العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#71
|
|||||||||||
|
|||||||||||
4 رجب 948هـ ـ 21 أكتوبر 1541م هذه واحدة من أعظم معارك الإسلام في الجزائر، وواحدة من فصول العزة والكرامة والصمود الإيماني القوي لأهل الجزائر الأحرار، وكانت بلاد الجزائر أو المغرب الأوسط تحت حكم الدولة الحفصية التي عمل حكامها على موالاة ومهادنة ملوك إسبانيا النصرانية خوفًا وطمعًا, مما جعل أهل البلاد يضيقون ذرعًا بحكامهم الخونة ومن الوجود الإسباني الكبير على أراضيهم، فأرسلوا إلى السلطان العثماني يطلبون منه مساعدتهم في التخلص من حكامهم الجبناء ومن الاحتلال الأسباني لسواحلهم, فوافق وأرسل قائديه «خير الدين بربروسا» وأخاه «عروج» ففتحا بلاد الجزائر وضمهما للدولة العثمانية, وبعد فترة وجيزة استشهد عروج وبقي خير الدين يقود الجزائر وحده. عمل خير الدين على تقوية الأسطول الجزائري ليكون أداة تهديد رادعة للعدوان الإسباني، وليقوم بدور هام في نجدة مسلمي الأندلس الذين كانوا يعانون الفظائع والويلات من الإسبان، وابتداء من سنة 936هـ ـ 1529م، قامت نيابة الجزائر وقائدها «خير الدين» بجهود رائعة في إنقاذ آلاف المسلمين من إسبانيا، وتضررت إسبانيا من نجاح خير الدين في الشمال الإفريقي، وكانت إسبانيا يتزعمها وقتها «شارلكان» إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة وهي تضم وقتها كل من إسبانيا وبلجيكا وهولندا وألمانيا والنمسا وإيطاليا، وكان شارلكان يعتبر رأس العالم الصليبي، كما أن السلطان سليمان القانوني هو رأس العالم الإسلامي، لذلك اعتبر «شارلكان» جهود «خير الدين» لنجدة مسلمي الأندلس اعتداءً عليه وقرر الهجوم على بلاد الجزائر واجتياح سائر بلاد الشمال الإفريقي. نظرًا لجهود خير الدين العظيمة قرر السلطان سليمان القانوني الاستعانة بجهوده في الجبهة الأوروبية وقام بنقله إلى إستانبول وتولى مكانه في قيادة الجزائر «حسن الطوشي» وهو رجل لا يقل كفاءة عن خير الدين، فانتهز شارلكان الفرصة وقرر القيام بعمل ضخم ضد الشمال الإفريقي ولكنه انتظر حتى أنهى خلافاته الكبيرة مع ملك فرنسا [فرانسوا الأول] سنة 945هـ ـ 1538م، ثم دعا بعدها لحملة صليبية ضخمة على الجزائر اشترك فيها بجانب جنسيات الدول التابعة للإمبراطورية الرومانية فرسان مالطة وكرسي البابوية، وبلغ تعداد الحملة مئات الآلاف وأكثر من ستمائة سفينة، وسار شارلكان بحملته الصليبية الجرارة ورسا على شواطئ الجزائر في 28 جمادى الآخرة 948هـ. اجتمع «حسن الطوشي» مع زعماء الجزائر وقادة جنده وقروا الدفاع عن البلاد حتى آخر قطرة في دمائهم، واستثار «حسن الطوشي» حمية المسلمين هناك حتى تقاسموا جميعًا على الموت في سبيل الله والإسلام، وأسرع «حسن» وأعد جيوشه واستعد لمعركة حاسمة على أرض الجزائر، وقد رأى «شارلكان» تجهيزات أهل الجزائر ودفاعاتهم فسخر منها وأراد أن يدخل عليهم الهزيمة النفسية، فأرسل إليهم برسائل تهديد ووعيد وإنذار بالويل والثبور إن هم لم يسلموا البلد له، ولكن «حسن الطوشي» رد عليه برسائل قوية تفيض عزة وكرامة فقال له: «تعال واستلم القلعة والبلد إن قدرت, ولكن لهذه البلاد عادة، أنه إذا جاءها العدو لا يعطى إلا الموت» وذكره بهزيمة إسبانيا على سواحل الجزائر مرتين من قبل وأن الثالثة ستحصل له بإذن الله . أيقن شارلكان أن أهل البلاد مصممون على الدفاع عنها خاصة بعد أن طلبوا منه أن يسمح لمن أراد الخروج من أهل الجزائر مثل النساء والأطفال بالمرور، وما كان في ظن شارلكان ومن معه أن المدينة ستصمد أو تقاوم وكانت مشروعاتهم تدور فيما بعد الجزائر، فلم ينزلوا مدافع القصف وفوجئوا بمقاومة في منتهى العنف والشدة خاصة من كتائب المتطوعين الذين انهالوا على مدينة الجزائر بمجرد سماعهم نزول الأسبان عليها, وكانوا أجدر وأخبر بأرض المعركة من عدوهم, ثم جاءت الإمدادات الإلهية حيث هبت ريح عاصفة وزوابع بحرية قوية قلبت سفن العدو وخيامه ومعسكره، وانهال المطر على المنطقة فأفسد مفعول البارود . حاول شارلكان وسط هذه الكوارث حفظ ماء وجهه بالهجوم الشامل على مدينة الجزائر عبر باب الواد في 4 رجب 948هـ ـ 21 أكتوبر 1541م، وعندها كشف أهل الجزائر عن الوجه الحقيقي وظهرت بطولات رائعة خاصة من كتيبة الحاج بكير قائد الفرسان التي أوقعت خسائر كبيرة في صفوف المقدمة الإسبانية، واتبع المسلمون أسلوب الكر والفر العربي القديم في التعامل مع العدو الإسباني، وفشلت محاولات شارلكان لكسب ولو شبر من أرض الجزائر، واضطر لأن يلملم أشلاء جيشه وحملته الفاشلة ويبحر على من بقي من أسطوله المحطم من عار وخزي الهزيمة. توجه شارلكان إلى إيطاليا ولم يتوجه إلى إسبانيا، وكان لفشل شارلكان في حملته الصليبية على الجزائر أثر عميق على الصعيد العالمي بأسره, فلقد نزلت أخبار الهزيمة كالصاعقة على أوروبا وانفرط عقد التحالف الأوروبي الصليبي وانفض الجميع من حول شارلكان الذي لم تقم له بعدها قائمة, وظل يلعق جراح هزيمته بالجزائر حتى هلك بعدها بقليل. سلو شارلكان كم رأى من جنودنا فليس لـه إلا هُمُ من زواجــر فجهـز أسطولاً وجيشًا عرمرمـًا ولكنـه قد آب أوبـة خـاسـر
|
#72
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مالقة: من المدن الأندلسية القديمة, دخلها الإسلام في الأيام الأولى لدخول طارق بن زياد للأندلس؛ و ظلت لمدة 8 قرون بيد المسلمين حيث كانت من أواخر المدن الأندلسية التي سقطت بيد النصارى. لقد كان دخول النصارى إليها مختلفا عن دخولهم لغرناطة رغم أنهم تعهّدوا بتأمين أهلها على أموالهم و أنفسهم كما فعلوا في هذه الأخيرة. فإذا كان النصارى قد احترموا بنود اتفاقية غرناطة على الأقل خلال السنوات الأولى, فإن بنود اتفاقية تسليم مالقة لم يكد يجف حبرها على الورق حتى سٌفكت الدماء و انتهكت الأعراض و استرقّ الأحرار و بُعث ببعضهم هدايا للبابا. و إذا كان أهل غرناطة لم يحملوا السلاح في وجه الغزاة عند دخولهم لغرناطة, فإن فرسان مالقة من البربر الغماريين و المالقيين, على رأسهم حامد الثغري و علي دربال, آثروا الموت على رؤية الغازي النصراني سيدا لمالقة. و كان لهم –رحمهم الله- ما أرادوا حيث تمركزوا في جبل الفارو Gibralfaro و قاتلوا حتى نفذت قواهم, فتم قتل و اعتقال الغماريين و سجنهم في زنازين تحت الأرض. يصف الأستاذ محمد عبد الله عنان رحمه الله اللحظات التي سبقت و التي تلت سقوط مالقة: (كان ملك قشتالة يحرص على المضي في تحقيق خططه لسحق البقية الباقية من دولة الإسلام في الأندلس قبل أن يعود إليها اتحاد الكلمة, فيبعث إليها روحا جديدة من العزم و المقاومة. و كان من الطبيعي أن يؤثر البدء بغزو القواعد الشرقية و الجنوبية التي يسيطر عليها مولاي الزغل, لأن الزغل لم يكن يدين بطاعته, و كان يبدي في مقاومته عزما لا يلين و لايخبو, و لأنه من جهة أخرى كان يرتبط بأمير غرناطة بصلح يمتد إلى عامين, و قد أراد أن يسبغ على عهوده مسحة غادرة من الوفاء, و أخيرا لأنه كان يريد أن يعزل غرناطة و أن يطوقها من كل صوب, قبل أن يسدد إليها الضربة الأخيرة. و قد رأينا كيف سقطت قاعدة بلش حصن مالقة من الشرق في يد النصارى, بعد دفاع عنيف, في جمادى الأولى سنة 892ه (مايو 1487م). و على أثر سقوطها غادرها معظم أهلها, و تفرقوا في أنحاء الأندلس الأخرى الباقية بيد المسلمين, و جاز كثير منهم إلى عدوة المغرب, و استولى النصارى على جميع الحصون و القرى المجاورة, و منها حصن قمارش و حصن مونتميور, و استطاعوا بذلك أن يشرفوا على مالقة من كل صوب. و كانت مالقا ما تزال أمنع ثغور الأندلس, و قد أضحت بعد سقوط جبل طارق عقد صلتها الأخيرة بعدوة المغرب, و كان فرديناند يحرص على أن يقطع كل وسيلة ناجعة لقدوم الإمداد من إفريقية وقت الصراع الأخير. و كان الاستيلاء على مالقة يحقق هذه الغاية. و من ثم فإنه ما كاد النصارى يظفرون بالاستيلاء على بلش و الحصون المجاورة, حتى زحفوا على مالقة و طوقوها من البر و البحر بقوات كثيفة, و ذلك في جمادى الثانية سنة 892ه (يونيو 1487م) و امتنع المسلمون داخل مدينتهم, و كانت تموج بالمدافعين و على رأسهم نخبة مختارة من أكابر الفرسان, و معهم بعد الأنفاط و العدد الثقيلة. و كانت مالقة تدين بالطاعة للأمير محمد بن سعد الزغل صاحب وادي آش, و لكنه لم يستطع أن يسير إلى إنجادها بقواته خوفا من غدر ابن أخيه أمير غرناطة, فترك مالقة إلى مصيرها و هو يذوب تحسرا و أسى. و لكنه فكّر في وسيلة أخيرة لعلها تجدي في إنقاذ الأندلس من خطر الفناء الداهم, هي أن يستغيث بملوك الإسلام لآخر مرّة, فأرسل رسلا إلى أمراء أفريقية و إلى سلطان مصر الأشرف قايتباي. و لم يكن من المنتظر إزاء بعد المسافة أن تصبر مالقة على ضغط النصارى حتى يأتيها المدد المنشود. و كان يتولى الدفاع عن الثغر المحصور جند غمارة و زعيمهم حامد الثغري. و أبدى المسلمون في الدفاع عن ثغرهم أروع ضروب البسالة و الجلد, و حاولوا غير مرّة تحطيم الحصار المضروب عليهم, و فتكوا بالنصارى في بضع مواقع محلية, و مع ذلك فقد ثابر النصارى على ضغطهم و تشديد نطاقهم, حتى قطعت كل علاقة للمدينة المحصورة مع الخارج, ومنعت عنها سائر الإمداد و الأقوات؛ و عانى المسلمون داخل مدينتهم أهوال الحصار المروع, و استنفدوا كل ما وصلت إليه أيديهم من الأقوات, و أكلوا الجلود و أوراق الشجر, و فتك بهم الجوع و الإعياء و المرض, و مات كثيرون من أنجاد فرسانهم, و لم يجدوا في النهاية لهم ملاذا سوى التسليم على أن يؤمنوا في أنفسهم و أموالهم. و هكذا سقطت مالقة بعد دفاع مجيد استطال ثلاثة أشهر في أيدي النصارى, و ذلك في أواخر شعبان 892ه (18 أغسطس 1487م) و لم يحافظ فرديناند على ما بذله لأهلها من عهود لتأمين النفس و المال, و أصدر قرارا ملكيا باعتبار أهلها المسلمين رقيقا يجب عليهم افتداء أنفسهم و متاعهم, و يفرض على كل مسلم أو مسلمة مهما كان السن و الظروف, الأحرار منهم و العبيد الذي في خدمتهم, فدية للنفس و المتاع, قدرها ثلاثون دويلا من الذهب الوازن اثنين و عشرين قيراطا, أو ما يوازي هذا القدر من الذهب و الفضة و اللآلئ و الحلي و الحرير؛ و أنه يسمح لمن أدوا هذه الفدية, إذا شاءوا, بالعبور إلى المغرب و تقدم السفن لنقلهم, و أنه لا يسمح للمسلمين ذكورا أو إناثا بالعيش أو الإقامة في مملكة غرناطة, و لكن يسمح لهم أن يعيشوا أحرارا آمنين في أي ناحية من نواحي قشتالة, و أنه لا يتمتع بهذه المنح بنو الثغري و زوجاتهم و أولادهم, و بعض أفراد أشار إليهم القرار (1). و دخل النصارى المدينة دخول الفاتحين, و عاثوا فيها و سبوا النساء و الأطفال, و نهبوا الأموال و المتاع, و فرّ من استطاع من المسلمين إلى غرناطة أو وادي آش أو جاز إلى العدوة. و كان هذا التصرف نموذجا لما يضمره ملك النصارى نحو معاملة المسلمين المغلوبين, و لما تنطوي عليه سياسته من نكث للوعود و العهود. و تقول الرواية الإسلامية المعاصرة في وصف محنة أهل مالقة: (و كان مصابهم مصابا عظيما تحزن له القلوب و تذهل له النفوس, و تبكي لمصابهم العيون.). (2) سنة 1987م, و بمناسبة مرور 500 سنة على احتلال مالقة, قام رئيس البلدية بيدرو ابريسو Pedro Aparicio بإعلان يوم 18 غشت عيدا للمدينة. نعم هو عيد لأبناء المحتلين, أما بالنسبة للشعب الأندلسي فهو يوم يحمل ذكرى بطعم العلقم, يوم شهد إخراجهم من النور إلى الظلمات. و في هذا الإطار قام الأندلسيون بالدعوة لمقاطعة المهرجان المنظّم سنويا من طرف بلدية مالقا للاحتفال بهذه الذكرى, لأنه بمشاركة الأندلسيين في هذه المهرجانات يتنكرون لما قام به حامد الثغري و الأجداد من مجهودات لبقاء مالقة مسلمة. فهو عيد لأبناء النصارى المحتلين الذين يبتهجون باحتلال المدينة, فكيف يحتفل به من اضطهد أجداده جراء هذا الاحتلال.
|
#73
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من دولة واحدة لممالك متنازعة ظلت الأندلس نحو ثلاثة قرون دولة واحدة، تخضع لحكومة مركزية قوية منذ أن أشرقت عليها شمس الإسلام في عهد الخلافة الأموية، ومكثت طوال هذه المدة متحدة الأجزاء كأنها كتلة واحدة، لا تعرف عدوا لها سوى أسبانيا النصرانية في الشمال. وتعاقب على الأندلس حكام أقوياء من قِبل الأمويين قبل أن تستقل وتصير دولة ذات مجد وسؤدد، منذ أن أسس بها "عبد الرحمن الداخل" خلافة أموية عقب سقوط الأمويين في المشرق سنة (132 هـ= 749م) وقيام الخلافة العباسية. سقوط الخلافة الأموية في الأندلس غير أن الخلافة الأموية الزاهرة أصابها الوهن، ودب في أوصالها أعراض الضعف والانحلال، وصارت ألعوبة في أيدي الطامعين والمغامرين، ومطمعًا للظامئين إلى الملك والسلطان، حتى اختتمت سلطانها، ولفظت أنفاسها الأخيرة سنة (422 هـ= 1031م) بعد أن دامت مائتين وأربعة وثمانين عامًا منذ قيام عبد الرحمن الداخل بتأسيسها سنة (138هـ =756م). ساد الأندلس بعد سقوط الخلافة الأموية حالة من الفوضى والارتباك، وتمزقت أشلاء متفرقة، وصارت إمارات صغيرة، ودويلات متعددة، عُرفت في التاريخ الأندلسي باسم عصر ملوك الطوائف، حيث استقل كل أمير بناحية، وجعل من نفسه ملكًا وسلطانًا. قيام دولة بني ذي النون في طليطلة مدينة طليطلة كانت طليطلة من كبرى دول الطوائف رقعة ومساحة، وتحتل موقعًا حربيًا هامًا؛ حيث تقع على مشارف الأندلس الشمالية الوسطى، وعرفت منذ قيام الدولة الإسلامية بالأندلس بالثغر الأوسط؛ نظرًا لمتاخمتها حدود الممالك الأسبانية النصرانية، وعدت بذلك حاجز الدولة الإسلامية الشمالي الأوسط ضد عدوان النصارى. وقامت في هذه المنطقة بعد سقوط الخلافة الأموية دولة "بني ذي نون" حيث تولى إسماعيل بن ذي نون حكم طليطلة سنة (427هـ= 1036م) لكنه لم يمكث في الحكم إلا قليلاً؛ إذ توفي في سنة (435هـ= 1043م) وخلفه ابنه يحيى بن إسماعيل، وتلقب بالمأمون. الاستعانة بالقشتاليين وقد استطال مدة حكم "المأمون بن ذي النون" ثلاثة وثلاثين عامًا، أنفق معظمها في حروب داخلية مع منافسيه من ملوك الطوائف، واستهل صراعه مع "ابن هود" صاحب مملكة "سرقسطة"، وهو جاره من الناحية الشمالية الشرقية، واستعان كل منهما في صراعه على توسيع رقعة مملكته ودولته بقشتالة ونافار الإمارتين المسيحيتين، بدلاً من أن يقفا معًا سدًا منيعًا في وجههما. استباح النصارى أراضي المملكتين المسلمتين، بمساعي ابن هود وابن ذي النون الذميمة، وساءت أحوال المسلمين بعد أن عاث النصارى في أرضهم فسادًا، وتحركت مساعي الصلح بين الأميرين المسلمين، فتظاهرا بالرغبة في الصلح والمهادنة، ثم لم يلبثا أن عاودا القتال، كل واحد منهما يفسد أرض الآخر، وينزل بها الخراب والدمار بمساعدة حلفائه، واستمرت هذه الفتنة بين الأميرين ثلاثة أعوام من سنة (435 هـ= 1043م) إلى آخر سنة (438 هـ= 1046م)، ولم تتوقف هذه الحرب الوضعية إلا بوفاة ابن هود، وهدأت الأمور. صراع في مملكة قشتالة بعد أن استولى المأمون على إمارة بلنسية وضمها إلى دولته سنة (457هـ= 1065م) توفي في السنة نفسها فرناندو ملك قشتالة، وشب صراع بين أولاده الثلاثة: "سانشو" ملك قشتالة، و"ألفونسو" ملك ليون، و"غرسيه" ملك جليقية، واشتعلت حرب أهلية استمرت أعوامًا، انتهت بانتصار "سانشو" سنة (463هـ= 1071م) واغتصاب ملك أخويه، فلجأ "ألفونسو" إلى طليطلة طالبًا حماية المأمون بن ذي النون، فأكرم ضيافته، وعاش لمدة أشهر معززًا مكرمًا، حتى إذا توفي أخوه "سانشو" عاد إلى قشتالة ليتولى عرشها، وقد استغل هذا الأمير مدة إقامته في طليطلة في دراسة موقعها، ووضع الخطط التي تمكنه من الاستيلاء عليها إذا سنحت له الفرصة.. وهذا ما حدث بعد ذلك. ولاية حفيد المأمون توفي المأمون سنة (467هـ= 1075م) بعد أن نجح في بسط سلطانه على رقعة كبيرة من أرض الأندلس، وامتد حكمه ليشمل بلنسية وقرطبة، وقد خلفه حفيده "يحيى بن ذي النون" وكان فتى مترفًا قليل الخبرة والتجارب، يساعده وزير محنك له بصر بالأمور ودراية بالسياسة، لكن بطانة السوء زينت ليحيى ضرورة القضاء عليه، والتخلص منه، بدعوى استبداده بالأمر دونه، فمال إليهم، ونجحت مؤامرتهم في الفتك بالوزير الكفء في أوائل المحرم (468 هـ= 1076م). جنى يحيى بن ذي النون نتائج سياسته الحمقاء، فتعرض لدسائس خصومه بالداخل، وغارات جيرانه بالخارج، فتعرضت طليطلة لغارات ابن هود صاحب سرقسطة، الذي كان يستعين بالجند النصارى، وخلعت بلنسية طاعتها، واستقل بها حاكمها، واسترد المعتمد بن عباد قرطبة حاضرة ملكه. التجأ يحيى إلى قشتالة يلتمس منها الصون والحماية، نتيجة عجزه عن إدارة دولته، وضبط أمورها، وكان يحيى يعترف بطاعته لملك قشتالة ويدفع له الجزية، كما كان يفعل جده، ولكن ملك قشتالة غالى هذه المرة في طلباته، واشترط دفع مزيد من المال، وتسليم بعض الحصون القريبة من حدوده.. كل ذلك "ويحيى بن ذي النون" عاجز عن رده، حتى كادت خزائنه تنضب. أدت هذه السياسة إلى اشتعال الثورة في طليطلة ضد حاكمها، فلاذ بالفرار هو وأهله إلى حصن "وبذة" سنة (473هـ= 1080م)، تاركًا طليطلة بلا حكومة، تضطرم بالفوضى، ولم يجد أهلها بدًا من استدعاء "المتوكل بن الأفطسي" أمير بطليوس ليتولى أمرهم، فقبل على كره منه، لكن يحيى عاود الاتصال مرة أخرى بملك قشتالة طالبًا عونه فأجابه إلى طلبه، وخرج معه في سرية من فرسانه، وساعده في الجلوس على عرشه المضطرب سنة (474 هـ= 1081م). أطماع ملك قشتالة كان ملك قشتالة قد أعد خطة ماكرة للاستيلاء على طليطلة، ساعده على تحقيقها تحالفات مخزية مع بعض ملوك الطوائف، مثل الحلف الذي عقده مع "المعتمد بن عباد" ملك إشبيلية، تعهد فيه بأن يعاون ابن عباد بالجند ضد أعدائه من الأمراء المسلمين، وفي مقابل ذلك يتعهد ابن عباد بأن يدفع لملك قشتالة جزية كبيرة، وأن يتركه حرًا طليقًا في أعماله ضد طليطلة، وألا يعترض سبيله في الاستيلاء عليها، وكان معظم ملوك الطوائف يؤدون في ذلة الجزية لملك قشتالة خوفًا من تهديداته، وطلبًا لعونه ضد بعضهم بعضا، ولم يسلم من هذا التصرف الشائن سوى الأمير المتوكل بن الأفطس صاحب بطليوس. ومن جانب آخر اتبع ملك قشتالة سياسة إرهاق طليطلة بشن الغارات المتوالية عليها، وتخريب مزارعها واستنفاد مواردها، وظل يمارس تلك السياسة أربع سنوات كاملة، منذ أن أعاد يحيى بن ذي النون إلى عرشه سنة (474هـ= 1081م)، حتى يجد الفرصة السانحة للانقضاض على المدينة المنهكة، فلا تقدر على دفع الخطر الداهم عنها. وضحت سياسة ملك قشتالة لكل ذي عينين، لكن ملوك الطوائف أصاب أعينهم العمى، فلم يروا الأخطار المحدقة بهم، وقيد خطوهم تحالفاتهم المخزية مع ملك قشتالة، وانشغالهم بمحاربة بعضهم بعضا، وبعد بعضهم عن مسرح الأحداث، ولم تُجْدِ الصرخة المنذرة التي أطلقها العلامة أبو الوليد الباجي الذي طاف عليهم ، يثير فيهم نخوتهم، ويحرك ضمائرهم، ويذكرهم بأخوة الإسلام، وإغاثة الملهوف، وإعانة المحتاج، لكن صيحته ضاعت سدى، وغلبت الأهواء كل تفكير سليم. سقوط طليطلة وفي سنة (477هـ= 1084م) ضرب ألفونسو ملك قشتالة حصاره حول طليطلة، ولم يتقدم أحد لنجدتها، وكان يمكن لملك إشبيلية المعتمد بن عباد أن يكون أول من يقوم بالنجدة، لكنه لم يفعل هو ولا غيره، باستثناء المتوكل بن الأفطس، الذي أرسل ولده الفضل بجيش قوي لدفع ألفونسو عن طليطلة، لكنه لم يوفق لغلبة القوى النصرانية، على الرغم مما أبداه من حماسة بالغة وما خاصة من معارك دامية. استمر الحصار نحو تسعة أشهر، واستبد بالناس الجوع والحرمان، واشتدت الحاجة دون أن تلوح في الأفق بادرة أمل أو إشراقة صباح، بعدما تخاذل الأخ، وانزوى الرفيق، وجبن الصديق، وفشلت محاولات الصلح مع ملك قشتالة الذي لم يقبل إلا بتسليم المدينة، فاضطر يحيى إلى تسليم المدينة، وغادرها إلى بلنسية. أما ألفونسو فقد دخل المدينة ظافرا في يوم الأحد الموافق غرة صفر 478 هـ= 25 مايو 1085م). صور للمدينة المحتلة واد تاجة ROI TAJO صومة مسجد الجامع مسجد طليطلة الذي تحول الى كنيسة باب المسجد
|
#74
|
|||
|
|||
تاريخ عظيم حافل بالامجاد
|
#75
|
|||
|
|||
|
#76
|
|||
|
|||
>معركة ذات الصواري اول معركة بحرية في تاريخ الامة الاسلامية< معركة بحرية دارت رحاها سنة 34 هـ / 655 م على مياه نهر الروم بين الأساطيل الاسلامية بقيادة والى مصرإذ ذاك عبد الله بن أبى سرح ، وبين سفن الروم بقيادة الامبراطور قنسطانز . وكان السبب فى تلك الموقعة هو محاولات الروم ايقاف نشاط المسلمين البحرى الذى تولى توجيهه كل من معاوية والى الشام وعبد الله بن أبى سرح ضد قواعد الروم بجزر شرق البحر المتوسط . والحيلولة بين العرب وبين الاستيلاء على تلك الجزر ، حيث استولت الأساطيل العربية منذ سنة 28 هـ /649 م على جزيرة وغيرها من الجزر المجاورة التى هدد منها الروم كل من الشام ومصر . وتعتبر مجهودات عبد الله بن ابى سرح فى موقعة ذات الصوارى نموذجا للاعمال الجليلة التى قدمتها فى سبيل بناء البحرية الاسلامية منذ فجر حياتها . فإن عبد الله بن ابى سرح هو الذى قام ببناء السفن الحربية الأولى ، التى كونت نواة الأسطول الاسلامي . ذلك أن مصر كانت تنفرد إذ ذاك بقيام " دور الصناعة"، فيها والتى اختصت بصناعة السفن . وجرت العادة إذ ذاك على أن تشحن تلك السفن من مصر ، ثم تنطلق إلى بلاد الشام ، حيث تعزز بالمقاتلة أيضا وتعمل على القيام من موانئ الشام بالهجوم على جزر الروم ، وضرب قواعد أسطول الروم هناك وشل نشاطه ضد سلطان الخلافة . وخشى الامبراطور قنسطانز الثانى إزدياد الأساطيل الاسلامية المنطلقة من مصر والشام ، ورأى العمل على ضرب قواعد تلك الأساطيل فى هذين القطرين العرييبن واستعادة سلطان الروم أيضا فى تلك الجهات الحيوية من شرق البحر المتوسط . واتجه هذا الامبراطور إلى اقليم ، الذى كان يمثل إذ ذاك مصدر تموين الأمبراطورية بالرجال والعتاد لبناء سفن حربية يحقق بها مشروع استعادة سلطان الروم فى مصر والشام . وكانت اسيا الصغرى تشتهر بصفة خاصة ببحارتها الأقوياء ، وخبرتهم العالية بفنون القتال . وبادر الامبراطور قنسطانز بدفع أسطوله الجديد إلى عرض مياه البحر المتوسط ، حيث تزامت اليه سنة 655 م أنباء استعدادات بحرية هائلة يعدها معاوية بن ابى سفيان وعبد الله بن أبى سرح ، لضرب القسطنطينية نفسها عاصمة الروم ، وشل تعزيزاتها لقواعد الروم البحرية فى شرق البحر المتوسط . وخرج الامبراطور على رأس أساطيله مستهدفا تدمير سفن الأسطول العربى قبل إبحارها من قواعدها . واستعان قنسطانز بعملاء الروم فى الشام لاشاعة الفوضى فى المدن البحرية تمهيدا لحملته المنتظرة. واذا كانت استعدادات الروم قد دلت على أن قنسطانز قد صمم على وضع حد لنشاط البحرية العربية وكسر شوكتها نهائيا ، فإن المجهودات التى بذلها والى مصر عبد الله بن ابى سرح قد اثبتت أن الاسطول العربى صار قوة ليس من السهل النيل منها ، فضلا عن أن التعاون البحرى بين مصر والشام قد بلغ أوجه منذ هذه الفترة المبكرة من نشاط العرب البحرى ، فقد خرج والى مصر بنفسه على رأس الاسطول العربى ، وخلد اسم مصر فى خدمة العرب من أجل النصر فى أعظم المعارك البحرية الفاصلة فى تاريخ البحر المتوسط . وبدأ العرب القتال باستخدام الأقواس والسهام وهو السلاح الذى اجادوا استخدامه فى جميع حروبهم . غير أن الامبراطور قنسطانز أدرك تفوق جنده على العرب لأن السلاح الذى اعتمدوا عليه لا يفيد الا فى الحروب البرية فقط ، وأن الميدان الان بحريا وليس بريا. وأدرك قنسطانز أن سلاح الغرب سوف ينفذ سريعا ، مما يحملهم على ضرورة تغيير خططهم بما يكفل له النصر عليهم . وتحقق ما رآه قنسطانز إذ اضطر العرب إلى استخدام الحجارة فى القتال بعد أن نفذت الأقواس والرماح . ولم يؤد ذلك إلى تغيير رأى قنسطانز الذى أدرك أن سلاح العرب الجديد لن يفيدهم شيئا لأنه سلاح برى أيضا وأنه سوف ينفذ سريعا كذلك ، وأن الموقف لابد وأن ينجلى فى صالح الروم . غير أن العرب حين رأوا نفاذ ذخيرتهم من الحجارة كذلك وأن العدو مازال بعيدا عن متناول سفنهم ، وانه يراوغ ويماطل لانهاك قواهم ربطوا سفنهم بعضها إلى بعض وقذفوا خطاطيف فى البحر جذبوا بها سفن الروم إليهم . ثم اتخذ العرب بعد ذلك من ظهور السفن المتلاحمة ميادين قتال أشبه بالميادين البرية التى سبق أن اجادوا فنون القتال فيها . ولذا حين وصلت انباء تلك الخطة الجديدة إلى الامبراطور قنسطانز أدرك فشل حملته وأن الهزيمة لاشك محيقة بجنده وتدمير مشروعه الحربى الكبير . وتحقق استنتاج قنسطانز إذ وثب العرب على الروم بالسيوف والخناجر واعملوا فيهم التقتيل ، واشتد الصراع وكثر القتلى حتى وصف شاهد عيان هذه المعركة قائلا "رجعت الدماء إلى الساحل تضربها الأمواج ، وطرحت جثث الرجال ركاما " وبرهن العرب مرة أخرى على مقدرتهم الفائقة فى تطوير أسلوب القتال طبقا لمجريات الأحداث ، دون التقيد بأسلوب تقليدى . وظل القتال على هذا النحو فى تلك المرحلة الأخيرة من المعركة حيث استبسل الفريقان ، وأبدى كل منهما من صنوف التفانى فى الواجب ، ومن ضروب الشجاعة ما سجلته مراجع العرب والروم التاريخية على السواء ، إذ ادرك الفريقان المتحاربان أنهما يخوضان معركة فاصلة ، يتوقف عليها تقرير سلطانهم على مياه هذا البحر الهام فى تاريخ الانسانية ، منذ أقدم العصور وكان الامبراطور قنسطانز قد عمد أثناء هذا الوقت العصيب من القتال إلى نشر الفوضى فى صفوف العرب لافساد خطتهم الجديدة التى لجأوا إليها من التلاحم فى القتال . وكانت خطة الامبراطور تقضى بعزل سفينة القيادة العربية وحرمان المقاتلين العرب من تعليماتها وتوجيهاتها . وأمر الامبراطور أحد جنده بقذف خطاف علق بسفينة أمير البحر العربى والى مصر ، عبد الله بن ابى سرح ، على حين أخذ سائر جند الروم يجذبون . ذلك المركب العربى إليهم بعيدا عن ميدان القتال. وكاد الروم ينجحون فى أسر مركب القيادة العربية ، لولا شجاعة أحد المقاتلين العرب ويدعى علقمة. إذ رمى هذا الجندى بنفسه على السلاسل التى كانت تجذب القيادة العربية ، وأعمل فيها القطع برغم ما تعرض له من ضربات العدو وسهامه وتكلل عمل علقمة بالنجاح ، إذ قطع السلسلة وأنقذ سفينة القيادة العربية من الوقوع فى الأسر . . واظهر الروم أيضا تفانيا أثناء تلك المعركة فى الدفاع عن سفينة قيادتهم حين دارت الدائرة عليهم . إذ عمد المسلمون بعد نجاحهم فى إنقاذ سفينة قيادتهم إلى الهجوم على الروم بشدة ، واقتحموا السفينة المقيم عليها الامبراطور واعملوا القتل فى رجالها . وكاد الامبراطور نفسه يقع فى قبضة المسلمين لولا انه تنكر بارتداء ملابس ابن أحد ضاربى الطبول على السفينة وهرب من المعركة على ظهر مركب إخر إلى جزيرة صقلية . وبفرار الامبراطور قضى الأسطول الاسلامي على تلك الحشود البحرية ، التى أعدها الروم لاستعادة سلطانهم على مصر والشام . ومن ثم تعتبر تلك المعركة التى عرفها المسلمون باسم موقعة " ذات الصوارى" بسبب كثرة صوارى السفن المشتركة فى القتال ، من المعارك التى غيرت مجرى تاريخ البحر المتوسط وتشتهر تلك المعركة فى مراجع الروم الأورييبن باسم موقعة ،(فوينكس Phoeinix) وهو مكان على ساحل ليكيا بآسيا الصغرى ، حيث دارت عنده رحى القتال وقد طلق الروم بعد تلك المعركة كل مشروع لاسترداد مصر أو الشام من العرب وصار البحر المتوسط يشهد قوة المسلمين البحرية وحريا أن يدخل عهدا جديدا صار فيه قوة بحوية اسلامية . رواية ابن عبد الحكم : وهي توضح مراحل المعركة، وكيف نجا عبد الله بن سعد قائد الأسطول من الأسر الذي كاد يقع فيه، فيقول: "إن عبد الله بن سعد لما نزل ذات الصواري، أنزل نصف الناس مع بسر بن أبي أرطأة سرية في البر، فلما مضوا أتى آتٍ إلى عبد الله بن سعد فقال: ما كنت فاعلاً حين ينزل بك هرقل - يقصد قسطنطين- في ألف مركب فافعله الساعة". أي: أنه يخبره بحشد قسطنطين لأسطوله لملاقاته، وإنما مراكب المسلمين يومئذ مائتا مركب ونيف، فقام عبد الله بن سعد بين ظهراني الناس، فقال: قد بلغني أن هرقل قد أقبل إليكم في ألف مركب، فأشيروا علي، فما كلّمه رجل من المسلمين، فجلس قليلاً لترجع إليهم أفئدتهم، ثم قام الثانية، فكلمهم، فما كلمه أحد، فجلس ثم قام الثالثة فقال: إنه لم يبق شيء فأشيروا علي، فقال رجل من أهل المدينة كان متطوعاً مع عبد الله بن سعد فقال: أيها الأمير إن الله جل ثناؤه يقول: { كم من فئةٍ قليلةٍ غلبتْ فئةً كثيرةً بإذن اللهِ والله مع الصابرين }، فقال عبد الله: اركبوا باسم الله، فركبوا، وإنما في كل مركب نصف شحنته، وقد خرج النصف إلى البر مع بُسْر، فلقوهم - أي أسطول البيزنطيين - فاقتتلوا بالنبل والنشاب، فقال: غلبت الروم - أي انتصرت - ثم أتوه، فقال: ما فعلوا؟ قالوا: قد نفد النبل والنشاب، فهم يرتمون بالحجارة وربطوا المراكب بعضها ببعض يقتتلون بالسيوف، قال: غُلِبَتْ. وكانت السفن إذ ذاك تقرن بالسلاسل عند القتال، فقرن مركب عبد الله يومئذ، وهو الأمير، بمركب من مراكب العدو، فكاد مركب العدو يجتر مركب عبد الله إليهم - أي يجذبه نحوهم - فقال علقمة بن يزيد العطيفي، وكان مع عبد الله بن سعد في المركب فضرب السلسلة بسيفه فقطعها".[13] رواية ابن الأثير : قال: "فخرجوا [أي البيزنطيين] في خمسمائة مركب أو ستمائة، وخرج المسلمون وعلى أهل الشام معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وعلى البحر عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وكان الريح على المسلمين لما شاهدوا الروم، فأرسى المسلمون والروم، وسكنت الريح، فقال المسلمون: الأمان بيننا وبينكم. فباتوا ليلتهم والمسلمون يقرؤون القرآن ويصلون ويدعون، والروم يضربون بالنواقيس. وقربوا من الغد سفنهم، وقرب المسلمون سفنهم، فربطوا بعضها مع بعض واقتتلوا بالسيوف والخناجر، وقتل من المسلمين بشر كثير، وقتل من الروم ما لا يحصى، وصبروا صبراً لم يصبروه في موطن قط مثله، ثم أنزل الله نصره على المسلمين فانهزم قسطنطينن جريحاً ولم ينجُ من الروم إلا الشريد، وأقام عبد الله بن سعد بذات الصواري بعد الهزيمة أياماً ورجع". [14] رواية المؤرخ البيزنطي تيوفانس : وهي توضح هزيمة البيزنطيين وفداحة خسائرهم، وكيف فرّ الإمبراطور ناجياً بنفسه: "ضم - أي قسطنطين - صفوف الروم إلى المعركة، وأخذ يتحرّش بالعدو، فنشبت المعركة بين الطرفين، وهزم الروم واصطبغ البحر بدمائهم، فغيّر الإمبراطور ملابسه مع أحد جنوده، وقفز أحد الجنود على مركبه واختطفه وذهب به هنا وهناك ونجا بمعجزة". [15] اسباب معركة ذات الصواري أصيب الروم بضربة حاسمة في إفريقية، وتعرضت سواحلهم للخطر بعد سيطرة الأسطول الإسلامي على سواحل المتوسط من ردوس حتى برقة، فجمع قسطنطين بن هرقل أسطولا بناه الروم من قبل، فخرج بألف سفينة لضرب المسلمين ضربة يثأر لها لخسارته المتوالية في البر، فأذن عثمان -الخليفه الثالث - لصد العدوان، فأرسل معاوية مراكب الشام بقيادة بسر بن أرطأة، واجتمع مع عبد الله بن سعد بن أبي السرح في مراكب مصر، وكانت كلها تحت أمرته، ومجموعها مائتا سفينة فقط، وسار هذا الجيش الإسلامي وفيه أشجع المجاهدين المسلمين ممن أبلوا في المعارك السابقة؛ فقد انتصر هؤلاء على الروم من قبل في معارك عديدة، فشوكة عدوهم في أنفسهم محطمة، لا يخشونه ولا يهابونه، على الرغم من قلة عدد سفنهم إذا قيست بعدد سفن عدوهم. خرج المسلمون إلى البحر وفي أذهانهم وقلوبهم إعزاز دين الله وكسر شوكة الروم، ولقد كان لهذه المعركة التاريخية أسباب، منها: 1- الضربات القوية التي وجهها المسلمون إلى الروم في إفريقية. 2- أصيب الروم في سواحلهم الشرقية والجنوبية بعد أن سيطر المسلمون بأسطولهم عليها. 3- خشية الروم من أن يقوى أسطول المسلمين فيفكروا في غزو القسطنطينية. 4- أراد قسطنطين بن هرقل استرداد هيبة ملكه بعد الخسائر المتتالية برًّا، وعلى شواطئه في بلاد الشام ومصر وساحل برقة. 5- كما أراد الروم خوض معركة ظنوا أنها مضمونة النتائج، كي تبقى لهم السيطرة في المتوسط، فيحافظوا على جزره، فينطلقوا منها للإغارة على شواطئ بلاد العرب. 6- محاولة استرجاع الإسكندرية بسبب مكانتها عند الروم، وقد ثبت تاريخيا مكاتبة سكانها لقسطنطين بن هرقل ملك الروم. هذه بعض أسباب معركة ذات الصواري(1). أين وقعت هذه المعركة؟ (1) ذات الصواري، شوقي أبو خليل، ص60، 61. وهذا السؤال لم يجد المؤرخون له جوابا موحدا؛ فالمراجع العربية لم تحدد مكانها، باستثناء مرجع واحد على ما نعلم صرح بالمكان بدقة، وآخر قال اتجه الروم إليه. * في (فتح مصر وأخبارها) (1)ذكر الكتاب خطبة عبد الله بن سعد بن أبي السرح وقال: قد بلغني أن هرقل قد أقبل إليكم في ألف مركب. ولم يحدد مكان المعركة. * (الطبري) (2) في أخبار سنة 31ه، ربط حدوث ذات الصواري بما أصاب المسلمون من الروم في إفريقية، وقال: فخرجوا في جمع لم يجتمع للروم مثله قط. * ولم يذكر (الكامل في التاريخ) (3) مكان الموقعة أيضا، ولكنه ربط سبب وقوعها بما أحرزه المسلمون من نصر في إفريقية بالذات. * وفي (البداية والنهاية) (4): فلما أصاب عبد الله بن سعد بن أبي السرح من أصاب من الفرنج والبربر بلاد إفريقية، حميت الروم واجتمعت على قسطنطين بن هرقل، وساروا إلى المسلمين في جمع لهم لم ير مثله منذ كان الإسلام؛ خرجوا في خمسمائة مركب وقصدوا عبد الله بن سعد بن أبي السرح في أصحابه من المسلمين ببلاد المغرب. * (تاريخ الأمم الإسلامية): (5) لم يذكر مكان الموقعة أيضا(6)، ورجح الدكتور شوقي أبو خليل أن المعركة كانت على شواطئ الإسكندرية، وذلك للأسباب التالية: * كتاب (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة) يذكر صراحة: غزوة ذات الصواري في البحر من ناحية الإسكندرية(7). (1) المصدر نفسه، ص61. (3) تاريخ الطبري (5/290). (3) الكامل في التاريخ (3/58) طبعة البابي الحلبي - القاهرة. (4) البداية والنهاية (7/163). (2) الشيخ الخضري (2/29). (6) ذات الصواري، ص62. (4) النجوم الزاهرة (1/80). * تاريخ ابن خلدون يذكر(1): ثم بعث ابن أبي السرح السرايا ودوخ البلاد فأطاعوا وعاد إلى مصر، ولما أصاب ابن أبي السرح إفريقية ما أصاب، ورجع إلى مصر خرج قسطنطين بن هرقل غازيا إلى الإسكندرية في ستمائة مركب. * ربطت المراجع العربية التي لم تحدد موقع المعركة بين حدوث المعركة وبين ما خسره الروم في شمال إفريقية بالذات. * الأسطول الرومي صاحب ماض عريق، فهو سيد المتوسط قبل ذات الصواري، فهو أجرأ على مهاجمة السواحل الإسلامية، ولذلك رجح الدكتور شوقي أبو خليل مجيء الأسطول الرومي إلى شواطئ الإسكندرية لاستعادتها بسبب مكانتها عند الروم، ومكاتبة أهلها لملكهم السابق، وهو بذلك يقضي أيضا على الأسطول الفتي في مهده، الذي شرع العرب في بنائه بمصر، فتبقى للروم السيطرة والسطوة في مياه المتوسط وجزره. * المراجع الأجنبية تعرف ذات الصواري بموقعة (فونيكة)، وفونيكة هو ثغر يقع غرب مدينة الإسكندرية، بالقرب من مدينة مرسى مطروح، فهي تحدد الموقع تماما(2). أحداث المعركة: قال مالك بن أوس بن الحدثان: كنت معهم في ذات الصواري، فالتقينا في البحر، فنظرنا إلى مراكب ما رأينا مثلها قط، وكانت الريح علينا -أي لصالح مراكب الروم- فأرسينا ساعة، وأرسوا قريبا منا، وسكتت الريح عنا، قلنا للروم: الأمن بيننا وبينكم، قالوا: ذلك لكم، ولنا منكم.(3) كما طلب المسلمون من الروم: إن أحببتم ننزل إلى الساحل فنقتتل حتى يكتب لأحدنا النصر، وإن شئتم فالبحر. قال مالك بن أوس: فنخروا نخرة واحدة، وقالوا: بل الماء الماء، وهذا يظهر لنا ثقة الروم بخبرتهم البحرية، وأملهم في النصر لممارستهم أحواله وفنونه، مرنوا عليه فأحكموا الدراية بثقافته وأنوائه فطمعوا بالنصر فيه، خصوصا أنهم يعلمون حداثة عهد المسلمين به(4). (1) تاريخ ابن خلدون (2/468). (6) ذات الصواري، شوقي أبو خليل، ص64. (3) تاريخ الطبري (5/292). (2) ذات الصواري، ص66. بات الفريقان تلك الليلة في عرض البحر، وموقف المسلمين حرج، فقال القائد المسلم لصحبه: أشيروا عليَّ؟ فقالوا: انتظر الليلة بنا لنرتب أمرنا ونختبر عدونا، فبات المسلمون يصلون ويدعون الله -عز وجل- ويذكرونه ويتهجدون، فكان لهم دوي كدوي النحل على نغمات تلاطم الأمواج بالمراكب، أما الروم فباتوا يضربون النواقيس في سفنهم، وأصبح القوم، وأراد قسطنطين أن يسرع في القتال، ولكن عبد الله بن سعد بن أبي السرح لما فرغ من صلاته إماما بالمسلمين للصبح، استشار رجال الرأي والمشورة عنده، فاتفق معهم على خطة رائعة: فقد اتفقوا على أن يجعلوا المعركة برية على الرغم من أنهم في عرض البحر، فكيف تم للمسلمين ذلك؟ أمر عبد الله جنده أن يقتربوا من سفن أعدائهم فاقتربوا حتى لامست سفنهم سفن العدو، فنزل الفدائيون أو رجال الضفادع البشرية في عرفنا الحالي إلى الماء، وربطوا السفن الإسلامية بسفن الروم، ربطوها بحبال متينة، فصار 1200 سفينة في عرض البحر، كل عشرة أو عشرين منها متصلة مع بعضها، فكأنها قطعة أرض ستجري عليها المعركة، وصفَّ عبد الله بن سعد المسلمين على نواحي السفن يعظهم ويأمرهم بتلاوة القرآن الكريم، خصوصا سورة الأنفال؛ لما فيها من معاني الوحدة والثبات والصبر(1). (1) المصدر نفسه، ص67. وبدأ الروم القتال، فهم في رأيهم قد ضمنوا النصر عندما قالوا: بل الماء الماء، وانقضوا على سفن المسلمين بدافع الأمل بالنصر، مستهدفين توجيه ضربة أولى حاسمة يحطمون بها شوكة الأسطول الإسلامي، فنقض الروم صفوف المسلمين المحاذية لسفنهم، وصار القتال كيفما اتفق, وكان قاسيا على الطرفين، وسالت الدماء غزيرة اصطبغت بها صفحة الماء، فصار أحمر، وترامت الجثث في الماء، وتساقطت فيه, وضربت الأمواج السفن حتى ألجأتها إلى الساحل، وقتل من المسلمين الكثير، وقتل من الروم ما لا يحصى، حتى وصف المؤرخ البيزنطي (ثيوفانس) هذه المعركة بأنها كانت يرموكا ثانيا على الروم.(1) ووصفها الطبري بقوله: إن الدم كان غالبا في الماء في هذه المعركة(2)، حاول الروم أن يغرقوا سفينة القائد المسلم عبد الله بن أبي السرح، كي يبقى جند المسلمين دون قائد، فتقدمت من سفينته سفينة رومية، ألقت إلى عبد الله السلاسل لتسحبها وتنفرد بها، ولكن علقمة بن يزيد الغطيفي أنقذ السفينة والقائد بأن ألقى بنفسه على السلاسل وقطعها بسيفه(3). (1) ذات الصواري، ص67. (2) تاريخ الطبري (5/293). (3) ذات الصواري، ص68. (4) تاريخ ابن خلدون (2/468) وصمد المسلمون رغم كل شيء، وصبروا كعادتهم في معاركهم، فكتب الله -عز وجل- لهم النصر بما صبروا، واندحر ما تبقى من الأسطول الرومي، وكاد الأمير قسطنطين أن يقع أسيرا في أيدي المسلمين -كما ذكر ابن عبد الحكم- لكنه تمكن من الفرار لما رأى قواه تنهار وجثث جنده على سطح الماء تلقى بها الأمواج إلى الساحل. لقد رأى أسطوله الذي تأمل فيه خيرا ونصرا وإعادة كرامة يغرق قطعة بعد قطعة، ففر مدبرا والجراحات في جسمه، والحسرة تأكل فؤاده، يجر خيبة وفشلا، فوصل جزيرة صقلية(1)، وألقت به الريح هناك، فسأله أهله عن أمره فأخبرهم، فقالوا: شمت النصرانية، وأفنيت رجالها، لو دخل المسلمون لم نجد من يردهم(2) فقتلوه، وخلوا من كان معه من المراكب(3). نتائج ذات الصواري: 1- كانت ذات الصواري أول معركة حاسمة في البحر خاضها المسلمون، أظهر فيها الأسطول الفتيُّ الصبر والإيمان، والجَلَد والفكر السليم بما تفتَّق عنه الذهن الإسلامي من خطة جعلت المعركة صعبة على أعدائهم، فاستحال عليهم اختراق صفوف المسلمين بسهولة، كما استخدم المسلمون خطاطيف طويلة يجرون بها صواري وشرع سفن الأعداء، الأمر الذي انتهى بكارثة بالنسبة للروم. 2- كانت ذات الصواري حدا فاصلا في سياسة الروم إزاء المسلمين، فأدركوا فشل خططهم في استرداد هيبتهم، أو استرجاع مصر أو الشام، وانطلق المسلمون في عرض هذا البحر الذي كان بحيرة رومية، وانتهى اسم (بحر الروم) إلى الأبد، واستطاع المسلمون فتح قبرص وكريت وكورسيكا وسردينيا وصقلية وجزر البليار، ووصلوا إلى جنوة ومرسيليا. 3- قتل قسطنطين فتولى ابن قسطنطين الرابع من بعده، وكان حَدَثًا صغير السن، مما جعل الظروف مواتية لقيام حملة بحرية وبرية إسلامية تستهدف عاصمة روما (القسطنطينية) فيما بعد. (2) المصدر نفسه (2/468). (6) ذات الصواري، ص68 4- الإعداد الروحي قبل المعركة -أو ما يسمى بالتوجيه المعنوي في أيامنا هذه- له قيمته في تحقيق النصر؛ حيث تتجه القلوب إلى الله بصدق، فهذا المؤمن الذي بات ليله في تهجد وذكر، يستمد العون من الله، من عظمته وعزته، بعد أن هيأ الأسباب، يلقى الأعداء بروح عالية لا يهاب الموت، فالله أكبر من كل شيء، وهذه المعارك التي نصف أحداثها التاريخية هي وصفة طبية نعرضها للتطبيق والنهج، لنستفيد منها في حياتنا؛ فحياة الصحابة ما هي إلا للقدوة وسيرة للاتباع.(1) 5- أصبح البحر المتوسط بحيرة إسلامية، وصار الأسطول الإسلامي سيد مياه البحر المتوسط، وهذا الأسطول ليس للتسلط والقرصنة بل للدعوة إلى الله وكسر شوكة المشركين، ونشر الحضارة المنبثقة عن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. 6- عكف المسلمون على دراسة علوم البحرية، وصناعة السفن، وكيفية تسليحها، وأسلوب القتال من فوقها، وعلوم الفلك المتصلة بتسييرها في البحار، ومعرفة مواقعهم على المصورات البحرية المختلفة، فيما بعد، فعرفوا الاصطرلاب (البوصلة الفلكية), وطوروها إلى المدى الذي استفاد منه بعد ذلك البحارة الغربيون أمثال: كرستوف كولومبس، وأمريكوفيسبوشي في اكتشافاتهم(2). (1) ذات الصواري، ص71، 72. (2) المصدر نفسه، ص76. 7- لقد كانت هذه المعركة مظهرا من مظاهر تفوق العقيدة الصحيحة الصلبة على الخبرة العسكرية والتفوق في العدد والعُدَد، فلقد كان الروم هم أهل البحر منذ القدم، وقد مروا بتجارب طويلة في الحروب البحرية، بينما كان المسلمون حديثي عهد بركوب البحر والقتال البحري، ولكن الله تعالى أدلى المسلمين عليهم برغم التفوق المذكور؛ لأنه سبحانه قد سخر أولئك المؤمنين لنشر دينه وإعلاء كلمته في الأرض. وإن مما يشاد به في هذه المعركة قوة قائدها عبد الله بن سعد بن أبي السرح ورباطة جأشه، ومقدرته الجيدة على إدارة الحروب، وهي بعد ذلك لون من ألوان بسالة المسلمين واستقالتهم في الحروب بأنفسهم في سبيل إعزاز دينهم ورفع شأن دولتهم(1).
|
#77
|
|||
|
|||
جزاك ربي الف الف الف خيييييييييييييييييير
|
#78
|
|||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||
حياك الله وجزاك ربي خير على هذه الدعوه
|
#79
|
||||
|
||||
ماشاء الله الأخ بالع كتاب تاريخ<عينه حاره
|
#80
|
|||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||
حياالله شريطي قصيمي نت
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
:::عبدالرحمن::: |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 41 ( الأعضاء 0 والزوار 41) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |