العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#231
|
||||
|
||||
معركة فارنا حزب الشيطان/ شريف عبد الغني
معركة فارنا حزب الشيطان شريف عبد الغني غدر الأعداء:
هذه المعركة رسالة واضحة لكل من يثق في أعداء الإسلام, ويحسب أن لهم وعدا ً أو عهدا ً, رسالة لكل من لا يفهم قوله عزوجل : { لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ...(10)}(التوبة), وقوله : { فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم ... (12)}(التوبة). رسالة إلى هؤلاء الحمقى المنبهرين بأدعياء الحضارة والرقي وحقوق الإنسان, وإلى كل من وضع يده في يد أعداء الإسلام: يعاهدهم, ويتفق معهم, وهو يظن أنهم سيوفون بالعهد, ويحترمون الوعد, رسالة إلى خدام الشرعية الدولية, وأوفياء القانون الدولي في زمان لا يحترم فيه أعداء الإسلام أي شيء وكل شيء. السلطان مراد الثاني ورحلة الاتحاد: عندما بدأت الدولة العثمانية في الظهور في أوائل القرن الثامن الهجري, وضعت لنفسها هدفا ً استراتيجيا , وهو فتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزينطية, واعتمدت من أجل ذلك سياسة توسيع الرقعة الأفقية للدولة الوليدة؛ بضم إمارات الأناضول في آسيا الصغرى, وبالفعل استطاع السلطان بايزيد الصاعقة توحيد الصف سنة 793 هـ, بضم إمارات الأناضول, وبعدها اتجه بايزيد إلى أوروبا ليحقق الحلم العثماني الكبير, واستطاع بايزيد أن يضم الكثير من المدن والمناطق الاوروبية للدولة العثمانية, وكسر التحالف الصليبي المقدس الذي دعا له البابا بونيفاس الرابع, وأصبح قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الحلم بفتح القسطنطينية, ولكنه اصطدم مع جحافل التتار بقيادة النكبة المنتسب للإسلام زورا ً تيمور لنك الرافضي, وأسفر هذا الصدام عن انفراط عقد الدولة العثمانية مرة أخرى, وذلك سنة 804 هـ, وانفصلت إمارات الأناضول مرة أخرى. ظلت الدولة العثمانية تعمل على إعادة وحدتها, وبناء قوتها من جديد, واستمرت رحلة البناء والإتحاد من سنة 804 هـ وحتى سنة 825 هـ, وذلك في عهد السلطان مراد الثاني؛ وكان سلطانا ً عالما ً عاقلا ً عادلا شجاعا ً, مهتما ً بشأن العلم والعلماء, محبا ً للخير, ميالا ً للرأفة والإحسان, وهو مع ذلك بطل شجاع صنديد, يباشر الحروب بنفسه, ويقود الجيوش دون غيره, وقد أفنى حياته كلها فى خدمة قضية الإسلام, ونصرة دين الله. متاعب الدولة العثمانية: كانت أوروبا الصليبة تعلم عم اليقين أن الدولة العثمانية تسعى لنشر الإسلام بين ربوعها, وأن الروح الجهادية العالية التي تمتلأ بها صدور العثمانيين ستساعدهم على مواصلة السعي الحثيث لتحقيق هذا الهدف, فعملت أوروبا الصليبة كل ما في وسعها من أجل إثارة المتاعب الداخلية, وحركات التمرد داخل الدولة العثمانية؛ فهي التي عملت على تحريض تيمورلنك على الاصطدام مع العثمانيين, وكل ذلك من أجل أن ينشغل العثمانيون بأنفسهم عن الجهاد في سبيل الله؛ ( وهي مازال على منوالها ينسج أعداء الإسلام, فإنك لا تكاد ترى صراعا ًداخليا, أو فتنة عمياء تشتعل في بلد إسلامي, إلا وتجد خلفها أصابع أعداء الإسلام تحرك الأحقاد, وتثير الأطماع, وتؤلب الأقليات, وهكذا, وما يحدث بالجزائر المسلمة من أحداث وفتن بمنطقة البربر خير دليل على ما نقول ). كان الإمبراطور البيزنطي عمانويل الثاني خلف كثير من المؤامرات والدسائس, والهدف والدافع معروف؛ فهو أول من يتعرض للخطر إذا تفرغ له العثمانيون؛ فلقد احتضن عمانويل رجلا ً اسمه مصطفى: هو عم السلطان مراد الثاني, وأمده بأسطول بحري؛ ليقود حركة تمرد ضد العثمانيون, ولما فشلت تلك الحركة احتضن أخا ً للسلطان اسمه أيضا ً مصطفى, ولكن السلطان مراد الثاني كان بالمرصاد لكل هذه المحاولات فعمل على وأدها كلها, وقرر بعدها تلقين عمانويل درسا ًقاسيا ً, ليكف عن تآمره ودسائسه ضد المسلمين. تأديب المتآمرين: كان أول التأديب من نصيب عمانويل الثاني؛ حيث سار السلطان مراد الثاني على رأس جيش قوي, واستولى على مدينة سلانيك سنة 833 هـ, وأصبحت جزءا ً لا يتجزأ من الدولة العثمانية , ثم اتجه بعدها إلى البقان, وقضى على حركات التمرد بها, والمدعومة من القسطنطينية. اتجه مراد الثاني بعد ذلك إلى بلاد الأرنؤوط ( ألبانيا ), فأستولى على الجزء الجنوبي, وسلم أميرها أبناءه الأربعة كرهينة عند السلطان, حتى لا يثير الفتن مرة أخرى, وبعد هذه الفتوحات الكبيرة خضع ملك الحرب ستيف لازار للعثمانيين, ودفع الجزية, وتعهد بقطع كل صلاته مع ملك المجر: العدو اللدود للمسلمين عامة, والعثمانيين خاصة, وتبعه بعد ذلك أمير الأفلاق ( جنوب رومانيا ) الآن, ودفع الجزية هو الآخر. أما أقوى الضربات الموجعهة التي تلقتها من العثمانيين في حملة التأديب تلك فكانت ضد دولة المجر: التي كانت تعتبر نفسها حامية الصليب في أوروبا, ورأسالحربة الاوروبية في مواجهة التوسع العثماني؛ حيث اصطدم العثمانيون مع المجريين سنة 842 هـ في معركة طاحنة انتهت بهزيمة المجريين, وأسر منهم سبعوم ألف, وكان ملك الحرب وقتها قد مات, وجاء مكانه صليبي حاقد اسمه جورج رانكوفيتش, خلع عهد وطاعة العثمانيين, وتعاون مع المجريين, فلما هزم المجريين استدار السلطان مراد الثاني إلى الصرب, وحاصر بلجراد عاصمة الحرب ستة أشهر, ولكنه لم يتمكن من فتحها. العجيب أن الصرب قبل هجومهم الوحشي البربري على مسلمي البوسنة قام زعيم الصرب سلوبودان ميلوسوفتش باستخراج جثة جورج برانكوفيتش, وسار بها في موكب مهيب في شوارع بللجراد لإثارة الحملة الصليبية عندهم, وليذكرهم بما حدث لهم من قبل على يد المسلمين؛ فأعداء الإسلام لا ينسون التاريخ أبدا ً, وذاكرتهم الصليبية قوية, في حين أن المسلمين قد أبعدوا سهوا ً وعمدا ً عن تاريخهم وأمجادهم. الضربة الأليمة: كان للحملات الصليبية الناجحة التي قان بها العثمانيون على البلقان صدى هائل عند كرسي البابوية, الذي كان يحترق حقدا ً وغيظا ً على تلك الفتوحات, وقد هاله دخول الإسلام إلى تلك البقاع التي لم تعرف نور الهداية من قبل؛ فدعا بابا روما إلى حلف صليبي كبير للقيام بطرد العثمانيين من أوروبا؛ فاستجاب لدعوة البابا كل من المجر وبولندا والصرب ورومانيا والإمارات الإيطالية والإمبراطورية البيزنطية وألمانيا والتشيك, وأعطيت قيادة التحالف لقائد أفضل القادة المجريين وهو يوحنا هيناوي. دائما ً وقت الأزمات تجد أعداء الإسلام يدا ً واحدة, ويتناصرون على عدوهم الوحيد الإسلام, ويضربون أروع الأمثلة في وحدة الصف؛ فأين نحن يا عباد الله ؟ . قامت القوات الصليبية المتحدة, وعبرت نهر الدانوب من ناحية الجنوب, ولم تكن الجيوش العثمانية وقتها مستعدة لخوض المعركة مع هذا العدد الضخم من الجنود الموتورين ضد الإسلام والمسلمين, فوقعت الهزيمة بقدر من الله وحده على المسلمين سنة 846 هـ, واستشهد عشرون ألفا ً من المسلمين, وحاول مراد إعادة الكرة, لكن على عجل, ودون استعداد كاف؛ فهزم مرة أخرى ولكن بصورة أفدح من الأولى؛ إذ استشهد هذه المرة ووقع في الأسر ثمانون ألفا ً من بينهم محمود شلبي القائد العام للجيوش العثمانية, وزوج ابنة مراد الثاني, وعندها اضطر مراد لتوقيع معاهدة صلح لمدة عشر سنوات مع الأوروبيين تنازل بموجبها عن عدة بلاد, وأجزاء قد فتحها من أوروبا, وقد حررت وثيقة الصلح باللغتين العثمانية والمجرية, وأقسم مراد على القرآن, وأقسم لاديسلاسي ملك المجر على الإنجيل بحضور الشهود من الطرفين. اكملت الضربات الأليمة على السلطان مراد الثاني بادث أليم لابنه الكبير, وولي عهده من بعده الامير علاء الدين, وأثر هذا الحادث في نفسية مراد بشدة, وفجع في ولده وهو في ريعان الشباب, واشتد حزنه على تلك المصيبة حتى قرر أن يخلو بنفسه قليلا ً, ويتفرغ للعبادة والذكر والمناجاة, ولأول مرة في تاريخ الملوك يقوم سلطان وهو في أوج سلطانه وقوته بالتنازل عن السلطة طواعية واختيارا ً لولده الصغير محمد الثاني ,هو الفاتح, وكان عمره أربع عشرة سنة, وقد جعل له مراد بطانة من المخلصين وأهل الرأي؛ ليقوموا بأمره حتى يشتد عوده, وتوجه مراد الثانمي إلى ولاية مغنيسيا بالأناضول ليتفرغ للعبادة. نقض المعاهدة: اطمأن مراد الثاني على وضع الدولة تحت ظل حكم ولده محمد الثاني وذلك لأن بينه وبين أعدائه الأوروبيين معاهدة مدة عشر سنوات يكون ولده الصغير بعدها قد اشتد عوده وقوي ساعده, فلا يستهين به أعداؤه, ولكن مراد لم يعلم أن الروح الصليبية لا تنطفىء نارها ضد المسلمين أبدا ً, ولايردعها عهد ولا ميثاق؛ حيث قام البابا أوجين الرابع بإيفاد الكاردينال سيزاريني, وهو رجل يتقد نشاطا ً وعزما ً للتحلص من العثمانيين, ولديه رغبة عامة في أن يرى أوروبا خالية تماما ً من أي مسلم, وقد كلفه بمهمة خاصة, هي إقناع ملوك أوروبا عامة, وملك المجر خاصة بوجوب نقض عهدهم مع المسلمين بأي طريقة كانت. وقام الكاردينال النشيط الشرير سيزاريني, بزيارة ملوك أوروبا, ودعاهم لنقض العهد مع المسلمين, واستخدم من أجل ذلك مؤثرات وضغوط دينية, مثل إخبارهم أن المعاهدة باطلة؛ لأنها عقدت بدون إذن البابا وكيل المسيح في الأرض, وقال أيضا ً: إن البابا سوف يبرىء ذمتهم من الآثام والخطايا الناجمة عن نكث العهد, وأيضا ً سوف يعطي صك غفران لكل من يقوم بنقض العهد مع المسلمين وحربهم, وسوف يسدل عليهم بركته, ويطهرهم من الذنوب والأوزار ! وهكذا اتبع سيزاريني أساليب شيطانية من أجل إقناع الأوروبيين بنقض العهد, وأعلن لاديسلاسي الحرب الصليبية الجديدة على المسلمين, ونقض العهد. دائما ً أعداء الإسلام يستغلون الفرصة المناسبة للنيل من المسلمين؛ فعندما شعروا أن الساحة قد خلت من رجل قوي, وأسد مجاهد؛ عندها ينقضون؛ فلا عهود تردعهم, ولا مواثيق تمنعهم, ولا أيمان توقفهم؛ فهم كما قال الحق : { لا أيمان لهم ...(12)}(التوبة) , فعندما يشعرون أن الأمة ضعفت ودب فيها الوهن؛ فعندما تسقط الأقنعة. وتختفي غصون الزيتون, وحمائم السلام, وتظهر ( البي 52 ), و( الإف 16 ) والصقور والذئاب, والمذابح والمشانق, والضحية هم المسلمون. معركة فارنا: وصلت أخبار الحلف الصليبي الجديد المكون من معظم صليبي أوروبا إلى مسامع الأسد الرابض مراد الثاني, وهو في معتكفه, وجاء رجال الدولة يشرحون له خطورة الموقف وحساسيته, خاصة أن ولده محمد الثاني مازال صغيرا ً على مجابهة أمثال تلك الحملات الصليبية الكبيرة؛ فخرج الأسد من عرينه, وأعد الجيوش المسلمة لمواجهة هذا العدوان الصليبي, وقرر العمل من أجل نقل المعركة إلى الأرض الأوروبية؛ فاتفق مع أسطول جنوة لينقل جيشه المكون من أربعين ألف مقاتل من آسيا إلى أوروبا تحت سمع وبصر التحالف الصليبي في مقابل دينار لكل جندي. مرة أخرى يضرب لنا ملك مسلم المثل الرائع في فقه المصالح والمفاسد: فمراد خرج من معتكفه, وترك اعتزال الناس للعبادة, وعاد مرة أخرى للميدان من أجل نصر الإسلام؛ فقد ترك النفع الخاص من أجل النفع العام, وهذا من أفقه أن يوازن بين الخاص والعام, ثم علمنا كيفية الإستفادة من خلافات الأعداء فيما بينهم؛ ذلك لأن جنوة رفضت نقض العهد, وحرم البابا أمراءها من المغفرة؛ فوقع بينهما الخلاف, فعرف مراد الثاني كيف يوظف هذا الخلاف لصالح الإسلام. كان الأعداء قد وصلوا إلى مدينة فارنا – وكانت تحت السيطرة العثمانية – واحتلوها, بعد ان أقاموا مذبحةمروعة للمسلمين بها, وخاف سكان أدرنة – وهي القريبة من فارنا – من هجوم الصليبين عليهم, ولكن وصول الجيوش المسلمة ثبت قلوب المسلمين هناك, وقويت عزائمهم, وانضم كثير من المتطوعين للجهاد في سبيل الله مع جيوش العثمانيين, ووصل المسلمون إلى فارتا, واستعدوا للصدام مع الصليبين وقد وضع السطان مراد الثاني المعاهدة التي نقدها أعداؤه على رأس رمح طويل؛ ليشهد الجميع على الغدر والعدوان؛ فالتهب حماس المسلمين. وفي 28 رجب سنة 848 هـ اندلع القتال الشامل بين الفريقين: الصليبين مدفوعين بالحقد الصليبي, وأماني المغفرة الكاذبة من كبيرهم, والمسلمين بإيمانهم ويقينهم بعدالة قضيتهم, وسلامة قصدهم, والروح الجهادية العالية التي تملأ القلوب والوجدان, وفي وسط الميدان التقى الرجلان المسلم والصليبي, الوفي والغادر ,التقى السلطان مراد مع الملك لاديسلاس؛ حيث طعنه مراد برمحه طعنة قاتلة ألقته من على ظهر جواده؛ فأسرع بعض المجاهدين, وجز رأس لاديسلاس, ورفعها على رمح مهللا ً ومكبرا, وصاح في الاعداء: " أيها الكفار؛ هذا رأس ملككم " وكان لهذا المنظر وقع هائل على نفوس الصليبين؛ انهارت بعدها قوتهم وعزيمتهم, وولوا مدبرين, وركب المسلمون اعناقهم, وأخذوا بأقفيتهم فريقا ً يقتلون, ويأسرون فريقا ً, وقتل محرض الفتنة ومثيرها الكاردينال سيزاريني في المعركة جزاءا ً وفاقا ً لغدره وحقده على المسلمين, وانتهت المعركة بنصر عظيم, وفتح هائل انقمعت به قوى الشر الصليبية سنين طويلة, وخرجت مملكة المجر الصليبية من حلبة الصراع مع المسلمين إلى الأبد, وكان يوما ً عظيما ً أعز الله فيه الإسلام والمسلمين, وأذل الشرك والمشركين, وعلى الغادر تدور الدوائر. المراجع: النجوم الزاهرة تاريخ الدولة العثمانية عوامل نهوض وسقوط الدولة العثمانية التاريخ الإسلامي موسوعة التاريخ الإسلامي محمد الفاتح ( للرشيد ) أطلس تاريخ الإسلام الدولة العثمانية المفترى عليها الدولة العثمانية في العصر الحديث. عن موقع ملتقى الخطباء
|
#232
|
||||
|
||||
معركة وادي لكة وثبة الإسلام إلى أوروبا/فتح الأندلس
معركة وادي لكة وثبة الإسلام إلى أوروبا/فتح الأندلس شريف عبد العزيز أسبانيا قبل الإسلام
تمثل شبه جزيرة "أيبيريا" الطرف الغربي لأوروبا من ناحية الجنوب قليلا، وهي تشمل: كلا من أسبانيا، والبرتغال، وكان سكان هذه البلاد خليط من القبائل الجرمانية والرومانية؛ مثل قبائل السيوف والآلان والوندان، وظلوا هكذا لفترات طويلة حتى تغلبت قبائل القوط الغربية، وأصلها من جنوب فرنسا على هذه القبائل الجرمانية والرومانية، وانفردت بحكم البلاد، وذلك ابتداء من سنة 410م، وكانت قبائل القوط على المذهب الأريوسي في النصرانية، وهو المتعارض تماما مع المذهب الكاثوليكي؛ لذلك دخلت هذه القبائل في صراع طويل مع بابوية روما رأس الكاثوليكية في أوروبا؛ استمر قرابة القرنين، وانتهى بدخول هذه القبائل في المذهب الكاثوليكي، وذلك سنة 587 م؛ وهو التاريخ الحقيقي للديانة النصرانية بأسبانيا؛ أي أن النصرانية لم تكن عميقة الجذور بالبلاد عند دخول المسلمين كما يدعي مؤرخو أوروبا. أما عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية بالبلاد؛ فكانت تشير وتبرهن على قرب سقوط وانهيار، وذلك لأن الحكم كان مقصورا على الأسرة المالكة وكان المجتمع فاسدا يقوم على نظام الطبقات على الطراز الهندي البغيض؛ وانقسم أهل اسبانيا إلى: أ- طبقة النبلاء: وهم سلالة القوط الفاتحين، والتي استولت على أكثر الأرض الخصبة الزراعية، مع إعفائها من الضرائب، وكانت لهم مناصب الجيش والرياسة، وتستأثر هذه الطبقة بغالب خيرات البلاد الوفيرة. ب- طبقة رجال الدين: وهي المسئولة عن السيادة الدينية، والزعامة الروحية، ولكن الفساد كان متغلغلا بها حتى النخاع؛ فقد كانت تمتلك قسطا كبيرا من الأراضي الزراعية المعفاة من الضرائب، وكانت تشارك النبلاء في حكم البلاد، وتبرر الظلم والطغيان من قبل الحاكم على الرعية. ج- الطبقة الوسطى: وتضم التجار وأصحاب الضياع الصغيرة وموظفي الدولة، وهذه الطبقة كان يقع عليها معظم العبء المالي للدولة؛ فمعظم الضرائب مفروضة عليهم، وغالبية احتياجات ورغبات الطبقتين السابقتين تقع عليها. د- طبقة الأقنان -عبيد الأرض-: وهؤلاء كانوا يفلحون الأرض لكبار الملاك، ويدخلون بأنفسهم وعائلاتهم في عداد ثروة المالك، ولم تكن لهم أية حقوق، وكانوا ينتقلون مع ملكية الأرض من سيد لآخر. هـ - طبقة اليهود: وكان لهم دور كبير في الحياة الاقتصادية للبلاد كعادتهم؛ حتى سيطروا على أهم المرافق والصناعات، حتى أحس الحكام بوطأتهم؛ فراحوا يناصبونهم العداء حتى أرغموهم على التنصر. وهكذا نرى أن الطبقات العاملة في المجتمع الأسباني كانت محرومة من الحقوق، وهذا ما جعل الحياة فاسدة، وأدى إلى قيام الثورات إثر الثورات؛ لأن هؤلاء المحرومين ليس عندهم أية اعتبارات وطنية أو قومية، ولا انتماء عندهم مما سهل طريق الفتح أمام المسلمين. مقدمات فتح الأندلس كانت تولي القائد العظيم موسى بن نصير قيادة الفتوحات الإسلامية لبلاد المغرب بمثابة النقطة الفارقة والحاسمة في مسار الفتوحات الإسلامية؛ حيث بدأ موسى بن نصير في التوجه للضفة الأخرى من المحيط حيث بلاد أسبانيا وبلاد القوط؛ ذلك لأن القائد المحنك قد استطاع بسط راية لفتح الإسلامي حتى آخر بلاد المغرب، ووصل لضفاف المحيط الأطلنطي ولم يبق هناك بلد لم يفتحه المسلمون إلا منطقة "سبته" الحصينة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وكانت سبتة محكومة من قبل القوط في أسبانيا وعليها وال من عندهم إسمه "يوليان". وقيل جوليان كما قلنا من قبل كانت أسبانيا أرض قلاقل واضطرابات وثورات إثر ثورات؛ فوافق الفتح الإسلامي لبلاد المغرب أيام موسى بن نصير ثورة كبيرة بأسبانيا قام بها أحد رجال الملك "وامبا" القوطي، واسمه "رودريجو"، فاستولى على الملك، وطرد وامبا عن الحكم؛ فثار أنصار "وامبا" ضد "رودريجو" وبدأت حرب أهلية طاحنة بأسبانيا. كان يوليان والي سبتة من مؤيدي الملك المخلوع وامبا؛ وكان من أشد الناس عداوة لرودريجو لقيام رودريجو باغتصاب ابنة يوليان التي كانت تعمل في بلاط الملك المخلوع وامبا لذلك التجأ وامبا إليه، وأقام عنده بسبتة فترة من الزمن، كان رودريجو خلالها قد أحكم قبضته على مقاليد الأمور بأسبانيا، ولكن بالحديد والنار وقد كان رجلا طاغية سفاكا للدماء، أدت غطرسته لاضطراب الأوضاع داخل إسبانيا بشدة حتى غدت على حافة الانفجار، وهذا الأمر دفع وامبا لأن يفكر في الاستعانة بالقوة الجديدة الناشئة بالمغرب: وهي قوة المسلمين، وبالفعل فوض وامبا واليه يوليان في التفاوض والاتصال بالمسلمين لهذا الغرض، وبالفعل اتصل جوليان بطارق بن زياد والي مدينة طنجة وعرض عليه تسليم سبتة مع إشارة بفكرة فتح الاندلس. ولخطورة هذا القرار رفع طارق بن زياد الأمر لقائده موسى بن نصير الذي رفعه بدوره لأمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك لاتخاذ قرار حاسم؛ فأرسل إليه الوليد بن عبد الملك يقول: "اختبرها بالسرايا، ولا تغرر بالمسلمين"، أي لا يهجم بالجيوش الكبيرة، بل يختبر قوتها وصمودها بالسرايا الصغيرة أولا. دورية استطلاعية بعد وصول الأمر الصادر من الخليفة بدأ موسى بن نصير يحضر لغزو الأندلس؛ فأرسل أول دورية استطلاعية يقودها بطل من أبطال البربر المسلمين واسمه طريف بن مالك، ويكنى بأبي زرعة ومعه مائة فارس وأربعمائة رجل؛ فجاز البحر في أربعة مراكب مبحرا من مدينة طنجة حتى نزل على أرض الأندلس في منطقة عرفت بعد ذلك بجزيرة طريف، وما زال هذا الاسم حتى وقتنا الحاضر، وكانت هذه السرية أول أقدام مسلمة تطأ أرض الأندلس، وقد استطاعت هذه السرية أن تحقق انتصارا سريعا، ثم عادت سالمة دون أن تخسر رجلا واحداً مما أظهر سهولة الفتح. في شهر رجب سنة 92هـ قرر موسى بن نصير التحضير لحرب شاملة وغزو كبير للأندلس بعدما استبان ضعفها وتشتت أهلها، فجهز جيشا كبيرا من العرب والبربر يقدر بسبعة ألاف مقاتل يقودهم طارق بن زياد؛ فعبر البحر من مدينة سبتة هذه المرة، وفي سفن يوليان الذي اتفق معه على حرب رودريجو نظير أملاك وإقطاعات كبيرة بالأندلس، وبالفعل وصل المسلمون إلى الشاطئ المقابل لسبتة على أرض الأندلس في المنطقة الصخرية التي عرفت من يومها لوقتنا بجبل طارق. المعارك الطاحنة من جبل طارق انطلقت جيوش الفتح الإسلامي لفتح بلاد الأندلس، وتوالت الانتصارات؛ ففتح المسلمون مدينة قرطاجنة؛ وهي في ناحية الشرق، ومنها انطلق إلى ناحية الغرب يستولي طارق بن زياد على الحصون والقرى المجاورة لقرطاجنة، وأقام قاعدة حربية في موضع يقابل الجزيرة الخضراء. أفاق "رودريجو" من غفلته، ومن حربه ضد خصومه، وقرر توحيد الصفوف من أجل التصدي لغزو المسلمين لبلاده، واصطلح مع أشد منافسيه "إيفا وسيزبوت" واستطاع أن يحشد جيشا كبيرا يقدر بمائة ألف مقاتل يتقدمهم الأساقفة والرهبانٌ توجه به سريعا نجو الجزيرة الخضراء؛ فكتب طارق بن زياد إلى القائد موسى بن نصير يطلب منه الإمدادات؛ فأرسل له موسى مدد يقدر بخمسة آلاف مقاتل؛ يقودهم طريف بن مالك؛ فأصبح الجيش الإسلامي اثنا عشر ألفا ويقود الجميع طارق بن زياد. وفي يوم الأحد 28 رمضان سنة 92 هـ التقى الجيشان على ضفاف نهر وادي "لكة" واسم النهر بالإسباني "جوادليتي"، وقيل عند ضفاف نهر آخر اسمه نهر "بارباتي" ومنه جاءت التسمية العربية برباط قرب مدينة "شذونة" في ناحية الجنوب الغربي للأندلس، واستمرت المعركة الطاحنة بين الفريقين قرابة ثمانية أيام، وانتهت بهزيمة ساحقة لـ "القوط الغربيين"، وفروا من أرض المعركة. استمر زحف طارق بن زياد والمسلمين، وفتحت المدن الواحدة تلو الأخرى، حتى وصل إلى مدينة "طليطلة": وهي عاصمة "القوط" الأسبان، وهناك التقى طارق بن زياد مع الملك المخلوع وامبا، وأعطاه ما أن اتفقا عليه، وكانت أوامر القائد موسى بن نصير لطارق بن زياد ألا يتجاوز الحد في التوغل في بلاد الأندلس؛ خوفا على جند الإسلام، ولكن يبدو أن سهولة الفتح أغرت طارق بن زياد وأطمعته في مواصلة الفتح، حتى وقع في حصار كبير من قبل "القوط"، وقد قل عدد جنده بسبب ما كان يتركه من حاميات في كل بلد يفتحها؛ فبعث برسالة استغاث فيها بالقائد موسى بن نصير يقول فيها: "إن الأمم تداعت علينا من كل ناحية؛ فالغوث الغوث". بعد هذه الرسالة قرر القائد موسى بن نصير أن يعبر بنفسه لنصرة المسلمين بالأندلس؛ فاندفع بجيش كبير يقدر بثمانية عشر ألفا من عرب الشام واليمن إلى أرض الأندلس من ناحية الجنوب والغرب، وكان يفتح كل المدن الكبيرة التي تقع في طريقة لنجدة المسلمين المحاصرين، وهو بذلك يهدف لعدة أمور منها: فتح كل باقي أجزاء الأندلس، وتخفيف الضغط على المسلمين المحاصرين، وتحطيم معنويات "القوط" المدافعين عن البلاد، وانشغالهم بقتاله عن حصار المسلمين، فلما تم ما أراده موسى توجه إلى مكان المسلمين، وفك الحصار عنهم، واجتمعت القوتان الإسلاميتان وأكملا فتح بلاد الأندلس، وبعث موسى بكتاب الفتح لأمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك فلما قرأه خر ساجداٌ لله عز وجل. تعتبر بلاد الأندلس أسهل بلاد فتحها المسلمون، والسبب الحقيقي وراء ذلك -كما شهد أعداء الإسلام-: العدل والفضل والرحمة؛ يقول "توماس أرنولد" في كتابه "الدعوة إلى الإسلام": "الحق أن سياسة التسامح الديني التي أظهرها هؤلاء الفاتحون تجاه المسيحية كان لها أكبر الأثر في تسهيل استيلائهم على هذه البلاد"، ويقول "وول دويرانت" في قصة الحضارة: "لم تشهد بلاد الأندلس في تاريخها كله أكثر حزما وعدالة وحرية مما شهدته أيام فاتحيها العرب". هل أحرق طارق بن زياد السفن؟ من الأمور التاريخية الشائقة في أحداث معركة وادي "لكة"، ما تناقلته الأخبار عن قيام القائد طارق بن زياد بإحراق سفن الحملة حتى يستبسل المسلمون في القتال، ويحتجون على ذلك بخطبة طارق بن زياد الشهيرة في الجند قبل القتال عندما قال لهم: "أين المفر العدو أمامكم والبحر من وراءكم"؟. والتحقيق التاريخي لهذه الواقعة يكشف عن عدم صحتها أو أسطوريتها وذلك لعدة أسباب: 1- أن السفن في واقع الأمر لم تكن ملك المسلمين بل كانت ملك حاكم مدينة سبتة الإسباني ( يوليان ) فكيف يحرق طارق ما ليس ملكه ولا ملك المسلمين؟ 2- أن المصادر التاريخية كلها أجمعت على ذكر أحداث الفتح دون ذكر حادثة إحراق السفن، ولم يذكرها سوى "الإدريسي" في كتابه "نزهة المشتاق" وهو كتاب جغرافيا كُتب بعد فتح الأندلس بثلاثة قرون؛ فكيف يقدم على المصادر الأندلسية المتخصصة والمعاصرة للفتح؟ والمراجع الأوروبية التي تذكر الحادثة إنما نقلتها في الأساس من كتاب الإدريسي الذي عاش في صقلية معظم حياته، بل كتب هذا الكتاب لملك صقلية "روجر الثاني". 3- إن تحفيز المسلمين في القتال وتشجيعهم لا يكون بتلك الصورة الغريبة؛ فمن الممكن أن يأمر السفن بالعودة أو حتى خرقها بخرق معينة يتبقي معها عاجزة عن الحركة حتى إصلاحها، وهناك العديد من الحلول غير إتلاف المال بغير وجه حق. أهم الدروس والعبر 1- الإسلام دين الحرية والعدل والمساواة، الجميع أمام الله والأمة سواسية، والنظام الطبقي في الأندلس أيام حكم الأسبان كان من أهم أسباب فسادها وضعفها وسهولة فتح المسلمين لها. 2- جواز التعاون مع غير المسلمين من أجل نفع الإسلام والمسلمين، وذلك من غير أي خروج عن الثوابت الشرعية، مثال تعاون موسى بن نصير مع يوليان الأسباني لفتح الأندلس. 3- الطاعة والانضباط والنظام عناوين وأسرار نجاح المسلمين في فتح أجزاء كبيرة من العالم القديم في وقت وجيز، فقد استأذن موسى بن نصير الخليفة الوليد بن عبد الملك فبل فتح الأندلس. 4- حنكة الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك عندما أصدر أوامره بعدم التسرع في غزو الأندلس بجيوش كبيرة قبل معرفة أحوالها ومصادر قوتها وضعفها بالسرايا والدوريات الاستطلاعية. 5- معادن المسلمين لا تظهر إلا وقت الشدائد والمحن، فقد انتصروا وهم 12 ألفا علي الأسبان وهم أكثر من مائة ألف. 6- الاستعجال والاغترار ببعض المكاسب السريعة قد تورط الأمة في نكبات كبيرة؛ مثلما حدث مع طارق بن زياد عندما خالف أوامر موسى بن نصير وتوغل في الأندلس دون إذنه فكاد أن يهلك وجنوده. عن موقع ملتقى الخطباء المراجع والمصادر 1. تاريخ الرسل والملوك. 2. البداية والنهاية. 3. المعجب. 4. المنتظم. 5. دولة الإسلام في الأندلس. 6. التاريخ الإسلامي. 7. نفخ الطيب. 8. موسوعة التاريخ الإسلامي. 9. الكامل في التاريخ. 10.البيان المغرب. 11. محاضرات في تاريخ الأمم. 12. أطلس تاريخ الإسلام. 13. تاريخ الخلفاء.
|
#233
|
|||
|
|||
بارك الله فيك مشكوووور واصل
|
#234
|
||||
|
||||
معركة موهاج يوم من ايام الله / د. عبد الحميد الدخاخني
معركة موهاج يوم من ايام الله الدكتور عبد الحميد الدخاخني (موهاج) التي لم ينسها الغرب في ظلال العثمانية ... درع الإسلام المفقود. إذا ذُكرت الدولة العثمانية (دولة الخلافة الأخيرة) عند كثير من المثقفين وأنصاف المثقفين بادروك بالقول بأن الدولة العثمانية هي سبب المصائب والتخلف الذي نحن فيه غارقون، كما أنها السبب الأول في تدهور قوتنا وابتعادنا عن روح العصر وتحدياته، ولم يعطوا لأنفسهم فرصة للتثبت مما دسه وروجه أساطين ودهاقنة الشر وأعداء وحدة الأمة وتقارب المسلمين.
وللحق فإن تاريخ العثمانيين ليس هو تاريخ الملائكة المنزلين ولا تاريخ الخلفاء الراشدين المهديين، ولكنه تاريخ إسلامي مشرف ينبغي لكل أجيالنا أن تعرفه وتتمثله؛ فتاريخنا الحالي مرهون بالماضي؛ فلننطلق ليوم من أيام الله؛ حيث كانت الدولة العثمانية درع الإسلام وسيفه الذي سلَّه الله للفتح وردع المعتدين؛ حيث كان الإسلام حياً في النفوس، وعلى أساس الإسلام تبنى الدولة في كل شؤونها؛ فلننطلق لعصر السلطان (سليمان القانوني) الذي لا يعرف شبابنا عنه معشار ما يعرفونه عن نابليون وأمثاله. تولى السلطان (سليمان) عرش الخلافة العثمانية في عام 1520م، بعد أن ورث أباه السلطان (سليم الأول) فاتح مصر والشام، والذي كان يسعى لإنشاء دولة إسلامية واحدة تمتد من أواسط آسيا إلى غرب أوروبا، ولكنه لم يتمكن من تحقيق ما أراد. وفي السنة الأولى من حكم السلطان سليمان 1521م فتح جزيرة رودس التي كانت شجا في حلوق المسلمين، وكان بها أشد الصليبيين حنقاً على الإسلام وإيذاءً لأهله في البر والبحر. كانت رودس تحت حكم (فرسان القديس يوحنا) الذين عُرفوا في كتب التاريخ الإسلامي باسم فرسان المعبد (الداوية)، وكان الهجوم العثماني كما هي العادة قوياً وخاطفاً؛ حتى إن الغرب لم يشعر إلا وقد فتح المسلمون رودس، وكانت بحق قلعة الصليبيين في شرق البحر المتوسط تهدد شواطئ الإسلام وسفنه التجارية [ظلت طرابلس ليبيا تحت حكم الفرسان الصليبيين هؤلاء مدة سبعين سنة حتى طردهم منها العثمانيون]. وفي السنة الثانية 1522م قام السلطان الخليفة (سليمان القانوني) بفتح بلغراد أحد أهم مدن المجر آنذاك وهي من قلاع أوروبا الوسطى القوية، وتشتهر بحصانتها ومتانة أسوارها، وقد صدت أسوارها المنيعة الهجوم العثماني المتعدد عليها منذ عهد السلطان (محمد الفاتح)، ولكن الله قد ادخر هذا الفضل للسلطان سليمان القانوني الذي كانت أوروبا كلها تطلق عليه اسم سليمان المُعظَّم أو الفخم (Suliman the magnificent)، ولا ينبغي أن ننسى دلالة هذا الاسم في وقت كان الغرب كله يدور حول الكنيسة ووصفها للمسلمين بالكفرة الذين يعبدون محمداً -صلى الله عليه وسلم - ، ويملأ الغيظ والحقد قلوبهم عند ذكر اسم مسلم. في السنة السادسة من حكم السلطان سليمان 1526م، كان الغرب الأوروبي يتشكل ككتلة عجيبة، كان أقوى ملك في أوروبا هو شارل الخامس (شارل كوان) وهو حفيد فرديناند وإيزابيلا اللذين قاما بطرد المسلمين من الأندلس، وقالت أم الملك المسلم الغرناطي الأخير أبي عبد الله الصغير الذي بكى حين رحلت به السفينة عن بلاده؛ قالت له أمه: أجل! ابكِ مثل النساء مُلكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال. ولكن الله لا يتخلى عن هذه الأمة، ولن يجعلها عاقراً من رجال صادقين؛ فلننظر بعدها بقليل ماذا حدث. كان الملك الأسباني شارل الخامس يحكم كل أسبانيا وبعض البلدان في الأراضي الواطئة (من هولندا وبلجيكا وجوارهما) ونصف إيطاليا الحالية، ويحكم أخوه باسمه كل النمسا وألمانيا، وكانت أخواته متزوجات من ملوك: فرنسا، المجر، بولندا، وليتوانيا (وكانت دولة قوية متسعة) والسويد، وهكذا تهيأت أوروبا لتكون مسرحاً قوياً لحرب الإسلام وشوكة تهديد واستعمار لكل الشمال الإفريقي وأغلب بلاد العالم المعروف آنذاك؛ حيث كانت حركة الكشوف الجغرافية الصليبية التي أرادت خنق الإسلام في بلاده قد آتت ثمارها البغيضة القاسية، ولكن هكذا دبَّر الله قوانين الكون على أن يكون لكل مجتهد نصيب؛ فليجتهد المسلمون حتى لا يكونوا هم المفعول به دائماً، والله قد أراد المسلم فعّالاً إيجابياً لا كمّاً مهمَلاً. رأى السلطان سليمان وإدارته أن أخطر حلقة في هذا العقد الجهنمي الذي يتكون في أوروبا هي دولة المجر التي تجاور الدولة العثمانية وتصل حتى حدود البوسنة حالياً؛ حيث كان ملك المجـر (لايـوش الثاني) بلا وريث؛ فإذا مات أو قُتل فسرعان ما تؤول مملكة المجر الضخمة لهذا الحلف الأوروبي المتناسق. وكان القرار أنه لا بد من فتح المجر وضمها أو أغلبها للخلافة العثمانية أو تولية من يحفظها من الانضمام للغرب الأوروبي ويتبع الدولة العثمانية حتى لا تكون مصيبة على المسلمين. في ذلك الوقت كانت الحملات العثمانية لا تستطيع أن تخوض المعارك في أوروبا إلا في أشهُر الصيف وخاصة يونيو ويوليو وأغسطس، ولكن السلطان سليمان خرج بجيشه البالغ تعداده مائة ألف جندي في شهر إبريل من عاصمة ملكه (إستانبول) وخرج معه مئات من السفن العثمانية النهرية الرفيعة تسير في الدانوب وتوصل المؤن للجيش المجاهد، وكان من تجهيزات الجيش العثماني المجاهد ثلاثمائة مدفع؛ ففي ذلك الوقت كان المسلمون هم من يمتلكون أحدث الأسلحة، نعم! كنا نحن الذين نمتلك التقنية المتفوقة والتكتيكات الحربية الرائدة، وبينما لم يكن الأوروبيون الصليبيون يستعملون المدافع في الحروب كانت الدولة العثمانية تستعمل هذا السلاح بحذق ومهارة شديدين كما سنرى. وصل السلطان إلى نهر الدانوب (الطونة بالعثمانية) وكان أحد مشكلات الحملات العثمانية في أوروبا لسعته وتياراته وصعوبة عبوره. أمرالسلطان ببناء جسر حجري لعبور الجيش، فتم بناؤه في أربعة عشر يوماً، فعبر الجيش المجاهد عليه في أربعة أيام، ولما تم العبور بسلام، أصدر السلطان أمراً عجيباً؛ إذ أمر بهدم الجسر بنار المدفعية. أتعرف ما معنى هذا؟ إنه يعلن لكل الجنود أننا لن نعــود منهــزمين ومتعجلـين: إما النصر، فلا مشكلة في إعادة بنائه، وإما الشهادة فما عند الله خيرٌ وأبقى! بعد عبور النهر صعد السلطان إلى بلغراد التي كان قد فتحها منذ أعوام قليلة، واستقبل تهنئات وتبريكات عيد الفطر في بلغراد، ثم واصل صعوده في أوروبا الوسطى حتى سهل (موهاج) المجري، ويقع جنوب شرق العاصمة بوادبست بحوالي مائة وثمانين كيلو متراً، وكان الجيش المجري من أفضل جيوش أوروبا الصليبية في ذلك الوقت، وتعداده مائتا ألف فارس ومقاتل، منهم أربعون ألفاً من أفضل القوات الألمانية المختارة، وفوق كل ذلك كان هناك الحماس الغربي الصليبي المتقد. كثير من المسلمين اليوم يظن أن الحملات الصليبية هي الحملات التسع المشهورة على البلاد العربية فقط، ولا يعلمون أن الدولة العثمانية صدت منذ القرن الرابع عشر الميلادي ما يزيد على خمس وعشرين حملة صليبية دموية. رحم الله العثمانيين؛ فقد كانوا درعاً للإسلام! كان الجيش المجري يدافع عن دولة عريقة وسلالة حاكمة قديمة؛ فالعرش المجري كان عمره ثمانياً وثلاثين وستمائة سنة كاملة؛ فهي إمبراطورية راسخة، وكان الفرسان المجريون مشهورين بشجاعتهم وبسالتهم وشدة بأسهم. تدارس القادة العثمانيون الأكفاء مع السلطان الخطة التي ينبغي عليهم سلوكها، وقد أخبرت فرق الاستطلاع أن السهل محاط بمستنقعات واسعة من بقايا أمطار الصيف؛ ففي أوروبا الوسطى تمطر السماء صيفاً أيضاً. أراد العثمانيون أن يستفيدوا من هذه المستنقعات، فرسموا خطتهم بحيث يستدرجون الفرسان المجريين إلى مدى المدافع مع الحفاظ على كتل الجيش المجري بدون انتشار حتى تستطيع المدافع إصابتهم بأعنف الضربات وأكثرها مفاجأة. وكانت الخطة أن ينقسم الجيش العثماني كالعادة إلى ميمنة وميسرة وقلب؛ ففي القلب يقف السلطان مع أفضل الجنود وأشجعهم وهم الإنكشارية (الجند الجديد) والذين كانوا رعب أوروبا لما يقرب من ثلاثة قرون، ويكون وقوف السلطان براياته وعلاماته أمام المدافع حتى إذا اندفعت القوات المجرية إلى ساحة الوغى وتوجهوا لقلب الجيش الإسلامي واقتربوا، عندئذ تتراجع صفوف الإنكشارية والسلطان إلى ما خلف المدافع، ثم تطلق المدافع بأقصى طاقتها، حتى إذا تشتتت الصفوف المجرية اندفع جناح الجيش الإسلامي ودفع ما تبقى من القوات المجرية إلى المستنقعات. كانت التوقيتات في التواريخ العثمانية بأوقات الصلاة. دخل السلطان عند صلاة الصبح كذا، وبعد صلاة العصر فعل كذا وكذا. لبس السلطان درعه في صلاة الصبح، ثم دخل إلى صفوف الصاعقة وهي القوات المسلمة القادمة من إمارات القرم والبحر الأسود الذي ظل بحيرة إسلامية حتى نهايات القرن الثامن عشر الميلادي ـ وكانت هذه القوات ـ الخيالة ـ تقوم بمرافقة الحملات العثمانية النظامية في أوروبا وروسيا، فيقومون بالغزو والجهاد متساندين يدعم بعضهم بعضاً [هذا في أيام التخلف والرجعية (زعموا)... إلخ] ـ وكان الدور الأساسي لفيالق الصاعقة هو حماية طرق اقتراب وسير الجيش العثماني وكذلك الاستطلاع وجلب الغنائم والأسرى وضرب عمق العدو. كان السلطان الخليفة على رأس جيشه المجاهد في الميدان، كذلك كان الملك المجري على رأس جيشه الصليبي في الميدان ذاته ساعات.. ويتقرر مصير الأمتين والملكين.. هل سواء من كان في سبيل الله ومن كان في سبيل الطاغوت؟ بات المسلمون يقرؤون القرآن ويذكرون الله ويهللون ويكبرون (كانت أناشيد الجيش مليئة بالدعاء والتكبير حقيقة) ويذكِّرهم الدعاة والعلماء بفضل الجهاد وما أعد الله للشهداء.. وبات المجريون يدقون النواقيس ويحرضهم القساوسة والرهبان للدفاع عن الصليب وأوروبا ضد المسلمين الفاتحين. دخل السلطان في فيالق الصاعقة بعد صلاة الصبح وذكَّرهم بالله وأن جهادهم هذا موقعة فاصلة في تاريخ الإسلام، وقال لهم: كأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ينظر إليكم الآن... بكى الجنود وبكى معهم سلطانهم... رحم الله السلاطين والجيوش الذين يبكون من خوف الله! ثم دخل السلطان في صفوف السباهية (وهم الفرسان النظاميون العثمانيون) ففعل هكذا... فبكوا أيضاً تأثراً. وكأن الله رضي عنهم وقَبِل تضرعهم وبكاءهم؛ فلننظر ما حدث بعدها: انتظمت صفوف المسلمين، وقاموا بتنفيذ الخطة كما هي بحذافيرها، وأمر السلطان بعدم البدء بالحرب. عند العصر لم يطق الفرسان المجريون صبراً، فاندفعت فرق الفرسان في هجومها المخيف لاجتياح المسلمين. ولما اقتربت فرق الفرسان المجرية تراجع المسلمون بمقتضى الخطة المتفق عليها خلف المدافع، وانطلقت المدافع تهدر وتقصف هذه الفرق المهاجمة، وانطلقت ثانية، وثالثة. تمزقت فرق الفرسان المجرية التي دوخت أوروبا كلها بفروسيتها وشجاعتها أمام المدافع العثمانية، ولكن الحرب لم تنته. أعطى السلطان الأمر بهجوم الميمنة والميسرة والقلب على فلول الجيش المجري حتى لا تهرب البقية؛ كان قائد الميمنة والميسرة هما ابني عمة السلطان نفسه. بعد أقل من ساعتين كانت معركة موهاج قد انتهت وحُسمت. كان عدد الأسرى المجريين خمسة وعشرين ألفاً، بينما كان خمسة وسبعون ومائة ألف ـ وهم بقية الجيش المجري ـ يخوضون المستنقعات، وبلغ من شدة قوة الضربة العثمانية أن الملك المجري نفسه (لايوش/ لويس الثاني) لم يتم إنقاذه من الغرق. كانت النتيجة النهائية مرعبة لكل أوروبا؛ فالجيش العثماني قد أنهى الجيش المجري وهو من أفضل الجيوش الأوروبيةأنهى معركة مائتي ألف فارس ومقاتل في ساعتين فقط بخسائر لا تذكر: جرحى العثمانيين ألفا جريح، ومائة وخمسون شهيداً (نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله) نعم! ليس هناك خطأ في العبارة: مائة وخمسون فقط. صلى السلطان المغرب في أرض المعركة وصلى معه الجيش، وبعد الصلاة تقدم القادة الكبار وهم تسعة عشر قائداً وقبلوا يد السلطان (في ذلك الوقت العظيم لم تكن هناك رسوم من المبالغات والضلالات التي حدثت بعد ذلك مثل تقبيل حاشية الثوب أو تقبيل الأقدام وتقبيل الأرض وغير هذا من الترهات التي حدثت في أزمنة متأخرة؛ وكأن هذه الخزعبلات والتعظيمات الباطلة تنادي بخراب الدول، أو أن هذه الضلالات لا تحدث إلا مع قلة العمل والإعداد والقيام بأمر الله). فتح السلطان سليمان بعد المعركة مباشرة عاصمة المجر (بودا) وضم إليها (بست) وكان بينهما نهر، واستقبل السلطان تهنئات وتبريكات عيد الأضحى في عاصمة المجر، وهكذا كان العيد عيدين، وبدأ الحكم الإسلامي لمدينة (بودابست) لمائة وستين عاماً من 1526م حتى 1686م. ظل السلطان سليمان القانوني ـ رحمه الله ـ بعد هذه الموقعة يبعث الرسل بالرسائل المهينة للأرشيدوق حاكم النمسا وألمانيا طالباً منه أن يخبره فقط أين هو حتى يأتي إليه سليمان وجنوده، بل وحاصر فيينا عاصمة النمسا في 1529م حتى يجبره على القتال، ولكن الأرشيدوق الشجاع أبى إلا أن يهرب ويترك عاصمته، وهل بعد سليمان وموهاج روح؟ هذه المعركة يقول عنها المؤرخون العسكريون إنها مثال لحروب الإبادة الكلاسيكية في مطلع العصور الحديثة، ولا تزال تدرس في الكليات العسكرية الغربية. هل تعرف أخي المسلم! ما يقول أبو المؤرخين البريطانيين في هذا القرن (أرنولد توينبي) عن هذه المعركة الفاصلة؟ إنه يقول عنها: إن الضربة الديناميكية التي وجهها السلطان سليمان القانوني في موهاكس (موهاج) قد أجبرت ما تبقى من مملكة المجر على الالتحام مع ما تبقى من مملكة النمسا طيلة أربعة قرون حتى انهارت الدولة العثمانية» ا. هـ [مختصر دراسة التاريخ/ توينبي ـ سومرفيلد]. هل نُدرِّس هذا التاريخ المجيد لأطفالنا وشبابنا، أم نملأ عقولهم ونفوسهم بخزعبلات مكذوبة عن الباشا التركي الهزلي الذي يتجبر على المستضعفين والمساكين من العرب؟ صورة كاذبة حقيرة لم ترسم إلا في خيال مريض أو من قِبَل الجيش الخفي الذي يدأب آناء الليل والنهار لحفر الأخاديد بين الشعوب المسلمة وتعميق الكراهية بين أمة الإسلام وخاصة الشباب؛ حتى لا يحلم أحد بجمع الأمة مرة أخرى؛ فقد كان أثر اجتماع الأمة ما حدث في (موهاج) التي لن ينساها الغرب أبداً. إن كان أعداؤنا قد نجحوا في تثبيت باطلهم؛ أفليس لنا من فتية صادقين ينافحون عن تاريخنا المجني عليه؟! اللهم أنر قلوبنا وعقولنا، واجعل ولاءنا لله ولرسوله وللمؤمنين. آمين. عن موقع قصة الإسلام
|
#235
|
||||
|
||||
يعطيك العافية
على الموضوع المهم والرائع
|
#236
|
||||
|
||||
معركة نيكوبلس.. التحالف المقدس/شريف عبد العزيز
معركة نيكوبلس.. التحالف المقدس شريف عبد العزيز السلطان الصاعقة:
هو السلطان بايزيد بن السلطان مراد الأول، وقد تولى سلطنة الدولة العثمانية وهو في الثلاثين من عمره، وكان شديد الحماسة للجهاد في سبيل الله -عز وجل-، سريع الحركة، يحارب في عدة جبهات بهمة عالية وثابتة، ومن سرعة تنقله وانقضاضه في القتال لقب بالصاعقة، وكان العثمانيون منذ قيام دولتهم يعملون على تحقيق هدف أسمى، ألا وهو فتح القسطنطينية؛ لذلك فلقد كان الجهاد في سبيل الله هو الركيزة التي قامت عليها الدولة العثمانية، فهي دولة جهادية في المقام الأول، والهدف القسطنطينية، وكانت تحركات سلاطين العثمانيين في ضوء هذا الهدف. ونظراً لهذه السياسة الجهادية فلقد عمل السلطان بايزيد الصاعقة على التفاهم مع الصرب رغم كونهم ألد أعداء الإسلام، ورغم قتلهم لأبيه مراد الأول في معركة سهل كوسوفا، إلا أنه رأى في ذلك مصلحة للمسلمين، حتى يكون الصرب حاجزاً بين العثمانيين وبين مملكة المجر التي كانت تعد وقتها أقوى الممالك الصليبية، ورأس الحربة في الصراع بين الشرق والغرب، أو الإسلام والصليبية، وعين السلطان بايزيد الصاعقة الأمير اصطفان بن لازار ملكاً على الصرب حتى يضمن ولاء الصرب، واشترط عليه أن يدفع له جزيه سنوية، مع تقديم عدد من المقاتلين في حالة الحرب للقتال مع العثمانيين، ولو ضد إخوانهم نصارى أوروبا. (فقه المصلحة من أهم ما يلزم قادة المسلمين على مر العصور حتى لا يقدموا على خطوة في غير صالح الأمة، ولا يتأخروا عن خطوة فيها نفع عظيم: مؤجل، أو معجل). الجبهة الداخلية: كانت الجبهة الداخلية أو الأناضول هي أول خطوات السياسة الجهادية ليزيد الصاعقة؛ إذ لابد من توحيد الصف قبل الشروع في أي عمل عظيم مثل الجهاد في سبيل الله، وكانت منطقة الأناضول منقسمة إلى عدة إمارات ودويلات صغيرة لا تستطيع الواحدة بمفردها تحقيق أي شيء، ومن هذه الإمارات إمارة منشا، وأيدين، وصاروخان، واسفنديار، والقرمان، وقد استطاع بايزيد أن يقنع بعض الإمارات بأهمية الاتحاد في وجه أعداء الإسلام، فانضموا للدولة العثمانية طوعاً، أما الباقي فقد رفضوا فكرة الاتحاد، بل أكثر من ذلك فلقد بدأ أمير القرمان الحرب ضد العثمانيين، ولكنه هزم، وفر هو وباقي الأمراء إلى مملكة تيمورلنك، وسيكون ذلك سبباً لمعركة سهل أنقرة بعد ذلك بعشر سنوات، والتي ستكون الانهيار الأول للدولة العثمانية. التحالف الصليبي المقدس: بعد أن وحد بايزيد الصاعقة الصف الداخلي استدار إلى الهدف الأسمى: القسطنطينية؛ فاتجه إلى أوروبا، وقام بمحاصرة القسطنطينية سنة 794هـ، وضيّق عليها بشدة، ولكن كان في رأسه هدف آخر يرمي إليه، حيث انقض فجأة وكما هي عادته على بلغاريا، ووجّه لها ضربة خاطفة، واستولى عليها بعد حرب سريعة، وقتل ملك بلغاريا سيسمان، وأصبحت بلغاريا من يومها ولاية عثمانية، وأعلن ابن سيسمان إسلامه، وانتقل للخدمة مع بايزيد الذي جعله والياً على صامسون. كان فتح بلغاريا بمثابة الشرارة التي أطلقت مخاوف صليبي أوروبا، وأثارت أحقادهم، وأخرجت مكنونات صدورهم، وكان أشدهم تخوفاً وتوجساً هو سيجسموند ملك المجر الذي شعر بالخطر العثماني يقترب من حدود مملكته؛ فهرع إلى البابا بونيفاس التاسع، وركع على ركبتيه أمامه وقبّل يديه، وبللهما بدموعه، وطلب منه العودة لتكتل أوروبي صليبي ضد الدولة العثمانية في تحالف صليبي شامل يهدف لإزالة الوجود الإسلامي بالكلية من أوروبا. لم يكن بابا روما بونيفاس التاسع بحاجة لتوسلات ملك المجر سيجسموند؛ لأنه هو الآخر كان قلقاً للغاية من تصاعد نجم العثمانيين، وميولهم التوسعية في أوروبا وتركيزهم على هدف استراتيجي وهو فتح القسطنطينية، لذلك لم يتوانَ بونيفاس التاسع في إطلاق صيحته الصليبية الداعية لقتال الكفار -يقصد المسلمين-، والتي أدت لتقاطر كل صليبي أوروبا من جميع أرجائها، ومن مختلف الجنسيات: (ألمانيا، وفرنسا، وإنجلترا، واسكتلندا، وسويسرا، ولوكسمبرج، والإمارات الإيطالية)، إضافة إلى فرسان المعبد الذين خرجوا من الشام بعد انتهاء الصليبية عليها، وتمركزوا في جزيرة قبرص، فكان هذا التحالف هو الأكبر من نوعه ضد العثمانيين منذ قيامهم. (هذا التحالف هو عين ما ينهى أعداء الإسلام المسلمين عنه، ويخوفون منه، ويعملون جاهدين على ألا تجتمع للمسلمين راية واحدة تضم تحت لوائها كل من ينطق بالشهادتين على اختلاف ألوانهم وألسنتهم؛ فهم يطبقون الولاء والبراء، ويمنعوننا عنه ويتحالفون ويتحدون في حين أن المسلمين يتفرقون ويختلفون، فلا عجب أن تذهب ريحهم، ويفشل رأيهم، ويتذيلوا الركب). معركة نيكوبلس: تحرّكت الحملة الصليبية الجرارة يقودها ملك المجر سيجسموند، وكان تعدادها مائة وعشرين ألف مقاتل، ما أدخل الغرور والتيه إلى قلب سيجسموند؛ فوقف مزهواً يقول: "لو انقضت السماء من عليائها؛ لأمسكناها بحرابنا"، وهذا الغرور أدى بقادة الجيش الصليبي للاختلاف مع سيجسموند؛ حيث كانوا يرون رأياً مخالفاً له، حيث كان يرى انتظار العثمانيين حتى يبدأوا الهجوم، في حين يرى باقي قادة التحالف ضرورة المبادرة بالهجوم، وغلب رأيهم رأي سيجسموند، وقرروا الهجوم، وانحدروا مع نهر الدانوب حتى وصلوا إلى مدينة نيكوبلس شمال بلغاريا في منطقة البلقان، وكانت بالمدينة حامية عثمانية، فقام الصليبيون بحصار المدينة، واشتبكوا مع حاميتها، وانتصروا عليها لفارق الإمكانيات الكبير. لم تكن هذه التحركات والتحالفات من الجانب الصليبي لتخفى على قائد مثل بايزيد الصاعقة، الذي حشد مائة ألف مقاتل، وأظهر أن وجهته بعض الإمارات الشمالية بالأناضول، والتي كانت خارج سيطرة الدولة العثمانية، ثم انحرف بسرعة كبيرة إلى جهة الشمال الغربي حيث بلغاريا والتحديد مدينة نيكوبلس، وكعادته انقض كالصاعقة المحرقة على التحالف الصليبي، ولم يبال بالفارق بين الجيشين، ودارت رحى حرب طاحنة أذهل العثمانيون أعداءهم من هول وشدة الهجوم، ولوقع الصدمة الإسلامية فرّ كثير من الجنود الصليبين من أرض المعركة بما فيهم سيجسموند نفسه، وصحبه فى الهروب رئيس فرسان رودس، واستقلا سفينة كانت معدة لذلك على ساحل البحر الأسود. أسفرت المعركة عن هزيمة ساحقة وثقيلة للتحالف الصليبي، ووقع الكثير من قادتهم وأمرائهم أسرى في يد المسلمين، ومن هؤلاء الكونت دي نيفر أمير لوكسمبرج، الذي أقسم لبايزيد ألا يحاربه مرة أخرى، فرد عليه بايزيد قائلاً: "إني أجيز لك ألا تحفظ هذا اليمين، وأنت في حل من الرجوع لمحاربتي؛ إذ لا شيء أحب إليّ من محاربة جميع مسيحي أوروبا والانتصار عليهم"، ثم قال كلمته الشهيرة، التي أدخلت الرعب في قلوب كل صليبي العالم بأسره: "سأفتح إيطاليا، وسأطعم حصاني هذا الشعير في مذبح القديس بطرس بروما". (انظر إلى هذه العزة والكرامة كيف بلغت مداها في أيام الدولة العثمانية؟! التي يشوه تاريخها الآن كثير ممن ينتسبون للإسلام -اسمًا لا رسمًا- اقتداءً بأسيادهم من الغرب الذين صبوا حمم حقدهم وغيظهم على هذه الدولة العظيمة التي أدخلت الإسلام إلى أوروبا، ورفعت راية الجهاد في هذا الزمن الذي أصبح شعار كثيرين فيه: طأطئ الرأس، وقبِّل اليد، وأخفت الصوت، تحيا ذليلاً، وتموت حقيراً). نتائج المعركة : كانت لهذه المعركة آثار مهمة، ونتائج خطيرة على الصعيد العالمي كله؛ منها: تضاؤل مكانة مملكة المجر على مستوى أوروبا خصوصاً، وعلى العالم عموماً، وتبخر ما يحيط بها من هيبة ورهبة، بصفتها حامية الصليب بأوروبا، وفقدت الكثير من أملاكها لصالح ألمانيا وبولندا. اتخذ بايزيد لقب سلطان الروم، وأرسل بذلك المعنى رسائل كثيرة إلى ملوك وأمراء المسلمين، وبشرهم بالنصر العظيم على الصليبين، وكان اتخاذه لهذا اللقب دليلاً على وراثته لدولة السلاجقة التليدة، وسيطرته على كل منطقة الأناضول؛ لذلك فلقد أرسل إلى الخليفة العباسي المقيم بالقاهرة يطلب منه الإقرار على هذا اللقب حتى يتسنى له بذلك أن يسبغ صفة شرعية على الدولة العثمانية، فتزداد هيبة في العالم الإسلامي. فتح هذا النصر الطريق أمام جموع المجاهدين في سبيل الله للهجرة إلى الدولة العثمانية، وانتقل الآلاف للأناضول، وأسهمت هذه الجموع في رفع مستوى الدولة العثمانية، خاصة في عهد السلطان محمد الفاتح. عن موقع ملتقى الخطباء المراجع: 1. الدولة العثمانية في التاريخ الحديث. 2. تاريخ الدولة العلية. 3. عوامل نهوض وسقوط الدولة العثمانية. 4. التاريخ الإسلامي. 5. الدولة العثمانية المفترى عليها. 6. موسوعة التاريخ الإسلامي.
|
#237
|
|||
|
|||
بارك الله جهودكم
|
#238
|
||||
|
||||
التكتيك العسكري في تحرير إدلب
التكتيك العسكري في تحرير إدلب: ما الذي ميّزه؟ وبماذا يختلف؟ أورينت نت – العميد الركن أحمد رحّال بخطة محكمة راعت خطوط دفاع النظام البعيدة والقريبة, وبدراسة متقنة شملت كل مفاصل القوة للنظام والميليشيات الشيعية المتعددة التي تسانده, كانت الخطوات الأولى لإعلان "غزوة" إدلب التي أطلقها الثوار في محافظة إدلب وريفها لتحرير المدينة التي استعصت على أكثر من محاولة لتحريرها, كانت أولاها بمحاولة لواء شهداء إدلب عام 2013 وآخرها محاولة جبهة النصرة في نهاية عام 2014 والتي انتهت جميعها إلى الانكفاء نتيجة عدم التوفر الظروف الموضوعية لإكمال التحرير, ولكنها تبقى خطوات مباركة قدمت ما تستطيع.
الآن, ما الذي تختلف به تلك العملية عن غيرها من العمليات التي انطلقت سابقاً ولماذا تحققت؟؟ المعركة التي خٌططت لمراحل وبدأت مرحلتها الأولى بتمهيد مدفعي وبمئات الفوهات من الأسلحة الصاروخية والمدفعية والهاونات, واستهدفت فصل الخط الدفاعي الأول البعيد المحيط بادلب عن خط الدفاع الثاني, ويتمثل الخط الدفاعي الأول الذي وضعه النظام عن مدينة إدلب بمعسكرات المسطومة على الاتجاه الجنوبي وحاجز القرميد والتنمية وحاجز بنش على الاتجاه الشرقي إضافة إلى حاجز معمل الكونسروة على الاتجاه الغربي, أما خط الدفاع الثاني والمتمثل بأكثر من (25) حاجز صغير تتموضع على كورنيشها الذي يحيط بالمدينة من جهاتها الأربعة. هذا العزل بالنيران الذي حققته الفصائل المهاجمة لاستبعاد جهود المعسكرات البعيدة من تأمين الدعم الناري لقوات النظام في الداخل, وبعد أن قطعت الشريانين الأساسيين لإمداده إن كان عبر خط أريحا- المسطومة- إدلب, أو عبر الشريان الواصل من قريتي الفوعة وكفريا (الشيعيتين) واللتان تحويان معظم الشيعة القادمة من حزب الله والحرس الثوري الإيراني والباسيج وأيضاً كافة المرتزقة الشيعة القادمين من بلدان أسيوية مختلفة, هذا القطع مكن الثوار من التقدم والوصول إلى تخوم المدينة واقتحام الدفاعات المباشرة للنظام, هذا النجاح مهد لانطلاق المرحلة الثانية بالانتقال نحو حدود المدينة والبدء بالتعامل مع الحواجز الصغيرة المتوزعة على مداخل المدينة الأربعة. مع بدء الهجوم وببسالة وشجاعة قتالية ليست بغريبة عن الثوار، انهارت معظم الحواجز وخاصة في الجبهة الشرقية، والمتمثلة بحواجز (سادكوب) و(الإنشاءات) و(المحلج) و(المسلخ) و(الغزل) القديم والجديد و(الأعلاف), مما سهل الاندفاع نحو الداخل والبدء بحرب عصابات وحرب شوارع يتقنها الثوار أكثر من غيرهم, وعلى الجبهة الشمالية لإدلب والتي تضم كلاً من حاجز (صباح قطيع) و(الرام) و(السكن الشبابي) و(الجامعة) لم تكن بأفضل من مثيلاتها في الشرق, فسرعان ما انهارت تحت ضربات الثوار ومهدت لهم بالدخول نحو بقية الأحياء السكنية. بهذا الخرق من القطاع الشمالي والشرقي ولحق بهم فيما بعد تقدم ميداني للثوار من الجهة الغربية أصبحت كتائب الثوار داخل أسوار إدلب وبدأت الحرب من الداخل. أهل الفوعة وكفريا الذين أعدهم النظام واعتبرهم كخزان بشري يقدمون الدعم في الصد عن إدلب, خذلوه ومنعوا أي مساندة أو مؤازرة تخرج لإدلب ليس وقوفاً مع الثوار، ولكن لإدراكهم إن أي دعم للنظام لن يغير بمصير المعركة, وبنفس الوقت لمعرفتهم أن أي قوة تتوجه لإدلب لدعم النظام فإنها لن تعود وستحاصر أو تدمر هناك, هذا الموقف كان له موقفاً مشابهاً له في شوارع وأحياء اللاذقية التي اشتبكت شبيحتها مع مخابرات النظام بالأسلحة الرشاشة وخاصة في حي (الدعتور) بعد امتناعهم عن تشكيل قوات مؤازرة للنظام تتوجه إلى إدلب، بعد سماعهم لأصوات سيارات الإسعاف التي لا تتوقف وهي تدخل المدينة قادمة من إدلب، محملة بعشرات الجثث والمصابين أو عبر أصوات السيارات التي تجوب شوارع المدينة طالبة من الأهالي التبرع بالدم في المشافي العسكرية والمدنية هناك. طائرات النظام التي لا تغادر سماء إدلب وترمي بصواريخها الفراغية وبراميل موتها على كل ما يتحرك تحتها, كثيراً ما أخطأت أهدافها وأصابت مواقع النظام ،كما حصل عندما استهدفت مبنى فرع المرور في إدلب، وأوقعت الكثير من القتلى في صفوفها, وعندما كانت تعجز تلك الطائرات والحوامات عن اكتشاف أماكن تموضع الثوار, تذهب للانتقام من الحاضنة الشعبية والسكان المدنيين بإمطارهم بكل ما تحمل من ذخائر لتستهدف الشيوخ والنساء والأطفال الآمنين في القرى والبلدات المحيطة لإدلب مثل (سرمين) و(بنش) و(سراقب) و(قميناس), وحتى السلاح الكيميائي تم استخدامه لمرتين عندما استهدفت حوامات النظام قرى (سرمين) و(بنش) ببراميل تحمل غاز الكلور في خرق جديد يضاف لـ(361) خرق سابق لقرارات مجلس الأمن, الأمر الذي أوقع الكثير من المصابين بحالات اختناق تم نقلهم لأقرب المشافي الميدانية وأصحاب الحالات الخطرة تم إسعافهم للمشافي التركية عبر بوابة باب الهوى. بعد السيطرة على حواجز صوامع الحبوب والوصول إلى المنطقة الصناعية, تابعت المعارك لتدور قريباً من المربعات الأمنية, وليصبح الطريق مؤمناً وسالكاً نحو إكمال التحرير وتخليص إدلب من براثن عصابات مجوسية صفوية أسدية أذاقت أهلنا الويلات. وبتقدم متزن من المحاور الثلاث (شرقاً وشمالاُ وغرباُ) مع ترك الجبهة جنوبية تحت السيطرة ومنفذاً للهروب، تحت قاعدة ترك منفذ هروب للخصم كي لا تجعل منه بطلاً أمام خيار الدفاع فقط, تلك الخطة أتت أٌكلها وتسببت بانهيار سريع في منظومات الدفاع العسكرية والأمنية والمدنية ومهدت لهروب القيادات العسكرية والأمنية من داخل إدلب إلى معسكر المسطومة (مقر القيادة العسكري الرئيسي), ولهروب القيادات المدنية إلى جسر الشغور, وأثناء هروبها ارتكبت عصابات النظام آخر ما استطاعت من إجرام بقتل كل سجناء فرع الأمن العسكري بإعدامهم ميدانياً في زنازينهم. هذا الواقع أوجد حالة من الارتباك والفوضى والتشتت على قوات النظام ساهمت بسرعة التحرير وحقق نصراً أقل ما يقال عنه أنه نصراً استراتيجياً سيغير من المعادلات العسكرية على الأرض وسيكون له ارتدادات سياسية تقلب الأوضاع وتغير من كافة الموازين التي كانت تتحكم بالثورة السورية عربياً وإقليمياً ودولياً. بهذا الانتصار يبقى على النظام أن يدرك بمسلمة استحالة وجوده على الأرض السورية ... ويبقى على الثوار أن يعلموا أنه عندما تتوحد الكلمة وتجتمع الصفوف فهي قادرة على أن تصنع المعجزات ... ومع تلك الحقائق يبقى أهالي إدلب يعيشون أفراحهم بتحرير إدلب الخضراء التي رفضت قدوم ربيعها إلا محملاً بربيع الحرية والانتصار. مبارك لإدلب تحريرها، ومبارك للشعب السوري الحر باكورة تحريره لمدنه المغتصبة.
|
#239
|
||||
|
||||
رد: (((((((((((((موسوعة معارك اسلامية))))))))))))
مشكوووووور والله يعطيك الف
|
#240
|
||||
|
||||
معركة ماكتان
معركة ماكتان عن موقع قصة الإسلام الإسلام في الفلبين
عرف العرب والمسلمون منذ القدم جزر الفلبينوأطلقوا عليها اسم "جزر المهراج"، وتقع الفلبين في جنوب شرقي آسيا على شكل أرخبيل يضم أكثر من سبعة آلاف جزيرة، تتفاوت في مساحتها تفاوتًا كبيرًا، ومعظمها غير مأهول بالسكان، وتعتبر الفليبين جزءًا من أرخبيل الملايو الذي يضم ثلاثة دول، وهي:إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة، وهي الدول العامرة بالخيرات والثروات الطبيعية ممَّا جلب عليها أطماع الدول الأوروبية. بدأ الإسلام في جزر الفلبين في منتصف القرن الثالث الهجري عن طريق التجارة، وربما كان وصول أوائل المسلمين إلى تلك الجهات يعود إلى عام 270هـ، ولمَّا وَجَدوا الأرض بكرًا وصالحة للدعوة بدأ الدعاة يَفِدون إليها، ثم انتقلوا إلى الجُزُر الوسطى في القرن الخامس، وبُني أوَّل مسجد في جُزُر صولو عام 679هـ. انتشر الإسلام بصورة كبيرة في الفلبين حوالي سنة (800هـ - 1380م) ورافق ذلك زيادة في قدوم الدعاة، وكان الدعاة والتجار عربًا وهنودًا وماليزيين وإندونيسيين. وكان التجار العرب من الحجاز واليمن وحضرموت عندما كانوا يقومون برحلاتهم الشهيرة إلى الصين، ومن هذا التاريخ بدأ الإسلام ينتشر من الشمال إلى الجنوب، ولم يأتِ القرن العاشر حتى كانت الجُزُر كلها تحت سيطرة إمارات مسلمة، أشهرها: - سلطنة صولو: التي كانت تشرف على أكثر إمارات وممالك الجنوب، وقد كان أول من تولى السلطنة فيها الشريف الهاشمي أبو بكر، وهو قادم إلى الفلبين من حضرموت. - سلطنة مانداناو: التي تولاها السلطان الشريف محمد فبونصوان (محمد كابونسوان)، وهو قادم من ولاية (مالكا أو ملقا)، وقيل: إن أباه عربي وأمه من مالكا. - مملكة أمان الله: التي غيرها الصليبيون بعد ذلك مانيلا، وتشرف على إمارات وممالك الشمال في مانيلا، وأول سلطان لها رجا سليمان. - سلطنة ماكتان: وكان من أشهر سلاطينها السلطان المسلم لابو لابو. ماجلان الصليبي ولابو لابو المسلم كما كان فاسكو دي جاما أشهر بحارة البرتغال ومكتشف طريق رأس الرجاء الصالح، كان فرناندو ماجلان أشهر بحارة إسبانيا، ونظرًا للتنافس الكبير بين أسبانيا والبرتغال قررت الأولى إرسال حملة بحرية تدور حول أفريقيا لتكتشف طريقًا جديدًا للتجارة يصلون خلاله مباشرة إلى مناجم الثروات الطبيعية في جنوب شرق آسيا دون المرور على المراكز البرتغالية التي تتحكم في حركة التجارة العالمية وقتها. خرج ماجلان بحملة بحرية مكونة من خمس سفن وطاقم مكون من 265 بحارًا، لاكتشاف الطريق الجديد، وذلك في أواخر سنة 925ه / 1519م، فظل في رحلته البحرية طيلة عشرين شهرًا في غير فائدة حتى استبد اليأس بقلبه، وأخيرًا رست سفن ماجلان على سواحل الجزر الفلبينية. وقد ظن ماجلان أنه وصل جزر المولوك المشهورة بالتوابل ولكن سرعان ما اكتشف الحقيقة، فأطلق على الجزيرة التي رست سفنه عندها اسم "سانت لازار" الوثنية، فاتفق ماجلان مع حاكم جزيرة سيبو ويُدعى (هومابون) وكان وثنيًا على أن يدخل النصرانية مقابل أن يكون ملكًا على جميع الجزر تحت اسم ملك أسبانيا، وفي المقابل يعمل ماجلان بجنوده وأسلحته النارية على توسيع ملك (هومابون) وتمكينه من السيطرة على سائر الجزر. انتقل ماجلان من جزيرة سيبو إلى جزيرة ماكتان وكان عليها السلطان المسلم لابو لابو، فما علم الأسبان بإسلام أهل الجزيرة إلا وأصابهم الغضب الشديد وثارت أحقادهم؛ فأضرموا النار في بيوت السكان وسرقوا مؤنهم، ورفض لابو لابو التسليم والخضوع للعرض الذي قدمه ماجلان كما فعل مع (هومابون)، فحشد ماجلان قواته وقرر تأديب لابو لابو حتى يكون عبرة لغيره من الأمراء والسلاطين. معركة ماكتان خطب ماجلان الصليبي بكل صلف وعنجهية واستعلاء صليبي في أهل جزيرة ماكتان قائلاً: "باسم المسيح أطلب منكم التسليم، ونحن العرق الأبيض أصحاب الحضارة أولى منكم بحكم هذه البلاد". فأجاب السلطان لابو لابو بكل عزة وشموخ: "إن الدين لله، وإنَّ الإله الذي أعبده هو إله جميع البشر على اختلاف ألوانهم". وفي 19 جمادى الأول 927 هـ / 27 أبريل 1521م توقفت سفن ماجلان غير بعيده عن الشاطئ وأنزلت القوارب الصغيرة وعليها الرجال المدججين بالسلاح والخوذ والتروس والدروع، في حين وقف أهالي الجزيرة ومعهم سهام مصنوعة من البامبو وبعض الرماح والسيوف القصيرة القديمة. تقدم جنود ماجلان متدافعين ونزلوا من قواربهم و التقى الجمعان. انقض جنود ماجلان ليمزقوا الأجساد نصف العارية بسيوفهم الحادة ويضربوا الرؤوس بالتروس ومقاليع الحديد، ولم يهتموا بسهام البامبو المدببة وهى تنهال عليهم من كل صوب،فقد كانوا يصدونها بالخوذ والدروع. وتلاحمت الرماح والسيوف، وكان لابد من لقاء المواجهة الفاصل بين لابو لابو وماجلان. بدأت المواجهة بحذر شديد والتفاف كلا حول الآخر ثم فجأة انقض ماجلان بسيفه -وهو يحمى صدره بدرعه الثقيل- على الفتى المسلم عارى الصدر لابو لابو ووجه إليه ضربة صاعقة، فانحرف الفتى بسرعة وتفادى الضربة بينما الرمح في يده يتجه في حركه خاطفة إلى عنق ماجلان. لم تكن الإصابة قاتلة، ولكن انبثاق الدم كان كافيا لتصطك ساقا ماجلان المغمورتان في الماء وهو يتراجع إلى الخلف. عاود ماجلان انقضاضه بالترس الحديد على رأس الزعيم المسلم، وللمرة الثانية يتفادى لابو لابو ضربة ماجلان وينقض بكل قوة بسيفه فيشق رأس ماجلان الذي سقط مضرجا بدمائه بينما ارتفعت صيحات الصيادين "لابو لابو". وكان سقوط القائد الرحالة ماجلان كفيلا بهز كيان من بقى حيا من رجاله، ورفض لابو لابو تسليم جثة ماجلان للأسبان، ودفنه في أرض الجزيرة كَرمز على نصر المسلمين على الصليبيين؛ فأسرع الأسبان الصليبيون يتراجعون عائدين إلى سفن الأسطول الذي لم يكن أمامه إلا أن يبتعد هاربا تاركا خلفه جثة قائده ماجلان. الانتقام الإسباني على إثر معركة ماكتان أرسل الأسبان أربع حملات دينية متتابعة ليشفوا غليلهم وينتقموا من مصابهم، ومن سوء طالعهم أن هذه الحملات رست على شواطئ جزيرة منداناو في الجنوب حيث أغلبية السكان من المسلمين، ففتك المسلمون بتلك الحملات كلها وذلك خلال الفترة من 930هـ حتى سنة 950هـ / 1524م حتى 1543م. وكان (روي لوبيز) قائد الحملة الرابعة وهو الذي أطلق على تلك الجزر اسم (الفلبين) على اسم ملك أسبانيا (فليب الثاني) وخلال الحملات الأسبانية الفاشلة كوَّن الأسبان رؤية مستقبلية في التعامل مع صلابة المقاومة الإسلامية في الفلبين. الجهاد الإسلامي في الفلبين إلى الآن ومن تلك الفترة والصراع محتدم بين المسلمين والإسبان، وقد قاتلهم المسلمون في شجاعة خارقة وبطولة خالدة وتضحية نادرة دفاعا عن العقيدة الإسلامية وعن الوطن, ولكن شاء الله أن استولى الإسبانيون على الحكم, وقد استمر الحكم الإسباني من (980هـ - 1316هـ / 1560م - 1898م) حيث استطاعوا أثناء احتلالهم الاستيلاء على أكبر جزيرة لوزون وعلى وسطها حتى امتد إلى الجنوب، وإن كان الإسبان لم يستطيعوا الاستيلاء على منداناو وصولو لقوة سلاطينها، ولذا ظل الصراع بين المسلمين والنصارى محتدما ما يربو على ثلاثمائة سنة. والإسبان هم الذين نظموا جنود الفلبين لحرب أهل الجنوب, لكن الجيوش لم تستطع الانتصار على المسلمين، وكان القتلى أغلبهم من النصارى، أما عدد المسلمين الذين استشهدوا للدفاع عن إسلامهم منذ دخول الإسبان حتى الآن فلا يعد ولا يحصى، ومنذ احتلال الإسبان إلى خروجهم والحكومة القائمة بعدهم لم تستطع دخول مينداناو. وفي عام 1898م استطاع -باتفاق مسبق- التغلب على الإسبان والانتصار عليهم, وعقدوا معاهدة بينهما تنصُّ على ترك الفلبين لأمريكا، وبذلك أصبح الحكم أمريكيا، ثم بدأ الأمريكان يكملون نفس دور الإسبان بقتال المسلمين وإخضاعهم لحكمهم, ولكنهم لم يستطيعوا التغلب على مسلمي مينداناو وأرخبيل صولو. المراجع: - تاريخ الفلبين - مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة: السنة الخامسة، العدد الثالث، محرم 1393هـ، فبراير 1973م. - إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر. - مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا. - محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا. - قصة الإسلام في الفلبين – موقع قصة الإسلام.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
:::عبدالرحمن::: |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 24 ( الأعضاء 0 والزوار 24) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |