الثالثة ، وضاعفوا جهودهم ، واقتحموا صفوف المسلمين وفرقوها ، وقتلوا قسماً منها ، وأرغم الباقون على التراجع ، واستشهد آلاف من المسلمين في تلك الصدمة ، منهم القائد العام أبو يحيى بن أبي حفص ، الذي سقط وهو يقاتل بمنتهى البسالة . واستمرالقشتاليون في هجومهم واخذوا يخترقون الجيش حتى وصلوا إلى قلب الجيش الموحدي. اعتقد النصارى أن النصر قد لاح لهم وان الدائرة قد دارت على المسلمين بعد أن حطموا قلب جيش الموحدين ،ولكن الأندلسيين بقيادة ابن صناديدوبعض بطون زناته ، وهم الذين يكونون الجناح الأيمن ، هجموا عندئذ على قلب الجيش القشتالي ، فأضعفوا بذلك تقدم الفرسان القشتاليين ، وكان يتولى قيادته ملك قشتالة نفسه ،يحيط به عشرة آلاف من امهر الفرسان ، منهم فرسان الداوية وفرسان قلعة رباح ، فلقي ألفونسو المسلمين بقيادة ابن صناديد دون وجل فاستطاعوا ان يحاصروا القشتالين وفصلوا بين مقدمة جيشهم ومؤخرته. وفي تلك الأثناء خرج السلطان المنصور فتعاون جميع أقسام الجيش الإسلامي على الإطاحة بمن حوصر من القشتاليين -الذين كانوا أغلب الجيش- وقتلوا منهم خلقا كثيرا وفر الباقون. بعد ذلك بدأ المسلمون بقيادة المنصور يتقدمهم لواء الموحدين الأبيض المكتوب عليه" لا اله ال الله محمد رسول الله ولا غالب ال الله" فتقدم ناحية من تبقى من الجيش المسيحي وهم عدة آلاف فارس الذين التفوا من حول ألفونسو الثامن، أقسموا على أن لا يبرحوا أرض المعركة حتى وإن كانت نهايتهم فيها وقاوم القشتاليين مقاومة عنيفة حتى قتل أغلبهم. وهرب ألفونسو من أرض المعركه إلى طليطله عاصمته. ما بعد المعركة قام المسلمون بعد انتهاء المعركة بحصار قلعة الأرك التي كان قد فر إليها لوبيز دي هارو ومعه 5 آلاف من جنده. قاوم المسيحيون قليلا ثم اضطروا للاستسلام وطلبوا الصلح فوافق السلطان المنصور مقابل إخلاء سبيل من أُسر من المسلمين. ويختلف مؤرخو المسلمون في نتائج المعركة فيخبر المقري في كتابه نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب «وكان عدّة من قتل من الفرنج - فيما قيل - مئة ألف وستّة وأربعين ألفاً، وعدّة الأسارى ثلاثين ألفاّ، وعدّة الخيام مائة ألف وستّة وخمسين ألف خيمة، والخيل ثمانين ألفاً، والبغال مائة ألف، والحمير أربع مئة ألف، جاء بها الكفّر لحمل أثقالهم لأنّهم لا إبل لهم، وأمّا الجواهر والأموال فلا تحصى، وبيع الأسير بدرهم، والسيف بنصف درهم، والفرس بخمسة دراهم، والحمار بدرهم، وقسم يعقوب الغنائم بين المسلمين بمقتضى الشرع، ونجا ألفنش (ألفونسو) ملك النصارى إلى طليطلة في أسوأ حال، فحلق رأسه ولحيته، ونكس صليبه، وآلى أن لا ينام على فراش، ولا يقرب النساء، ولا يركب فرساً ولا دابة، حتى يأخذ بالثأر». أما ابن خلدون فيذكر أن عدد القتلى 30 ألفا ويجعلهم ابن الأثير 46 ألفا و13 ألف أسير.
أكمل السلطان المنصور مسيرته في أراضي مملكة قشتالة فاقتحم قلعة رباح واستولى عليها وسقطت مدن تروخلو وبينافينتي ومالاغون وكاراكويل وكوينكا وتالفيرا وكلها تقع بالقرب من طليطلة عاصمة قشتالة ثم اتجه السلطان بجيشه إلى العاصمة وضرب عليها حصارا واستخدم المسلمون المجانيق ولم يبق إلى غزوها ويخبر المقري عن نتائج ذاك الحصار فيقول «فخرجت إليه [يعني للمنصور] والدة الأذفونش [ألفونسو] وبناته ونساؤه وبكين بين يديه، وسألنه إبقاء البلد عليهن، فرقّ لهن ومنّ عليهن بها، ووهب لهن من الأموال والجواهر ما جلّ، وردهن مكرماتٍ، وعفا بعد القدرة، وعاد إلى قرطبة، فأقام شهراً يقسم الغنائم، وجاءته رسل الفنش [ألفونسو] بطلب الصلح، فصالحه، وأمّن الناس مدّته» . أعطت نتيجة المعركة مهابة للموحدين في الأندلس وقد استمروا هناك حتى فاجعة معركة العقاب التي خسر المسلمون بعدها بقية أراضي الأندلس ما عدا غرناطة واشبيلية ما حولهما. من الناحية العملية لم يحقق هذا الانتصار نتائج ملموسة للموحدين، فالخطر المسيحي لم يزل موجودا ولم يستغل يعقوب أبعاد هذا الانتصار مطلقا. فرغم مقامه الطويل في الأندلس لم يحقق مكسبا واضحا على المستوى المتعلق بالحد من الخطر المسيحي بل نجده يكتفي بالقيام بجولة عسكرية بنواحي طليطلة سنة 592 ثم 593 هجرية. وبالرغم من كون المراكشي يتحدث عن كون يعقوب قد وصل أثناء تجواله العسكري هذا «إلى مواضع لم يصل إليها ملك من ملوك المسلمين قط» رغم ذلك نجد يعقوب يبادر بمجرد أن طلب منه الفونسو الثامن إبرام صلح جديد يبادله بالموافقة، وبمجرد إبرام هذا الصلح نجده يرجع إلى المغرب سنة 594 هجرية. وتعليل هذا الموقف العسكري لا يمكن أن نصل إلى إدراك عمقه إلا من خلال تحديدنا للمشاكل التي كان على يعقوب أن يواجهها وأن مشكل الأندلس ليس إلا جزءا من هذه المشاكل.
|
#29
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخليفة أبو بكر وأرض العراق بعد أن انتهى الخليفة 'أبو بكر' من القضاء على حركة الردة التي نجمت بأرض العرب، قرر أن يتفرغ للمهمة الأكبر وهى نشر دين الله بعد أن مهد الجبهة الداخلية، وقضى على هذه الفتنة، وكان 'أبو بكر' يفكر في الجبهة المقترحة لبداية الحملات الجهادية عملاً بقوله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [123] سورة التوبة وكانت الدولة الإسلامية تقع بين فكي أقوى دولتين في العالم وقتها، دولة 'الفرس' المجوسية من ناحية الشرق بأرض العراق وإيران، ودولة'الروم' الصليبية من ناحية الشمال بأرض الشام والجزيرة، وكان 'أبو بكر' يفضل الجبهة الشامية على الجبهة العراقية، ولكنه فضل البدء بدولة 'الفرس' لقوتها وشدة بأسها، وأيضاً لكفرها الأصلي، فهي أشد كفراً من دولة 'الروم' الذين هم أهل كتاب، وأخيراً استقر رأى الخليفة على البدء بالجبهة العراقية . بعد أن انتهى خالد بن الوليد والمسلمين معه من حربه على المرتدين من 'بني حنيفة' أتباع 'مسيلمة الكذاب' جائته الأوامر من الخليفة أبى بكر بالتوجه إلى الأراضي العراقية، مع عدم إكراه أحد من المسلمين على مواصلة السير معه إلى العراق، ومن أحب الرجوع بعد قتال المرتدين فليرجع،فانفض كثير من الجند، وعادوا إلى ديارهم، ليس خوفاً ولا فراراً من لقاء 'الفرس' ولكن تعباً وإرهاقاً من حرب الردة، فلم يبقى مع 'خالد' سوى ألفين من المسلمين . [وما قام به 'أبو بكر' هو عين الصواب والبصيرة الثاقبة فإنه لن ينصر دين الله إلا من كان عنده الدافع الذاتي، والرغبة التامة في ذلك، مع الاستعداد البدني والنفسي لذلك، فمن تعلق بشواغل الدنيا، أو كان خاطره وقلبه مع بيته وأهله لا يصمد أبداً في القتال، كما أن هذا الجهاد جهاد طلب، وهو فرض كفاية كما قال أهل العلم ] . العبقرية العسكرية وضع الخليفة 'أبو بكر' خطة عسكرية هجومية، تجلت فيها عبقرية 'الصديق' الفذة، حيث أمر قائده 'خالد بن الوليد' أن يهجم على العراق من ناحية الجنوب، وفي نفس الوقت أمر قائداً آخر لا يقل خبرة عن 'خالد بن الوليد' وهو 'عياض بن غنم الفهرى' أن يهجم من ناحية الشمال، في شبه كماشة على العدو، ثم قال لهما :{من وصل منكما أولاً إلى 'الحيرة' واحتلها فهو الأمير على كل الجيوش بالعراق، فأوجد بذلك نوعاً من التنافس الشريف والمشروع بين القائدين، يكون الرابح فيه هو الإسلام } . كانت أول مدينة قصدها 'خالد بن الوليد' هي مدينة 'الأبلة'، وكانت ذات أهمية استراتيجية كبيرة، حيث أنها ميناء 'الفرس' الوحيد على الخليج العربي، ومنها تأتى كل الإمدادات للحاميات الفارسية المنتشرة بالعراق، وكانت هذه المدينة تحت قيادة أمير فارسي كبير الرتبة اسمه 'هرمز'، وقد اشتق من اسمه اسم المضيق القائم حالياً عند الخليج العربي، وكان رجلاً شريراً متكبراً، شديد البغض للإسلام والمسلمين، وللجنس العربي بأسره، وكان العرب بالعراق يكرهونه بشدة، ويضربون به الأمثال فيقولون : {أكفر من هرمز ، اخبث من هرمز}، فلما وصل 'خالد' بالجيوش الإسلامية هناك، وكان تعداد هذه الجيوش قد بلغ ثمانية عشر ألفاً بعد أن طلب الإمدادات من الخليفة، أرسل برسالة للقائد 'هرمز' تبين حقيقة الجهاد الإسلامي، وفيها أصدق وصف لجند الإسلام، حيث جاء في الرسالة :-
[وهذا أصدق وصف لجند الإسلام، وهو الوصف الذي جعل أعداء الإسلام يهابون المسلمين، وهو النفحة الغالية التي خرجت من قلوب المسلمين، وحل محلها 'الوهن' الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سبب تكالب الأمم علينا، وهو كما عرفه الرسول صلى الله عليه وسلم {حب الدنيا وكراهية الموت} ] . حرب الاستنزاف 'هرمز' يرفض الرسالة الإسلامية التي تدعوه إلى الإسلام أو الجزية، ويختار بيده مصيره المحتوم، ويرسل إلى كسرى يطلب الإمدادات، وبالفعل يرسل كسرى إمدادات كبيرة جداً، ويجتمع عند 'هرمز' جيش جرار عظيم التسليح، ويبنى 'هرمز' خطته على الهجوم على مدينة 'كاظمة' ظناً منه أن المسلمين سوف يعسكرون هناك، ولكنه يصطدم أمام العقلية العسكرية الفذة للقائد 'خالد بن الوليد' . قام 'خالد بن الوليد' بما يعرف في العلوم العسكرية الحديثة بحرب استنزاف، ومناورات مرهقة للجيش الفارسي، فقام 'خالد' وجيشه بالتوجه إلى منطقة 'الحفير'، وأقبل 'هرمز' إلى 'كاظمة' فوجدها خالية وأخبره الجواسيس أن المسلمين قد توجهوا إلى 'الحفير'، فتوجه 'هرمز' بسرعة كبيرة جداً إلى 'الحفير' حتى يسبق المسلمين، وبالفعل وصل هناك قبل المسلمين، وقام بالاستعداد للقتال، وحفر خنادق، وعبأ جيشه، ولكن البطل 'خالد' يقرر تغير مسار جيشه ويكر راجعاً إلى مدينة 'الكاظمة'، ويعسكر هناك ويستريح الجند قبل القتال . تصل الأخبار إلى 'هرمز' فيستشيط غضباً، وتتوتر أعصابه جداً، ويتحرك بجيوشه المرهقة المتعبة إلى مدينة 'الكاظمة' ليستعد للصدام مع المسلمين، وكان 'الفرس'أدرى بطبيعة الأرض وجغرافية المكان من المسلمين، فاستطاع 'هرمز' أن يسيطر على منابع الماء بأن جعل نهر الفرات وراء ظهره، حتى يمنع المسلمين منه، وصدق الحق عندما قال { وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } [216] سورة البقرة فقد كان سبباً لاشتعال حمية المسلمين وحماستهم ضد الكفار، وقال 'خالد بن الوليد' كلمته الشهيرة تحفيزاً بها الجند : 'ألا انزلوا وحطوا رحالكم، فلعمر الله ليصيرن الماء لأصبر الفريقين، وأكرم الجندين' . وقبل أن يصطدم 'هرمز' قائد الجيوش الفارسية مع جيوش المسلمين أرسل بصورة الوضع إلى كسرى، الذي قام بدوره بإرسال إمدادات كبيرة يقودها 'قارن بن قرباس' يكون دورها الحفاظ على مدينة 'الأبلة' في حالة هزيمة 'هرمز' أمام المسلمين، لأهمية هذه المدينة كما أسلفنا . سلاسل الموت كان 'هرمز' رجلاً متكبراً أهوجاً، لا يستمع إلا لصوت نفسه فقط، حيث رفض الاستماع لنصائح قواده، وأصر على أن يربط الجنود 'الفرس' أنفسهم بالسلاسل، حتى لا يفروا من أرض المعركة، كناية عن القتال حتى الموت، لذلك فقد سميت المعركة بذات السلاسل .
كان أول وقود المعركة وكما هو معتاد وقتها أيام الحروب أن يخرج القواد للمبارزة، كان أول الوقود عندما خرج القائد الفارسي 'هرمز' لمبارزة القائد المسلم 'خالد بن الوليد'، وكان 'هرمز' كما أسلفنا شديد الكفر والخيانة، فاتفق مع مجموعة من فرسانه على أن يهجموا على 'خالد' ويفتكوا به أثناء المبارزة ، وبالفعل خرج المسلم للقاء الكافر، وبدأت المبارزة، ولم يعهد أو يعلم عن 'خالد بن الوليد' أنه هزم قط في مبارزة طوال حياته قبل الإسلام وبعده ، وقبل أن تقوم مجموعة الغدر بجريمتهم الشريرة فطن أحد أبطال المسلمين الكبار لذلك، وهو البطل المغوار القعقاع بن عمرو ، صنو 'خالد' في البطولة والشجاعة، فخرج من بين الصفوف مسرعاً، وانقض كالأسد الضاري على مجموعة الغدر فقتلهم جميعاً، وفي نفس الوقت أجهز 'خالد بن الوليد' على الخائن 'هرمز' وذبحه كالنعاج، وكان لذلك الأمر وقعاً شديداً في نفوس 'الفرس'، حيث انفرط عقدهم، وانحل نظامهم لمقتل قائدهم، وولوا الأدبار، وركب المسلمون أكتافهم، وأخذوا بأقفيتهم، وقتلوا منهم أكثر من ثلاثين ألفاً، وغرق الكثير في نهر الفرات، وقتل المربطون بالسلاسل عن بكرة أبيهم، وكانت هزيمة مدوية على قوى الكفر وعباد النار، وفر باقي الجيش لا يلوى على شيء . الفزع الكبير لم تنته فصول المعركة عند هذا الحد، فمدينة 'الأبلة' لم تفتح بعد، وهناك جيوش قوية ترابط بها للدفاع عنها حال هزيمة جيوش 'هرمز' وقد كانت، ووصلت فلول المنهزمين من جيش 'هرمز' وهى في حالة يرثى لها من هول الهزيمة، والقلوب فزعة ووجلة، وانضمت هذه الفلول إلى جيش 'قارن بن قرباس' المكلف بحماية مدينة 'الأبلة'، وأخبروه بصورة الأمر فامتلأ قلبه هو الآخر فزعاً ورعباً من لقاء المسلمين، وأصر على الخروج من المدينة للقاء المسلمين خارجها، وذلك عند منطقة 'المذار'، وإنما اختار تلك المنطقة تحديداً لأنها كانت على ضفاف نهر الفرات، وكان قد أعد أسطولاً من السفن استعداداً للهرب لو كانت الدائرة عليه، وكانت فلول المنهزمين من جيش 'هرمز' ترى أفضلية البقاء داخل المدينة والتحصن بها، وذلك من شدة فزعهم من لقاء المسلمين في الميدان المفتوح . كان القائد المحنك 'خالد بن الوليد' يعتمد في حروبه دائماً على سلاح الاستطلاع الذي ينقل أخبار العدو أولاً بأول، وقد نقلت له استخباراته أن 'الفرس' معسكرون 'بالمذار'، فأرسل 'خالد' للخليفة 'أبو بكر' يعلمه بأنه سوف يتحرك للمذار لضرب المعسكرات الفارسية هناك ليفتح الطريق إلى الأبلة، ثم انطلق 'خالد' بأقصى سرعة للصدام مع 'الفرس'، وأرسل بين يديه طليعة من خيرة 'الفرسان'، يقودهم أسد العراق 'المثنى بن حارثة'، وبالفعل وصل المسلمون بسرعة لا يتوقعها أحد من أعدائهم . والسلام.... الفطنة العسكرية عندما وصل المسلمون إلى منطقة المذار أخذ القائد 'خالد بن الوليد' يتفحص المعسكر، وأدرك بخبرته العسكرية، وفطنته الفذة أن الفزع يملأ قلوب 'الفرس'، وذلك عندما رأى السفن راسية على ضفاف النهر، وعندها أمر 'خالد' المسلمين بالصبر والثبات في القتال، والإقدام بلا رجوع، وكان جيش 'الفرس' يقدر بثمانين ألفاً، وجيش المسلمين بثمانية عشر ألفاً، وميزان القوى المادي لصالح 'الفرس' . خرج قائد 'الفرس' 'قارن' وكان شجاعاً بطلاً، وطلب المبارزة من المسلمين فخرج له رجلان 'خالد بن الوليد' وأعرابي من البادية، لا يعلمه أحد، اسمه 'معقل بن الأعشى' الملقب 'بأبيض الركبان' لمبارزته، وسبق الأعرابي 'خالداً'، وانقض كالصاعقة على 'قارن' وقتله في الحال، وخرج بعده العديد من أبطال 'الفرس' وقادته فبارز 'عاصم بن عمرو' القائد 'الأنوشجان' فقتله، وبارز الصحابي 'عدى بن حاتم' القائد 'قباذ' فقتله في الحال، وأصبح الجيش الفارسي بلا قيادة .
كان من الطبيعي أن ينفرط عقد الجيش الفارسي بعد مصرع قادته، ولكن قلوبهم كانت مشحونة بالحقد والغيظ من المسلمين، فاستماتوا في القتال على حنق وحفيظة، وحاولوا بكل قوتهم صد الهجوم الإسلامي ولكنهم فشلوا في النهاية تحت وطأة الهجوم الكاسح، وانتصر المسلمون انتصاراً مبيناً، وفتحوا مدينة 'الأبلة'، وبذلك استقر الجنوب العراقي بأيدي المسلمين، وسيطروا على أهم مواني 'الفرس' على الخليج، وكان هذا الانتصار فاتحة سلسلة طويلة من المعارك الطاحنة بين 'الفرس' والمسلمين على أرض العراق كان النصر فيها حليفاً للمسلمين في جملتها، وانتهت بسقوط مملكة عباد النار
|
#30
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يقدم لنا تاريخ العسكرية الإسلامية كثيراً من الدروس التي تبقى الاستفادة منها واجبة وممكنة في كل وقت، وحتى تلك المعارك التي خسر فيها المسلمون تستدعي التوقف عندها وقراءة الأسباب التي أدت إلى الهزيمة، ولعل أشهر تلك المعارك معركة الجسر التي جرت يوم الثالث والعشرين من شهر شعبان عام 13 هجرية . أجواء الإعداد للمعركة: نتيجة للتطورات العسكرية على الجبهة مع الرومان تم نقل قسم كبير من الجيش إلى الجبهة المواجهة للرومان، عندها ركز الفرس جهدهم على تصفية الوجود الإسلامي في العراق، فارتأى القائد المثنى بن حارثة تجميع الجيش المسلم على حدود العراق، وذهب مسرعاً لعرض الأمر على القائد العام للجيش الخليفة أبي بكر الصديق } فوجده يحتضر، وسرعان ما توفي وتولى الخلافة بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فعرض عليه المثنى الوضع العسكري في العراق . كانت المهام كثيرة أمام عمر بن الخطاب } بعد استلامه الخلافة، ومع ذلك أولى الجهاد ضد الفرس في العراق اهتمامه، فنادى على الناس داعياً إياهم للجهاد ضد الفرس، ولكن الوضع لم يكن واضحاً تماماً بالنسبة للمسلمين في تلك الفترة الانتقالية بين حكم خليفتين، فتردد الناس في تلبية الدعوة، وبعد محاولات متكررة منه استجاب حوالي ألف رجل، فجمعهم وأمَّر عليهم أبا عبيد الثقفي، ووجههم للعراق . وبحسب إجماع المؤرخين، لم يكن أبو عبيد الثقفي مؤهلاً تماماً للقيادة، ولكنه كان معروفاً بشجاعته وإخلاصه وتقواه، حتى إن المثل كان يُضرب بشجاعته بين العرب وقتها، وهو ما كان يدركه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، ولكن في تلك الفترة العصيبة لم يكن أمامه خيار آخر سوى تسليم قيادة الجيش لأبي عبيد، الذي ما إن دخل العراق حتى نظم الصفوف، واستطاع بفضل الله ثم بشجاعته وإقدامه أن يستعيد كل الأراضي التي تخلى عنها المسلمون، وبجيشه الذي لا يزيد عن عشرة آلاف مقاتل استطاع أن ينتصر في ثلاث معارك كبيرة هي النمارق والسقاطية وباقسياثا، وكان الخليفة عمر يتابع باهتمام وبشكل مباشر أخبار أبي عبيد، فاطمأن إلى أهليته في قيادة الجيش بعد الانتصارات التي حققها(1). الوضع عند الفرس كان لهذه الانتصارات التي حققها المسلمون بقيادة أبي عبيد أثر مدو على الفرس، فتزعزعت الجبهة الداخلية الفارسية بقوة، حتى إن خصوم رستم ثاروا عليه، واتهموه بالتقصير والتخاذل عن قتال المسلمين، وبدأ الانهيار المعنوي في صفوف الجيش الفارسي، وكان لابد على رستم أن يتحرك لوقف التدهور على الجبهة الداخلية من جهة، وتحقيق أي نصر على جيش المسلمين يرفع من الحالة المعنوية لجيشه، فعقد اجتماعاً على أعلى المستويات القيادية، واستدعى القائد ألجالينوس الذي فر من قتال المسلمين، وغضب عليه بشدة وحكم عليه بالقتل مع وقف التنفيذ، وأنزل رتبته من قائد عام إلى مساعد القائد العام، ثم تشاور مع كبار قادة جيوشه في كيفية تحقيق النصر على المسلمين ولو مرة واحدة في محاولة منه لرفع الحالة المعنوية لجنود الفرس الذين هزموا في كل لقاءاتهم مع المسلمين. وكان رستم داهية، فاختلى بجالينوس، القائد السابق للجيش، وتشاور معه حول نقاط القوة في جيش المسلمين، ونقاط الضعف في جيشه، فشرح له الجالينوس أن كثرة العدد لا تفيد مع جيش المسلمين؛ لأن أسلوبهم القتالي يعتمد على الكر والفر، وانهم يبدعون في قتال الأماكن المنبسطة التي تماثل بيئتهم الصحراوية، وغير ذلك من النقاط التي وضعها رستم في حسبانه واستفاد منها في إعداده للجيش( 2). كانت الخطوة الأولى التي قام بها رستم هي اختيار قائد قوي للجيش، فاختار أمهر القادة الفرس وأدهاهم، وهو(ذو الحاجب بهمن جاذويه)، وكان من أشد قادة الفرس كبراً وحقداً على المسلمين والعرب، وإنما تسمى بذي الحاجب لأنه كان يعصب حاجبيه الكثيفين ليرفعهما عن عينيه تكبراً، فأسند له رستم قيادة الجيش، كما اختار رستم بنفسه أمراء الجند وأبطال الفرسان، وليتغلب على أسلوب المسلمين في قتال الكرّ والفرّ زودالجيش ولأول مرة بسلاح المدرعات الفارسي، وهي الفيلة، وليضفي رستم أهمية خاصة على هذا الجيش المدرع أعطاه راية الفرس العظمى واسمها (دارفن كابيان) ، وكانت مصنوعة من جلد النمور، وكانت هذه الراية لا تخرج إلا مع ملوكهم في معاركهم الحاسمة. وكان أبو عبيد يتابع عبر استخباراته التحركات العسكرية للفرس، فوصلته أخبار الجيش الجرار الذي أعده رستم لمحاربة جيش المسلمين، وكانت المنطقة صالحة للقتال وتلائم الأسلوب القتالي لجيش المسلمين، ، ولكن أبا عبيد رأى أن يعبر الفرات ناحية الحيرة، وعسكر على مقربة من نهر الفرات على أطراف الصحراء، وهذا المكان أفضل مكان للقتال؛ لخبرة المسلمين في قتال الصحراء ولسهولة الكر والفرّ(3). القرار الخاطئ نزل الفرس بقيادة بهمن جاذويه على الشاطئ الشرقي لنهر الفرات المقابل، وأرسل برسول من عنده إلى القائد أبي عبيد، وكان هذا الرسول من دهاة الفرس واسمه (مرادتشاه) قائد سلاح الدروع، وكانت فحوى الرسالة (إما أن تعبروا إلينا وندعكم تعبرون وإما أن تدعونا ونعبر إليكم)، فعقد أبو عبيد مؤتمرًا مع قادة جيشه للتشاور في عرض الفرس، فأجمع قادة الجيش على ترك الفرس يعبرون لهم؛ لأن أرض المعركة ستكون أوسع وأسهل لحرب الصاعقة التي يجيدها المسلمون، وحتى يسهل قدوم الإمدادات للمسلمين، وكان الاتفاق تاماً على أن المسلمين لو عبروا للفرس فسوف يحشرونهم في مكان ضيق حيث سيكون من ورائهم حاجز مائي خطير هو نهر الفرات والزاخر بالمياه الهادرة؛ ولكن أبا عبيد القائد العام فاجأ الجميع برفض هذا الرأي، والإصرار على العبور إلى الفرس وتحجج بحجة واهية عندما قال "لا يكونون أجرأ منا على الموت بل نصير إليهم" !! لقد صدم قرار أبي عبيد قادته، فهو قرار مبني على الشجاعة فقط دون النظر لباقي المعطيات والظروف المحيطة بالأمر، فناشدوه، ومنهم الصحابي الجليل سليط بن قيس البدري، ألا يعبر لهم لخطورة العبور ولكن أبا عبيد أصر على رأيه وقال لسليط الذي ناقشه: "لا أفعل، قد جبنت يا سليط" فقال له سليط "والله أجرأ منك نفساً وقد أشرنا عليك بالرأي فستعلم"(4). والواقع أن الذي دفع أبا عبيد لذلك الرأي أيضاً مكر ودهاء الفرس الذين استدرجوه لذلك، وعندما قال الرسول الفارسي (مراد تشاه) له: إن أهل الفرس قد عيروكم بالجبن، ازداد أبو عبيد إصراراً على رأيه، فامر بعقد جسر يمر عليه المسلمون للطرف الشرقي من النهر، وكلف بهذه المهمة رجلاً معاهداً في ذمة المسلمين اسمه (ابن صلبان)، فقام ابن صلبان بعقد الجسر ولكن بصورة واهية يجعل من السهل قطعه على مجموعة صغيرة من الرجال، ولعله فعل ذلك عمدًا ليقع المسلمون في الكماشة القاتلة، وبدأ المسلمون في العبور إلى الطرف الآخر وتركهم الفرس حتى تكامل عبورهم فوجد أبو عبيد جيشه محصورًا في ساحة قتال ضيقة حيث نهر الفرات ورافده تحيط بالمسلمين من الخلف واليمين واليسار، والفرس بجيشهم الجرار أمام المسلمين، وسرعان ما ظهرت نتائج هذا القرار الخاطئ (5). سير المعركة بمجرد أن تكامل المسلمون على الشاطئ الشرقي هجم الفرس بكل قواتهم، خاصة سلاح الفيلة على المسلمين، ولم تكن خيل المسلمين قد رأت فيلة من قبل فنفرت منها بشدة وهربت في كل مكان، وبذلك تعطلت أقوى أسلحة المسلمين وهو سلاح الفرسان، وقامت الفيلة بتمزيق صفوف المسلمين، وأوقعت خسائر بالغة بهم، وعندها أمر القائد العام أبو عبيد بالتعامل مع الفيلة فنادى في أبطال المسلمين (احتوشوا الفيلة) أي أحيطوا بها واقطعوا أحزمة بطنها ليقع ما عليها من قادة، وكان أبو عبيد كما قلنا من أشجع الناس فكان هو أول من نفذ ما أمر به المسلمين، وبالفعل تم للمسلمين ما أرادوا وقطعوا أحزمة جميع الفيلة . وقد استمر القتال شديداً بين الطرفين، وبرز تأثير الفيلة على مسير المعركة من خلال أعداد المسلمين الذين قتلتهم الفيلة، وعندها قرر أبو عبيد أن يقوم بعمل بطولي نادر لا يجرؤ عليه أحد إلا من كان مثله، فسأل عن نقطة ضعف الفيل التي تؤدي إلى قتله، فقالوا له: خرطومه؛ فاختار فيلاً أبيض اللون كان قائداً للفيلة، و نادى في المسلمين (يا معشر المسلمين إني حامل على هذا المخلوق - يعني الفيل الأبيض - فإن قتلته فأنا أميركم، وإن قتلني فأخي الحكم أميركم، فإن قتل فولدي وهب) ثم عد سبعة من القادة آخرهم المثنى بن حارثة، ثم حمل في بطولة نادرة على الفيل الأبيض والذي كان مدربًا على فنون القتال فاتقى ضربات سيف أبي عبيد وألقاه على الأرض وداسه بأقدامه فاستشهد القائد أبو عبيد، وقاتل المسلمون على جثته حتى لا يأخذها الفرس، ثم تولى أخوه الحكم مكانه ولكنه سرعان ما استشهد، ثم ولده ثم الذي بعده حتى استشهد ستة من الذين عينهم أبو عبيد، فتسلم الراية أسد العراق المثنى بن حارثة الذي حاول تصحيح الوضع حتى حدث ما لم يكن في الحسبان، إذ بينما كان المثنى ينظم صفوف جيشه ويدعو الفارين للثبات سارع رجل متهور من بني ثقيف اسمه (عبد الله بن مرثد الثقفي) إلى الجسر فقطعه، وتعصب مجموعة من بني ثقيف لفعلته، ونادوا في المسلمين (موتوا على ما مات عليه أمراؤكم أو تظفروا)، وفرح الفرس بهذه الفعلة، وركزوا هجومهم على المسلمين ليفنوهم بالكامل، وكان تركيزهم أشد على ناحية الجسر المقطوع حتى لا يصلحه أحد، فوقع الاضطراب الشديد في صفوف المسلمين، وفر الكثير منهم وألقوا بأنفسهم في نهر الفرات، وكان أكثرهم لا يعرف السباحة فغرق منهم ألفان . ولما رأى المثنى هذه الكارثة المروعة التي حلت بالجيش انتخب كتيبة بقيادته و أسرع لاصلاح الجسر المنهار، وكان المتهور عبد الله بن مرثد الثقفي قد وقف عند الجسر ليمنع المسلمين من الفرار، فالقى المثنى القبض عليه وربطه، فاعتذر عبد الله بن مرثد بأنه إنما أراد أن يثير حمية المسلمين للقتال، وأخيراً، وبعد جهد شديد استطاع المثنى ومن معه إصلاح الجسر، وأمر المقاتلين أن يعبروه للجهة الأخرى، وقد بقي المثنى على أول الجسر يشرف على عبور جيشه للطرف الآخر مدافعاً عنهم فاصيب إصابة أدت إلى وفاته بعد ذلك بشهرين (6). وانتهت هذه المعركة باستشهاد أربعة آلاف شهيد منهم الأمراء السبعة، لذلك فإن وقعها كان شديدًا على نفوس المسلمين حتى إن ألفين من الجيش فروا حتى دخلوا البادية فاختفوا فيها خجلاً مما جرى، ولم يبق مع المثنى سوى ثلاثة آلاف هم الذين انتقموا لمصرع إخوانهم في المعارك التالية
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
:::عبدالرحمن::: |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 13 ( الأعضاء 0 والزوار 13) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |