27-05-08, 03:46 AM
|
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قلية من المسلمين وسط كثرة من المسيحيين والنازيين، الصرب وراءهم والكرواتيون أمامهم، ورغم ذلك لم يبدلوا شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، ماتوا من أجلها بالآلاف، وكان بإمكانهم أن يتنكروا بسهولة لهذا الدين الذي لا يعرفون حتى لغته، يحفظون آيات قليلة من القرآن الكريم ليؤدوا بها شعائر الدين، إنهم البوسنيون الأبرار لمحمد، رسول السلام والمحبة والإخاء، ذاك الذي أوحى له الله بجملة خالدة حين يقول عز من قائل:"وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" سورة الفرقان الاية: 63
" إنه الرجل الذي لم يقتل أعداءه سوى في حروب واضحة مفتوحة، لم يسجل عن رسول الله أنه أمر بالاغتيال والسفك إلا وفق شرع الله، من هذه التعاليم السمحة تعلم البوسنيون أرقى سلوك يمكن لمسلم أن يتصف به، السلام إلى أبعد الحدود، والتمسك بالإيمان حتى الموت
أما في حياتهم اليومية فهم لا يختلفون عن الأوروبيين في لباسهم وعاداتهم وسلوكهم اليومي، إنهم يعرفون أن الأبواب المشرعة للإفتاء في الدين تطلق وحشا عملاقا من قمقمه لا يقدّر أحد طوله ولا عرضه، كل من امتلك بعض ناصية العلم الفقهي يفتي بما شاء، ولكم أن توقفوا هذا البحر المتلاطم الذي يحرم ما شاء ويحل ما شاء، بينما الحكمة في الدين الإسلامي هي وزن عمل المسلم أكثر من عباداته، هذا هو المنطق السليم. لقد دخلنا في دائرة مغلقة من التفاهات التي لا تزيدنا إلا تقهقرا إلى الوراء
من هو المسلم الحق؟
هو الذي يميط الأذى عن الطريق، هو الذي يقسم رغيفه ويقتطعه من جوعه ويهديه لأخيه المسلم في خفية من الناس وبقلب رحب، هو الذي يمسك أذاه عن الناس، هو الذي يموت من أجل إسلامه ولا يبيع إيمانه حتى ولو كان بينه وبين الموت شعرة، مثل ما فعل البوسنيون الأحرار. الإسلام دين رحمة ومحبة وأخوة، ومن دخله فعليه أن يتبصر كتاب الله وسنته، لا أن يسمعه مترجما عن الآخرين، خاصة إذا وهبه الله نعمة القراءة، فما الذي يخيفنا من كتاب الله أن نتلوه ونتدبر أحكامه وشرائعه ونفائسه؟
لا نستطيع أن نغلب العالم بالعنف، لأن العالم يمهلنا ريثما يتضح أمرنا، ليصبح المسلم مغضوبا عليه من الشرق إلى الغرب، حتى ليخاف المسلم الجهر بإسلامه تالله لقد ركبت مع بعض الفرنسيين في سفر، وحين دار الحديث وبلغ منتهاه، بحت لهم بأني مسلم، فانقطع الكلام وانكمش كل واحد منهم ينظر خارج القطار ثم بدأوا يتسللون الواحد تلو الآخر حتى تركوني وحيدا، وأنا الذي أعجبتهم بمواقفي السليمة من كل القضايا التي تكلمنا فيها، حتى الفرنسية منها، أحسست وكأني ضيعت أصدقاء أعزاء بسرعة و لسبب لا أعلمه، ولو قلت لهم مثلا أني بوسني أو تركي حتى، لتقربوا مني أكثر، لأنهم يفرقون بين إسلام أمة وأخرى، ويكفي أن يرتكب مواطنك حماقة حتى يلحقك الضرر في شرفك وسمعتك ونواياك، فهل يفقه المسلمون اليوم أن العالم لم يخلق لنا وحدنا؟ وأننا نستطيع الدفاع عن الإسلام والمسلمين بالسلام أكثر من الحرب؟ وأن كل الأمم تتقن الشر، ومنها من يتقنه أكثر منا بمسافات طويلة، وأن الدوام للعمل وليس لشكل ممارسة الدين، وأن أعمالنا هي صور لديننا، وأن من أراد أن ينصر الإسلام أمام عيون العالم فعليه أن يقدم له صورة مشرقة، صورة حقيقية لآخر الأديان السماوية وأكثرها سماحة ورحمة ومحبة.
علي الوكيلي
Sunday, April 27, 2008
|