العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#181
|
||||
|
||||
الفرنسيون يدمرون حي سيدي عامود/شمس الدين العجلاني
الفرنسيون يدمرون حي سيدي عامود
شمس الدين العجلاني لنرفع صوتنا عاليا نريد حقنا من الاستعمار الغاشم عما اقترفه بحق أجدادنا وآبائنا لم ترحم نيران مدفعيتهم و طائراتهم الحجر أو البشر ، الأخضر أو اليابس ، بوحشيه لا توصف قصفت قوات الانتداب الفرنسي دمشق لأول مره في عام 1925 م ، ودمرت المنازل و المتاجر و الشوارع ، وقتلت الأطفال و النساء و الشيوخ . ثلاثة أيام و حمم النيران الغادرة تتساقط على مدينة الياسمين ، و المدينة تأن من عمق الجراح و لكنها لم تنحن بل وقفت شامخة كقاسيون تقاوم العين المخرز ، و سجل أهل سورية أروع البطولات و التضحيات في عشق مدينتهم دمشق . هذه الوحشية للمستعمر الفرنسي أدت إلى تدمير حي دمشقي من أغنى أحياء دمشق و أروعها ضربته نيران وحشيه و أبادته عن بكره أبيه فلم يبق فيه حجر على حجر ، كان هذا الحي يدعى في أيام زمان حي سيدي عامود و بعد تدميره و إحراقه دعي حي الحريقه و هو نموذج عما اقترفته فرنسا من وحشيه و تدمير بحق مدن و قرى سوريه ، لنرفع صوتنا عاليا نريد حقنا من الاستعمار الغاشم عما اقترفه بحق أجدادنا و آبائنا ، بحق أشجار غوطتنا و نهر بردى ، بحق بيوت كانت قائمة و اندثرت ، بحق أشجار الياسمين التي أحرقتها نيران غاشمة لم تفرق بين الحجر و البشر ، بين الأبيض و الأسود نريد اعتذاراً فرنسياً عن تسعه آلاف و أربعمائة و سبع و ثمانين يوما جثم المستعمر الفرنسي خلالها على صدورنا و تمتع بجمال بلادنا ، و نهب و سرق خيرات سورية ، نريد اعتذاراً فرنسياً عن فتره استعماره لبلادنا من الساعة الرابعة بعد ظهر يوم الأحد الواقع في 25 تموز 1920 م حين دخلت قوات الانتداب الفرنسي دمشق بقياده المدعو غوابية إلى الساعة التاسعة من صباح 15 حزيران 1946 م حين رحل أخر جندي فرنسي مستعمر ارض الوطن ، فخلال تلك الفترة دفعت سوريه ثمنا غاليا و غاليا جدا لنيل حريتها ، نريد اعتذاراً فرنسياً عما اقترفته فرنسا من مجازر وحشيه في سورية خلال تسعه آلاف و أربعمائة و سبع و ثمانين يوما ، و حي سيدي عامود نموذجا عن وحشية الانتداب الفرنسي : التدمير الوحشي : ثلاثة أيام من عصر يوم الأحد 18 تشرين الأول عام 1925 إلى مساء الثلاثاء 20 تشرين الأول و دمشق عرضه لوحشيه المستعمر الفرنسي و نيران مدفعيته و حمم طائراته التي لم تفرق بين الحجر و البشر و أصبحت دمشق على حد قول اليس بوللو ( تظهر دمشق من قمم هذه الجبال و كأنها كومة حطب مشتعلة .. الخراب يعم كل أرجاء المدينة ) . لقد دمر و نهب الجنود الفرنسيون و أعوانهم من المرتزقة بيوتات و أسواق دمشق ومتاجرها كسوق الطويل الذي دمرت مدافع المصفحات متاجره بالكامل ( لم يبق به أي شيء أبدا فكل مخزن قد خلع " غلقه " و نهب ما فيه تماما ) ، و قصر العظم ، وحي المسكية والدرويشية ( أصيبت مآذن و قباب جامع الدرويشية بصدوع من جراء القصف ) ، وقصفوا بشدة الشاغور والميدان ( هنا منظرا جديدا يدمي القلب : فقبة جامع السنانية الرائع ثقبت بفعل قذيفة ، ثقبا ضخما شوها ) و حي العمارة، واحترقت البزورية ( عم الخراب بشكل يحير ) ، والسنانية، وجزء من باب سريجة وجزء من القنوات، و سوق مدحت باشا ( آثار رصاص المصفحات تظهر على الجدران و الأبواب و واجهات المخازن ) و منطقة السنجقدار ( كل حمامات و مخازن الجانب اليميني من الشارع الواصل إلى جامع الدرويشية قد دمرت أما مخازن الجانب الأيسر فقد تهدمت بكاملها و أصبحت رمادا .. و مازال دخان الحرائق ينبعث من هنا و هناك ) لقد استباحت قوات الانتداب الفرنسي دمشق : ( الجنود كانوا ينهبون كل شيء دون رحمة في ذلك ). القذائف كانت تنهال على دمشق و الناس في هرج و مرج فالنسوة يتصايحن و يخرجن إلى الحارات و الأزقة حاسرات الرؤوس و حافيات الأقدام ، و الرجال خرجوا هربا من الحمامات التي قصفت نصف عراة ، هرج و مرج فظيع عاشته دمشق قتل من جراء نيران المستعمر من قتل و قتل الباقي محترقا بالنار او داسته الاقدام ، أو اختنق محاصرا تحت الأنقاض .!؟ حي سيدي عامود : حي دمشقي قديم عريق كان من أغنى أحيائها يقطنه أعيان و رجالات دمشق و سورية ، يقع في المنطقة الواقعة جانب سوق الحميدية من جهة الجنوب في دمشق، وسوق مدحت باشا من جهة الشمال؛ بين جادة الدرويشية غرباً وسوق الخياطين شرقاً. كانت أجمل البيوت و القصور الدمشقية المبنية على الطراز العربي و السلجوقي والمملوكي و العثماني تقع ضمن هذا الحي ، إضافة إلى العديد من المنشآت التراثية والتاريخية ،اختلف في سبب تسميته فقيل نسبة لضريح أحد الأولياء الذي يعتقد بدفنه في هذا المكان واسمه ( أحمد عامود ) و قيل أطلق علية هذا الاسم لوجود ضريح أحد الأولياء إلى جانب أحد الأعمدة الأثرية أختصره العامة من الناس إلى سيدي عمود و سمي الحي بهذا الاسم لجهلهم بصاحبه . هذا الحي الدمشقي العريق تعرض لوحشيه المستعمر الفرنسي حين قصف دمشق بنيران مدفعيته و وطائراته فدمر هذا الحي بالكامل و لم يبق منه سوى البيمارستان النوري (بيمارستان نور الدين الشهيد) الذي يعد من أهم البيمارستانات الباقية في العالم الإسلامي، و يقع إلى الجنوب الغربي من الجامع الأموي، ويضم اليوم متحف تاريخ الطب عند العرب . لم يكد الليل يسدل ستاره على مدينة دمشق يوم الأحد الواقع في 18 تشرين الثاني من عام 1925 م حتى بدأت قوات الانتداب الفرنسي بقصف دمشق بنيران مدفعيتها التي نصبتها في العديد من الأماكن المرتفعة و الحساسة بدمشسق مثل قلعه دمشق و قلعه المزه و قبة السيار على جبل قاسيون ، و في منطقة البرامكة و شارع النصر ، و جابت طائرات الغدر الغاشم سماء دمشق لتلقي على أحيائها و أزقتها حمم النار الحاقد ، و كان حي سيدي عامود العريق من أولى أهداف الحقد الأعمى على دمشق فتعرض إلى قصف و تدمير وحشيين و أبيد هذا الحي بالكامل ، و اندثرت القصور الدمشقية الرائعة التي كان يزخر بها كبيت عبد الغني القوتلي جد الرئيس شكري القوتلي و هو البيت الذي ولد وترعرع فيه الرئيس القوتلي و بيت مراد القوتلي شقيق عبد الغني ، و بيت البكري و هو من أهم قصور دمشق في تلك الأيام خرج العديد من المجاهدين و الزعماء الوطنيين ومن أهم مجاهدي آل البكري الأشقاء الأربعة فوزي و نسيب و مظهر و بشير ، و كان نسيب البكري من كبار المجاهدين والساسة السوريين في القرن العشرين وعميد آل البكري الدماشقة وعين وجهاء دمشق، ووزير ونائب, كان من أقطاب الثورة العربية إذ كان من المخططين لها مع الشريف حسين والأمير فيصل، وكان من المقربين لديهما، وشارك في إقامة الحكومة العربية، وعينه الملك فيصل مستشاراً خاصاً به حتى خروجه من البلاد في تموز عام 1920م. ولما رأى أهالي بلاد الشام أن الملك فيصل رضي بعرش العراق رشحوا نسيب البكري لعرش الشام لكونه من سلالة أعرق أسرها العربية ولأنه كان من كبار الوجهاء العرب ومن أعظم مناضليهم، فكتبوا العرائض في ذلك وكاد أن يتم الأمر لولا أن الفرنسيين وقفوا في هذا الطريق ، وقد شارك بالثورة السورية بنفسه وماله وعقله وتدبيره وحارب الفرنسيين أعتى حرب، فانتقموا منه بهدم قصر آل البكري في منطقة سيدي عمود بل أكثر من ذلك فقد انتقم الفرنسيون منه بهدم الحي بكامله حسب قول الكاتبة الفرنسية ( أليس بوللو ) في كتابها دمشق تحت القنابل الذي ترجمة إحسان الهندي إن حي سيدي عامود دمر : ( إكراماً لعائلة البكري ) بسبب مواقفهم الوطنية الصلبة و دعمهم لثوار سوريه ضد الانتداب الفرنسي ، إن مأساة حي سيدي عامود يجب أن لا تغيب عن أذهان أهل سورية فقد ارتكب في هذا الحي أفظع أنواع الجرائم ضد البشرية و هذه شهادة الفرنسية أليس بوللو التي عاشت بدمشق عامي 1925 و 1926 و كانت شاهدا على جرائم أبناء جلدتها فتقول : ( في المنطقة الواقعة بين سوق الحميدية و سوق الطويلة ، و قرب مصرف سوريا. كان هناك حي آخر تعرض لتدمير رهيب، إذ لم يعد فيه شيء قائم على الإطلاق، و قد انتشرت فيه رائحة الموت بسبب الجثث. و قد دمر هذا الحي إكراماً لعائلة البكري، ها قد أعيدت فاجعة "بومبي" و لكن بمفعول القنابل هذه المرة ) و بومبي هي مدينه ايطاليه أصابها بركان ضخم أخذ سكان هذه المدينة بحممه ورماده منذ أكثر من ألفي سنة . و بقي ان نقول ان حي سيدي عامود بعد تدميره بالكامل أعيد اعمارة و أطلق عليه اسم الحريقه و هو لم يزل ماثلا أمامنا بدمشق . و أخيرا نتساءل أليس من حقنا نحن أبناء وعشاق دمشق أن نطالب فرنسا التي تدّعي الحرية وحماية حقوق الإنسان بالاعتذار عن جرائم وحشية ارتكبت بحق آبائنا وأجدادنا، بحق بيوتنا وآثارنا، ألا يحق لدمشق أن تطالب باعتذار رسمي من دولة تعتبر نفسها أنها دولة الحق والقانون، وتدافع عن حقوق الإنسان والحيوان.؟! لنرفع صوتنا عاليا نريد حقنا من الاستعمار الغاشم عما اقترفه بحق أجدادنا و آبائنا ، بحق أشجار غوطتنا و نهر بردى ، بحق بيوت كانت قائمة و اندثرت ، بحق أشجار الياسمين التي أحرقتها نيران غاشمة لم تفرق بين الحجر و البشر ، بين الأبيض و الأسود نريد اعتذاراً فرنسياً عن تسعه آلاف و أربعمائة و سبع و ثمانين يوما جثم المستعمر الفرنسي خلالها على صدورنا و تمتع بجمال بلادنا ، و نهب و سرق خيرات سورية . ملاحظة كل ما وضع ضمن قوسين نقلا عن كتاب الفرنسية ( أليس بولو ) في كتابها دمشق تحت القنابل و أليس بولو هذه صحفية فرنسية شاهدت أحداث الثورة يوما بيوم ، ترجم الكتاب د. احسان الهندي عن موقع رابطة أدباء الشام
|
#182
|
||||
|
||||
معركة جبل الكاشف/حسن أحمد
معركة جبل الكاشف حسن أحمد المقاومة هزمت القوات الصهيونية الخاصة على تلة استراتيجية :
معركة جبل الكاشف خاضتها أذرع المقاومة العسكرية وعلى رأسها كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس مع القوات الإسرائيلية، فكان الإبداع في التصدي من قبل الكتائب التي كادت أن تختطف جنودًا إسرائيليين من (اللواء الفاخر) في دولة الاحتلال، وذلك لولا كثافة نيران الطيران الحربي الذي يستقوون به. محللون وسياسيون فلسطينيون وعرب وإسرائيليون أيضًا، أكدوا أن هذه المعركة كانت شرسة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث استطاعت المقاومة من خلالها أن تقلب نظرية الجيش الذي لا يقهر، وكسر أنف ما تعرف بالألوية على اختلاف أسمائها في الدولة العبرية، حيث إنها لم تحقق أهدافها المرجوة منها بل زادت الطين بلة، وأصبحت صواريخ المقاومة التي كانت تصل لبلدة سديروت المحتلة تصل إلى عسقلان والمجدل. منطقة جبل الكاشف : لماذا اختارت قوات الاحتلال الإسرائيلية هذه المنطقة لتنفيذ مخططاتها ضد قطاع غزة والنيل من المقاومة الفلسطينية؟! هذا السؤال وغيره الكثير دار بخلد كل من سمع بتلك المعركة الساخنة. منطقة جبل الكاشف تقع شرق بلدة جباليا الواقعة شمال قطاع غزة، وتعتبر أعلى تلة في القطاع حيث من خلالها يمكن كشف جميع مدن القطاع، كما أن الكثافة السكانية فيها قليلة وأغلب الأراضي مكشوفة. بالإضافة إلى العنصر الأهم هو أنها منطقة ضعف عسكري للمقاومة بحكم أنها مفتوحة ومحاذية للحدود مع دولة الاحتلال، وأن إمكانيات المناورة فيها ضعيفة الأمر الذي دفع عددًا كبيرًا من مجاهدي المقاومة من كافة أنحاء القطاع للنزول إليها للتصدي للقوات الإسرائيلية الغازية. كما أنه يسهل من خلال هذه المنطقة الدخول إلى عمق القطاع والوقوف على أبواب أكبر تجمع سكاني فيه وهو معسكر جباليا. التخطيط للمعركة : كان واضحًا مع بداية دخول القوات الإسرائيلية الخاصة إلى جبل الكاشف بأنها ستكون خطة متدحرجة، تتطور يومًا بعد يوم وصولاً إلى إنهاك المقاومة واحتلال القطاع مؤقتًا لإنهاء حكم حركة حماس فيه، ويبدو أن كل عناصر الخطة تم اختيارها بعناية وعن دراسة مسبقة. دخلت القوات الإسرائيلية الخاصة بكثافة في منطقة عزبة عبد ربه قبل أن تصل جبل الكاشف للسيطرة على المنطقة وصولاً إلى شارع صلاح الدين غربًا، ومنها ستتجه شمالاً نحو بيت حانون وجنوبًا نحو مدينة غزة وحي الشجاعية بالتحديد، ووصولاً لمفترق الشهداء (نتساريم) والاتجاه غربًا حتى شاطئ البحر. ليتم بذلك محاصرة مدينة غزة والشمال التي تشكل مركز الثقل السياسي والعسكري الأكبر لحركة حماس، وليتم إنهاكها جويًّا وإشاعة الفوضى الداخلية من خلال العناصر العميلة للاحتلال التي تم ضبط بعض مجموعاتها التي كانت تعمل لتنفيذ هذا السيناريو، أما وسط وجنوب القطاع فسيكون التعامل معه أسهل إذا ما تم انهيار حكم حماس في غزة والشمال. بداية المعركة : في الساعة الثانية عشر من فجر يوم الأربعاء السابع والعشرين من شباط/فبراير ، بدأت العملية العسكرية الإسرائيلية ضد منطقة شمال قطاع غزة وبالتحديد في منطقة جبل الكاشف عندما اندفع المئات من الجنود الإسرائيليين من الوحدات الخاصة نحو المنطقة المذكورة. ويبدو أن عملية الرصد التي تقوم بها كتائب القسام كانت ناجحة إلى حدٍ بعيد، حيث تم تسهيل مهمة دخول القوات الخاصة في بعض المحاور لإيقاعها في شرك تم نصبه في المنطقة، وبالفعل حدث ما تم التخطيط له من قبل المقاومة ووقعت القوات الإسرائيلية الخاصة في الشرك حيث تم إطلاق النار على القوات الإسرائيلية من مسافات قريبة جدًّا أدت إلى قتل وجرح الكثيرين منهم بخلاف ما اعترفت به قوات الاحتلال. محاولة ولكن! وفي خضم المعركة الحامية الوطيس التي خاضتها المقاومة العنيدة، أوشك عدد من مجاهدي كتائب القسام على أسر جنود إسرائيليين لولا كثافة النيران التي تعرض لها المقاومون من قبل طائرات الأباتشي التي تدخلت لإنقاذ الموقف، لكنها لم تستطع الهبوط لإنقاذ الجرحى، وأُجبرت على التقهقر، ومن ثم تم استدعاء الآليات العسكرية من دبابات وناقلات جند، وقد استطاعت المقاومة أيضًا أن تتعامل معها من خلال تدمير بعض هذه الآليات. وجهًا لوجه! غرفة العمليات المركزية التابعة لكتائب القسام، كانت تعمل على قدم وساق منذ اللحظات الأولى لبدء المعركة، حيث أكدت في حينه أن مجاهدي كتائب القسام تمكنوا من الجنود الإسرائيليين الذين وقعوا في الكمين المحكم الذي أعدته الكتائب، مشيرة إلى أن أحد المجاهدين القساميين تمكن من تفريغ مخزن ذخيرة كامل (30 رصاصة) من سلاحه الخاص في جسد جندي صهيوني لم يبعد عنه سوى متر واحد. وأوضحت غرفة العمليات المركزية أن مجاهدي كتائب القسام تمكّنوا من تفجير عدة عبوات ناسفة في الجنود الصهاينة بشكل مباشر، وأنهم سمعوا لمدة طويلة أصوات استغاثة الجنود الصهاينة المصابين جراء الاشتباكات العنيفة في معركة جبل الكاشف. معلّقون صهاينة: كتائب القسام قاتلت ببسالة وأولمرت تراجع عن إسقاط حكومة حماس : تنافس كبار معلقي قنوات التلفزة الإسرائيلية في تبرير تراجعهم عن المواقف التي كانوا يرددونها قبل شن عملية الشتاء الساخن، وما تبعها من عمليات للمقاومة الفلسطينية، وتحديدًا عملية القدس الاستشهادية، فمعظم المعلقين الصهاينة كانوا يعتبرون أن الحل الوحيد لمواجهة عمليات المقاومة في قطاع غزة هو استخدام مزيد من القوة. عاموس هارئيل المعلق العسكري في صحيفة هآرتس ينقل عن جنود وحدات النخبة العسكرية التي نفذت الشتاء الساخن قولهم: إن أعضاء كتائب عز الدين القسام قاتلوا ببسالة وتصميم كبيرين، معتبرين أنهم واجهوا جنودًا أشداء ومدربين. وفي مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، قال ضابط لواء الصفوة جفعاتي، الذي كان له دور في عملية الشتاء الساخن: إن ما واجهه في شمال قطاع غزة يدلل على مدى التطور الذي بات يميز فنون القتال الميدانية لدى نشطاء الجهاز العسكري في حركة حماس، وأضاف لقد واجهنا جيشًا مدربًا تتطلب مواجهته استعدادًا خاصًا. وفي المقابل، أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه على الرغم من اللهجة المتشددة التي يتحدث بها رئيس الوزراء الصهيوني إيهود اولمرت ووزير حربه إيهود باراك، فإن أغلبية صناع القرار في المؤسستين السياسية والعسكرية باتت تعتبر أنه يتوجب بحث إمكانية التوصل لتهدئة مع حركة حماس في قطاع غزة، سواء عبر اتصالات مباشرة أم غير مباشرة، اللافت للنظر أن العمليات الأخيرة أقنعت الحكومة الإسرائيلية بالتخلي عن العمل على إسقاط حكومة حماس، رغم أنها أعلنت أن هذا كان هدفًا رئيسيًّا لعملياتها العسكرية في القطاع. تشيكو منشيه، المعلق السياسي المعروف، قال: إن أحدًا من وزراء الحكومة الإسرائيلية لم يعد يرى أن إسقاط حكومة حركة حماس بات هدفًا واقعيًّا، مؤكدًا أن الحكومة الإسرائيلية تخلت عن العمل لتحقيق هذا الهدف، وأضاف منشيه أن تراجع الحكومة الإسرائيلية عن التشبث بهذا الهدف يرجع إلى حقيقة أن إسقاط حكومة حماس يتطلب شن حملة عسكرية يتم خلالها احتلال جميع مناطق قطاع غزة، مشيرًا إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة وما نجم عنها من ردود أفعال فلسطينية أقنعت المستوى السياسي والعسكري بأن إعادة احتلال قطاع غزة سيكون مقترنًا بسقوط عدد كبير من الجنود الإسرائيليين. وكان ثمة إجماع بين كبار المعلقين الإسرائيليين على أن إسرائيل يمكنها فقط انتظار الأسوأ في حال تواصل سقوط الضحايا الفلسطينيين بنيران الاحتلال الإسرائيلي، رفيف دروكير، المعلق السياسي لقناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، يعتبر أن ما يحدث حاليًا في أرجاء الضفة الغربية والقدس وغزة يمثل مقدمات أولية لانتفاضة ثالثة، أضاف ليس من الحكمة أن تساهم العمليات العسكرية في قطاع غزة في اندلاع انتفاضة ثالثة، يتوجب على الحكومة أن تبحث عن كل وسيلة لإطفاء النيران المشتعلة في غزة، وإلا فإنه ليس فقط مدن الضفة الغربية ستشتعل، بل إن هناك أساسًا للاعتقاد أن مدننا ستتحول إلى ساحة للعمليات الانتحارية من جديد. من ناحيته حذّر عوفر شيلح، مقدم البرامج الحوارية في القناة نفسها، من أن إسرائيل من خلال تصعيدها غير المحسوب في غزة تخاطر بالقضاء على كل الإنجازات التي حققتها في العامين الماضيين، لا سيما على صعيد عزل حركة حماس وتشريع الحصار عليها. وأضاف أن إسرائيل حققت إنجازًا كبيرًا عندما نجحت في تكريس الانقسام بين حركتي فتح وحماس، وتحديدًا عندما اقتنع أبو مازن بتوجيه قواته في الضفة الغربية لضرب حركة حماس. لكن في حال نشبت انتفاضة جديدة، فإن حماس وفتح ستتوحدان في مواجهتنا، وسنخسر أبو مازن وكل التيار المعتدل في منظمة التحرير، وتبقى الساحة الفلسطينية تحت سيطرة حماس المطلقة. من ناحيته، قال يوسي بيلين، زعيم حركة ميريتس اليسارية ووزير القضاء الصهيوني الأسبق: إن المشاهد التي عرضتها شاشات التلفزة لمسرح العملية التي نفذها علاء أبو دهيم في مدرسة مركاز هراب الدينية، جاءت في الوقت الذي ظن فيه المجتمع الإسرائيلي أن هذه الفترة هي الفترة الأكثر هدوءًا. وأضاف بالأمس فقط أعربنا عن ارتياحنا بسبب الهدوء النسبي الذي شهده عام 2007م، لكنا مرة أخرى تصدمنا مشاهد سيارات الإسعاف وهي تنقل القتلى والجرحى. ومع ذلك، علينا ألا نعود للخطأ الكبير الذي وقعنا فيه في خريف عام 2000م، عندما اندلعت أحداث انتفاضة الأقصى، حيث اعتقدنا حينها أنه بإمكان قبضتنا الحديدية أن تقطع اليد الفلسطينية التي استهدفتنا. فلم تجرّ سياسة القبضة الحديدية علينا إلا المزيد من الكراهية وروح الانتقام التي أصبحت متجذرة في نفوس الفلسطينيين، على حد تعبيره. وأعاد بيلين للأذهان أنه لم يسبق في تاريخ إسرائيل أن يقتل هذا العدد من الإسرائيليين كما حدث في انتفاضة الأقصى. وحذر قائلاً: كلما يقتل ويجرح الفلسطينيون كلما عربد الغضب، وسرعان ما تتعاظم الدعوات في الساحة الفلسطينية للمسّ بإسرائيل والانتقام من جيشها وجباية ثمن كبير من مواطنيها، ولسع وعينا الجمعي. المصدر: موقع فلسطين المسلمة. عن موقع قصة الإسلام
|
#183
|
||||
|
||||
إنسانية الرسول في حروبه/د.عبد الحليم عويس
إنسانية الرسول في حروبه الدكتور عبد الحليم عويس عندما جاء الإذن للرسول والمسلمين من الله سبحانه وتعالى بالقتال بعد أربعة عشر عامًا من الصبر على أقسى صور الإذلال والملاحقة، لم يتوان الرسول صلى الله عليه وسلم في الخروج بالمسلمين على شكل سرايا وغزوات؛ وذلك لتأمين حياتهم في المدينة، في مواجهة القبائل المتربصة بهم، وفي مواجهة قريش التي لا تريد أن تعترف بكيانهم الجديد، ولا أن ترفع سياطها عن المستضعفين المعتقلين لديها الممنوعين من الهجرة، ولا أن تكفّ عن مصادرة أموالهم، وعن ملاحقة الدولة الجديدة بصورة التآمر والتأليب والتحريض لليهود والمنافقين في المدينة، وللقبائل الأخرى في الجزيرة.. وكانت السرايا أشبه بالدوريات الاستطلاعية التي تسعى لفرض الهيبة وإشعار الآخرين باليقظة، وأيضًا لاستكشاف الطرق المحيطة بالمدينة، والتي يمكن أن ينفذ منها الأعداء، وعقد معاهدات السلام مع القبائل التي تقع مساكنها على هذه الطرق، فضلاً عن جمع المعلومات عن هذه القبائل وصلتها بقريش، والتفاهم معها لتزويد المسلمين بالمعلومات عن تحركات أهل مكة ضد دولة الإسلام في المدينة. ومن متابعة حركة السرايا يبدو أن السرايا التي يقل عدد أفرادها عن عشرة أفراد كان هدفها استقصاء الأخبار وجمع المعلومات، إلا إذا فرض الأعداء عليها الدفاع عن نفسها.. أما السرايا الأكثر عددًا فكانت سرايا مسلحة ومدربة هدفها إرهاب العدوّ حتى لا يفكر في غزو المدينة، وكانت على استعداد للاشتباك عند اللزوم -مع جمعها للأخبار والمعلومات أيضًا- وكان عدد بعض هذه السرايا يتجاوز مائتي مقاتل[1]. وثمة ملمح هنا نسوقه لتأكيد الطبيعة الإنسانية الأخلاقية لهذه السرايا، فمن المعروف أن جزيرة العرب كانت في عصور كثيرة، ومنها العصر الذي نتكلم عنه، تعج بكثير من قوافل السلب والنهب (لنتذكر هنا قصة سلمان الفارسي، وزيد بن حارثة وغيرهما).. وكانت الصحراء تبدو ملكًا لهذه القوافل -التي يمكن أن تستغل أيضًا- عن طريق المال لقريش وغيرها لجمع المعلومات عن المسلمين وترويع أهل المدينة.. فكانت السرايا هي الحلّ الأمثل للوقوف ضدَّ هذه القوافل -من جانب- ومن جانب آخر سوف يرى الناس في الجزيرة أن قوافل أو سرايا رسول الله، على العكس من هذه السرايا في سلوكها وتعاملها، فهي لا تمدُّ يدها بسوء لأي شخص، لا لماله ولا لعرضه. ولعلها المرة الأولى في الجزيرة التي تمرّ فيها قوافل على هذا النحو من أمام البيوت والمساكن، تبعث على الأمن لا الخوف، وتدعو إلى التعاهد على السلم.. وتقاوم قوافل السلب والنهب.. وسوف يشعر العرب بأن هناك من يمكن أن يطمئنوا إليه ويجدوا في ظلالها الأمن إذا وضعوا أيديهم في يده. كما أن قريشًا التي كانت تريد أن تبقى مسيطرة على الجزيرة كلها، لم يعد الظرف الجديد يسمح لها بذلك.. فهناك من يتربصون بها وبتجارتها، ولن يكفوا عنها حتى تسالمهم وتعترف بكيانهم وحقهم في الحياة والدعوة لعقيدتهم.. وهذه المعاني السامية كلها حققتها السرايا أولاًَ، والغزوات ثانيًا. وكانت السرية الأولى في رمضان من السنة الأولى للهجرة، جعل الرسول عليها عمه حمزة بن عبد المطلب، ومعه ثلاثون شخصًا، أرسلوا إلى سيف البحر، فلقوا عيرًا لقريش بقيادة أبي جهل فيها ثلاثمائة مشرك.. ولم يحدث قتال.. إلا أن أبا جهل -بالطبع- قد فهم الرسالة الموجهة إلى أهل مكة، وهي أن هناك قوة جديدة تفرض عليهم السلام والاعتراف بها، وإلا ستهدد مصالحهم التجارية. وفي شوال خرجت السرية الثانية في ثمانين راكبًا على رأسها عبيدة بن الحارث، وفيها سعد بن أبي وقاص.. ولم يحدث قتال، إلا أن سعدًا رمى بأول سهم في الإسلام، وفرَّ إلى المسلمين المقداد بن عمرو (الأسود)، وعتبة بن غزوان، وكانا قد أسلما وحبسا في مكة. وفي السنة الثانية للهجرة خرج الرسول الكريم -قبل بدر- بقيادة ثلاث غزوات وسرايا، فقد خرج ليعترض عيرًا لقريش عند (ودان)، فلم يدرك العير، وعاهد بني صخرة على الأمان والتناصر.. ثم بلغه أن عيرًا لقريش يقودها أمية بن خلف في مائة من قريش ذاهبة إلى الشام، فخرج لملاقاتهم في مائتين من المهاجرين حتى بلغ بواط، فوجد العير قد فاتته، ولم يلق كيدًا. وكذلك خرج الرسول ومعه مائة وخمسون في غزوة العشيرة، لملاقاة عير لقريش يقودها أبو سفيان، ففاته العير، ووادع بني مدلج وحلفائهم ثم عاد إلى المدينة ينتظر رجوع القافلة... فرجعت وأفلت بها أبو سفيان.. ثم كانت -بسبب هذه العير- غزوة بدر الكبرى. ونلاحظ أن السرايا السابقة خلت من الاشتباكات الدموية؛ مما يؤكد طبيعتها ووضوح أهدافها التي أشرنا إليها سابقًا. وقد أغار على المدينة كرز بن جابر الفهري، وهرب، فخرج الرسول في طلبه، ولم يدركه، وهذه تسمى غزوة بدر الأولى. ثم خرج عبد الله بن جحش على رأس سرية من ثمانين رجلاً، حتى نزلوا (نخلة) في طريق البصرة بأمر الرسول، ولقوا عيرًا لقريش تريد مكة فيها عمرو بن الحضرمي، فقتلوه في آخر أيام رجب، وأسروا عثمان بن المغيرة والحكم بن كيسان... فكَرِه الرسول ذلك منهم وقال: "لم آمركم بقتال"، وأفرج عن الأسيرين، وأرسل دية القتيل. ومع ذلك شهَّر المشركون بالمسلمين وقالوا إنهم قاتلوا في الأشهر الحرم، فنزلت آيات سورة البقرة تدافع عنهم: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ القَتْلِ } [البقرة: 217]. وفي غزوة بدر الكبرى (17 رمضان- 2 هجرية) عدّل رسول الله صفوف المسلمين، وكان في يده قدح يعدل به، وكان سواد بن غزية مستنصلاً من الصف، فطعنه الرسول في بطنه بالقدح وقال: "استو يا سواد". فقال سواد: يا رسول الله، أوجعتني فأقدني. فكشف عن بطنه، وقال: "استقد". فاعتنقه سواد، وقبَّل بطنه، فقال: "ما حملك على هذا يا سواد ؟" قال: يا رسول الله، قد حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمسّ جلدي جلدك. فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير. وهذه لمسة إنسانية تدل على الطابع الأخلاقي الكريم للرسول القائد، الرحيم مع أصحابه وأعدائه. ومع بداية المعركة أخذ الرسول يتضرع إلى ربِّه في إلحاح وخضوع.. فقد روى الإمام أحمد بسنده عن علي بن أبي طالب أنه قال: لقد رأيتنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح، وذلك ليلة بدر.. وهو يكثر من قول: يا حي يا قيوم ، ويكررها وهو ساجد.. وكان صلى الله عليه وسلم يرفع يده ويهتف بربه ويقول: " اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعد في الأرض اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم نصرك ".. ويرفع يده إلى السماء حتى سقط رداؤه عن منكبيه، وجعل أبو بكر يقول له مشفقًا عليه: يا رسول الله، بعض مناشدتك ربك، فإنه منجز لك ما وعد. وهذا الموقف أيضًا دليل من الأدلة التي تدل على الطبيعة الإيمانية لحروب الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي غزوة أحد، وبعد خيانة عبد الله بن أبي بن سلول، وعودته بثلاثمائة (ثلث الجيش) قام النبي ببقية الجيش -وهم سبعمائة مقاتل- ليواصل سيره نحو العدوّ، وكان معسكر المشركين يحول بينه وبين أحد في مناطق كثيرة، فقال: " من رجل يخرج بنا على القوم من كثب -أي من قريب- من طريق لا يمر بنا عليهم؟". فقال أبو خيثمة: أنا يا رسول الله. ثم اختار طريقًا قصيرًا إلى أحد، ومرَّ الجيش من هذا الطريق بحائط مربع بن قيظى -وكان منافقًا ضرير البصر- فلما أحس بالجيش المسلم قام يحثو التراب في وجوه المسلمين، ويقول: لا أحلّ لك أن تدخل حائطي إن كنت رسول الله. فابتدره القوم ليقتلوه، فقال: " لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر ". وترفّع الرسول عن قتل الأعمى، مع إساءته للرسول والجيش، وهذه لمسة إنسانية نراها جديرة بالتقدير. ومن المعروف أنه بعد انتصار المسلمين في موقعة أحد -في أول المعركة- خالف الرماة أمر الرسول لهم بألاّ يتركوا مواقعهم قائلاً لهم ولقائدهم عبد الله بن جبير: " انضح الخيل عنا بالنبل لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك لا نؤتينَّ من قبلك "[2]، وفي رواية للبخاري أيضًا: " إن رأيتمونا يخطفنا الطير فلا تبرحوا وإن رأيتمونا ظهرنا فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم ". ومع ذلك نزل أربعون منهم، مُعرِّضين قائدهم عبد الله بن جبير وتسعة معه للإبادة. وعندما أدرك هذه الثغرة خالد بن الوليد، انقض منها على المسلمين، ثم ركّز المشركون جهودهم ضدَّ النبي صلى الله عليه وسلم ، وطمعوا في القضاء عليه، فرماه عتبة بن أبي وقاص بالحجارة فوقع لشقه، وأصيبت رباعيته اليمنى والسفلى، وشفته السفلى، وتقدم إليه عبد الله بن شهاب الزهري، فشَجَّه في جبهته، وجاء فارس عنيد هو (عبد الله بن قمئة) فضربه على عاتقه بالسيف ضربة عنيفة، شكا لأجلها أكثر من شهر، ثم ضرب على وجنته صلى الله عليه وسلم ضربة أخرى عنيفة كالأولى، حتى دخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، وقال: خذها وأنا ابن قمئة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له وهو يمسح الدم عن وجهه: " أقمأك الله ". فلم يلبث أن هلك عندما نطحه تيس أثناء عودته!! وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته، وشج في رأسه، فجعل يسلت الدم عنه ويقول: " كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم، وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله ". ومع كل ذلك كان لا يفتأ صلى الله عليه وسلم أن يقول: " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ". وفي رواية مسلم: " ربِّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ". ومع أن منظر الشهداء كان مريعًا يفتت الأكباد، فحمزة -رضي الله عنه- لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء، إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه حتى مدت على رأسه، وجعل على قدميه الإذخر، ومع أن هندًا بنت عتبة مثـَّلت به، وأخرجت كبده لتأكلها ثم لفظتها.. ومع أن الداعية العظيم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- كُفن في بردة إن غطى رأسه بدت رجلاه، وإن غطى رأسه بدا رأسه، وروى مثل ذلك عن خباب، وفيه: فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: " غطوا بها رأسه واجعلوا على رجله الإذخر " (وهو نبات).. مع كل هذا العناء الذي كابده الرسول فإنه صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه -بعد أن انصرف المشركون- بأن يقفوا صفوفًا، وقال لهم: " استووا حتى أثني على ربي عز وجل "، فصاروا خلفه صفوفًا، فقال: " اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مبعد لما قربت، اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك.. اللهم إني أسألك النعيم المقيم، الذي لا يحول ولا يزول، اللهم إني أسألك العون يوم العيلة، والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا، اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين. اللهم توفّنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين. اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك، ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك ". المصدر: صحيفة الوسط الإلكترونية. الهوامش: [1] أقرب الآراء إلى القبول أن السرية هي التي لم يخرج فيها الرسول، والغزوة هي التي قادها الرسول. [2] البخاري وأبو داود باب الجهاد. عن موقع قصة الإسلام
|
#184
|
||||
|
||||
معركة عين التمر.. أسرع هزيمة في التاريخ
معركة عين التمر.. أسرع هزيمة في التاريخ المكان: عين التمر - شمال غرب الحيرة - العراق.
الموضوع: جيوش الإسلام بقيادة خالد بن الوليد تقضي على الحاميات الفارسية بالعراق. الأحداث والدروس المستنبطة : بعد أن فتح الله تعالى معظم بلاد العراق للمسلمين، وذلك في أربعين يومًا فقط، وبعد أن فتحت "الحيرة" عاصمة الفرس العربية، وأهم مدينة بالعراق بعد "المدائن"، جاء الأمر من الخليفة "أبو بكر الصديق" "لخالد بن الوليد" أن يتوجه سريعًا لإنقاذ المسلمين المحاصرين في منطقة "دومة الجندل"، وكنا قد عرضنا من قبل في أثناء سردنا لبداية الحملة الجهادية لفتح العراق أن الخليفة "أبا بكر" قد كلف كلاً من "خالد بن الوليد" من ناحية الجنوب، و "عياض بن غنم" من ناحية الشمال، ليوجد بذلك حالة من التنافس بينهما، حيث جعل من يصل أولاً هو القائد العام، فتقدم "خالد"، وتعثر "عياض" ومن معه، وحوصروا في منطقة "دومة الجندل"، حاصرتهم أعداد ضخمة من القبائل العربية الموالية للفرس، وكان القائد "خالد بن الوليد" تواقًا لأن يهجم على المدائن عاصمة الفرس، لينهي الوجود الفارسي تمامًا في العراق، ولكنه امتثل لأوامر قائده العام الخليفة "أبى بكر". ** النظام والانضباط والجدية، وطاعة أولي الأمر في غير معصية الله تعالى من أهم عوامل النجاح، والله تعالى علم أمة الإسلام درسًا عظيمًا في عاقبة مخالفة الأوامر، وذلك يوم أحد، وبين ذلك بقوله تعالى: { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [آل عمران: 165]. خطر الحاميات الفارسية: كان القائد الحربي "خالد بن الوليد" من الطراز النادر في إدارة العمليات الحربية، بل ربما هو نسيج وحده، فقد رأى قبل التوجه لإنقاذ المسلمين المحاصرين "بدومة الجندل" ضرورة تأمين وضع المسلمين في المدن المفتوحة، خاصة في ظل وجود حاميات فارسية قوية في المناطق المحيطة بمدينة "الحيرة" أهم مدن العراق، وعاصمة الفرس العربية، والتي كان لسقوطها في أيدي المسلمين دويّ كبير في أركان البيت الفارسي، وكانت هذه الحاميات تتركز في منطقتين هما: منطقتا "الأنبار" و"عين التمر"، وبالفعل قرر "خالد" الهجوم على تلك الحاميات، وإزالة التهديد الفارسي للوجود الإسلامي بالحيرة. لم يكن "خالد" من القواد الذين ينتظرون المفاجآت، بل كان يعمل دائمًا على بث عيونه واستخباراته قبل خوض أية معركة، وقد نقل له سلاح الاستطلاع أوضاع المدينة من حيث موقعها، وموقفها التحصيني، وكانت هذه المدينة شديدة التحصين مما يجعل مسألة السيطرة عليها أمرًا صعبًا، وذلك لعدة أسباب منها: موقع هذه المدينة على الشاطئ الشرقي لنهر "الفرات"، مما يجعل بين المسلمين والفرس حاجزًا مائيًّا يهابه المسلمون، ومنها وجود أسوار منيعة حول المدينة، هذا غير وجود خندق عميق متسع يحيط بالمدينة من كل ناحية، ولكن كل ذلك لم يفت في عضد المسلمين وخطتهم الجهادية، وكان معظم أهل المدينة من النصارى، وعليهم قائد فارسي اسمه "شيرازاد"، وقد جعل "خالد بن الوليد" قائدًا على هذه المعركة، وهو الصحابي "الأقرع بن حابس"، رغم أنه ليس من السابقين في الإسلام، ولكنه صاحب كفاءة حربية ممتازة. ** الحكمة تقتضي أن يتولى قيادة العمل من عنده الخبرة والكفاءة اللازمة لذلك العمل، فالأصلح قد يكون ليس هو الأفضل دينيًّا، ولقد علمهم ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم عندما ولى "عمرو بن العاص" قيادة جيش فيه "أبو بكر" و"عمر" و"أبو عبيدة" ولم يكن مر على إسلام "عمرو" أربعة أشهر. ذات العيون: بدأ المسلمون زحفهم على المدينة الحصينة، فبدءوا أولاً باجتياز نهر "الفرات" على الرغم من فيضان مائه في ذلك الوقت، وعلى الضفة الأخرى كان الرعب مستوليًا على أهل المدينة، فلم يجرؤ أحد على الخروج من المدينة لصد العبور الإسلامي، وذلك للسمعة الكبيرة للمسلمين وفتوحاتهم السريعة والهائلة في أيام معدودات، والتي جعلت الجميع مكتوفي الأيدي، وبعد أن عبر المسلمون ظهرت أولى محاولات المقاومة عندما قامت مجموعة من أهل المدينة بارتقاء أسوارها، ورشق المسلمين بالسهام، وكان هذا الرمي وبالاً عليهم، إذ اكتشف القائد الفذ "خالد بن الوليد" أن هؤلاء المقاتلين سذج لا يعرفون شيئًا من فنون القتال والرمي، ولا خبرة لهم بالحرب. أمر "خالد بن الوليد" كتيبة خاصة في الجيش الإسلامي مكونة من أمهر رماة العرب برمي المحاربين رميًا واحدًا كثيفًا، ويركزون على عيون المحاربين، وبالفعل انطلقت تلك السهام كالطير الأبابيل، وأصابت هدفها بدقة بالغة، وفقأت قرابة الألف عين، فصاح أهل المدينة جميعًا: "ذهبت عيون أهل الأنبار", وسمي هذا اليوم بذات العيون، وصاحوا وماجوا، وعمتهم الفوضى وخرج "شيرازاد" يسأل عن الخبر، فلما علم أسرع لعقد صلح مع المسلمين، ولكنه اشترط شروطًا لا يقرها الإسلام في الحرب، فلم يوافق "خالد" عليها. ** ليس كل صلح يوافق عليه، وليست كل معاهدة يصدق عليها، دون النظر لأوامر الإسلام، وكم من معاهدة واتفاقية أخذت مطية لسلب الحقوق، واغتصاب الأرض المسلمة، وما اتفاقية "كامب ديفيد" و"أوسلوا" منكم ببعيد. جسر الجمال: كان الخندق المائي يمثل مشكلة حقيقية للمسلمين؛ لأنه عميق ومتسع، ويحيط بالمدينة من كل مكان، ولكن ذلك لم يكن ليمنع الأسد الضاري "خالد" صاحب العقلية العسكرية الفذة، حيث قام بالدوران حول سور المدينة لدراسة هذا الخندق جيدًا، حتى وقف عند نقطة معينة من الخندق وتأملها طويلاً، ثم تفتق ذهنه عن فكرة عبقرية، حيث وقف على أضيق نقطة في الخندق، وأمر بذبح كل الجمال الهزيلة والمريضة، وإلقائها عند هذه النقطة، فردم تلك النقطة بصنع جسر من الجمال، واستطاع المسلمون أن يعبروا بسهولة، وأصبح الجيش المسلم محيطًا بأسوار المدينة من كل مكان استعدادًا لاقتحامها، فأسرع "شيرازاد" وطلب الصلح من "خالد" بشروط الإسلام، على أن يخرج "شيرازاد" سالمًا بأهله وماله إلى مكان آمن، فوفى له "خالد" ذلك الشرط، وأبلغه مأمنه، ودخل المسلمون المدينة وأمن الناس على معايشهم. ** الوفاء بالعهد أصل قرآني حافظ عليه المسلمون في كل موطن، وكان سبب إسلام كثير من الناس. عندما عاد "شيرازاد" إلى قائد الفرس العام على العراق "بهمن جاذويه" مهزومًا من الأنبار لامه "بهمن" بشدة على مصالحة المسلمين، والتفريط في هذه المدينة الحصينة رغم ضخامة قواته، وكان "شيرازاد" رجلاً عاقلاً فقال: "إن هؤلاء القوم -يعني أهل الأنبار- قد قضوا على أنفسهم بالهزيمة عندما رأوا جيش المسلمين، وإذا قضى قوم لأنفسهم بالهزيمة كاد هذا القضاء أن يلزمهم", ففهم "بهمن" كلامه واقتنع به. ** وصدق شيرازاد فيما قاله، فإن الهزيمة النفسية هي الهزيمة الحقيقية، هي الهزيمة التي تحطم القلوب، وتفل العزائم، وتخور معها الهمم، فلا يستطيع صاحبها معها أن يتقدم ولو خطوة واحدة للأمام، بل يظل عمره أسير ضعفه، ورهين وهمه، فهلا تدبر ذلك المسلمون؟!. الغرور الصليبي: كانت الحامية الأخرى متمركزة في مدينة عين التمر، وكانت على طريق "دومة الجندل" تراقب الأوضاع عن كثب، وكانت الحامية الموجودة "بعين التمر" مكونة من قوتين كبيرتين: قوة فارسية بقيادة "مهران بن بهرام"، وقوة عربية نصرانية مكونة من خليط من قبائل "تغلب" و"إياد" بقيادة "عقة بن أبي عقة"، وكان أحمقًا مغرورًا، دفع ثمن هذا الحمق والغرور غاليًا، حيث طلب هذا الصليبي الحاقد المغرور "عقة" من القائد الفارسي "مهران" أن يخلي الساحة؛ ليقاتل هو المسلمين وحده دون مساعدة من الفرس، وقال له: "إن العرب أعلم بقتال العرب، فدعنا وخالدًا".. ولنا أن نفهم النفسية المريضة التي دفعت "عقة" لهذا الطلب الغريب، فالغرور والحقد والرغبة في الفخر والزهو، وتحقيق الأمجاد بالانتصار على المسلمين، وقائدهم "خالد بن الوليد" صاحب الراية الميمونة، والانتصارات الباهرة, كل ذلك دفع "عقة" لهذا الطلب، بل تمادى في غيه وغروره، وقرر الخروج لقتال المسلمين خارج المدينة, في الصحراء المفتوحة، كأنه بذلك يسعى لحتفه بقدميه كما يقولون؛ لأن الصحراء المفتوحة هي أصلاً ميدان المسلمين المفضل في القتال، وعندما سمع "مهران" هذا الكلام من "عقة" قال له: "صدقت لعمري لأنتم أعلم بقتال العرب، وإنكم مثلنا في قتال العجم، دونكموهم، وإن احتجتم إلينا أعناكم"، وكان "مهران" قد بيت في نفسه أمرًا، وهو الانسحاب من أمام المسلمين لعلمه أنهم لا يقهرون، وقد انتقد قادة الفرس ذلك الأمر من "مهران" وقالوا له: "ما حملك على أن تقول هذا القول لهذا الكلب" يعنون عقة، فقال لهم "مهران": "دعوني، فإني لم أرد إلا ما هو خير لكم وشر لهم، إنه قد جاءكم من قتل ملوككم، وفل حدكم، فاتقيته بهم، فإن كانت لهم على "خالد" فهي لكم، وإن كانت الأخرى لم تبلغوا منهم حتى يهنوا، فنقاتلهم ونحن أقوياء وهم ضعفاء ". ** إن أعداء الدين مهما حاول أحد خدمتهم -ولو بروحه- فلن يعدوا قدره عندهم إلا قدر الكلب، كما قالت الفرس عن أعوانهم من العرب، وهكذا وصل أعداء الإسلام لمآربهم الخبيثة قديمًا وحديثًا على أكتاف طابور طويل من الكلاب، وما أكثرهم!! أسرع هزيمة في التاريخ: خرج "عقة" المغرور ومن معه من العرب المتنصرة من المدينة للصدام مع المسلمين، وأوغل في الصحراء غرورًا منه لمبادرة المسلمين بالهجوم، ووصل إلى منطقة "الكرخ" وعبأ قواته النصرانية، ووصل المسلمون إلى أرض المعركة وعبأ "خالد" الجيش بسرعة، واستعد للقتال، ولم يكن "خالد" قد رأى "عقة" من قبل، ونظر إليه نظرة الفاحص الخبير بنفوس المحاربين، فعلم أن هذا الرجل شديد الغرور.. فقرر القيام بحيلة بارعة شجاعة، جريئة في نفس الوقت، وهي خطف القائد "عقة" نفسه في عملية فدائية أشبه ما تكون بعمليات الصاعقة، فانتخب مجموعة خاصة من أبطال المسلمين، وأطلعهم على الفكرة الجريئة، فوافق عليها الجميع، فالكل أبطال، والجميع "خالد"، وبالفعل انقض "خالد" ومجموعته الفدائية على صفوف العدو -وهم يقدرون بعشرات الآلاف- كما ينقض الأسد على فريسته، وكان "عقة" مشغولاً بتسوية الصفوف، واندهش العدو من هذه المجموعة الصغيرة التي تهجم على عشرات الآلاف، ولم يفيقوا من هول الصدمة وإلا و"خالد" قد أسر "عقة" وحمله بين يديه كالطفل الصغير وعاد به إلى صفوف المسلمين، وعندها تجمدت الدماء في عروق العرب المتنصرة، وركبهم الفزع الشديد، ففروا من أرض المعركة دون أن يسلوا سيفًا واحدًا في أسرع هزيمة في التاريخ. واصل المسلمون سيرهم بعد هذه الضربة الخاطفة حتى وصلوا إلى أسوار المدينة، وكان "مهران" وحاميته الفارسية قد عرفوا بما حل للمغرور "عقة" ومن معه، ففروا هاربين تاركين أعوانهم النصارى لمصيرهم المحتوم, عندها أسقط في يد النصارى في المدينة فأرسلوا لطلب الصلح مع خالد، ولكن "خالدًا" علم أن هؤلاء الذين يطلبون الصلح هم المحاربون الذين انهزموا في أرض المعركة وهم بالتالي لا يستحقون الأمان والصلح، وإنما أجبرهم على ذلك قرب أجلهم، ودنوا هزيمتهم.. فرفض "خالد" الصلح معهم، إذ لا أمان مع هؤلاء الخونة الكفرة، الذين باعوا أنفسهم للمشركين الأصليين عباد النار، وقاتلي بني جلدتهم وأهل كتاب مثلهم، لا لشيء إلا بدافع الحقد والحسد، أصر "خالد" على عدم الصلح حتى ينزلوا على حكمه، وهذا معناه في عرف الحروب أن يكون "خالد" مخيرًا في فعل أي شيء معهم: يقتلهم، يسبيهم، يعفو عنهم، المهم أنهم تحت حكمه وأمره، فلما يئس المتنصرة من نجدة الفرس لهم نزلوا على حكم "خالد بن الوليد"، فألقى القبض على جميع من يقدر على حمل السلاح ثم حكم في الحال بإعدام المحاربين، وبدأ بزعيمهم الأحمق "عقة" وسبى الذرية والأموال. ** ليس في ذلك قسوة ولا غدر كما يظن البعض ممن يتعاطفون مع المنهزم وينسون إجرامه، فما حدث لهم جزاء وفاقًا لهؤلاء المحاربين الذين خرجوا وفي نيتهم استئصال المسلمين بدافع من الحقد الصليبي المحض، كما أن هذا الحكم هو حكم الله تعالى كما حدث يوم أن حكم الصحابي "سعد بن معاذ" بنفس الحكم على إخوانهم في الحقد والشقاء يهود بني قريظة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات ". وقد وجد المسلمون بمدينة "عين التمر" كنيسة يتعلم فيها أربعون صبيًّا الإنجيل، فلم يتعرض لهم "خالد" بالقتل، بل اعتبرهم من جملة السبي، وذلك من عدل الإسلام، فلم يأخذ هؤلاء بجريرة بني جلدتهم المقاتلين، وكان من بينهم شاب اسمه "نصير" هو أبو الفاتح الكبير "موسى بن نصير" فاتح الأندلس، وأيضا "سيرين" أبو عالم زمانه، ومفتى الأمة في عصره "محمد بن سيرين". ** وبتلك المعركة استطاع المسلمون إخلاء المنطقة الواقعة بين الحيرة ودومة الجندل من أية قوات معادية للمسلمين، وهي مساحة تقدر بخمسمائة كيلومتر مربع. المصادر: - تاريخ الرسل والملوك. - تاريخ الخلفاء. - فتوح البلدان. - المنتظم. - محاضرات في الأمم الإسلامية. - الكامل في التاريخ. - البداية والنهاية. - موسوعة التاريخ الإسلامي. - التاريخ الإسلامي. - الخلفاء الراشدين. المصدر: موقع مفكرة الإسلام
|
#185
|
||||
|
||||
معركة النمارق..ثورة الأسد
معركة النمارق..ثورة الأسد المكان: منطقة النمارق - الحيرة - العراق الموضوع: المسلمون بقيادة أبي عبيد الثقفي يقضون على جيوش فارس الجرارة. الأحداث والدروس المستنبطة: عندما أصدر الخليفة أبو بكر أوامره لخالد بن الوليد القائد العام على الجبهة العراقية بالتحرك لإنقاذ المسلمين بالجبهة الشامية لوصول جحافل رومية تقدر بأكثر من مائتي ألف مقاتل, كان على الخليفة تعويض النقص الحادث في صفوف المسلمين بالجبهة العراقية وكان أبو بكر قد جعل عليها المثنى بن حارثة خليفة لخالد بن الوليد لمقدرة المثنى على القيادة بجانب خبرته العسكرية والواقعية بتلك البلاد؛ لأنه من قبيلة ربيعة, أجرأ الناس على الفرس.. وكان خروج خالد من العراق فرصة ذهبية للفرس الذين تنفسوا الصعداء بعد خروج خالد وفرحوا فرحًا عظيمًا وقويت عزائمهم ضد المسلمين, وخلال هذه الفترة حدثت فتنة دامية داخل البلاط الملكي الفارسي بعد مقتل كسرى شهر براز وتولي أخته "دخت" والتي كانت ضعيفة فخلعت ثم تولى سابور بن شهر براز وكان هو الآخر ضعيفًا فتآمرت عليه بنت عمه "آزر ميدخت" وقتلته هو وقائده "فرخراز بن مبذوان" وهو والد القائد الشهير "رستم" الذي سارع وكان حاكم خراسان وتحالف مع بوران بنت كسرى ودخلا المدائن وقتلوا "آزر ميدخت", وعيّن رستم "بوران" على ملك فارس. لم يغتر المثنى بن حارثة القائد الجديد للجبهة العراقية بنزاعات البلاط الدامية في المدائن وشعر أن حجم جيوش المسلمين "تسعة آلاف فقط" في وضع حرج على الجبهة العراقية, خاصة أنهم متناثرون في نقاط متفرقة مما يسهل على عدوهم المتربص الوثوب عليهم والفتك بهم, فقرر المثنى التحرك سريعًا والتوجه للمدينة لشرح خطورة الموقف وطلب إمدادات سريعة وكبيرة للحفاظ على مكاسب المسلمين.. فوصل المثنى المدينة والخليفة أبو بكر في النزع الأخير ولكنه استطاع أن يجتمع مع أبي بكر وشرح له خطورة موقف المسلمين في العراق وضرورة إرسال إمدادات للمسلمين, وما لبث أبو بكر حتى مات من غد بعدما أوصى الخليفة بعده عمر بن الخطاب بندب الناس للجهاد ضد الفرس, وبالفعل من أول يوم لولاية الفاروق جمع الناس في المسجد وقام فيهم خطيبًا ومعه المثنى بن حارثة يندب الناس للجهاد ضد الفرس فتلكأ الناس لكرههم لحرب الفرس المشهورين بالبأس والشدة.. وحاول المثنى أن يبين لهم ضعف أمر الفرس وخطأ الصورة الكاذبة المرسومة في أذهان الناس عن الفرس وظل عدة أيام يدعو الناس للجهاد ولكن الاستجابة كانت معدومة حتى بادر رجل من عامة الصحابة بالتطوع وهو "أبو عبيد الثقفي" ثم قام آخر وهو سعيد بن عبيد الأنصاري ثم آخر وآخر حتى بلغ عددهم في النهاية ألف رجل لا غير, وأثر هذا الموقف في نفسية الفاروق وحزن لضعف استجابة الصحابة للجهاد في سبيل الله, لذلك عندما اجتمع عنده المتطوعون للقتال بقي أن يؤمر عليهم أميرًا للجهاد فاختار لتلك المهمة الخطيرة والحساسة أول الناس انتدابًا للجهاد وهو أبا عبيد الثقفي ولما قيل له: هلا اخترت أحدًا من كبار الصحابة أو السابقين رفض بشدة وقال وهو متأثر: "لا والله لا أفعل يا أصحاب النبي لا أندبكم وينتدب غيركم فأؤمركم عليهم والله لا أؤمر عليكم إلا أولهم انتدابًا" ثم أمر أبا عبيد الثقفي ووصاه بوصايا نافعة, ولا شك أن أبا عبيد كان من الأبطال الشجعان المشهورين بذلك, ولكن القيادة تحتاج بجانب الشجاعة إلى الخبرة الحربية والدهاء والصبر والمناورة وهذه أمور لم تكن متوفرة في أبي عبيد البطل الشجاع, لذلك عد ذلك من هفوات الفاروق وما أقلها وإن كانت هذه الهفوة ثمنها باهظًا جدًّا كما سنعلم من أحداث معركة الجسر في 23 شعبان إن شاء الله. انطلق المثنى إلى العراق ليلحق بجنوده لرفع معنوياتهم أمام عدوهم ولم ينتظر حتى يتم المتطوعون استعدادهم للسير فوصل المثنى إلى الحيرة في 5 رجب 13هـ, وفي هذه الأثناء كان أهل فارس قد اصطلحوا فيما بينهم على تولية يزدجرد من ولد كسرى وهو ابن خمسة عشر سنة على أن يكون مشيره وأستاذه القائد الكبير "رستم" الذي فوض إليه أهل فارس الأمر لمدة عشر سنوات يكون فيها الحاكم الفعلي لفارس, فأعد رستم خطة شريرة للقضاء على الوجود الإسلامي في العراق تقوم على إشعال الثورات وتأليب رعايا الدولة الفارسية الذين دخلوا في ذمة المسلمين وعهدهم لخلع هذه الأمة ونقض عهد المسلمين في كل مكان, وحتى يشعل رستم حماس الثائرين قال لهم: "إن الأمير عليكم في العراق هو أول من يعلن الثورة على المسلمين في السواد".. ولكن هذه الخطط الشريرة لم تكن لتغيب عن ذهن القائد العسكري الفذ المثنى بن الحارثة الذي أدرك خطورة الموقف وقرر الانسحاب من كل المناطق الخاضعة للمسلمين وعن العراق كله والانحياز إلى حدود الجزيرة العربية وكان المثنى لا تهمه الأرض بقدر ما تهمه أرواح جنوده فنفذ الانسحاب بسرعة ولم يخسر رجلاً واحدًا وتألم رستم جدًّا لفشل خطته التي رسمها لإبادة المسلمين بفضل الله ثم ذكاء المثنى رحمه الله[1]. قدم المسلمون المتطوعون للجهاد ضد الفرس بقيادة أبي عبيد الثقفي الذي اطلع على خطة الانسحاب التي قام بها المثنى بن حارثة فأعجبته وأقرها, وأما على الجبهة الفارسية فقد طاش سهمها إذ تمكن المسلمون من الانسحاب دون أن ينال أحد منهم أي أذى, وكان "جابان" كبير القادة المكلفين بتصفية المعسكر الإسلامي وكان يمني نفسه بأن يكون أمير العراق؛ لأنه أول من ثار على المسلمين عملاً بوعد رستم, ولما لم يقدر على تنفيذ خططه الشريرة بالفتك بالمسلمين شجعه حزنه وطمعه في الرياسة على الإقدام على مطاردة المسلمين حتى الصحراء لتدمير جيشهم الصغير الذي لا يزيد على عشرة آلاف بعد انضمام المدد إليهم ومما شجعه على ذلك أيضًا موافقة الأمير "نرسي" المغرور على فكرة المطاردة تلك, فأرسلا إلى رستم يخبرانه بعزمهم وفي نفس الوقت يطلبان إمدادات جديدة لتكون سندًا لهم في تصفية القوات المسلمة بصحراء خفان. نقل سلاح الاستخبارات الإسلامية الخبر للقائد "أبي عبيد" وذكروا ضخامة الجيش الفارسي وذلك قبل أن يشرع هذا الجيش بالتحرك إلى المسلمين وعندها قرر أبو عبيد ومعه المثنى مبادأة الفرس قبل أن يقبلوا عليهم, وكان جابان واثقًا من النصر فجيشه يجاوز المائة ألف وسلاحهم جيد مما جعله يسير بسرعة ولكن في نفس الوقت بلا حذر, وتحرك أبو عبيد بجيشه الصغير وعبأه جيدًا وسارع للصدام مع الفرس ليأخذ زمام الهجوم من يد القائد الفارسي جابان الذي وصل إلى منطقة النمارق وعسكر بها وعبأ جنده فلم يمهله أبو عبيد ومن معه, فوقع المسلمون كالصاعقة على جيش الفرس الذين أخذتهم الدهشة والذهول من هجوم المسلمين السريع والخاطف عليهم فحاولوا في بادئ الأمر مقاومة الصعقة ولكن ولات حين مناص, فقد كان المسلمون في هجومهم يتهافتون على الموت طمعًا في الشهادة, فلم يطق الفرس ذلك وأخذت صفوفهم في التصدع.. وحاول القائد "جابان" الانسحاب بشكل منظم ولكن الفوضى عمت جيشه بصورة كبيرة أدت في النهاية لوقوع جابان نفسه في الأسر عندما تخلى عنه حراسه وفروا عنه, فأسره رجلان من المسلمين, وكان جابان شيخًا متقدمًا في السن فزهدا المسلمان في قتله, واتفقا معه وهم لا يعرفانه على أخذ الفدية, وكان جابان يخاف القتل جدًّا فاشترط عليهما أن يعطيهما الجزية في خيمة القائد؛ لأنه يعرف أن العرب مشهورون بالوفاء بالعهد فوافقاه على شرطه, فلما دخلوا على أبي عبيد وأخبروه بالقصة قال: "أوفيا للرجل بعهده بعد دفع ما عليه". وكان أبو عبيد لا يعرف جابان وقبل أن يخرج جابان من خيمة أبي عبيد, جاء قوم من ربيعة فعرفوا جابان وقالوا لأبي عبيد: "هذا الملك جابان الذي لقينا بهذا الجمع", وأشاروا بقتله فقام أحد المسلمين اللذان أسر جابان وقال: "أسرته أنا وصاحبي من غير أمان", وهم بقتله فمنعه أبو عبيد من ذلك وقال لهم: "لا تفعل ما ترونني فاعلاً معاشر ربيعة أيؤمنه صاحبكم-وكان المسلم الآخر من قبيلة ربيعة- وأقتله أنا؟ معاذ الله من ذلك إني أخاف أن أقتله وقد أمنه رجل من المسلمين, المسلمون في التواد والتناصر كالجسد ما لزم بعضهم فقد لزمهم كلهم", فقالوا: "إنه الملك ", فقال أبو عبيد: " لا أغدر". هكذا تكون أخلاق الإسلام وفرسان الإسلام التي جعلت الأعداء يشهدون والفضل ما شهد به الأعداء، ويقولون بأعلى صوت: "إن دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة". [1] في ذلك درس وعبرة لنا في عدم التهور والحكم على الأمور بعاطفية تفسد أكثر مما تصلح فالمثنى لم يتسرع ويدخل حرباً يعلم تمام العلم أنها خاسرة فكيف لتسعة آلاف أن يواجهوا نصف مليون مقاتل فالمسلم أسد عندما تكون المواجهة في صالحه وثعلب لا يترك عدوه ينال منه عندما يضطر إلى الثعلبة والحرب كما قال الحبيب خدعة وإنما نقول هذا للذين استعجلوا الصدام مع الباطل المنتفش قبل الأخذ بالأسباب وخاضوا حروباً خاسرة لا لشيء إلا لئلا يقال إنهم هربوا. المصدر: موقع مفكرة الإسلام.
|
#186
|
||||
|
||||
موقعة الأنبار .. جسر الجمال
موقعة الأنبار.. جسر الجمال المكان: الأنبار - شمال غرب الحيرة - العراق الموضوع: جيوش الإسلام بقيادة خالد بن الوليد تؤمن فتوحات العراق. الأحداث: بعد أن فتح الله تعالى معظم بلاد العراق للمسلمين وذلك في أربعين يومًا فقط حتى فتحت الحيرة عاصمة الفرس العربية وأهم مدينة بعد المدائن, جاء الأمر من الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لخالد بن الوليد بأن يتوجه لإنقاذ المسلمين المحاصرين في دومة الجندل وكان خالد تواقًا لأن يهجم على المدائن لينهي الوجود الفارسي في العراق ولكنه امتثل لأوامر قائده العام الخليفة أبي بكر.. ولكن خالد رأى أنه إذا توجه لإنقاذ المسلمين في دومة الجندل فإن ذلك سوف يعرض المسلمين في الحيرة لخطر داهم, خاصة في ظل وجود قوات فارسية ضخمة ترابط في منطقة الأنبار وعين التمر, لذلك قرر خالد مهاجمة تلك المنطقتين وإزالة ما بهما من حاميات فارسية وذلك وهو في طريقه لإنقاذ المسلمين بدومة الجندل ورأى خالد أن يبدأ بمدينة الأنبار أولاً. لم يكن خالد من القواد الذين ينتظرون المفاجآت بل كان يعمل دائمًا على بث عيونه واستخباراته قبل خوض أي معركة وهو ما يسمى في الجيوش الحديثة بـ "سلاح الاستطلاع" وهو يعد من أهم أسلحة الجيوش وقد نقلت استخبارات خالد له شكل المدينة وحالها وموقفها التحصيني وكانت المدينة شديدة التحصين, مما يجعل مسألة السيطرة عليها ليست سهلة وذلك لسببين الأول موقع هذه المدينة على الشاطئ الشرقي لنهر الفرات وهذا يجعل بين الفرس والمسلمين حاجزًا مائيًا يهابه المسلمون.. الثاني وجود أسوار منيعة حول المدينة, ذلك بالإضافة لوجود خندق عميق يحيط بالمدينة من كل ناحية وكان أهل هذه المدينة عامتهم من النصارى عليهم قائد فارسي عاقل هو "شيرازاذ" في حين أن خالدًا قد عين قائدًا له على جيشه في هذه المعركة 'الأقرع بن حابس' رغم أنه ليس من السابقين ولكنه صاحب كفاءة حربية ممتازة. بدأ خالد يزحف بجيشه الصغير على هذه المدينة الحصينة فبدأ أولاً باجتياز نهر الفرات على الرغم من فيضان مائه في هذا الوقت وكان الرعب مستوليًا على الفرس والمتنصرة فلم يجرؤ أي منهما على الخروج للقاء جيش المسلمين على الرغم من خبرتهم بالنهر عن المسلمين, ولكن سمعة خالد وفتوحاته السريعة والقوية في العراق جعلت الجميع في حالة من الرعب الشديد.. وبعد أن عبر المسلمون كانت أول بوادر المقاومة هي قيام مجموعة من أهل المدينة برشق المسلمين بالسهام من على أسوار المدينة وكان هذا الرمي وبالاً عليهم إذ كشف خالد من خلاله أن هؤلاء المحاربين سذج لا يعرفون شيئًا عن علم الحرب والرمي فأمر كتيبة الرماة في جيشه -وكانوا من أمهر رماة العرب- برمي المحاربين رشقًا واحدًا كثيفًا على أن يوجهوا سهامهم إلى عيون هؤلاء المحاربين وبالفعل انطلقت السهام دفعة واحدة وكأنها لكثافتها كسرب من الطير فأصابت هدفها بدقة فقأت هذه السهام قرابة الألف عين فسميت هذه المعركة "ذات العيون", فصاح أهل المدينة: "ذهبت عيون أهل الأنبار", وصاحوا وماجوا وعمتهم الفوضى فسأل القائد الفارسي عما حدث, فلما علم أسرع لعقد صلح مع خالد ولكنه اشترط شروطًا تختلف مع شروط الإسلام في الحرب فلم يوافق خالد. كان الخندق المائي يمثل مشكلة حقيقية أمام جيش المسلمين فالخندق عميق ويحيط بالمدينة من كل الجوانب ولكن ذلك لم يكن ليمنع الأسد الضاري خالد صاحب العقلية العسكرية الفذة حيث قام بالدوران حول سور المدينة لدراسة هذا الخندق جيدًا حتى وقف عند نقطة معينة في الخندق وتفتق ذهنه عن فكرة عبقرية حيث وقف على أضيق نقطة في الخندق وأمر بذبح كل الجمال الهزيلة والمريضة وإلقائها عند هذه النقطة فردم تلك النقطة وصنع جسرًا من الجمال استطاع الجيش المسلم أن يعبر عليه بسهولة وأصبح الجيش المسلم محيطًا بأسوار المدينة استعدادًا لاقتحامها.. وعندما رأى القائد الفارسي"شيرازاد" ذلك سارع وعقد الصلح مع خالد بشروط الإسلام المعروفة على أن يخرج هو سالمًا بماله وعياله ويبلغ مأمنه, فوفى له خالد ذلك وبلغه مأمنه ودخل خالد وجيشه المدينة وأمن الناس على معايشهم. عندما عاد القائد "شيرازاد" إلى القائد العام الفارسي للعراق "بهمن جاذويه" لامه بهمن بشدة على الصلح مع خالد والتنازل عن هذه المدينة الحصينة رغم ضخامة قواته وكان "شيرازاذ" عاقلاً فقال له: "إن هؤلاء القوم -يقصد أهل الأنبار- قد قضوا على أنفسهم بالهزيمة عندما رأوا جيش المسلمين وإذا قضى قوم لأنفسهم بالهزيمة كاد هذا القضاء أن يلزمهم", ففهم بهمن كلامه واقتنع به. المصدر: موقع مفكرة الإسلام.
|
#187
|
||||
|
||||
بارك الله فيك
|
#188
|
||||
|
||||
معركة جالديران/د. خالد أحمد الشنتوت
معركة جالديران د. خالد أحمد الشنتوت معركة جالديران هي معركة وقعت في 23 أغسطس 1514 في جالديران بين قوات الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليم ياوز الأول ضد قوات الدولة الصفوية بقيادة إسماعيل الأول. انتهت بانتصار القوات العثمانية واحتلالها مدينة تبريز عاصمة الدولة الصفوية، وأدت إلى وقف التوسع الصفوي لمدة قرن من الزمان وجعلت العثمانيين سادة الموقف، وأنهت ثورات العلويين داخل الإمبراطورية. وترتب على المعركة بالإضافة إلى الاستيلاء على تبريز عاصمة الدولة الصفوية، سيطرة السلطان العثماني على مناطق من عراق العجم وأذربيجان ومناطق الأكراد وشمال عراق العرب، ثم توجهه صوب الشام حيث أكمل انتصاراته على المماليك حلفاء الصفويين بمعركة مرج دابق. كانت كفة المعركة منذ البداية لصالح الجيش العثماني فقد كانوا أكثر عددا وأفضل تسليحا من الصفويين, وقد أصيب الشاه إسماعيل حتى كاد أن يقضى عليه لولا فراره من المعركة تاركا كل ما يملكه لقمة سائغة لسليم وجنده, كما وقعت زوجته في أسر القوات العثمانية[6] ولم يقبل السلطان أن يردها لزوجها بل زوجها لأحد كاتبي يده انتقاما من الشاه[7]. البداية حينما فرض الشاه إسماعيل المذهب الشيعي على شعبه, وأعلنه مذهبا رسميا للدولة في إيران, وكانت ردود الفعل عنيفة خاصة وأن كثيرا من سكان المدن الرئيسية في إيران مثل تبريز كانواسنة[8]. فقام باستمالة قبائل القزلباش التركية العلوية المذهب إلى جانبه مما جعلهم عماد جيشه, وهي كانت بالأساس متذمرة من التدابير المالية والإدارية العثمانية بل وهيأت السبيل لحدوث اضطرابات كبيرة في الأناضول[9] مما جعله يعتمد عليهم بالقضاء على جميع معارضيه وفرض المذهب الشيعي بالقوة, فقضى على دولة آق قويونلو وقد كانت تشكل حاجزا بينه وبين العثمانيين. فباتت الدويلات الكردية والقبائل التركية في جبال طوروس الصغرى, والأقليات المسيحية في أرمينية كلها من ممتلكات الشاه حسب ادعائهم[10]. حتى احتل بغداد عام 1508 فهدم ما كان فيها من قبور أئمة سنة وذبح جماعة من علمائهم, فسرت شائعة في البلاد التركية بأن مذبحة عظيمة أصابت السنة ببغداد على يد الصفويين[11]. في هذه الفترة اتسمت العلاقات بين الصفويين والعثمانيين بالفتور، فمنذ بداية تسلم السلطان سليم الحكم وصله سفراء البندقية والمجر ومصر وروسية لتقديم التهاني له وأبرم معهم جميعا هدنة لمدد طويلة[12] ولم يصله سفير من إيران, فأدرك الجميع في هذا الوقت بالذات أن الحرب ستقع بين سليم وخصمه الشاه إسماعيل[13]. وكان سليم الأول ينظر بعين الارتياب إلى تحركات الصفويين، لاسيما بعد إرسال الشاه إسماعيل وفدا ضخما إلى قانصوه الغوري سلطان مصر ضم 200 عبد لإبلاغه عن تلك الحرب المتوقعة ودعوته للتحالف معه ضد السلطان سليم[14], بين له إنه إن لم يتفقا حاربت الدولة العثمانية كلا منهما على حدة وقهرته وسلبت أملاكه[15], فعزم على مهاجمة خصمه الصفوي وتسديد ضربة قوية قبل أن يستعد للنزال. لذلك أرسل هو الآخر وفدا إلى المماليك دعاهم إلى التحالف, لكن بعد مباحثات طويلة آثر المماليك التزام الحياد[16], وإن كانوا يميلون لجانب الصفويين. الاستعدادات للمعركة ( الاستعداد الداخلي) بعدما فرغ السلطان سليم من مشاكله مع إخوته، وعقد الصلح مع جيرانه الأوربيين لا سيما مع المجر. أمر بحصر عدد الشيعة المنتشرين في الولايات المتاخمة لبلاد العجم بشرق الأناضول وقتلهم جميعا ويقال إن عددهم حوالي 40 ألفا من القزلباش[17] ردًا على مجازر الصفويين للسنة بالعراق وتبريز وأذربيجان،[18] وحتى يقضي على أي تمرد قد يحدث مستقبلا. ثم جمع السلطان سليم الأول رجال الحرب والعلماء والوزراء في مدينة أدرنة في (19 من المحرم 920هـ= 16 من شهر مارس 1514م)، وذكر لهم خطورة إسماعيل الصفوي في إيران، وأنه اعتدى على حدود الدولة العثمانية، وأنه عامل بعنصرية في دولته أهل السنة والجماعة في وسط آسيا والهند وأفغانستان ويجب الذب عن إخوانهم في تركيا والعراق ومصر. ولهذا يرى ضرورة الجهاد المقدس ضد الدولة الصفوية[19]. ولم يجد السلطان العثماني صعوبة في إقناع الحاضرين بضرورة محاربة الصفويين، وخرج بعد 3 أيام من هذا الاجتماع على رأس جيش كبير من أدرنة إلى إسطانبول متجها إلى الأناضول الشرقي فتبريز بعد أن أوكل أمر إستانبول لابنه سليمان[20]. الاستعداد الخارجي أراد سليم منذ بداية حكمه الهدوء التام على الجبهة الغربية، وهذا الهدوء تمثل في علاقاته الدبلوماسية المستقرة مع الدول المجاورة له وهم النمسا وهنغاريا وروسيا[21] لم ينس السلطان سليم وهو في طريقه إلى الحرب أن يكتب إلى عبيد الله خان الأوزبك يذكره بقتل عمه شيباني، ويحثه على الانتقام من إسماعيل الصفوي، ويعلمه عن النوايا بالتحرك ضد إيران, ويوصيه بمهاجمة خراسانبمجرد وصول الجيش العثماني إلى إيران، وكان هدف سليم من ذلك أن يجعل إيران بين شقي الرحى من الغرب بهجومه، ومن الشرق بهجوم عبيد الله خان على خراسان. فكان رد عبيد الله خان علىسفارة السلطان بعد أشهر بسفارة أخرى, يعلمه بالموافقة وأنه انتصر على القوات الصفوية في سمرقند[22]. المسير إلى جالديران تحرك السلطان سليم على رأس جيش يبلغ عدده مائة وأربعين ألف مقاتل من مدينة "أدرنة" في 22 من المحرم 920هـ= 19 من مارس 1514م, فسار بجيشه حتى وصل قونية في 7 من ربيع الآخر 920= 1 من يونيو 1514م, فاستراح لمدة ثلاثة أيام، ثم واصل سيره حتى وصل آرزنجان في أول جمادى الآخرة 920 هـ= 24 من يوليو 1514م، ثم واصل المسير نحو أرضروم، فبلغها في 13 من جمادى الآخرة 920 هـ= 5 من أغسطس 1514. وحين وصل إلى مشارف قيصرية, بعث برسوله إلى علاء الدولة ذلقادر حاكم مرعش وألبستان, طالبا منه المساهمة في حرب الصفويين, لكن علاء الدولة اختلق الأعذار في عدم المجيء إليه, متعللا بكبر سنه وإنه لا يستطيع القيام بأي مجهود لكونه تحت الحماية المملوكية. وماإن مضى السلطان في طريقه حتى هاجم علاء الدولة ساقة الجيش بإيعاز من السلطان قانصوه الغوري[23]. وبسبب ذلك ترك السلطان سليم 40 ألفا من جنده ما بين سيواس وقيصرية, للحفاظ على الأمن بالأناضول من أي اختراق قد يحصل من أي جهة من الجهات التي تنافسه, ولحماية مؤخرة الجيش من أنصار الشاه وقوات ذلقادر[24], مع ذلك فالسلطان لم ينس فعلة ذلقادر فانتقم منه عند عودته[25]. مراسلات السلطان قبل وصوله لجالديران أرسل السلطان إلى قانصوه الغوري رسالة فيها تهديد مبطن يخبره بأن الدولة الصفوية غدت قاب قوسين أو أدنى من الزوال[26]. وقد تبادل مع الشاه إسماعيل عدة رسائل. ففي 23 محرم 920 هـ الموافق 19 مارس 1514 أرسل رسالة بالفارسية من إسكدار مع من يدعى قليج بعد أن تحرك قاصدا بلاد فارس[27], ثم أرسل رسالة أخرى بالفارسية من ازميد في شهر صفر 920 هـ إلى الشاه مفادها: ...إن علماءنا ورجال القانون قد حكموا عليك بالقصاص يا إسماعيل, بصفتك مرتدا, وأوجبوا على كل مسلم حقيقي أن يدافع عن دينه, وأن يحطم الهراطقة في شخصك, أنت وأتباعك البلهاء, ولكن قبل أن تبدأ الحرب معكم فإننا ندعوكم لحظيرة الدين الصحيح قبل أن نشهر سيوفنا وزيادة على ذلك فإنه يجب عليك أن تتخلى عن الأقاليم التي اغتصبتها منا اغتصابا, ونحن حينئذ على استعداد لتأمين سلامتك...[28] وأرسل مع رسالته خرقة ومسبحة وكشكولا وعصا رمز فرق الدراويش يذكره بأصله, فكان رد إسماعيل شاه على هذا الخطاب بأن أرسل إليه هدية عبارة عن علبة من الذهب مليئة بالأفيون قائلا: أعتقد أن هذا الخطاب كتب تحت تأثير المخدر[28][29][30]. وجاء في خطاب آخر أرسله يقول فيه: ... أنا زعيم وسلطان آل عثمان، أنا سيد فرسان هذا الزمان، أنا الجامع بين شجاعة وبأس افريدون الحائز لعز الإسكندر, والمتصف بعدل كسرى, أنا كاسر الأصنام ومبيد أعداء الإسلام, أنا خوف الظالمين وفزع الجبارين المتكبرين، أنا الذي تذل أمامه الملوك المتصفون بالكبر والجبروت, وتتحكم لدى قوتي صوالج العزة والعظموت, أنا الملك الهمام السلطان سليم خان ابن السلطان الأعظم مراد خان, أتنازل بتوجيه إليك أيها الأمير إسماعيل, يا زعيم الجنود الفارسية... ولما كنت مسلما من خاصة المسلمين وسلطانا لجماعة المؤمنين السنيين الموحدين... وإذ أفتى العلماء والفقهاء الذين بين ظهرانينا بوجوب قتلك ومقاتلة قومك فقد حق علينا أن ننشط لحربك ونخلص الناس من شرك..[31] مع ذلك لم يبد إسماعيل الصفوي حماسا للمعركة بسبب التفوق العددي، وحاول أن يتجنب ملاقاة العثمانيين فأرسل إليه بطلب الهدنة وتجديد علاقات السلم والصداقة بين الدولتين[32], فلم يقبل سليم وقتل الرسول وأرسل إليه برسالة إعلان الحرب بشكل رسمي يقول فيها وباللغة التركية: إن كنت رجلا فلاقني في الميدان, ولن نمل انتظارك.[33] وأرفقها بمجموعة من الألبسة النسائية والعطور وأدوات الزينة وذلك استهزاء بشخص الشاه لتهربه وتقاعسه من المسير إليه ويستعجله بالحرب[34][35], وهو ما حدا بالشاه إسماعيل بقبول التحدي وواعده بجالديران قائلا له: وأنا أيضا أعد العدةللحرب [36] وبدأت حرب استطلاع بين الطرفين, وبدأ سليم بالتحرك وعسكر في صحراء ياس جمن على مقربة من جالديران, ووصلته الأنباء التي أتت بها عيونه وجواسيسه تقول: إن الشاه إسماعيل الصفوي لا ينوي القتال وإنه يؤخره إلى أن يحل الشتاء كي يهلك العثمانيون بردا وجوعا. المعركة أسرع السلطان سليم بالمسير إلى جالديران بعدما علم أن الشاه على وشك الوصول إليها, وقد وصلها في أغسطس 1514 واحتل المواقع الهامة بها واعتلى الأماكن الهضبية فيها, مما مكنه من السيطرة على مجرى المعركة بعد ذلك[37]. في صبيحة يوم الأربعاء 2 رجب 920 هـ/ الموافق 23 أغسطس 1514 م, كان الطرفان قد أعدا العدة للحرب واصطفا استعدادا لبدء المعركة. وما إن أعلنت ساعة البدء حتى هدرت المدافع العثمانية وتعالت أصوات الجند من كلا الفريقين. وبعد معركة حامية الوطيس, انتصر العثمانيون بمساعدة الطوبجية (رماة البنادق), وانكسر جيش القزلباش وسقط أقوى قادته محمد خان استاجلو صريعا في أرض المعركة ووقع الكثير من قادته بالأسر, وأسرت أيضا إحدى زوجاته وتسمى تاجلو خانم[38], فلم يقبل السلطان أن يردها لزوجها بل زوجها لأحد كتابه تشفيا بالشاه, وأما الشاه فقد جرح في ذراعه وفر من المعركة متجها صوب تبريز بعد أن أنقذه أحد ضباطه ويدعى ميرزا سلطان علي من الأسر, مما حدا السلطان بأمر قائده أحمد باشا دوقاقين أوغلو بتعقب الشاه, الأمر الذي جعله يترك تبريز ويلوذ بخوي[39][40][41]. أما من وقع بالأسر من قوات الشاه إسماعيل، فقد أمر السلطان بإعدامهم جميعا، وأن يصنع من جماجم القتلى هرم لينصب في ساحة المعركة[42]. وذكر الدكتور حسن كريم الجاف بأن المقاتلين الأكراد كان لهم دورا مهما في المعركة، وذلك بأن جمعا منهم قد تركوا صفوف الجيش الصفوي وانحازوا إلى العثمانيين بسبب الظلم الذي وقع عليهم تحت يد قوات القزلباش بسبب انتمائهم للمذهب السني، وقد كافئ السلطان سليم بعد المعركة الأكراد بإعطائهم الحكم الذاتي لمناطقهم، واعترف بإماراتهم[42]. ما بعد المعركة دخل السلطان سليم مدينة تبريز بتاريخ 16 رجب 920 هـ واستولى على خزائن الشاه, ولكنه لم يستطع التقدم أكثر من ذلك, فقد لقي معارضة شديدة من أمراء جيشه, وكان المحرض الأول لهم قاضي عسكر الإنكشارية جعفر چلبي, الذي أعدمه السلطان بعد رجوعه إلى الأستانة، وأعدم معه قواد الجيش الذين كانوا سببا في عدم تقدم الجيش ضد الصفويين، ليكونوا عبرة لمن بعدهم. ورغم ذلك فقد كانت الظروف غير مواتية بسبب قلة المؤن لديه, وخلو تبريز من الأطعمة لجيشه الضخم حيث أحرق جنود القزلباش المنسحبين من المعركة وبأمر من الشاه إسماعيل جميع المؤن والأرزاق والمحصولات الزراعية في تبريز وضواحيها[42], ثم حلول فصل الشتاء عليهم، وعدم وجود الألبسة الملائمة لجنده لهذا الفصل[43][44]. وكذلك أثرت الغارات الليلية الي كان يشنها جنود القزلباش على القوات العثمانية، ودخولهم تبريز لخطف وقتل الجنود العثمانيين[42][45], لذلك فقد قرر إخلاء المدينة بعد اسبوع فقط من احتلالها ناقلا معه آلافا من أبرز تجارها وحرفييها وعلمائها إلى الأستانة. وكانت تلك عادتهم وعادة المغول من قبلهم في كل بلدة يحتلونها[46]. التوسع ما بعد جالديران وترتب على انتصار سليم الأول أن نهض رؤساء كردستان -وكانوا من السنة- لمساندة العثمانيين وأعلنوا ولاءهم له، ولم يمض وقت طويل حتى انضمت 23 مدينة للحكم العثماني, على الرغم من الاستحكامات العسكرية التي أقامها الصفويون بها, فعقد السلطان معهم اتفاقية صداقة وتحالف وذلك بفضل جهود الشيخ إدريس البدليسي[47][48] والذي نصبه السلطان كمفوض للإدارة الأهلية بتلك الأقاليم كمكافأة لما قدمه من خدمات للسلطنة. توسع العثمانيون فضموا إليهم أرمينيا وسائر مدن كردستان من ديار بكر وماردين والموصل وسنجار وحصن كيفا والعمادية وجزيرة ابن عمر[49] حتى أصبح الجزء الأكبر من مناطق الأكراد سواء بالعراق أو بإيران في يد العثمانيين، وأصبح الصفويون وجها لوجه مع العثمانيين، فبات من الصعب عليهم التوسع على حساب العثمانيين. آثار المعركة على العثمانيين مكنت تلك المعركة العثمانيين من التحكم بالطرق الرئيسية الإستراتيجية من الأناضول عبر القوقاز وسوريا وإيران[50], كما مكنتهم من تنظيم خطوط الدفاع والهجوم لتلك المناطق, وكذلك السيطرة على طرق التجارة العالمية وخاصة الحرير الفارسي من تبريز إلى حلب وبورصة وهو ما در عليهم دخلا مهما من المكوس المفروضة من تلك التجارة, وأخيرا فبسيطرته على المصدر الرئيسي لتجارة الرقيق في القوقاز أمكنه أن يضغط على المماليك من عدة اتجاهات خلال تلك الفترة المهمة[51]. • أدت معركة جالديران إلى تغيير الاستراتيجية التوسعية العثمانية، فبعدما كان اهتمامهم منصبا أساسا على أوروبا الشرقية اتجهوا نحو الاهتمام بالمشرق العربي وشمال إفريقيا. وكان من نتائج ذلك أن ضموا البلدان العربية الواحدة تلك الأخرى، في حين ضعف توسعهم في أوروبا. أثار المعركة على الصفويين • أدت معركة جالديران إلى اهتزاز صورة الشاه بالعراق مما أدى لانضمامها لاحقا للعثمانيين[52]. • وأدى أيضا انسحاب السلطان سليم القسري من تبريز إلى أن يستمر الشاه قويا داخل إيران. فقد استطاع الشاه أن يُلملم قواته, وأن يقوم ببعض المناوشات الخفيفة إبان انشغال السلطان في الشام ومصر[53]. • كان لسياسة الخنق الاقتصادي التي مارسها السلطان سليم ضد الصفويين أن جعلت الشاه يبحث عن حليف قوي, وقد توفر ذلك مع البرتغاليين النشطين بالبحار, فعقد معهم معاهدة عوضته خسارة بعض النقاط الإستراتيجية التي أخذها العثمانيون[54]. المصادر 1. Keegan & Wheatcroft, Who's Who in Military History, Routledge, 1996. p. 268 يقول فيها "توجه السلطان سليم شرقا مع 60000 جندي من الإنكشارية ويعتبرون من أفضل المشاة بآسيا وبالتساوي مع السيباهي وهم من الخيالة الشديدي الانضباط والعسكرية. [...] الجيش الأذري الخاضع للشاه إسماعيل يحتوي بالكامل من القبائل التركمانية المجندة مدعومة من الخيالة ولكن فيهم ضعف. وهم أقل من عدد من الترك, وقد كسرت قوتهم أمام الإنكشارية والذين اتخذوا مواقعهم الثابتة قبل بدء المعركة." 2. H.A.R. Gibb & H. Bowen, "Islamic society and the West", i/2, Oxford, 1957, p. 189 3. Roger M. Savory, دائرة المعارف الإسلامية, "صفويون", Online Edition 2005 4. اسلام اون لاين: جالديران.. الطريق إلى المشرق الإسلامي 5. أصول التاريخ العثماني. أحمد عبد الرحيم مصطفى. دار الشروق. القاهرة. ط3 2003.ص:79 6. دراسات في تاريخ العرب في العهد العثماني. الطبعة الأولى 2003 ISBN 9959-29-164-2 دار الكتب الوطنية/بنغازي ليبيا. ص:18 للدكتور فاضل بيات المحاضر بالجامعة الأردنية, نقلا عن معلومات مستقاة من مخطوطات عثمانية مذكورة بمراجع الكتاب. 7. تاريخ الدولة العلية العثمانية للأستاذ محمد فريد المحامي. دار الجيل ط 1977 ص:74 8. الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط. للدكتور علي الصلابي| دار المعرفة بيروت|الطبعة الثانية 2005| ص:200 و 201 9. فاضل البيات ص:16 10. أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث. ستيفن لونكيرك (المفتش الإداري السابق في الحكومة العراقية). ونقله إلى العربية جعفر الخياط. ط. الخامسة 2004 ص:33 11. ستيفن لونكيرك ص:32 12. تاريخ الدولة العلية العثمانية|محمد فريد المحامي| ط 1977| ص: 73 13. فاضل بيات. ص:17 14. فاضل البيات ص:17، نقلا عن مخطوطة (هاممه ر, دولت عثمانية تاريخي, استانبول 1330, ج4، ص 112 15. محمد فريد المحامي ص:74 16. ابن إياس. بدائع الزهور: ورأى المماليك أنه من المناسب إرسال قوات إلى أطراف حلب لمرابطتها هناك 17. فاضل البيات ص: 17 18. علي الصلابي ص:201 19. علي الصلابي ص:202 20. عباس صباغ ص:129 نقلا عن هامر ف ب: تاريخ امبراطوري عثماني, ترجمة: ميرزا زكي علي مازندراني، به اهتمام: جمشيد كيان فر, تهران, 1367هـ 21. عادل صباغ. ص:128 22. تاريخ العلاقات العثمانية الإيرانية: الحرب والسلام بين العثمانيين والصفويين. للدكتور عباس إسماعيل صباغ المحاضر بجامعة بيروت العربية وجامعة الإمام الأوزاعي. دار النفائس. بيروت ط الأولى 1999 ص:128 23. عباس صباغ ص:129 نقلا عن V.Parry. A History of Ottoman Empire to 1730< Cambridge P:70. وراغب الطباخ: أعلام النبلاء في تاريخ حلب الشهباء, حلب, 1988, (3/103), وقد أرسل لقانصوه الغوري يخبره بما فعل علاء الدولة, فرد عليه الغوري بكتاب:" إن علاء الدولة عاص فإن ظفرت به فاقتله" وفي نفس الوقت أرسل إلى علاء الدولة يشكره على فعله ويغريه بالاستمرار بتصلبه تجاه العثمانيين. 24. عباس الصباغ ص:129 25. عباس الصباغ. ص:133 وذكر فيها أن السلطان انتدب عند عودته من جالديران صدره الأعظم وعلي بن شاهسوار (وهو ابن أخي علاء الدولة ذلقادر) لإنهاء غائلة علاء الدولة كرد انتقامي لفعلته قبل معركة جالديران, ولإتمام سيطرته على التخوم الشمالية للشام من جهة أخرى, ولم يعد الصدر الأعظم لسيده إلا بعد قتل ذلقادر بالمعركة 26. ابن اياس. بدائع الزهور في وقائع الدهور. القاهرة 1984 (ج4/ص384) 27. تاريخ الدولة العثمانية. د أحمد فؤاد متولي. القاهرة 2005 28. نقلا عن كتاب: جهود العثمانيين لإنقاذ الأندلس في مطلع العصر الحديث. د نبيل عبد الحي رضوان. مكتبة الطالب الجامعي. ط 1988. ص 435 29. تاريخ الدولة العثمانية. ص:186 30. فلسفة التاريخ العثماني. محمد جميل بيهم بيروت 1954. ص:115 ويقصد بهذا أن الولد كأبيه, فقد كان بايزيد الثاني يتعاطى الأفيون 31. فتح العثمانيين عدن وانتقال التوازن من البر إلى البحر. محمد عبد اللطيف البحراوي. دار التراث. ط 1979 القاهرة. ص: 113. 32. علي الصلابي. ص: 204 33. تاريخ الدولة العثمانية. د أحمد متولي ص:188 نقلا عن كتاب منشآت الملوك والسلاطين, لأحمد فريدون. مخطوط بمكتبة طوبقبو سراي تحت رقم R1960. ص:359 34. عباس صباغ. ص:130 نقلا عن المرجع الفارسي عبد الرضا هوشنك مهدوي. تاريخ روابط خارجي إيران. تهران 1369 هـ 35. في أصول التاريخ العثماني. أحمد مصطفى. يذكر فيها: كان الشاه إسماعيل يتجنب القتال هربا من تفوق قوات سليم وعازما على سحبه إلى الأراضي الجبلية حيث تمكنه طبيعة الأراضي ومشاكل التموين من موازنة القوتين, ولكن ضغط قبائل القزلباش التي أغضبها اتهام العثمانيين لهم بالجبن فطالبت بخوض غمار القتال. 36. أحمد فريدون. ص:357 37. علي الصلابي. ص:204 38. تاريخ الدولة العثمانية. د أحمد متولي ص:188 39. عباس صباغ ص:130 40. محمد جميل بيهم. العرب والترك في الصراع بين الشرق والغرب. بيروت 1957. ص:103 41. محمد فريد ص:74 42. موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج:3 من بداية الدولة الصفوية إلى نهاية الدولة القاجارية.ص: 23-24 د حسن كريم الجاف. الدار العربية للموسوعات. بيروت. ط:الأولى 2008م - 1428هـ 43. عباس صباغ. ص:130 44. فاضل بيات. ص:18 45. حبيب الله شاملوني: تاريخ إيران ازماد تابهلوي. ص:615 وذكر فيها: أن أهالي تبريز والقزلباش الموجودين فيها قد شكلوا خلايا سرية في منطقة شام غازان وكانت تغير ليلا على القوات الإنكشارية وتمعن فيهم تقتيلا. 46. الدكتور, محمد التونجي (2004). بلاد الشام إبان العهد العثماني. دار المعرفة. ISBN 9953-429-79-0. 47. عباس صباغ ص:132 48. يذكر فاضل بيات عنه بأنه عالم ومؤرخ كردي, كان يعمل كاتبا في ديوان دولة الأقويونلي قبل سيطرة الصفويين, وبعد معركة جالديران دخل في خدمة الدولة العثمانية 49. نبذة في ذكر ملوك آل عثمان. مخطوط مجهول المؤلف موجود بمكتبة الأسد الوطنية. دمشق. رقم 8434. ص:51 50. أحمد عبد الرحيم مصطفى، في أصول التاريخ العثماني. ص:81 51. تاريخ الدولة العثمانية. أحمد فؤاد متولي. ص:194 52. تاريخ الدولة العلية. لمحمد فريد بيك. ص:90, ذكر فيها: دخل السلطان سليمان القانوني مدينة بغداد فاتحا إياها بدون حرب بتاريخ 24 جمادى الآخرة عام 941 هـ / 31 ديسمبر عام 1534 53. عباس الصباغ.ص: 134 54. علي الصلابي. ص:206 مراجع عربية • الدكتور عباس إسماعيل صباغ، تاريخ العلاقات العثمانية الإيرانية الحرب والسلام بين العثمانيين والصفويين، دار النفائس. • محمد فريد المحامي، تاريخ الدولة العلية العثمانية، دار الجيل. • د فاضل بيات، دراسات في تاريخ العرب في العهد العثماني رؤية جديدة في ضوء الوثائق والمصادر العثمانية، دار المدار الإسلامي. ISBN 9959-29-164-2. • د علي محمد الصلابي، الدولة العثمانية عوامل النهوض والسقوط دار المعرفة. بيروت. ISBN 9953-446-15-6 • سيد محمد السيد، دراسات في التاريخ العثماني، القاهرة. • د.أحمد فؤاد متولي ود.هويدا محمد فهمي، تاريخ الدولة العثمانية منذ نشأتها حتى نهاية العصر الذهبي، كلية آداب عين شمس، ايتراك للنشر والتوزيع. القاهرة ISBN عن موقع رابطة أدباء الشام
|
#189
|
||||
|
||||
اللواء محمد عكاشة يكشف أكذوبة صاحب الضربة الجوية الأولى
اللواء محمد عكاشة يكشف أكذوبة صاحب الضربة الجوية الأولى ثلاث عقود مضت ارتبطت حرب أكتوبر المجيدة في أذهان المصريين وبخاصة الشباب بالضربة الجوية الأولى وبالدور الذي لعبه الرئيس السابق حسني مبارك فيها، وطوال هذة السنوات لم يتح الإعلام الحكومي الفرصة لأحد لتعديل هذا المفهوم أو لإلقاء الضوء على دور مئات الآلوف من المقاتلين الذين شاركوا في حرب أكتوبر. فما حقيقة الضربة الجوية بالضبط وما هو الدور الحقيقي الذي لعبه الرئيس السابق فيها؟ للحقيقة وللتاريخ توجهنا بهذة الأسئلة إلى اللواء طيار أركان حرب المتقاعد محمد ذكي عكاشة وهو أحد الطيارين القلائل الذين شاركوا في الحروب المصرية كافة منذ حرب اليمن وحتى حرب أكتوبر، كما أنه أحد الباحثين في التاريخ العسكري وله عدة كتب في تأريخ الحروب العربية الإسرائيلية خاصة. بداية يقول اللواء محمد عكاشة أنه شعر بالصدمة حينما سأله أحد الشباب في ميدان التحرير عن حقيقة ما إذا كان مبارك بالفعل قد استقل طائرته وقاد القوات الجوية في حرب أكتوبر أو أنه كان صاحب أول قنبلة تلقى على إسرائيل!، مضيفا أن جيل الشباب وقع ضحية وسائل إعلام ومناهج تعليم خبيثة. ويتابع بقوله أن حسني مبارك نفسه لا يستطيع ان يقول ان الضربة الجوية الأولى بدأت في السادس من أكتوبر فقد بذل الجنود والقادة العرق والدماء على مدى سنوات حتى تتحقق بهذا الشكل. فلا يمكن فهم الضربة الجوية الأولى دون إلقاء النظر على الهزيمة الفادحة التي تعرضت لها مصر في يونيو 1967 وهي الهزيمة التي خرجت القوات الجوية منها شبه منتهية حيث تم تدمير نحو 90 بالمائة من الطائرات المصرية ، لكن من حكمة الله تعالى ان عدد الشهداء من الطيارين لم يتجاوز 24 طيارا استشهدوا جميعا في الجو بعد قتال مرير في محاولات لإفشال العدوان الإسرائيلي في بطولات فردية منقطعة النظير لكن حجم الهزيمة لم يتح الفرصة لإبراز حجم هذة البطولات. أحد هؤلاء كان هو الشهيد طيار فتحي سليم الذي خرج بتشكيله المقاتل في اليوم الثاني للعدوان فوق منطقة شرم الشيخ وتمكن من اسقاط طائرتين “نور أطلس” محملتين بنحو 120 جندي من جنود المظلات الإسرائيلي واشتبك مع تشكيل الحماية المعادي واسقط منهم طائرة، لكنه استشهد اثناء هبوطه بعد ان ارتطم بإحدى الحفر الناتجة عن القصف. اذكر ذلك لأوكد على ان الطيران الذي اشير اليه بأصبع الإتهام في الهزيمة لم يكن مسئولا عنها، على العكس فقد ظُلم ظُلما بينا خاصة بعد الهزيمة وهو ما شكل ضغطا نفسيا رهيبا على الطيار المصري المقاتل الذي شعر بالإهانة البالغة لأن الطيار الإسرائيلي ليس أفضل منه في شئ . وكيف تغلبتم على اثر هذة الهزيمة الساحقة؟ بعد هزيمة يونيو تخلصنا من اثار الهزيمة وتماسكنا بأسرع ما يمكن وبدأنا في مرحلة شاقة في غياب تام للدفاع الجوي، ولمدة ثلاثة أشهر وقع العبء على القوات الجوية لحماية سماء مصر ومطاراتها فكنا نقوم بعمل مظلات جوية لمدة 14 ساعة يوميا، وهو ما أدى لإرهاق وإجهاد كبير جدا للطيارين وعدم وجود وقت للتدريب لرفع الكفاءة فضلا عن تأثير هذا التحليق المتواصل على الطائرات ، مما دفع بالقيادة إلى الإكتفاء بتكثيف طياري ما يعرف بالحالة الأولى حيث يتم ربط الطيار داخل الطائرة في وضع الاستعداد على الممر للإنطلاق فورا في حالة الخطر. وكان أول ظهور للقوات الجوية بعد الهزيمة يومي 14 و15 يوليو 1967 حين صدرت لنا الأوامر بضرب مواقع إسرائيلية في شرق القناة ، وكان لهذا الظهور اثر عظيم في قواتنا البرية التي كانت تظن ان قواتها الجوية قد انتهت. بعد ذلك بدأت القوات الجوية الإسرائيلية في القيام بطلعات استطلاع على الجبهة المصرية، وكان من المطلوب وقتها ان نقوم نحن ايضا باستطلاع الضفة الشرقية لمعرفة اماكن تمركز العدو في الوقت الذي لم نكن نمتلك فيه اي طائرات استطلاع، وهنا ظهرت عبقرية المقاتل المصري حيث ابتكرنا اساليب مدهشة للإستطلاع ، أحد هذة الطرق كان ان تقوم طائرة هليكوبتر بالطيران على ارتفاع منخفض للغاية للهروب من مدفعيات العدو ومن باب الطائرة المفتوح يتدلى جندي من قسم التصوير ويقوم بتصوير المواقع يدويا بينما يمسك به زملائه من الداخل حتى لا يسقط! لكن هذة الطريقة كانت برغم براعتها غير مجدية في استطلاع المواقع العميقة بسبب عدم قدرة الهليكوبتر على التحليق في عمق العدو ، وهنا ابتكر الجندي المصري وسيلة اخرى بحيث يتم رسم مسار ملاحي لإحدى الطائرات المقاتلة وكانت من طراز سوخوي ويقوم الطيار بحمل مسجل صوتي يدون فيه صوتيا ما يراه على المسار المرسوم له وبعد العودة يتم تفريغ هذا التسجيل وبمقارنة المسار والاحداثيات مع سرعة الطائرة المعروفة يمكن رسم صورة لما هو موجود بالفعل على الجبهة الاخرى. وهل استمرت جهودكم في خانة الدفاع فقط؟ لا، ففي ديسمبر 68 ورغبة منا في كبح جماح العدو وسيطرته الجوية قمنا بكمين جوي بسيط عن طريق الدفع بطائرتين كطعم لسحب الطائرات الإسرائيلية إلى حيث تكمن اربعة طائرات اخرى على ارتفاع منخفض للغاية لتجنب الكشف الراداري . وتم تنفيذ هذا الكمين بقيادة اللواء ممدوح طليبة بشكل مبهر واسقطنا يومها اربع طائرات إسرائيلية دفعة واحدة وعادت طائراتنا كلها سالمة. وشكلت هذة العملية فرحة عارمة بين الطيارين وثقة بالنفس لا توصف. وفي هذة المرحلة بدأنا في تدريب الطيارين بشكل جديد كليا مقارنة بما كان يتم قبل 67 حيث كان التدريب وقتها كلاسيكيا وفرديا وضعيفا في الوقت ذاته، فقد كان الطيار يطير نحو 6 ساعات شهريا ، وابان هزيمة يونيو كان هناك طيارين لم يطلقوا النار منذ سنة او سنة ونصف. وتبعا لنظام التدريب الجديد كان الطيار يطير 20 ساعة شهريا ويطلق النار من الطائرة 10 مرات شهريا وأدى كل هذا الى طفرة في مستوى وكفاءة الطيار المصري. ومع بداية حرب الاستنزاف كانت القوات البرية وبخاصة قوات الصاعقة تخوض معارك عنيفة وبطولية إلى اقصى حد مع القوات الإسرائيلية وكانت تعبر إلى الضفة الشرقية فتدمر مواقع وتأسر جنود حتى وصل الأمر إلى العبور في “عز الظهر” لتنفيذ عملية “لسان بورتوفيق” الشهيرة التي تم فيها تدمير هذا الموقع تماما وقتل كل من فيه في العاشر من يوليو 1969. في هذة المرحلة قررت إسرائيل الدفع بالطيران للضرب في الجبهة المصرية وكان ذلك في يوم 20 يوليو 1969 وضربت بورسعيد الساعة 2 ظهرا ، وبعد ساعتين صدرت لنا الأوامر بالهجوم على موقعين إسرائيليين في سيناء احدهما موقع شئون إدارية والاخر موقع لصواريخ الهوك التي كانت تشكل احدث تكنولوجيا في الترسانة الأمريكية في هذا الوقت ، وكان بإمكان هذا الصاروخ الانطلاق على ارتفاعات منخفضة جدا لا تتجاوز 30 متر وعلى جانبنا كانت الطائرات التي انطلقنا بها وهي الميج 17 مصنعة عام 1948! لكن لإيماننا بقدرة الطيار المصري فقد انطلقت بالسرب في السادسة مساءا زحفا على ارتفاع 15 متر وعبرنا سيناء لأول مرة منذ عامين وبرغم هذا الارتفاع المنخفض جدا انطلق صاروخ الهوك علينا بالفعل ومر على بعد امتار من طائرتي ووصلنا للموقع ودمرناه كما تم اسقاط طائرتين اسرائيليتين من طراز ميراج بواسطة طائرات الميج 21 المصرية واستشهد لنا طيار واحد. واستثمارا لهذا النجاح الكبير تم استغلال هذا التكتيك في تدمير هذا الموقع بالذات كلما اعيد بناءه ولمدة سنة كاملة نظرا لأنه كان يعوق دخول القوات الجوية المصرية من المحور الشمالي. وطوال هذا العام لم يتمكن العدو من التعامل مع هذا التكتيك لأنه كان محسوبا بالثانية حيث كان يتم تدمير الموقع في تسع دقائق بالضبط ثم تقوم طائراتنا بالدخول استغلالا لهذة الثغرة وضرب تمركزات العدو قبل ان يتم اعادة بناء الموقع والذي كان يستغرق 12 ساعة. واستمر هذا الوضع حتى وقف اطلاق النار في 8 أغسطس 70 بعد مبادرة روجرز. وبنهاية حرب الإستنزاف بدأنا التفرغ للتدريب المتواصل والتحضير لمعركة التحرير. واين كان مبارك من كل هذا؟ نتيجة خلافات متراكمة بين قائد القوات الجوية في ذلك الوقت الفريق مدكور ابوالعز وبين وزير الدفاع الفريق اول محمد فوزي قرر الرئيس جمال عبد الناصر عزل قائد القوات الجوية الفريق مدكور أبو العز وإحالة 19 من قادة القوات الجوية إلى المعاش وتعيين ضابط برتبة اقل من وزير الدفاع في هذا المنصب، فتولى العميد مصطفى الحناوي قيادة القوات الجوية وتولى العميد علي بغدادي رئاسة الأركان. ونتيجة لهذة المصادفة البحتة أصبح مبارك رقم 3 في القوات الجوية بعد أن كان رقم 22 وتولى في أكتوبر 1967 إدارة الكلية الجوية نتيجة جهوده المعروفة في الانضباط . في هذا الوقت كان مطلوبا من الكلية الجوية تخريج عدد كبير من الطيارين نتيجة العجز المتراكم منذ سنوات، كما ان مقر الكلية نُقل من بلبيس إلى ثلاث مقرات بديلة في امبابة والمنيا ومرسى مطروح بعيدا عن الجبهة . وفي هذا الوقت الحرج قام العميد حسني مبارك بدور هائل في ادارة الكلية من ثلاث مواقع فضلا عن التدريب المتواصل لتخريج الدفعات في اقصر وقت ممكن. وفي مايو 1969 عُين العميد طيار محمد حسني مبارك رئيسا لأركان حرب القوات الجوية ليصبح الرجل المسئول عن العمليات طوال حرب الإستنزاف حيث لعب دورا جيدا جدا وسط الطيارين دعما وتشجيعا ومناقشة في نتائج الطلعات. هل ترى ان مبارك هو صاحب الفضل الأول في هذة الحرب؟ بداية حرب أكتوبر 73 في رأيي ليست من أروع حروب التاريخ ولكنها بالفعل أروع وأعظم حرب في التاريخ ، لعدة أسباب علمية أولا: فقد دخلنا المعركة في ظل تفوق إسرائيلي واضح في السلاح والتكنولوجيا ففي الوقت الذي كانت تمتلك فيه قوات العدو آخر ما انتجته العقول في الولايات المتحدة وفرنسا كنا نعاني من المعدات السوفيتية العتيقة. ثانيا: القوات الإسرائيلية متحصنة بأقوى خط دفاعي عرفه التاريخ (خط بارليف) المكون من 35 نقطة حصينة بطول القناة عبارة عن قلعة لا يمكن اختراقها. هذا الخط قال عنه الخبراء السوفييت انه لا يمكن اختراقه الا بقنبلة ذرية. ثالثا: هناك ايضا اصعب مانع مائي في العالم وهو قناة السويس. رابعا: اسرائيل دولة نووية. خامسا: اسرائيل تتلقى دعما أمريكيا مفتوحا. لكن الإنسان المصري هو الذي تغلب على كل هذة الصعاب بأفكار مدهشة وعبقرية.. وهو نفسه الذي خاض هذة الحرب جنديا وقائدا ومدنيا ايضا. بعد كل هذا لا يمكننا اختزال هذة المعزوفة السيمفونية في قرار او في ضربة جوية لأن هذا مجهود مئات الالوف ولا يمكننا حتى ان نقول ان فلانا هو الذي ادى اكبر او افضل دور. حينما نقول ان حرب أكتوبر هي الضربة الجوية الأولى فنحن بذلك نسطح الأمور جدا ونظلم حرب أكتوبر التي هي اعظم واكبر شأنا من مجرد ضربة جوية أولى. حسنى مبارك قام بأعمال جيدة ولاشك لكن اخطاءه العسكرية كانت فادحة ايضا وان كان هذا ليس الوقت المناسب للحديث عنها. والضربة الجوية الأولى لم تكن من تصميم او تخطيط حسني مبارك وإنما قام بالتخطيط لها فرع العمليات بأكمله برئاسة اللواء طيار محمد شبانة رحمه الله. والاعلام الساذج الخبيث نفسه حينما يتحدث عن الضربة الجوية الأولى فهو ينسب الفضل إلى غير أهله ويتناسى جهود جنود عظام فالضربة الجوية الأولى قام بها 6 الاف فرد بينهم 200 طيار و500 مهندس و5000 ميكانيكي ، وهناك من قام بأضعاف الجهد الذي قام به مبارك لكن احدا لا يذكرهم على الاطلاق. فعلى سبيل المثال المهندس اللواء جمال محمد علي رئيس الهيئة الهندسية التي قامت ببناء كمية تفوق الخيال من المباني طوال السنوات الست التي سبقت الحرب ضمت بناء مطارات جديدة بالكامل وتطوير المطارات القديمة وبناء دشم حماية الطائرات في كل المطارت ، وهذة الدشم كانت فكرة مصرية خالصة عبارة عن غرفة اسمنتية لحماية الطائرات قام ببناءها المهندسين والعمال المصريين بينهم اولاد وبنات في عمر الزهور رأيناهم بأعيننا .. ألم يشارك هؤلاء في حرب أكتوبر؟ وقد كان نتيجة عملهم ان القوات الإسرائيلية لم تستطع تدمير طائرة واحدة على الأرض. اللواء محمد علي فهمي قائد قوات الدفاع الجوي الذي استطاع في ليلة واحدة ان ينقل كل وحداته الى القناة بطول 180 كيلو متر. اللواء محمود فهمي قائد القوات البحرية الذي لم يحضر للأسف حرب أكتوبر نتيجة ابعاده في اكتوبر 1972. هذا الرجل هو الذي صنع تاريخ القوات البحرية بالعمليات التي اشرف على تنفيذها بنفسه خلال حرب الاستنزاف ومنها عمليات ايلات المشهورة. فصائل المهندسين العسكريين الذين قاموا بتجريف الساتر الترابي بمدافع المياه وهي الفكرة التي ابتكرها المهندس باقي ذكي يوسف. هناك ايضا اللواء ابراهيم شكيب الذي ابتكر فكرة سد فتحات النابالم تحت مياة القناة. وقبل كل هؤلاء لا يمكن ان ننسى مهندس هذة الحرب العظيمة الفريق سعدالدين الشاذلي رحمه الله الذي اهين ومحيت ذكراه عمدا. هذا الرجل الذي ظل يعد لكل تفصيلة دقيقة من الحرب على مدى ثلاث سنوات. فاختزال حرب أكتوبر في الضربة الجوية الأولى يغطى على اعمال كل هؤلاء. كيف ترد على من يقول أنه يكفي الرئيس مبارك أنه جنب مصر خطر الحروب على مدى ثلاثين عاما؟ الحرب ليست كلها شر ففيها خير كثير جدا فالتقدم العلمي كله كان نتاج للحروب فالقنبلة الذرية ظهرت نتيجة للحرب، ولو كنا حاربنا خلال الثلاثين سنة الماضية كنا على الاقل سنموت بشكل كريم لا ان نموت في عبّارة او بفيرس سي او في قطار مشتعل. هل كنت تتوقع ما فعله الشباب في ثورة يناير؟ فوجئت طبعا بما فعله الشباب، وأرى ان هذة الثورة تقف على قدم وساق مع حرب أكتوبر فنحن حررنا الأرض لكن ارادة الوطن لم تتحرر واختطف الوطن منا للأسف بواسطة رجال اعمال وامن وعصابات ، فهؤلاء الثائرين اعادوا الوطن المخطوف. عن موقع المؤرخ
|
#190
|
||||
|
||||
غزوة الأحزاب .. قراءة معاصرة/سلام عبد التواب
غزوة الأحزاب .. قراءة معاصرة سلام عبد التواب لا شك أن قراءة السيرة لا بد أن ترتبط بالتعلم من دروسها؛ ذلك لأن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: أولاً: جزء من سنته التي أمرنا الله -عزَّ وجلَّ- باتباعها. وثانيًا: لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قد مَرَّ في جهاده من أجل إعلاء كلمة الله تعالى، وإنشاء الدولة الإسلامية الأولى بكل ما يمكن أن تمر به الأمة في سعيها نحو إعادة تمكين الشريعة الإسلامية، وإقامة دولة الخلافة من جديد، وتحقيق مفهوم الأمة الواحدة كما أراد الله تعالى. من هنا فإن قراءة أحداث السيرة بمفهوم عصري، أي إسقاط الأحداث على ما يجري حاليًّا هي خطوة ضرورية لفهم ما يجري، وما يمكن أن يحدث بعد ذلك ومن ثَمَّ يمكننا من خلال إعادة قراءة أحداث غزوة الأحزاب فَهْم ما جرى في غزة، وما يحدث في المنطقة. لقد كانت صدمة المشركين في غزوة بدر 2هـ ضخمة؛ إذ لم يتوقعوا أن تُهزَم جحافلهم المدججة بجميع أنواع الأسلحة من ثلث عددها الذين لا يحملون إلا السيوف، وكذلك كانت صدمة اليهود في المدينة المنورة الذين كانوا يتابعون الأحداث بعد أن قبلوا مضطرين إلى القبول بالمعاهدات مع النبي صلى الله عليه وسلم، آملين أن تتغلب قوى الشرك على دولة الإسلام الوليدة. من هنا قامت قريش بالاستعداد لغزوة أُحُد التي جرت في العام التالي 3هـ، وكان النصر متراوحًا بين المسلمين في بداية المعركة، والمشركين في نهايتها بعد مخالفة أغلب الرماة الشهير لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم. هدأت قريش قليلاً بعد هذه المعركة؛ فقد حققت شبه انتصار حاولت أن تجد فيه سلوى وتعويضًا عن هزيمة بدر، وسكنت جراحها شيئًا ما، وإن لم تندمل تمامًا، ولكن كان هناك من كان قلقهم يتعاظم من ترسخ وجود دولة الإسلام، وهم اليهود. اليهود يحركون قوى الكفر: لقد وجد اليهود -وخاصة يهود بني النضير الذين طردهم النبي صلى الله عليه وسلم إثر بعض خياناتهم- أن تعاظم قوة الدولة المسلمة ليس في صالحهم، ولا يخدم أهدافهم الإستراتيجية المتمثلة في القضاء على الفكرة الإسلامية من الأساس، والسيطرة على المدينة المنورة كبداية من خلال إثارة الحروب والنزاعات بين الأوس والخزرج، ثم السيطرة على بقية الجزيرة العربية وقبائلها من خلال ترسيخ أنهم أفضل من بقية العرب لأنهم أهل كتاب، ومن خلال سيطرتهم على المال، والسلاح، واستخدام الربا في السيطرة على الأفراد والزعماء، واستخدام الجنس وإشاعة الفاحشة كذلك. من هنا بدأ اليهود وقد أقلقهم مرور الأيام والشهور دون حروب من قريش ضد المسلمين، فبدءوا في إرسال وفود إلى قبائل العرب تدعوهم وتحرضهم على ضرب الوجود الإسلامي في المدينة المنورة ضربة تجتثه تمامًا، وتقضي عليه، وكان على رأس الوفود حُيَيُّ بن أخطب سيِّد بني النضير. التحريض: بدأت تلك الوفود بقريش -لأنها صاحبة العداوة الأولى والمصلحة المباشرة في القضاء على الإسلام- وبدأ الوفد يحرض قادتها، وبالتأكيد قد قالوا لهم: إن استمرار وجود المسلمين قد أفقدكم هيبتكم، ويوشك أن يقضي على مصالحكم باعتباركم سدنة بيت الله الحرام، والمتحكمين في زوَّاره، والمستفيدين من موسم الحج بالتجارة، وبيع الأصنام، وقد كانت العرب تدين لكم بالطاعة، أما إن استمر المسلمون فسيدخل الجميع في الإسلام، وتفقدون كل شيء. واقتنعت قريش بالأمر، ورغم صلات القربى التي تجمع أفرادها بالمسلمين إلا أن الكيد اليهودي آتى ثماره، وأخذت المراجل تغلي في الصدور تشوقًا لليوم الفصل، ولكن اليهود لم تكتفِ بقريش؛ فقد كانت تريد توجيه ضربة قاصمة للدولة الإسلامية لا تقوم بعدها أبدًا. ومِن ثَمَّ فقد جابت الجزيرة العربية تطلب التأييد من كل القبائل، بل تطلب المشاركة الكاملة في الحشد والقتال، والحصار الاقتصادي إن لزم الأمر. استطاع اليهود إقناع القبائل بنفس ما أقنعوا به قريشًا، وتشكل الحشد العربي غير المسبوق -لا في مناصرة الحق، وذوي رحمهم من المسلمين، ولكن- من أجل إعلان الحرب الشاملة عليهم. ولكن أدرك اليهود أنه لا بد من وجود مساعدة داخلية تسهل للحشد العدوان، وتحقيق الانتصار.. لا بد من عنصر خائن عميل يضرب المسلمين في ظهورهم بينما هم مطمئنون إليه، ووجدوا بغيتهم في يهود بني قريظة المرتبطين بمعاهدة مع النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن هل يقبل بنو قريظة أن يخونوا الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين؟ لقد رفضوا في البداية، ولكن حيي بن أخطب ظلَّ يحاول إقناع سيدهم كعب بن أسد القرظي، ويذكر له الحُلم اليهودي في السيطرة وامتطاء الأمم؛ حتى وافق كعب على شرط أنه إذا لم يستطع العرب الانتصار على المسلمين، وتركوا المدينة ورجعوا أن يدخل حيي بن أخطب مع بني قريظة، ويجري عليهم معًا ما سيجري لهم من عقاب الرسول صلى الله عليه وسلم. وبقي في التخطيط المتكامل للعدوان إعداد الترتيبات التالية للغزو والانتصار؛ فلو تم الهدف من المعركة، وقُتِلَ الرسول صلى الله عليه وسلم، وأكابر الصحابة، ورجع الباقون عن الإسلام، أو خضعوا لسلطان المشركين؛ فمن سيتولى الأمر في المدينة؟ مَن السلطة التي ستتولى حكم المدينة تحت وصاية اليهود؟ وكان البديل متوافرًا في المنافقين، وعلى رأسهم عبد الله بن أُبَيّ بن سلول، ومن ثَمَّ اكتمل التخطيط. كان اكتمال الحشد يحتاج لوقت طويل؛ فهذا اجتياح لم يسبق له مثيل، والهدف كبير، ولا بد من إعداد طويل قد يحتاج شهورًا؛ لذا لا بد من خداع المسلمين حتى لا يتنبهوا للأمر، فلا مانع إذن من التهدئة معهم؛ حتى يصرفوا فكرة الحرب والاستعداد لها من عقولهم. ولكن على الجانب الآخر كان النبي صلى الله عليه وسلم مُتيقِّظًا؛ لذا أخبرته عيونه بما يُدَبَّر؛ فعقد مجلسًا تشاوريًّا خرج منه باقتراح سلمان الفارسي -رضي الله عنه- بحفر الخندق لحماية المدينة، ومنع المشركين من اقتحامها، وتم الحفر بمشاركة الرسول صلى الله عليه وسلم. الحصار: وتكون أكبر جيش عرفته الجزيرة العربية -عشرة آلاف مقاتل- ووصلت الجيوش المشركة، وعجزت أمام الخندق، وأمام العزائم الصلبة التي تحلَّى بها المسلمون، وبدأت محاولات اقتحام الخندق التي باءت بالفشل أمام بسالة المسلمين في الدفاع عنه. انتهزت وسائل إعلام المنافقين فرصة الحصار والتضييق، وبدأت في العمل { هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا } [الأحزاب: 11، 12]. وبدءوا يحرضون المسلمين على الفرار من الخندق؛ { قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً } [الأحزاب: 18]. أمَّا المؤمنون فكان الحصار الشديد دافعًا لهم إلى زيادة الإيمان والتسليم؛ { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا } [الأحزاب: 22] . وجاهر بنو قريظة بالعداوة، وهم المحتلون للجبهة الجنوبية للمدينة، ويستطيعون تمكين المشركين من دخول المدينة من جهتهم، وأخذت وسائل إعلامهم تشوِّه صورة المسلمين، وتُظهرهم أنهم كانوا هم السبب فيما حدث من حصار للمدينة، وأن المدينة قبل مجيء الرسول والإسلام كانت آمنة مطمئنة؛ فلما أتوا أصابها الخطر، وتجمع العرب حولها يريدون تدميرها. الانتصار: لم يكن الله عزَّ وجلَّ ليترك المؤمنين على ما هم فيه من الحصار، ويُشْمِت بهم الأعداء، وما كان الله لينصر المشركين على دينه، ولكنه -سبحانه وتعالى- أراد أن يُعلِّمَنا درسًا جديدًا بليغًا في قواعد النصر والهزيمة؛ فليس معنى النصر دائمًا أن تقضي على عدوك تمامًا، أو أن تقتل منه عددًا كبيرًا، فقد تكون قواتك أقل عددًا وعُدَّة من قواته؛ لذا فحينها يكون صمودك أمام عدوك، وثباتك على دينك ومبدئك هو النصر، وسوف يُكمِل الله تعالى لك الباقي. جاء نصر الله عزَّ وجلَّ في هذا الوقت بشكل جديد؛ فأرسل ريحًا كفأت قدور المشركين، واقتلعت خيامهم، وقذف الله في قلوبهم الرعب؛ فصاروا لا يستطيع الواحد منهم الخروج وحده، ولم يعودوا يحاولون اقتحام الخندق؛ حتى أيقنوا أنهم لا مقام لهم، فرجعوا خائبين لم يحققوا هدفهم { وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا } [ الأحزاب: 25-27]. ونحن قد شاهدنا النصر في غزة كما شاهده المسلمون في الخندق، ونرجو من الله استكمال النصر بإذنه، وأن يهزم اليهود ومن عاونهم، ويورثنا أرضهم، وديارهم وأموالهم، وأن يمكِّن لنا ديننا الذي ارتضى لنا، { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا } [الأحزاب: 27] . عن موقع قصة الإسلام
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
:::عبدالرحمن::: |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 26 ( الأعضاء 0 والزوار 26) | |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |