العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
|
أدوات الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#61
|
||||
|
||||
القصة التاسعة والعشرون
الغيمة والريح والفلاح مرت الريح فوق البحر فقالت له: -أيها البحر هل ترافقني؟ فقال البحر: - إلى أين؟ فقالت الريح: - للقيام برحلة في البلاد. - فقال البحر: - لا أستطيع. - سألته الريح: - لماذا؟ فأجاب البحر: - لأني أنا البحر: ولم يعجب هذا الجواب الريح فقالت: - يا له من متكبر! وتابعت الريح طريقها فوق البحر فشاهدت مركباً فقالت له: - هل ترافقني؟ فقال المركب: - إذا سمحت لي، فالتجار ينتظرون على الشاطئ الآخر وعنابري حافلة بالجوز واللوز والفراء والفلفل واللؤلؤ والمرجان. ونفخت الريح في الأشرعة فانتفخت وتهادى المركب فوق البحر حتى وصل إلى الشاطئ حيث كان تجار الجوز والفراء والتوابل والصنوبر واللؤلؤ والمرجان ينتظرون، ثم توقف عند الشاطئ ولم يتقدم بعد ذلك. وتابعت الريح طريقها فشاهدت شجرة فقالت لها: - أيتها الشجرة هل ترافقينني في رحلتي؟ أجابت الشجرة: - كلا. فسألتها الريح: - لماذا؟ فردت الشجرة: - لأني أنتظر الربيع كي أورق وأزهر وأصنع ثمراً للناس. وجرت الريح بين البيوت فقالت لأحدها: - هل ترافقني في رحلتي؟ فقالت البيت: - بودي لو أرحل معك، فقد ضجرت من البقاء في مكان واحد. ولكن البيوت وا أسفاه لا ترحل لأنها ثابتة. وواصلت الريح سيرها فالتقت بجبل فقالت له: - هل تسافر معي؟ فقال لها الجبل: - كيف أسافر معك وأنا أحمل على ظهري الثلج والغابة. وانحدرت الريح إلى الطريق العامة وقد عللت النفس بأنه من الممكن أن تجد هناك أحداً ما، فصادفت عمود كهرباء، فقالت له: - أيها العمود هل تمضي معي فتتفرج على الدنيا بدلاً من أن تقف هنا ثابتاً فيدخل الملل إلى قلبك؟ فقال عمود الكهرباء - ليتني أستطيع أن أفعل، ولكن عما قليل تغيب الشمس ويعم الظلام وهنا تأتي مهمتي فأحمل النور إلى البيوت؛ وعندئذ ينحني التلاميذ على كتبهم لحفظ دروسهم، وتحمل آلام صنارتها وخيطانها لتتابع نسج الصوف، ويفتح الأب صحيفته ليستطلع الأخبار قرب الموقد. وشعرت الريح بالوحدة فأنت وأعولت. تلفتت هنا وهناك فرأت غيمة فقالت لها: - أيتها الصديقة هل تسافرين معي؟ فقالت الغيمة بفرح: - نعم.. نعم فأنا على موعد مع فلاح بذر حبوبه وغرس شتوله في الأرض ثم راح ينتظرني في حقله. لعلي قد تأخرت في السفر إليه. وأخشى أن أصل بعد فوات الأوان. فقالت الريح: - أمتطي ظهري وسأحملك إليه قبل أن تذوي شتوله وتموت بذوره في باطن الأرض. وامتطت الغيمة ظهر الريح التي سرعان ما انطلقت في طريقها فرحة جذلى لأنها تحمل الأمل والخير لفلاح ينتظر.
|
#62
|
||||
|
||||
القصة الثلاثون
اليد أولاً عندما مات الملك ترك سيفه الذي قتل به كثيراً من الأعداء، وكان لهذا السيف صيت في كل البلاد. فقبضته من الذهب ونصله المرهف قد صنع من صاعقة سقطت على كوخ حطاب. وكان للملك ولد يحب اللهو واللعب كثيراً، ولا يهتم بشؤون رعيته ويقضي أوقاته في أمور تافهة لا تليق بحاكم مسؤول عن رعيته. وكانت والدته كلما قالت له: "يجب أن تتدرب على القتال وحمل السيوف". كان يرد عليها: - ولماذا أتدرب على السيوف؟ إن سيف أبي الذي قبضته من ذهب ونصله من صاعقة كفيل بدحر الأعداء وقطع رقابهم. حينئذ كانت الأم تخلد إلى الصمت ولا تنبس ببنت شفة. حتى جاء يوم أغار فيه الأعداء على البلاد. وكان هؤلاء الأعداء يتحينون الفرص للثأر من الملك الذي هزمهم كثيراً. ذلك الملك الذي لم يستطيعوا أن يتغلبوا عليه وهو وحي. حمل ابن الملك سيف أبيه باحتفال مهيب، ثم سار على رأس جيشه لملاقاة أعدائه. عندما التقى بأعداء بلاده نشبت بينه وبينهم معركة صغيرة، لكنه لم يستطع أن يصمد طويلاً أمامهم وسرعان ما انهزم. ذهل ابن الملك واستبد به العجب فقال لمن حوله وهو يرمي سيف أبيه على الأرض: - أي سيف تافه هذا: إنه لا يستأهل الصيت الذي أذيع عنه. فقال له أحد قواده: - بل إنه سيف عظيم جداً يا مولاي. فقال ابن الملك: - أين هذه العظمة التي تتحدث عنها. إنه سيف مثلوم الحد لم يقطع رقاب أحد من الأعداء. فأجاب القائد: - السيف لا يقطع الرقاب يا مولاي. قال ابن الملك: - عجباً ومن يقطع رقاب الأعداء إذا لم يكن السيف هو الذي يقطعها إذن؟ - إن الذي يقطعها يا مولاي اليد التي تحمل السيف. قال ابن الملك: - ماذا تقول أيها القائد؟ فقال القائد: - أقول يا مولاي أن الذي يقطع رقاب الأعداء هو اليد التي تحمل السيف. حسناً أترك السيف في غمده ألف سنة فإنه لا يتحرك ولا يقتل أحداً من الأعداء، أما اليد فتستطيع أن تقتل الأعداء بدون سيف. فقال ابن الملك: - وكيف تستطيع اليد أن تقتل الأعداء بدون سيف؟ فأجاب القائد: - تستطيع أن تفعل ذلك بأية أداة قاطعة: بالمنجل.. بالفأس أو بالرفش. المهم يا مولاي أن تكون اليد مصممة على قتل الأعداء. قال ابن الملك: - ما تقوله أيها القائد غريب حقاً. وقرر أن يبدأ صفحة جديدة. ثم ركب حصانه وانطلق يتدرب على السيف. بعد مدة من الزمن صار ابن الملك يجيد استعمال السيوف وكل أدوات القتال. قال: - والآن يجب أن نقاتل الأعداء ونهزمهم. ثم مضى بجنوده لقتال الأعداء الذين كانوا يغطون في نومهم عند الفجر. حينما استيقظ الأعداء سخروا من ابن الملك وجيشه لأنهم كانوا يعتقدون أن ابن الملك وجيشه لا يحبون القتال، ولا يجيدون استعمال السيوف. قال ابن الملك: - أيها الأعداء اتركوا أراضينا وعودوا إلى دياركم. فضحك الأعداء من ابن الملك وقالوا له: - كلا لن نترك هذه الأراضي. فقال ابن الملك: - أيها الأعداء إذا لم تتركوا بلادنا وتعودوا إلى دياركم فستهلكون. قال الأعداء ساخرين: - أنتم لا تستطيعون إخراجنا من بلادكم، لأن سيوفكم لا تقطع. فقال ابن الملك: - ليست السيوف هي التي تقطع. فقال الأعداء: - وما الذي يقطع إذن. إذا كانت السيوف ليست هي التي تقطع؟ قال ابن الملك: - إن الذي يقطع حقاً هو اليد التي تحمل السيف. لقد غلبتمونا في المرة السابقة لأننا اعتمدنا على سيوفنا. أما الآن فنحن نعتمد على أيدينا. ثم هجم ابن الملك وجيشه على الأعداء هجوماً صاعقاً وانتصروا عليهم. ولم يكن ابن الملك في هذه المرة يحمل سيفاً قبضته من ذهب، ونصله من صاعقة سقطت على كوخ حطاب. وإنما كان يحمل بيده شيئاً آخر غير السيف. ربما كان فأساً. وربما كان منجل حصاد. وكذلك فعل بقية أفراد الجيش.
|
#63
|
||||
|
||||
القصة الواحدة والثلاثون
مساكن للعصافير بقلم الكاتب: وليد إخلاصي كانت العصافير التي تسكن (الحديقة العامة) سعيدة ومطمئنة البال، تغرد وترقص في السماء ثم تحط على أعشاشها الصغيرة المتناثرة على قمم الأشجار وأغصانها. وظلت العصافير سعيدة إلى أن جاءها إنذار من رئيس الحديقة يقول إما أن تدفع العصافير أجرة الأعشاش التي تسكنها، أو أن تغادرها إلى مكان آخر. فقالت العصافير بأسى: ولكننا لا نملك مالاً، ونحن لا نعرف كيف يأتي الناس بالمال. وشكل العصافير وفداً لاسترحام رئيس الحديقة وشرح أوضاعهم، ولكنه كرر عليهم مضمون إنذاره، وهددهم بالطرد إن لم يستجيبوا للإنذار. وحزنت الأشجار وأصاب الأزهار يأس كبير، إلا أن ارتباطهم الشديد بالتراب منعهم من تقديم شكوى رسمية فاكتفوا بالبكاء. قالت الأشجار: - من يسلينا بعد الآن بالغناء صباح مساء؟! وهتفت الأزهار: - من يغني لنا أناشيد الحب والصفاء؟! ولكن رئيس الحديقة لم يأبه لما سمع، واضطرت العصافير إلى الرحيل، فانطلقت مهاجرة أفواجاً والحيرة قد تملكتها لا تعرف لها مستقراً. وأصاب الأشجار حزن عميق، واستسلمت الأزهار لبكاء ساخن عميق سرعان ما أغرقها فجعلت تموت واحدة تلو الأخرى، كذلك الأشجار جفف الألم أغصانها تتساقط على الأرض لتحلق بها الأغصان نفسها. ودخل الناس ذات يوم إلى الحديقة يطلبون الراحة والمتعة، فهالهم الصمت والحزن، وكأن الحديقة أصبحت مقبرة قاتمة الألوان. لا عصافير ولا أزهار، والأشجار تجف مقبلة على الموت بأجساد وأهنة. مل الرجال المنظر فتركوا الحديقة إلى بيوتهم، وتساءل الأطفال عن سر التعاسة المقيمة، فاستجوبوا شجرة سرو هرمة، فقصت عليهم الحكاية كلها، هاجرت العصافير لأنها لا تملك مالاً تدفعه أجرة لأعشاشها الصغيرة! وتوجه الأطفال إلى رئيس الحديقة يستعطفونه ويطلبون للعصافير الرحمة والغفران، فصدهم الرئيس بقسوة وقال لهم: يجب أن يدفع الساكن مالاً لقاء البيت الذي يقطنه. فصاح الأطفال: ومن أين يأتي العصافير بالمال؟ فلم يعرهم رئيس الحديقة التفاتاً فخرجوا إلى الحديقة الميتة يبكون. وقال طفل طيب: لنجمع للعصافير أجرة لبيوتهم. وصمم الأطفال آنذاك على أن يساهموا في إعادة الحياة إلى الحديقة فقتروا على أنفسهم في المصروف، لا حلوى ولا ألعاب. ورغم معارضة الآباء فقد تم جمع مبلغ كاف من المال دفع إلى رئيس الحديقة، فدعيت العصافير للعودة إلا أن العصافير لم تتمكن جميعها من العودة، لأن أعداداً كبيرة منها قتلها التعب والتجوال في سماء لا أعشاش فيها فسقطت على الأرض قتيلة، وبالرغم من أن أعداداً ضئيلة عادت إلى الحديقة فإن الحياة دبت في الأشجار ونمت الأزهار من جديد، فعادت السعادة إلى الحديقة.
|
#64
|
||||
|
||||
القصة الثانية والثلاثون
دجاجتي العقيم بقلم الكاتب: مراد السباعي لم أكن قد تجاوزت التاسعة بعد، عندما نازعتني رغبة ملحة، في استغلال المبلغ الزهيد الذي ادخرته من (خرجيتي) خلال بضعة أشهر.. ورأيت بعد طول التفكير أن ابتاع ديكاً حسن الصوت والشكل ودجاجة أنيقة عريقة، تعطيني من البيض أفخمه وأطيبه.. وكان ذلك.. وجئت بالديك والدجاجة فوضعتهما في قفص من الخشب صنعته بنفسي، وكلفني صنعه من المشقة الشيء الكثير، لقد جرحت يدي بالمنشار في مواضع عديدة وأدخلت أحد المسامير في إصبعي. ومضت الأيام وأنا أراقب باهتمام عظيم سلوك الديك والدجاجة، وأنتظر بشوق ولهفة ذلك اليوم السعيد الذي أشاهد فيه شيئاً أبيض يتدحرج بين رجلي دجاجتي السوداء.. وكانت الظواهر كلها تشير إلى أن أحلامي وشيكة التحقيق، وأن البيضة المنتظرة ستكون في متناول يدي بين ساعة وساعة.. فهاهو ذا الديك العظيم يملأ القفص حركة ونشاطاً، ويصيح بصوته الجميل صياحاً متواصلاً لا هوادة فيه، ويصفق بجناحيه تصفيق الفرح المستبشر، ويدور حول دجاجته الحبيبة بزهو متعجرف أين منه زهو الطواويس.. ولا عجب، فالدجاجة في (زحمة) من أمرها. ولكن الأيام تمضي، والشهور تتعاقب، ولا شيء في القفص غير الصياح والضجيج، والجلبة الفارغة، ولا شيء غير الريش المتساقط.. آه، يا للدجاجة الممثلة.. رأيتها ذات مرة تقبع على القش المهيأ لبيضها، وتدور حول نفسها ببطء وإعياء، وتقوقي بصوت خفيض جداً، كأنها تعاني أشد آلام الوضع، فقلت في نفسي كان الله في عونك وشد ما كانت دهشتي عندما شاهدتها بعد لحظات قصيرة تنتصب واقفة، وتنتفض عدة انتفاضات قوية، ثم تدرج في أرض القفص باحثة عن الطعام، وكأنما الذي فعلته لم تقصد به إلا اللعب بعواطفي.. ورأيتها مرة أخرى... هي وديكها اللعين، يقيمان الدنيا ويقعدانها صياحاً وعربدة وتصفيقاً بالأجنحة، وقفزاً على القضبان، فقلت لقد آن أوانها، ولن يمضي النهار إلا وتكون البيضة في كفي، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، ومضت تلك المشكلة كزوبعة في فنجان.. بيد أن المفاجأة قد حدثت ذات صباح.. فقد لمحت بين رجلي دجاجتي شيئاً أبيض كالثلج يأخذ مكانه على القش المبعثر، فتناولته والسرور يرعش يدي، والسعادة تغمر كياني، وانطلقت به إلى جدتي كالمأخوذ.. وأخذت جدتي البيضة من يدي فقلبتها بإمعان وتدقيق، وأطالت إليها النظر، وفجأة أطلقت ضحكة ساخرة، ورمت بالبيضة إلى الأرض.. ورأيت البيضة تتدحرج على الأرض دون أن تنكسر، وفي غمرة من الدهش الصاعق لما أصابني أمام هذه المعجزة، سمعت جدتي تقول: هذه بيضة من الجص.. ولا أدري أي خبيث قد وضعها تحت دجاجتك ليسخر منك.. إن دجاجتك يا ولدي عقيم، وما كان العقم لينتج شيئاً على الإطلاق...
|
#65
|
||||
|
||||
القصة الثالثة والثلاثون
العصفور والطائرة بقلم الكاتبة: ليلى صايا سالم طلع الصباح.. اهتزت أوراق الشجرة وأفاق العصفور. فتح عينيه وصفق بجناحيه وطار. كان نشيطاً تغمره البهجة.. حط على الأرض وتمرغ بالعشب الأخضر، ابتل ريشه بالندى فنفضه وطار. استمع إلى زقزقات العصافير البعيدة، كان يفهم ما تقول. أجابها بزقزقة ممطوطة، واستنشق هواء الصباح بعمق.. كان الصباح جميلاً والعصفور مسروراً. فجأة سمع صوتاً غريباً.. كان صوتاً قوياً مزمجراً لم يسبق له أن سمع مثله من قبل خفق قلبه. اهتزت الشجرة.. صمتت العصافير وتوقفت الصراصير عن الغناء، وركضت الحشرات تختبئ في شقوق الأرض.. صمت كل شيء. رفع العصفور رأسه نحو السماء.. كانت زرقاء صافية، وشاهد فيها طائراً كبيراً يمرق بسرعة من غير أن تخفق أجنحته. كان يهدر بشدة. تعجب العصفور من أمر هذا الطائر وتساءل في سره: أي طائر غريب هو. قد يكون أكبر من شجرة التوت الكبيرة التي اعتاد أن يقف عليها في بيت صديقه غسان. ولكن لماذا يبدو غاضباً إلى هذا الحد؟ وكيف يستطيع أن يطير من غير أن يرف بأجنحته أو يحركها؟ ودفعه فضوله إلى أن يسأله عنه، فطار مسرعاً إلى بيت صديقه غسان. كانت الجدة في الحديقة تنزع بعض الأعشاب اليابسة. زقزق العصفور قائلاً: - صباح الخير أيتها الجدة. - صباح الخير أيها الجميل. - هل رأيت يا جدتي ذاك الطائر الكبير المزمجر؟ إنه يلتمع تحت أشعة الشمس، ويطير ثابتاً وكأنه لا يخشى السقوط. - إنه ليس بطائر أيها العصفور.. إنه طائرة.. ألم تر أو تسمع بالطائرة؟ - لا. وما هي الطائرة؟ - هي حوت ضخم من الحديد.. جوفه كبير.. يبتلع الناس وأمتهم ويطير بهم ويأخذهم إلى أماكن بعيدة حيث يخرجهم ثانية من جوفه. فكر العصفور في نفسه: لا شك أن الطائرة أفضل مني فأنا لا أستطيع أن أحمل سوى القش بمنقاري. ثم سأل الجدة: - وهل تطير مسرعة.. أسرع مما أطير؟ ضحكت الجدة وقالت: - أسرع بكثير. - وماذا تحمل في جوفها أيضاً؟ - تحمل أشياء تشبه الكرات. هل تعرف الكرات؟. إنها تلك الأجسام المستديرة الملونة التي يلعب الصغار بها، وحين ترمي تلك الأشياء تزرع الموت والدمار. خاف العصفور وارتعش. سأل الجدة: - وهل يحب الأطفال الطائرة يا جدتي؟ - إنهم يخرجون حين يسمعون صوتها، يرفعون رؤوسهم نحو السماء، ويصفقون لها بأيديهم وتعلوا ضحكاتهم وهي تمرق بسرعة فوق رؤوسهم. حزن العصفور وقال في نفسه: لا شك سيأتي يوم ينصرف فيه الأطفال عن الطيور ويتعلقون بالطائرات. ترك العصفور الجدة واقترب من النافذة. كان غسان الصغير يحبو وهو يضرب بيديه لعبة صغيرة. عادت الطائرة يسبقها صوتها المزمجر.. اهتزت جدران المنزل.. صرخ غسان.. بدأ يبكي بشدة، كان الرعب يهز جسمه الصغير. نقر العصفور زجاج النافذة.. نظر إليه الطفل سكت ثم ضحك وبانت أسنانه الصغيرة. صفق العصفور بجناحيه منتصراً. قال في نفسه: لن تكون الطائرة أفضل طالما هي تبكي الأطفال وأنا أجعلهم يضحكون.
|
#66
|
||||
|
||||
القصة الرابعة والثلاثون
الأعمى والأصم بقلم الكاتب: أيوب منصور كان لحاكم إحدى المدن القديمة ولدان، أحدهما أعمى لا يبصر، والآخر أصم لا يسمع. وبعد وفاته حدث خلاف بين الولدين على الحكم، لكن قاضي المدينة اقترح أن يحكم المدينة في النهار الولد الأعمى، ويحكمها في الليل الولد الأصم. وافق الولدان على الاقتراح وصار كل منهما يحكم خلال أوقاته المحددة، ففي النهار يأمر الوالي الأعمى الناس بالامتناع عن تأدية أعمالهم وتكريس الوقت كله للكلام عن عدالته وعن ظلم أخيه.. أما في الليل فكان الوالي الأصم يمنع الناس من النوم ويجبرهم على ترديد أغاني المديح لشخصه حتى مطلع الفجر. وبعد مضي مدة قصيرة نفدت مؤنة المدينة وهلك الناس لأن حاكم النهار يسمع ولا يرى وحاكم الليل يرى ولا يسمع.
|
#67
|
||||
|
||||
القصة الخامسة والثلاثون
العقل الكبير كان الحمار الصغير يتنزه ليلاً، فانقض عليه الضبع يريد أن يأكله فأشفق الفيل على الحمار، وسارع إلى إنقاذه وطرد الضبع. قال الفيل للحمار: أنت صغير السن، ولذا سأرعاك حتى تصير حماراً كبير السن. وبعد أمد قال الحمار للفيل: ها أنذا أصبحت كبير السن، ولم أعد بحاجة إلى رعاية أحد. قال الفيل: هيا قدم إلي دليلاً على أنك أصبحت أيضاً كبير العقل. فهجم الحمار فوراً على شجرة، وراح يرفسها حتى أوشك أن يحطم حوافره فضحك الفيل وقال: ما فعلته ليس دليلاً على اكتمال العقل؟ قالت الضفدعة: أن تتمكن من النهيق وأنت في الماء. فقفز الحمار إلى ماء النهر، وعندما حاول النهيق امتلأ جوفه بالماء وأوشك أن يغرق. والتقى الحمار بفأرة فقال لها متسائلاً: كيف أستطيع أن أصبح مكتمل العقل؟ قالت الفأرة: تزوج. قال الحمار: لا أحد يوافق على الزواج من حمار. قالت الفأرة: أنا موافقة على الزواج منك ولكن يجب أن تمتنع عن الطعام حتى تصبح نحيلاً مثلي وتتمن من الإقامة في بيتي. صار الحمام أياماً ولكنه تخلى عن صيامه إذ أوشك الجوع أن يهلكه. قابل الحمار جرادة، فقال لها: كيف أستطيع أن أملك عقلاً كبيراً؟ قالت الجرادة: سيصبح عقلك كبيراً إذا أكلت كل ما في الغابة من أعشاب وأشجار. عمل الحمار بنصيحة الجرادة، وانطلق في الغابة يأكل ما يصادفه فأصيب بالتخمة ومات. سار الفيل في جنازة الحمار وهو يقول: الحمير لا تكتمل عقولها إلا بعد الموت.
|
#68
|
||||
|
||||
القصة السادسة والثلاثون:
روبوت مشاغب بقلم الكاتب: السيد نجم كان الاحتفال بسيطا وجميلا, فقد التف أفراد الأسرة كلهم حول المائدة ,ومع أنغام الموسيقى المفرحة, وغناء "مي وبسمة" لأمهما "د.عزة", أطفأ الجميع الشمعة المضيئة وسط التورتة التي شارك جميع أفراد الأسرة في إعدادها. أشار الأب الى الجميع يأمرهم بالهدوء قليلا, ثم قال: "نحن جميعا سعداء بمناسبة حصول ماما د.عزة على جائزة علمية كبيرة, ونتمنى لها التقدم دائما في أبحاثها العلمية " عقبت "مي" بسرعة: "وما جائزتنا نحن, لقد ساهمنا كثيرا في هذا النجاح..." ألحقتها "بسمة" وتابعت قائلة: "صحيح..يكفى أننا نساعدها في أعمال المطبخ" وضحك الجميع. لم يمض وقتا طويلا حتى صاح الأب ثانية , يطلب منهم الانتباه له, ثم قال: "أنت على حق يا "مي" , لذلك سوف أقدم لكما هدية ثمينة جدا" هلل البنتان بسعادة, وفى شوق لأن يسمعا تفاصيل الهدية, وزادت سعادتهما عندما أخبرهما الأب بالهدية المنتظرة: "سوف أشترى لكما مكتبة كبيرة وقيمة "ميكروفيلم", وسوف أحرص أن تضم الكثير من الموضوعات المسلية في الأدب والعلوم , بل وفى التاريخ أيضا" وقبل أن ينتهي الأب من تفاصيل الهدية, تابعت الأم قائلة: " أما هديتي , سوف تكون لنا جميعا..بابا, وأنا, وأنتما , كلنا معا؟!" شعر الجميع بالدهشة, وانتظروا تفاصيل أكثر عن تلك الهدية التي تتحدث عنها د.عزة بثقة واعتزاز. مع ذلك انتهت الحفل ولم تخبرهم الأم عن أية تفاصيل أخرى. ولفترة طويلة كان موضوع تلك الهدية حديث الأسرة كلها, والأم مصرة على عدم البوح بتفاصيلها..! ..... ....... ...... لم يكف أحد أفراد الأسرة السؤال عن سر الهدية المفاجأة التي وعدتهم بها الأم, ولم تبح د.عزة بتفاصيلها!. كلما تجدد السؤال , تبتسم الأم , ولا تعلق بأكثر من كلمتين اثنتين: "سوف نرى!!". انقضى شهر كامل , وفى تمام الساعة الثانية بعد الظهر حسب الميعاد المتفق عليه , دخلت د.عزة الى مكتب المهندس "علم الدين" صاحب المصنع الصغير لصناعة "الربوت". فهو أمهر من يصنع الإنسان الآلي في كل المدينة , ويتميز "الربوت" الذي صممه بنفسه ويشرف على تصنيعه بالمهارة في تنفيذ الأوامر , مهما كانت شاقة أو متعبة!. لذلك أطلق عليه اسم "الأسطى سعيد" !! فور أن لمحها المهندس "علم الدين", نظر الى ساعة الحائط المعلقة أمامه, وأشار إليها صامتا مع بسمة واثقة . فعلقت د.عزة دهشة: "وصلت في الميعاد المحدد ..أليس كذلك؟!" هز المهندس رأسه وقال: "بل وصلت قبل الميعاد بساعتين يا سيدتي"! لم تعلق..ولم يسمح لها المهندس بأكثر من دقيقتين لعرض طلبها, لأنه في عجلة من أمره, ولا يوجد عنده أي وقت فراغ وهو داخل مصنعه كي يضيعه في الثرثرة. لم تغضب د.عزة منه, وأعادت عليه التأكد من تحقيق كل المواصفات التي عرضها عليها أثناء المقابلة الأولى. وقبل أن تغادر حجرة المكتب, أخبرها المهندس علم الدين بضرورة انتظاره بمنزلها في تمام الساعة الرابعة لاستقبال الضيف الجديد. ..... ...... ...... عادت الأم الى المنزل في انتظار "الأسطى سعيد", وضح على وجهها علامات الحيرة. فسألتها "مي"عن سر القلق والشرود الواضح عليها,وسألتها "بسمة" الصغيرة:"هل أنت جائعة يا ماما؟". ابتسمت الأم, وأخبرتهما عما يدور في رأسها. هل من الأفضل أن تخبرهما عن سر المفاجأة التي وعدتهما بها..أم تنتظر ؟!. فتعلقت الابنتان بها أكثر, وطلبا التفاصيل, لأنهما في شوق الى معرفتها. فقالت: "سوف يحضر حالا الآن الأسطى سعيد, وسوف يساعدكما ويساعدني...." وقبل أن تتابع, عبرت الابنتان عن دهشتهما ..من يكون الأسطى سعيد هذا؟, وأي مفاجأة في أن تحضر أمهما رجلا يعمل على راحتهما ؟؟! فضحكت الدكتورة عزة, وقالت: " بل الأسطى سعيد هذا ..ربوت, أو إنسان آلي. سوف يعيش معنا هنا في المنزل وينفذ كل الأوامر التي سنطلبها منه !" على غير التوقع, تلاحقت الأسئلة وكثرت, بل وسألت الابنتان بطريقة لم تسمح لأمهما بالإجابة..أسئلة كثيرة, متلاحقة, ولم ينتظرا ردا ؟! .. "هل هو مثلنا, من لحم ودم وعظم؟" .. " هل يأكل ويشرب؟" .. " هل يجيد شراء ما نريده من السوق؟" .. " هل يجيد القراءة , ويمكن أن يقرأ القصص معي؟" .. " وأنا أحب أشغال التريكو..هل يجيد تلك الأشغال ويساعدني فيها؟" في تلك اللحظة, دخل الأب الذي فهم سر تلك الأسئلة وغيرها , فضحك ثم قال: "إذن..ننتظر, فأنا في شوق الى الأسطى سعيد مثلكما تماما" بقى بعض الوقت على الرابعة , ويمكن لهن الاستماع الى أية إجابة من الأب حتى يصل الإنسان الغامض الآلي هذا. وافق الأب وقال: "الربوت هو آلة على شكل جسم الإنسان, له رأس داخلها يوجد "المخ" أو الجزء المسئول عن إصدار الأوامر أو السيطرة على الآلة, وهو في ذلك مثل الإنسان...! كما توجد بالآلة "الذاكرة" وهى عبارة عن اسطوانة صغيرة , عليها ثقوب كثيرة" علقت "بسمة " قائلة: " إذن صف لنا مخ الإنسان الآلي ؟" ابتسم الأب وتابع: " أنت المتعجلة يا بسمة.. حالا كنت سأوضح لك تركيب المخ فيه..... مخ الربوت يشبه سويتش التليفونات, السويتش هو الذي يربط بين كل خطوط التليفونات وكذلك يوصل المكالمات ..أيضا مخ الربوت يقوم بوظيفة الربط بين أجزاء الربوت, وعلى الرغم من صغر حجمه إلا أنه قادر على أداة توصيلات كثيرة جدا..جدا" فضحت "مى" و"بسم’" وقالتا معا وفى صوت مشترك, وكأنهما اتفقا على ذلك, وقالا: " ياه .. هذا الربوت هام جدا. سوف يريحنا من الأعمال الشاقة, وسوف يجعلنا سعداء بإصدار الأوامر فقط!!" فهمت د.عزة ما يقصدانه , فأسرعت إليهما وحذرتهما ..إن لم يستفيدا بالوقت والجهد الذي سيوفره لهما الربوت, لن تتردد في إرجاعه إلى المهندس علم الدين. لكنها لم تسمع ردا, سمعوا جميعا صوت جرس باب الشقة, فنظرت الأم الى الساعة, وتأكدت أنها الرابعة تماما. ..... ....... ...... المهندس "علم الدين" ويده في يد "الأسطى سعيد", صرخت مي: "ما هذا ..وكأنه إنسان ولكن من زجاج وحديد!!" تابعت بسمة بسرعة: "له عينان وفم , ذراعان وقدمان!!" وعندما طلب منه المهندس الى يدخل مكان عمله الجديد, رد الربوت بصوت حاد وسريع قائلا: "بل تفضل أنت أولا..هذا من آداب السلوك" فضحك الجميع, وعلقت بسمة في نفسها بصوت دهش: "انه يتكلم أيضا!!" مضى المهندس بعض الوقت مع الأسرة السعيدة, وتحدث معهم جميعا عن الضيف الجديد, وكيف أنه مطيع وقادر على تنفيذ كل الأعمال الشاقة, والتي قد تعجز عليها سيدة المنزل؟! قبل أن يترك الشقة , اقتربت مي من الربوت وهى تردد :"يجب أن نطلق عليه اسم يناسبه , ونناديه به ونحن نلعب معه". فوجئت بالربوت يرد وحده قائلا: " أنا اسمى الأسطى سعيد." فأسرعت بسمة اليه تقول: " بل أنت كىكى..اسمك من الآن كىكى" ضربت الربوت الأرض بقدميه غاضبا, ثم قال: "ما هذا الاسم؟ انه لا يناسبني أبدا... أنا لست كلبا جئت كي أتدلل والهو..أنا إنسان آلي, جئت للعمل!!" فطلبت "مي" منه أن يبدأ العمل ويقرأ معها قصة "رحلات السندباد السبعة" فورا. ....... ....... ....... أحضرت الكتاب, تأملت الغلاف للحظات, ثم بدأت يقلب أوراقه , توقفت أمام الصفحة الأولى, ثم تناولت كوب الماء , شربت الماء, ثم أرتكنت على ظهر الأريكة وبدأت تقرأ. ما أن بدأت في القراءة, أسرع "سعيد" معترضا: " ما كل هذا أنت بطيئة جدا...! لماذا تفقدين كل هذا الوقت في الإعداد لقراءة القصة ؟؟!" لم تعقب "مي", ابتسمت..فضلت أن تتابع القراءة باستمتاع وهدوء, وببطء أيضا , ربما تتخيل كل رحلة من رحلات سندباد الشيقة, والتي سمعت عنها لكنها لم تقرأ الكتاب من قبل . خلال ثوان قليلة , سمعت "الأسطى سعيد" يردد جملة واحدة , ولا يريد أن يصمت..تماما كما الرضيع الجائع. فضحكت "مي" وطلبت منه أن ينتظر, ويكف الصياح بتلك الجملة المملة والتي لم تتوقعها: "اقلبي الصفحة من فضلك... اقلبي الصفحة من فضلك..." لم تنته من الصفحة الأولى, ماذا يريد منها ؟. نفذت طلبه, انتقلت الى الصفحة التالية, قبل أن تنتهي من الجملة الأولى, عاد المشاغب الى سابق جملته المملة:" اقلبي الصفحة من فضلك!!".فشعرت بالحيرة والاضطراب. أسرعت الى أمها التي انشغلت عنها في حجرة المكتب, أخبرتها بما حدث بغضب وانفعال. لفترة قصيرة شردت الأم , ثم ابتسمت..وجدت التفسير, فقالت: "لا تغضبي يا مي, فالربوت يقرأ فوتوغرافيا أو تصويريا.." دهشت مي أكثر, سألتها: " لم أفهم, ماذا تعنين؟" تابعت الأم: "انه يصور الصفحة التي يطلع عليها بالكامل, ويفهمها في نفس اللحظة." اشتركت "بسمة " في الحوار, وقد أعلنت عن رفضها لهذا القادم الجديد الذي لا يحترم قدراتهم في القراءة. ما زال الوقت أمامهما حتى يصدرا حكما نهائيا على الضيف الجديد..هذا بالضبط ما أخبرتهن به الأم, ثم طلبت منهما أن يصبرا لوقت أطول. وكان من الممكن أن يطول الحوار طويلا بين ثلاثتهن, لولا أنهن سمعوا صوتا حادا يصيح وإلحاح: "حان ميعاد الغداء... حان ميعاد الغداء..." كان الأسطى سعيد انتهى على التو من إعداد السفرة لتناول وجبة الغداء. ولأنها المرة الأولى التي يعد فيها المائدة, أسرعت الأم كي ترى, وربما لتطمئن عما يشغلها من أمور المنزل..فقد كانت دوما تتمنى أن تجد من يساعدها في إعداد الطعام وتجهيز المائدة. ...... ........ .......... كانت تلك الجلسة حول المائدة لتناول وجبة الغداء, من المرات القليلة التي يشترك فيها الأب, فهو دوما منشغلا بعمله, وربما النهار كله خارج المنزل. لذلك عبر عن سروره بوجوده بين أفراد أسرته في هذا اليوم , وعلى مائدة الغداء, وقال: "منذ فترة لم أجلس معكم لنتناول وجبة الغداء..أنا سعيد اليوم لأنني معكم" لم يتردد الابنتان في التعبير عن سرورهما. وما أن بدأ كل منهم في تناول شيئا من الطعام, حتى بدا عليه التذمر, والإحساس بالضيق, وربما الرغبة في عدم متابعة تناول الطعام! في البداية لم ينطق أحدهم, لكن تأكد الجميع أن هناك مشكلة ما في كل الأطباق. وما أن صاحت "بسمة" معبرة عن تذمرها: "انظري يا ماما..الأسطى سعيد لم يسخن الأرز, الأرز باردا!" فمالت د.عزة الى الأسطى سعيد الواقف كما الجنود في ميدان المعركة صامتا الى جوارهم, وقالت له مستفسرة: "لماذا لم تسخن الأرز يا أسطى سعيد؟" بعد فترة صمت, علق قائلا: "أنا لا أسخن أي شئ" فعلقت د.عزة قائلة: " لكننا نحب الطعام ساخنا, والأرز بالتحديد يجب أن يكون كذلك!" بنفس الوقفة العسكرية, والرد بالصوت الحاد, قال سعيد: "لا أفهم ماذا تقصدين يا سيدتي..عفوا" بكثير من الدهشة, علق الأب قائلا: " يا خسارة, لم تكتمل فرحتي بالجلوس معكم اليوم للغداء معا.... يبدو أن الأسطى سعيد هذا سوف يجعلنا غير سعداء..." فعلقت "مي" ضاحكة: "ليبقى هو وحده سعيدا في هذا المنزل" .... ...... ....... لم ينقض سوى عشر دقائق على نوم د.عزة خلال فترة العصرية. من عادتها النوم لنصف ساعة تقريبا, لكن الأسطى سعيد له رأيا آخر! انتبهت د.عزة وهى تشعر بشيء من الاضطراب, وتتساءل عما حدث..فاضطر الأسطى سعيد إيقاظها بسرعة وبطريقته الواثقة تلك: "د.عزة .. استيقظي .. حالا. د.عزة ..استيقظي .. حالا." وجدته الى جوار رأسها, وهو ما فزعها أكثر, خصوصا أنها لم تعتد أن يدخل غرفة نومها أي شخص دون استئذان, حتى ابنتيها يطرقان على الباب قبل الدخول..؟ حكت جفونها, تحدق بشدة نحو الأسطى سعيد, تأمره أن يكف عن صياحه. ينفذ سعيد الأمر ويتجه نحو باب الغرفة. إلا أنه يعود ويقول: "يجب أن تشربي , وتشربوا جميعا ما أعدته الآن" فلما سألته عما أعده, لم يجب اكتفى بكلمة :"شكرا", "شكرا"...!! ابتسمت وقالت في نفسها: "يبدو أنه شاي العصر", واتجهت لتناول الشاي مع ابنتيها وقد خرج الأب الى عمله فور تناول الغداء البارد! ما أن جلس ثلاثتهن ونظروا الى أكواب الشاي, عادوا الى سابق عهدهن في التعليق و الإحساس بالغضب. هذه المرة اعترضت د.عزة وقالت: "أنا أحب أن أشرب شاي العصر بدون حليب.. لماذا جهزت الثلاثة أكواب شاي مخلوط بالحليب..يجب أن تسألنا أولا؟؟" تدخلت "بسمة" وقالت: " هنا, كل فرد فينا له رغباته الخاصة" فرد بسرعة متسائلا: " ماذا تعنى كلمة رغباته؟" فتابعت مي وقالت: " تعنى أن كل فرد هنا له مزاجه الخاص" فرد بنفس السؤال: " وماذا تعنى كلمة مزاجه؟" تدخلت الأم وهى تضحك هذه المرة, قالت: " يجب أن نعد ما تعده على حسب ما يريد كل فرد في الأسرة..لن نأكل ونشرب حسب رغبتك ومزاجك أنت ..هل فهمتني الآن؟" بهدوء وثقة , علق الأسطى سعيد قائلا وهو يدير ظهره متحركا الى حيث يرغب , وقال: "حتى الآن لم أفهم ماذا تقصدين بكلمة رغبة أو مزاج, هاتين الكلمتين لا أفهمهما! وردد كلمة "شكرا" كثيرا, حتى ذهب الى شرفة الحجرة . مع كثير من الحيرة, رددت الأم السؤال في نفسها: "كيف أشرح له حتى يفهم هذا الإنسان الآلي"؟! ........ ........ ...... في صباح اليوم الجديد, و قبل أن يستيقظ أحد أفراد الأسرة, انتبهوا جميعا واضطربوا بسبب صوت تهشم شيئا ما! لاحظت د.عزة أن ضوء الشمس مازال بعيدا, وأن عقربي الساعة تشير الى الخامسة . دهشت, وتساءلت عما حدث في تلك الساعة المبكرة, والجميع نائم.."هل اقتحم لصا المنزل؟ أم ريح قوية فتحت النوافذ؟ أم ماذا؟؟! استيقظ الأب وتحرك بسرعة نحو مصدر الصوت, فكانت المفاجأة. ابتسم الأب وقال لزوجته: "انه الأسطى سعيد أيضا!!" لقد هشم سعيد "الفازة" الثمينة التي اشترتها الأم من إحدى المزادات بثمن مرتفع اعتزازا بها وبجمالها. صرخت: "يا خسارة.. الفازة تهشمت تماما" لم تكن لمحت "الأسطى سعيد" بعد, ما أن نبهها الأب الى مكان وجوده في ركن الغرفة البعيد, حتى صاحت في وجهه: "أنت أيضا؟!" بهدوء رد الأسطى سعيد قائلا: "عفوا لم أكن أعرف كيف يحملون هذا الشيء" فقال الأب وهو يحاول أن يكون أكثر هدوءا من زوجته, قال: " ومن قال لك تقترب من هذه الأشياء في تلك الساعة من النهار؟" برر الأسطى سعيد ما فعله, بأنه لا يعرف الليل من النهار, وأنه ظل يعمل كيفما يشاء, حتى كانت تلك الفازة التي تهشمت عفوا !! لم يجد الأب ما يعلق به, اكتفى بنظرات حزينة الى الفازة, وعاد الى حجرة نومه, بينما ظلت الأم نتجمع في أجزاء الفازة. إلا أنها عادت وقالت لسعيد: "يجب أن تحترس في المرات القادمة" فكانت إجابته التي لم تحتملها, حين قال بثقته المعهودة: "آسف..لا أستطيع أن أوعدك بشيء مثل هذا يا سيدتي.. شكرا"!! ثم أدار ظهره وذهب بعيدا. وجدت د.عزة نفسها أمام موقف لا تعرف كيف تتصرف حياله؟!, رغما عنها ابتسمت, ثم عادت الى حجرة نومها ثانية , ربما مع بداية اليوم الجديد تستطيع أن تفكر بهدوء أكثر. لا تدرى كم انقضى من الوقت حتى انتبهت على صوت الأسطى سعيد الى جوار رأسها , يردد بصوته الحاد: "استيقظي يا سيدتي.. لقد ملأ ضوء الشمس كل مكان..شكرا" فقالت له بغضب, وبعد أن نظرت الى ساعتها: " لكنني لا أستيقظ في السادسة..ميعادي السادسة والنصف, اتركني الآن" فتابع الأسطى سعيد: " بل يجب أن تستيقظي الآن .. شكرا" انفعلت د.عزة أكثر, وهى لا تدرى كيف إقناع هذا الإنسان الآلي. أمرته أن يغرب عن وجهها , ثم حذرته من إيقاظ الطفلتين. فرد عليها قائلا: "وما فائدتي إذن؟" ....... ....... ......... جلست د.عزة على طرف السرير , تشعر بالحيرة, تسأل نفسها:"ماذا على أن أفعل..تمنيت أن يكون هذا الإنسان الآلي هدية لكل أفراد الأسرة؟؟" قبل أن يبدأ المهندس علم الدين في عمله صباحا , كانت د.عزة أمامه, وفى كفها كف الأسطى سعيد. وهو ما أدهش المهندس! عندما سمع منها تفاصيل كل ما حدث خلال تلك الساعات القليلة, وأن الأسطى سعيد هذا لا يحترم رغبات الآخرين. ابتسم وقال لها: "نعم هو يفعل كل ما هو محفور في اسطوانة الذاكرة التي وضعتها أنا له, الآن فهمت ما تريدين.. أعطني مائة جنيه أخرى مع هذا الربوت , وسوف أصنع لك ربوت آخر يحترم رغباتك ورغبات الأسرة كلها..هل توافقين؟" انتظرت د.عزة لفترة قصيرة , ثم قالت: "موافقة, فقط يحتاج الى تطوير برنامجه". وعادت الى أفراد أسرتها في انتظار الربوت الجديد!!
|
#69
|
||||
|
||||
القصة السابعة والثلاثون
تحدي سكان القمر ظهر المذيع التليفزيوني على الشاشة مبتسما وهو يعلن لجميع سكان الأرض عن بداية المباراة المنتظرة بين فريقي "مهاجرو القمر" و "الأرض"! منذ عدة سنوات ظهرت مشكلة حقيقية بين سكان القمر, هؤلاء الذين هاجروا من الأرض إلى القمر. لقد نجحوا على سطح القمر وأقاموا مجتمعات جديدة ومنتجة, كما أقاموا المصانع واستصلحوا الأراضي الوعرة هناك. إلا أنهم وبعد تلك السنوات أعلنوا تمردهم وغضبهم على كل سكان الأرض! اجتمعت هيئة الأمم المتحدة التي تضم معظم دول العالم مع الوفد القادم من القمر للتعرف على سر هذا الغضب, وربما لمنع تدهور العلاقات بين الكوكبين, أي حرصا على السلام الكون, وحسن الجوار بين الكواكب. ومنذ اللحظات الأولى للاجتماع, تبين للجميع أن المهاجرين تحولوا إلى سلوك لا يعرف الخبث أو الضغينة أو الدهاء. وأعلنوا صراحة أن سبب غضبهم هو تجاهل سكان الأرض لهم, على الرغم من أنهم (أي سكان القمر) كانوا منذ زمن بعيد من سكان الأرض, وقد هاجر أجدادهم إلى القمر من أجل حياة أفضل. وقد لخص رئيس وفد سكان القمر طلبات وفده.. التعاون التجاري العادل حيث أن سكان الأرض يصعدون ويجمعون الثروات من فوق سطح القمر, ولا يدفعون القيمة المناسبة لتلك الثروات من معادن وغيرها. لم تطل المفاوضات أكثر من يومين, وأعلن سكرتير عام الأمم المتحدة بأنه تم تحديد المشاكل, وأيضا وضعت الحلول المناسبة لها. أعلن الخبر على العالم اجمع, فسعد الجميع للنجاح في تلافى أسباب صراع محتمل , قد يكون سببا للحروب بين الكوكبين. وبهذه المناسبة وتعبيرا عن التعاون المنتظر, تقرر إقامة مباراتين لكرة القدم التي يعشقها الجميع..واحدة على سطح الأرض, والأخرى على سطح القمر. حان وقت بداية المباراة الأولى على سطح الأرض. ما أن ظهر الفريقين معا في طريقهم الى أرض الملعب, دهش الجميع, سكان القمر يرتدون تلك البذلة التي يعرفونها لرجال الفضاء. وتساءل الكبير قبل الصغير: "إن كانت تلك البذلة من أجل الحفاظ على عمل أجهزة الداخلية لرواد الفضاء فوق سطح القمر, حيث أن الجاذبية هناك أقل الى الثلث منها على سطح الأرض..وإذا كان هؤلاء المهاجرون من أصل الإنسان على الأرض, لماذا إذن يرتدونها؟؟" وهو التساؤل الذي فرض نفسه على المذيع وهو يتحاور مع أحد العلماء. فأجاب العالم بثقة وهدوء: "صحيح سكان القمر الآن من أصول الإنسان على الأرض, لكن أجسادهم الآن وجيل بعد جيل بدأ يتكيف على جاذبية القمر..وبالتالي أصبحت الحياة على الأرض الآن مستحيلة, ويجب أن يرتدى تلك البذلة الوقاية!!" فورا انتقل المذيع للحديث مع أحد الخبراء في الاتحاد الدولي لكرة القدم, سأله: المذيع: لماذا مساحة الملعب أقل من المساحة التي نعرفها ؟ الخبير: حتى يتمكن سكان القمر اللعب لفترة أطول, نظرا لأن البذلة التي يرتدونها تعيقهم بعض الشيء. كما يجب أن تعرف أننا عدلنا من زمن الأشواط وأصبحت نصف ساعة فقط لكل شوط, وللسبب نفسه. المذيع شكره, ثم طلب من الجميع الاستماع الى نشيد المحبة والسلام الذي يردده أفراد الفريقين, وقد ألفه أكبر شعراء الأرض. ثم بدأت أحداث المباراة المنتظرة, كانت مفاجأة للجميع. فقد كانت الكرة أقل حجما, وأقل وزنا عن تلك التي يلعبون بها على سطح الأرض. وأعلن المعلق على المباراة أن السبب هو عدم قدرة فريق القمر على التعامل مع الكرة العادية, وأن الفريق وصل الى كوكب الأرض منذ أسبوعين , ومع ذلك لم يستطع التكيف على اللعب فوق أرضية الملعب المزروع "نجيلة" أو نجيلة صناعية "التي تسمى "ترتان". وبعد مضى فترة قليلة بدأ اللاعبون يتساقطون. ما أن يصطدم أحدهم بزميل منافس له على الكرة, يسقط على الأرض ولا يتحمل الاصطدام!. ربما هذا هو السبب الذي تعاطف من أجله جمهور الملعب مع سكان القمر, وما أن أعلن الحكم عن ضربة جزاء لفريق القمر.. لم يغضب!! أحرز فريق القمر هدفه, فارتفعت الحمية والتحمس عند أفراد فريق الأرض, ونال مرمى فريق القمر عشرة أهداف متتالية!. أحرز الأخير منها قبل نهاية المباراة بثوان قليلة..! وتصالح الجميع على أرض الملعب, لكن كابتن فريق سكان القمر توعد جميع أفراد فريق سكان الأرض قائلا: "نحن نتحداكم على سطح القمر قريبا!!" ...... ...... ....... بسرعة انقضت فترة استعداد فريق "الأرض" للعب المباراة الثأرية على سطح القمر مع أحفاد المهاجرين الأوائل. كان التدريب شاقا وغير تقليدي. لم يكن أعضاء فريق الأرض يتدربون على الملاعب العادية التي يعرفونها. كانوا يتدربون في مبان مغلقة ضخمة, الجاذبية فيها أقل من جاذبية الأرض, كما أن أرض الملعب ترابية, وكانوا يتدربون وهم يرتدون البذلة الخاصة برواد الفضاء! وكلما فتر عزم اللاعبين من شدة الإجهاد يقف المدرب ويذكرهم بأن أعضاء فريق القمر يتحدون! وكما التف سكان الأرض والقمر حول أجهزة التليفزيون لمتابعة المباراة الأولى, التفوا أيضا لمتابعة أحداث المباراة الثأرية. ظهرت المذيعة هذه المرة وهى متحمسة ومنفعلة, وأعلنت عن انتقال الإرسال حالا الى سطح القمر, ثم طلبت دعوات سكان الأرض كلهم لفريقهم بالنصر المبين على فريق القمر الذي يلعب على ملعبه, ومتحمسا للثأر من هزيمة المباراة الأولى. إلا أن الإرسال ظل معلقا حتى انتهت من تحية كل من شارك في الإعداد لتلك المباريات , سواء هيئة الأمم المتحدة على الأرض, أو هيئة الاتصال الكوني على القمر. ثم أشادت بالجهد الرائع الذي بذله العلماء والمهندسين والفنيين باللجان العلمية التي تولت تنفيذ الفكرة, حتى تحقق الحلم ونفذت المباراة. ثم التقت بأحد العلماء وسألته عن سبب قلقه الواضح على وجهه, فأجاب: "انه القلق الإيجابي, أريد أن تنفذ كل خطوة بنجاح تام" إلا أن العالم توقف فجأة كي يطلب الإشارة الى حادثة هامة حدثت معه منذ فترة بعيدة. وافقته المذيعة وطلبت معرفة تفاصيل تلك الحادثة, قال: "منذ عدة سنوات, كنت أرافق أحد المهاجرين الى القمر, وفى الطريق الى قاعدة إطلاق الصاروخ , لمحت الحزن على وجهه, فسألته عن سبب ذلك, قال بصوت منخفض: "يا سيدي العالم, إننا نهاجر الى القمر من أجل تعمير هذا الكوكب, لكن ما أخشاه أن تعتبروا هجرتنا هي النهاية ..نهاية العلاقة بيننا وبينكم على سطح الأرض" فقلت له: "يوما ما سوف تتأكد أننا لم ننساكم, فأنتم الرواد وتستحقون كل التقدير" وفجأة انتهى الحوار, وبدأ التليفزيون في عرض أولى المشاهد على سطح القمر.كان اللاعبون من الفريقين وطاقم الحكام . بعد حوالي الدقيقة وصل صوت المعلق الرياضي والمذيع القمري أو أحد أحفاد المهاجرين الى القمر. بينما ظهر لاعبو فريق القمر يرتدون الشورت والفانلة, مثل تلك التي يلعب بها فرق الأرض, كان فريق الأرض يرتدى البذلة الفضائية! الجديد أن علق كل لاعب ما يشبه علبة صغيرة على صدره وظهره, وشئ يشبه الدخان ينطلق من ظهورهم, ومن شئ يحمله حكم المباراة!!. وأعلن مذيع القمر عن سر هذا الدخان, وأنه جهاز دفع خاص حتى يتمكن لاعبو الأرض من الحركة بل والجري على أرض الملعب. بدأت المباراة حماسية, وقوية كما توقع الجميع, وكانت المفاجأة أن أحرز فريق الأرض الهدف الأول ! وقبل أن ينتهي المعلق من شرح تفاصيل هذا الهدف المباغت السريع, كان رد فريق القمر بهدف سريع أيضا. ولم تمض دقائق وكان الهدف الثاني ثم الثالث..ولم يجد المتابعون على الأرض إلا القول بأن هؤلاء المهاجرين تعودوا على الحياة على سطح القمر, وعلى هذا الملعب الترابي. وبين الشوطين تساءلت المذيعة عن وقت إذاعة هذه المباراة, فرد الخبير بأنه في نهار يوم عادى هناك, على الرغم من الظلمة التي تبدو على الشاشة. وتابع قائلا: "يجب أن أخبرك أن الضوء يحتاج الى الهواء حتى ينتقل فيه ونشعر به, وسطح القمر بلا هواء. لكن يجب أن يلاحظ الجميع مشهد قرص الشمس الدائري في أعلى الشاشة" توالت أسئلة المذيعة, واستفسرت عن كيفية التصرف أمام تلك الضبابية الواضحة. فابتسم الرجل وأخبرها: "حلت تلك المشكلة بأن استخدم العلماء مادة خاصة يطلون بها الكرة والملابس, ثم الملعب, وغير ذلك. وهذه المادة يمكن أن تلتقطها عدسات الكاميرات المستخدمة." قبل أن يبدأ المعلق الرياضي أحداث الشوط الآخر من المباراة, قال: " ويسرني أن أخبر سكان القمر والأرض, أن المنطقة التي نلعب عليها الآن بجوار جبل يسمى "جبل ناصر الدين"..وهى منطقة منبسطة وبلا جبال. ويقال أنه اسم أحد علماء الفلك العرب أيام دولة الأندلس, وأعتقد أنه مبعث فخر لكل العرب على سطح الأرض والقمر. والوثائق العلمية تؤكد أنه أول فلكي تعرف على هذا المكان على سطح القمر, على الرغم من تواضع الإمكانيات من أجهزة ومعدات مقارنة بزمننا هذا. ولن أطيل عليكم, إليكم الشوط الثاني من المباراة الهامة, التي أحرز فيها فريق القمر خمس أهداف حتى الآن." وضح أن فريق الأرض تخلص من رهبة المباراة تماما, ومن أثر الهزيمة الثقيلة بالشوط الأول من المباراة, وإلا ما كان نجح في إحراز كل تلك الأهداف! كان هذا هو تعليق المعلق الرياضي, لكنه من شدة التحمس, صاح وزعق بشدة ,غاضبا..على الرغم أنه يعلم استحالة سماع صوته للاعبين! وفى خطوة جريئة, تقدم المدرب واستبدل لاعب ثم ثان, وركز على الهجوم بلاعبين جديدين, فتحقق له ما أراد ونجحا في إحراز الهدف السادس ثم السابع..وهكذا حتى الهدف العاشر!! انتهت المباراة وقد أحرز فريق سكان القمر الفوز, وثاروا لأنفسهم ومن الهزيمة التي لحقت بهم في مباراة فريق الأرض. وقبل أن يتركوا الملعب , تحدثوا إلى مذيعة التليفزيون يعربون عن سعادتهم, أولا لبدء التواصل مع أهاليهم من سكان القمر.. ثم بالنتيجة التي أكدت تفوقهم وأنهم ليسوا أقل من سكان الأرض!!
|
#70
|
||||
|
||||
القصة الثامنة والثلاثون
الليل والأطفال بقلم الكاتب: آصـف عبد الله من قديم الزّمان كان الليل حزيناً جداً، كان يسمع أطفالاً يقولون: "لا نحبّ الليل". وآخرون يقولون: "الليل موحشٌ ومخيف". والآباء والأمهات يحاولون إبعاد الخوف، دون جدوى ويطلبونَ من الأولاد الذّهاب إلى النّوم، فالليل مخصص للرّاحة والنهار للعمل، وتُطفأ الأضواء؛ فيظهر الليل خلف النّوافذ قاتماً يغطي كلّ شيء: الأشجار والبيوت، والشوارع، فيجزع الأولاد ويأوون إلى الفراش مكرهين، ودائماً يقولون: ـ "الليل مخيف، نحن لا نحبّ الليل". تجوَّلَ الليلُ كثيراً؛ حكى قصّته لكل من صادفه، قال لـه القمر:"لا تحزن يا صديقي، سأساعدك، وسيحبّك الأطفال". فرح الليل حين سمع ذلك، وبعد مدّة أطلّ القمر وسطع ببهاء؛ سمع الليلُ الأطفالَ يقولون: ـ "ما أجمل الليل في ضوء القمر!".. ولكنّ القمر لا يستطيع أن يبقى طويلاً، وعندما ينتهي من عمله كان يذهب إلى مكان آخر ليبدأ عملاً جديداً؛ فيشعر الليلُ أنّ الأطفال عاودهم الخوف، وقبل أنْ يبحث عن حلٍ كانت النجوم تلمع في بحر السماء، والضفادع تنقُّ مغنيةً أجمل الأغاني، وكان يسمع صوت البومة وهي تتمتم: ـ "الليل جميل ورائع، وأنتم أيها الأطفال جميلون فاذهبوا إلى الفراش". صار الأولاد ينتظرون القمر، وبعضهم ينتظر النجوم فيبدأ يعدّها من نافذته حتى يغفو، وآخرون كانوا يسعدون بأغاني الضفادع وحكمة البومة، وعندما يذهبون إلى الفراش يبدؤون رحلة الأحلام.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |