![]() |
العاب اون لاين: العاب بلياردو | العاب سيارات | العاب دراجات | العاب طبخ | العاب تلبيس |العاب بنات |العاب توم وجيري | العاب قص الشعر |
للشكاوي والاستفسار واستعادة الرقم السري لعضوية قديمة مراسلة الإدارة مراسلتنا من هنا |
|
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() سلسلة إنه ـ سبحانه ـ ينادينا الدكتور عثمان قدري مكانسي القسم السابع والعشرون بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴿68﴾ الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ﴿69﴾ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ﴿70﴾ يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿71﴾ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿72﴾ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ ﴿73﴾(الزخرف) ما أروع موقف عباد الله المؤمنين في هذا اليوم – يوم القيامة الرهيب - وهم خائفون من عذاب الله يسمعون النداء { يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } فيرفع الخلائق رؤوسهم ويقولون : نحن عبادُ الله ، فإذا قال: { الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ } نكَّس الكفارُ رؤوسهم ويبقى الموحدون رافعي رؤوسهم، فإذا قال الثالثة : { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)}(يونس) نكّس أهل الكبائر رؤوسهم وبقي أهل التقوى رافعين رؤوسهم وقد زال عنهم الخوف والحزن ، فقد وعدهم الله تعالى بالنجاة والكرامة ولن يخذلهم الله أبداً ،فوعده الحق ،وقوله الحق سبحانه
يدخلون الجنة مع أمثالهم ونظرائهم ممن كانوا مثلهم في التقوى يتنعمون ويسعدون فقد كانوا يؤمنون ويعملون ،قال صلى الله عليه وسلم : ( إن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لَرجلٌ لا يدخل الجنة بعده أحدٌ، يفسح له في بصره مسيرة مائة عام في قصور من ذهب وخيام من لؤلؤ ليس فيها موضع شبر إلا معمورٌ يغدى عليه ويراح بسبعين ألف صحفة من ذهب ليس فيها صحفة إلا فيها لون ليس في الأخرى مثله ،شهوته في آخرها كشهوته في أولها لو نزل به جميع أهل الأرض لوسع عليهم مما أعطي لا ينقص ذلك مما أوتي شيئا ). ذكر القرطبي رحمه الله أن أبا أمامة رضي الله عنه ذكرأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفس محمد بيده ليأخذن أحدكم اللقمة فيجعلها في فيه ،ثم يخطر على باله طعامٌ آخر فيتحول الطعام الذي في فيه على الذي اشتهى ) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } ، وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أدنى أهل الجنة منزلة من له لسبع درجات وهو على السادسة وفوقه السابعة وإن له ثلاثمئة خادم، ويغدى عليه ويراح كل يوم بثلاث مئة صحفة - ولا أعلمه إلا قال من ذهب - في كل صحفة لونٌ ليس في الأخرى وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره ومن الأشربة ثلثمائة إناء في كل إناء لون ليس في الآخر وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره، وإنه ليقول يا رب لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنة وسقيتهم لم ينقص مما عندي شيء وإن له من الحور العين لاثنين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا وإن الواحدة منهن لتأخذ مقعدها قدر ميل من الأرض ) ومن دخل الجنة لم يخرج منها ، {... لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)}(الكهف) . عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لن يدخُلَ الجنَّةَ أحدٌ إلَّا برحمةِ اللهِ ، قالوا : ولا أنت يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ولا أنا، إلَّا أن يتغمَّدنيَ اللهُ برحمتِه ، وقال بيدِه فوق رأسِه رواه المنذري في الترغيب والترهيب ، لكنْ يقال لهم على وجه الفضل والمنّ { وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ، فأعمالهم الصالحة كانت سببا لشمول رحمة الله إياهم ودخولهم الجنة ولعل تفاوت الدرجات بحسب الأعمال الصالحات ، والله أعلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار، فالكافرُ يرث المؤمنُ منزله من النار والمؤمنُ يرث الكافرُ منزله من الجنة ) وذلك قوله تعالى : { وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }. هذه صورة مشرقة لحالة المؤمنين الأتقياء الذين رضي الله عنهم وأرضاهم فأكرمهم في الدنيا بقوة الإيمان ويرضيهم في الآخرة برضوانه وكرمه وجنانه سبحانه أما المجرمون فهم في عذاب مستمر لا يهدأ ولا يضعف : { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴿74﴾ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75)}(الزخرف) والمبلس من طرد من رحمة الله وحق عليه العذاب الدائم جزاء كفره واجترائه على الله واستكباره عن الحق، وهم الذين ظلموا أنفسهم حين كفروا وسخروا من الدعاة وعذبوهم وقتّلوهم ، فحين يطول عليهم العذاب ويرون الموت غايتهم وفيه انتهاء عذابهم يطلبون من مالك خازن النار أن يسأل ربه سبحانه أن يميتهم ،فإذا بالجواب قاصمة الظهر ودائمة الأحزان { ...قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ (77)} (الزخرف). ويالشدة فزعهم وطول أحزانهم حين يُزجرون ، كل ذلك العذاب أنهم كرهوا الحقّ وحاربوه وناصبوه العداء، ومكروا بالمؤمنين ودمّروا عليهم وكذّبوا الرسل والدعاة وآذوهم .. { فَهَلْ مِن مُّدَّكِر } ؟ إن الله تعالى ينادينا لنكون من عباده الصالحين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، فهل نحن فاعلون؟ يتبع
|
#2
|
||||
|
||||
![]() سلسلة إنه ـ سبحانه ـ ينادينا الدكتور عثمان قدري مكانسي القسم الرابع والثلاثون بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّـهِ وَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّـهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّـهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّـهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) (سورة الجمعة) في يوم الجمعة ، وكان يُسمّى يومَ العروبة:
1- كمُلَت جميع الخلائق. 2- خُلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرِج منها 3- وفيه تقوم الساعة 4- وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل فيها الله خيرا إلا أعطاه إياه كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاح . 5- وثبت أن الأمم قبلنا أمِروا به فضَلّوا عنه ،واختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خلق آدم، واختار النصارى يوم الأحد الذي ابتدئ فيه الخلق ،واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة ، روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن الآخِرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ،ثم إن هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه ،فهدانا الله له ،فالناس لنا فيه تبعٌ.اليهود غداً والنصارى بعدَ غد ( لفظ البخاري) ، وفي لفظ لمسلم : أضلَّ الله عن الجمعة من كان قبلنا ،فكان لليهود يومُ السبت وكان للنصارى يومُ الأحد، فجاء الله بنا ،فهدانا الله ليوم الجمعة فجعل الجمعة والسبت والأحد وكذلك هم تبعٌ لنا يوم القيامة ،نحن الآخِرون من أهل الدنيا والأوَّلون يوم القيامة المقضي بينهم قبل الخلائق 6- وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة فقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ } والسعيُ القصدُ والعَمدُ والاهتمام ، وهذا ما نفهمُه من قوله تعالى : { وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا (19)}(الإسراء) وكان عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما يقرآنها " فامضوا إلى ذكر الله " فأما المشي السريع إلى الصلاة فقد نُهي عنه لِما أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة ،وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا ،فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا . رواه البخاري ، وقال الحسن البصريُّ :أمَا والله ما هو بالسعي على الأقدام ،ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار ولكن بالقلوب والنية والخشوع. وقال قتادة في قوله تعالى : { فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ } أن تسعى بقلبك وعملك وهو المشْيُ إليها ،وكان يتأول قوله تعالى : { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ...(102)}(الصافات) أي المشْيَ معه .وروي عن محمد بن كعب وزيد بن أسلم وغيرهما نحو ذلك .( عن تفسير ابن كثير بتصرُّف) ويستحب لمن جاء إلى الجمعة : 1- أن يغتسل قبل مجيئه إليها لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا جاء أحدُكم الجمعة َ فليغتسل . ولهما عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : غُسلُ يوم الجمعة واجب على كل محتلم ، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حقٌ لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام ،يغسل رأسه وجسده ، رواه مسلم وعن جابر رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : على كل رجل مسلم في كل سبعة أيام غسلُ يومٍ، وهو يوم الجمعة . رواه أحمد والنسائي وابن حِبّان . 2- أن يكون ليوم الجمعة أثرٌ إيجابي على الأهل ، فعن أوس بن أوس الثقفي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من غسَّل واغتسل يوم الجمعة ،وبكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب ،ودنا من الإمام واستمع ،ولم يَلْغُ كان له بكل خطوة أجرُ سنةِ صيامِها وقيامِها . وهذا الحديث له طرق وألفاظ ،وقد أخرجه أهل السنن الأربعة ،وحسنه الترمذي . 3- ان يأتي للجامع مبكِّراً زيادة في الثواب والأجر: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اغتسل يوم الجمعة غُسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرَّب بدنة ،ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ،ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرَّب كبشا أقرن ،ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ،ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر . والمقصود بالساعة هنا التبكير وقصْدُ الثواب ورضا الله تعالى . 4- أن يلبس أحسن ثيابه – إن أمكنَ- ويتطيبَ ويتسوَّك ويتنظف ويتطهر. فعن ابي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم والسواكُ وأن يمس من طِيب أهله . وروى ابو أيوب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: من اغتسل يوم الجمعة ومسَّ من طيب أهله إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج حتى يأتي المسجد ،فيركعَ إن بدا له ،ولم يؤذ أحدا، ثم أنصت إذا خرج إمامُه حتى يصلي كانت كفارةً لما بينها وبين الجمعة الأخرى . وروى ابو داود وابن ماجة عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على المنبر : ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبَي مهنته . وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم الجمعة فرأى عليهم ثيابَ النمار فقال : ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته . رواه ابن ماجه . وكثيراً ما نرى بعض المصلين يدخلون المسجد بثياب العمل فيوسخون المسجد ويؤذون المصلين . 5- الانصراف إلى متابعة الخطيب والانشغالُ بما يقول عن الدنيا ، فقد كان لأحدهم تجارة قدمت والمسلمون يسمعون خُطبة النبي صلى الله عليه وسلم ظهر الجمعة فانصرف اكثرهم إليها وبقي مع النبي صلى الله عليه وسلم القليل من المصلين، فنزل العتاب على ذلك في قوله تعالى : { وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائماً } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لم يبق منكم أحد لسال بكم الوادي نارا . لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم سوى نداءٍ واحد ( أذان)يُؤَدّى بين يديه وهو على المنبر ، واستمرّ هذا على عهد الصديق والفاروق رضي الله عنهما، فلما كان عثمان بعد زمن وكثر الناس زاد النداءَ الثاني على أرفع بناء قرب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ( الزوراء) ،إذ أمر عثمانُ رضي الله عنه أن ينادى قبل خروج الإمام ،حتى يتذكر الناسُ صلاة الجمعة مبكرين فيجتمعون . واتفق العلماء رضي الله عنهم على تحريم البيع بعد النداء الثاني ، واختلفوا هل يصح إذا تعاطاه متعاطٍ أم لا ؟ على قولين وظاهر الآية عدم الصحة كما هو مقرر في موضعه ،والله أعلم . إن الاهتمام بصلاة الجمعة خير كثيرٌ لا تدانيه الدنيا ولو اجتمعتْ . آداب ما بعد صلاة الجمعة: 1- ينتشر الناس في الأرض ويعودون إلى ممارسة أعمالهم بعد أن أطاعوا الله تعالى في السعي إلى الجمعة. كان أحد الصالحين إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال : اللهم إني أجبت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرت كما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين. 2- ذكرُ الله تعالى وشكره على تمام نعمة العبادة { وَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } فما عند الله من الثواب في الدار الآخرة { خَيْرٌ مِّنَ اللَّـهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّـهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } لمن توكل عليه وطلب الرزق في وقته .. كانت العرب تسمّيه العروبة وقيل سمّاه كعب بن لؤي لاجتماع الناس فيه وإليه، وقال الزمخشري في كشّافه : « قيل إن الأنصار قالوا : لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام وللنصارى مثل ذلك فهلمّوا نجعل لنا يوما نجتمع فيه فنذكر اللّه فيه ونصلي فقالوا يوم السبت لليهود ويوم الأحد للنصارى فاجعلوه يوم العروبة فاجتمعوا إلى سعد بن زرارة فصلّى بهم يومئذ ركعتين وذكَّرهم فسمّوه يوم الجمعة لاجتماعهم فيه ، فأنزل اللّه آية الجمعة فهي أول جمعة كانت في الإسلام . وأما أول جمعة جمعها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فهي أنه لما قدم المدينة مهاجرا نزل قباءَ على بني عمرو بن عوف، وأقام بها يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسّس مسجدهم ،ثم خرج يوم الجمعة عامدا المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم ،فخطب وصلّى الجمعة ، وعن بعضهم : أبطل اللّه قول اليهود في ثلاث : 1- افتخروا بأنهم أولياء اللّه وأحباؤه فكذبهم في قوله : { ... فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (6)}(الجمعة 2- وبأنهم أهل الكتاب ،والعربُ لا كتاب لهم فشبّههم بالحمار يحمل أسفارا 3- وبالسبت وأنه ليس للمسلمين مثله فشرع اللّه لهم الجمعة. إنه سبحانه ينادي عباده ليقيموا شعيرة الجمعة ويجعلوا من صلاة الجمعة منبراً فكريا سياسياً اجتماعياً ، ويجتمعوا على العبادة والحب في الله ،والإخلاص لله سبحانه فلعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. يتبع
|
#3
|
||||
|
||||
![]() سلسلة إنه ـ سبحانه ـ ينادينا الدكتور عثمان قدري مكانسي القسم الخامس والثلاثون سورة ( المنافقون) فضيحة كبرى لهم فقد شهد المولى سبحانه أنهم كاذبون في دعواهم ( الإيمان)، فهم يعترفون للرسول صلى الله عليه وسلم بالنبوّة لساناً ، وقلوبهم منكرة لذلك ،فوصفهم الله تعالى بالكذب :
{ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)}. وما أكثر الذين يكذبون فيحلفون الأَيمان الغليظة إنهم لعلى حق ، يُظهرون الموافقة بلسان عسليٍّ ينقط منه سمُّ الأفاعي القاتل. ولكِن نتساءل : هل دخل الإيمان إلى قلوبهم ثم ارتدّوا أو ظلوا – ابتداءً من الكافرين؟ والجواب صريح في هذه السورة : { ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3) ،فقد دخل الإيمان قلوبهم فترة ،ثم انقلبوا على أعقابهم كافرين ، فكانت قلوبهم أظلم من قلوب الكفار الذين لم يؤمنوا أبداً . هؤلاء عرفوا الحقيقة وأنار الإسلامُ قلوبهم ،ثم انقطع النور فجأة فعاشوا في ظلام أشد مما كانوا عليه قبل إسلامهم. من صفات هؤلاء المنافقين في هذه السورة الفاضحة: 1- أنهم كاذبون ، يستمرئون الكذب ليُضلوا الناس عن الحق. 2- قلوبهم – بسبب ارتدادهم مُربَدَّة سوداءُ، موسومة بوسم الجهل وسوء التصرّف. 3- حبهم للحياة – أيّةِ حياة – يخافون الموت ويفرون من المعركة 4- منظرهم غير مخبرهم ، يعجبك منظرهم وحديثهم ،ويفضحهم جبنهم وخوفهم. 5- يستكبرون على الإيمان ويكرهون النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين . 6- يدْعون عملياً إلى مقاطعة المسلمين والتضييق عليهم مادياً ومعنوياً لصرفهم عن الدين. 7- يصرحون في فلتات ألسنتهم بالكره العميق للإسلام واهله ، ويودون للمسلمين الذلة والانكسار. يأتي النداء الإلهي - بعد فضح المنافين : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّـهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ۚ وَاللَّـهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)}. يحض المؤمنين على : 1- ذكر الله تعالى الدائم ، بل ينبغي أن يكون من أولويات الحياة الدنيا . ولن ينفع المرءَ ولدُه ولا ماله إن قصر في عبادته لله تعالى 2- الإنفاق في سبيل الله علامة الإيمان به سبحانه فالله تعالى هو الرزاق ، والمال فضلٌ منه وخير ، وما يكون شكر الله إلا بالإنفاق في سبيل الله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)}(البقرة) ، وعند الموت ولقاء الله يُحس المسلم أنه كان بخيلاً شحيحاً ويتمنّى لو كان كريماً ، ويسأل الله أن يُعيده للحياة ليكون من أهل البرّ والجود ، وهيهات هيهات .كان ما كان وأتى ما هو آتٍ وتابعْ معي هذه الصورة متدبراً حال الكفار يستجْدون العودة إلى الدنيا ليؤمنوا ويُصلحوا ما كان ، { وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ۗ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ (44)}(إبراهيم) ، وتأمل الصورة الأخرى المشابهة في قوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)}(المؤمنون). فهل يستجيب الله لهم ، حاشا وكلاّ، لقد سبق السيفُ العذلَ، فهل وعينا نهايتنا فعملنا لما يُنجينا .. اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحُسْن عبادتك. ملاحظة نحويّة توضح المعنى: قوله تعالى: { رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ } المقصود : ربِّ: لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصَّدَّقَ، فإنْ أصَّدَّقْ أفُزْ وأكن من الصالحين. أكُن معطوفة على جواب شرط محذوف ( أفُز) أمّا (المصدر المؤول من أنْ و أصَّدَّق الأولى فمعطوفة على مصدر متصيد من أخّرتني) وكأنك تقول: ( هلاّ تأخيرٌ فتَصَدُّق ) ... والله أعلم . يتبع
|
#4
|
||||
|
||||
![]() سلسلة إنه ـ سبحانه ـ ينادينا الدكتور عثمان قدري مكانسي القسم السادس والثلاثون بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)سورة التغابن يوم التغابن : يوم القيامة، فيغبن أهل الجنّة أهلَ النارِ حين يدخلون الجنّة ،ويرثون خيرات من كانت النار نصيبه ، ويرث الكفارُ في جهنم نصيبَ أهل الجنة في النار ، في هذا اليوم يجمع الله تعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد، قال تعالى : { قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ (50)}(الواقعة) ، وقوله تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ } ، وقال مقاتل بن حيان لا غُبْنَ أعظمُ من أن يدخل هؤلاء إلى الجنة ويذهب بأولئك إلى النار . وفي الحديث :
( ما من عبد يدخل الجنة إلا أُرِيَ مقعده من النار لو أساء ليزداد شكراً ، وما من عبد يدخلُ النار إلا أرِيَ مقعدَه من الجنة لو أحسَنَ ليزداد حسرة ). وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله تعالى يقيم الرجل والمرأة يوم القيامة بين يديه فيقول الله تعالى لهما قولا فما أنتما بقائلين ، فيقول الرجل : يا رب أوجبت نفقتها علي فتعسفتها من حلال وحرام ، وهؤلاء الخصوم يطلبون ذلك ، ولم يبقَ لي ما أوفي به . فتقول المرأة : يا رب وما عسى أن أقول : اكتسبَه حراما وأكلتُه حلالاً ، وعصاك في مرضاتي ولم أرضَ له بذلك ، فبُعدا له وسُحقا ، فيقول الله تعالى : قد صدقت . فيؤمر به إلى النار ويُؤمر بها إلى الجنة ، فتطلع عليه من طبقات الجنة وتقول له : غبنَّاك غبنَّاك ، سعِدنا بما شقيتَ أنت به " فذلك يومُ التغابن . تبدأ السورة الكريمة بتسبيح الله وحمده فهو الإله العظيم الذي يستحق التسبيح والحمدَ ، خلقنا وهدانا إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، فآمن السعداء وكفر الأشقياء. ومن قدرته أنْ خلق السموات والأرض وصوَّر البشر في في أجمل هيئة ، وعظّمَ الله ذاته العلية حين ذكر في هذه السورة بعض صفاته ، فهو الله الحميد القديرُ الخالقُ المُصوِّرُ العليمُ، عالم الشهادة ، العزيزُ الحكيم... وردّ على منكري البعث والنشور قصور نظرهم وضعفَ تفكيرهم.ونبّهنا إلى مصارع الأمم الكافرة ،وأمرنا بالإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم ليغفر لنا ويرزقنا رضاه والجنّة في نعيم أبديٍّ خالد، وهدد الكافرين بالنار وبئس المصير، ومن أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله هدى الله قلبَه وعوَّضه عما فاته من الدنيا هدى في قلبه ويقينا صادقا وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه أو خيرا منه . ثم نادانا سبحانه منبهاً إلى : 1- أن بعض الزوجات والأولاد يُبعدون المرء عن القيام بواجباته في صلة الرحم وطاعة الله ، إذ يستاثرون به عن وأمه وأبيه وأهله وأقاربه . رُوِيَ أنَّ رجالاً أسلموا من مكة فأرادوا أن يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدَعوهم ، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم – بعدَ لأيٍ - رأوا الناس قد فقهوا في الدين فَهَمُّوا أن يعاقبوهم لأنهم كانوا السبب في ابتعادهم وتأخرهم ،فأنزل الله تعالى هذه الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14)} 2- والحذرُ بمعنى تقديم طاعة الله ورسوله على حب النساء والذرية - وإن كان عليه أن يسعى في خدمتهم-إلا أنَّ مطالب الاسرة تكثر وتتتابع فيقصر المرء في واجبه نحو دينه وقد ينسى او يتناسى كثيراً من الواجبات فيخسر الثواب ويستحق العقاب. 3- قد يؤدي التشاغل في خدمة الأسرة إلى الشحِّ والبخل فتقلُّ الصدقات أو تنعدم ، ويستغرق الرجل في تأمين مستلزمات الحياة الرغيدة لأسرته وينشغل بها عن كثير من واجباته الدينية ، فيُستهلك في تنفيذها . 4- لئن انتبه الرجل إلى خطئه فليتحمّلْ مسؤوليته وحده ، فلا يعاقب غيره لأنه كان صاحب القرار فتخلّى عنه ، فإن رأى أنهم ضغطوا عليه –وقد يكون- فليَعفُ وليغفر وليتصف بما أراد الله تعالى له من حِلم وصفح وعفو. 5- فتنة النساء والأولاد والمال كبيرة لا يتعدّاها إلا أولو العزم الذين ينالون الثواب الكبير والأجر العظيم. 6- لا يكلف الله نفساً إلا وسعَها فلنتَّق الله ما استطعنا ، ولنبذُل جهدنا في تقواه ورضاه سامعين مطيعين متصدّقين ، فإن فعلنا ذلك فزنا بالفضل والقرب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم ، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه ). 7- إن الصدقة تطفئ غضب الربِّ ، وهو سبحانه ينمّيها كما ينمّي الرجل فُلُوّه ، فيصير مثل الجبل، وما يُنفق المرء من شيء فهو – سبحانه- يخلفه ومهما تصدقنا من شيء فعليه جزاؤه ونزل ذلك منزلة القرض : { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّـهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)}(البقرة)، ثم يحوطنا فضله بمغفرته ويكفر عنا السيئات ، فهو الحليم الشكور. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّـهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِن تُقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّـهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)}(سورة التغابن). فهل سمعنا نداء الملك العليم العلاّم الذي يصفح ويغفر ويستر ويتجاوز عن الذنوب والزلات والخطايا والسيئات الذي يعلم كل شيء ويرى كل شيء ولا يغيب عنه شيء، إنه عزيز حكيم. يتبع
|
#5
|
||||
|
||||
![]() سلسلة إنه ـ سبحانه ـ ينادينا الدكتور عثمان قدري مكانسي القسم السابع والثلاثون بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّـهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا (1) سورة الطلاق. في هذه السورة نجد قواعد الطلاق التي تحكم مسار المسلمين في حياتهم الزوجية وتنير لهم درب الأسرة المسلمة .
1- خوطب النبي صلى الله عليه وسلم { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ }ربما لأن المناسبة نزلت في تطليقه – صلى الله عليه وسلم - حفصة بنتَ عمر رضي الله عنهما وهي حائض ، ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرة قبل أن يمسها ،فتلك العِدة التي أمر بها الله عز وجل، كما خوطب النبي صلى الله عليه وسلم أولا تشريفا وتكريما ثم خوطبت الأمة تبعاً ، 2- وتبقى المطلقة في بيت مطلقها ما لم تجترحْ فاحشة واضحة، ومن طرَدَ امرأته وهي في عدتها فقد أساء إلى نفسه بعصيان أمر الله وتعدّي حدوده. ولعل بقاءها في البيت يحنِّنُ قلبه فيراجعها، فتبقى الأم ويبقى الأب على رأس أولادهما يربيانهم بحب وحنان، وتعود الأمور إلى مجاريها . 3- كان الناس في الجاهلية يطلقون نساءهم مرات عديدة ويراجعونهنَّ فجعلها القرآن ثلاث طلقات ، 4- لا يفرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً ،إن كره منها خُلُقاً رضي منها خُلُقاً آخر ، فإن طلقها فليسرِّحها بالمعروف ، وهذا من التقوى التي أُمِرَ بها المسلم.ومن اتقى الله أعانه الله في حياته ورزقه الخير العميم لا يدري كيف يأتيه. 5- التوكل على الله باب الوصول إلى المراد فيما يرضي الله ، ومن توكل على الله فهو حسبُه وكافيه، ، ومن توكل على الله أكرمه الله تعالى القادر على كل شيء الفاعل لما يريد ( عبدي أنت تريد ، وأنا أريد ، وأنا أفعل ما أريد ، فإن سلّمْتَ لي فيما أريد كفيتُك ما تريدُ ، وإن لم تسلّم لي فيما أريد أتعبتُك فيما تريد ،ولا يكون إلا ما أريد.) 6- عدّة الحامل تنتهي حين تضع حملها ، وعِدّةُ غير الحامل ثلاثة قروء ، وكذلك عدّة المرأة التي يئست من الحيض وعدة الفتاة الصغيرة التي لم تبلغ الحيض. 7- اهتمامٌ رائعٌ بالتقوى في كل آية فيها قاعدة بيّنة {.. وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)} وقوله تعالى : { وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)} . 8- تسكن المطلقة في بيتها الذي طُلِّقتْ فيه، ولا ينبغي التضييق عليها ، ويُنفقُ على الحامل حتى تضع حملها، ويُحدد لها أجر إرضاع ولدها، فإن أبت إرضاعه لم تُكرَه على ذلك ، وترضعه غيرها. 9- لا يكلف الله الرجل أن يصرف على مطلقته وهي في بيته أو ترضع ولدها إلا بما يستطيع.ولعل الله تعالى يرزقه بطاعته أمر الله رزقاً وفيراً . 10- تحذير من عصيان أمر الله، وإلا نال المجتَمعَ عذابٌ شديد يضاهي عقابَ الأمم السابقة كعاد وثمود وقوم لوط وقوم شعيب .. ثمَّ ينادي الله تعالى المؤمنين في سورة الطلاق : {..فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ قَدْ أَنزَلَ اللَّـهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّـهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ قَدْ أَحْسَنَ اللَّـهُ لَهُ رِزْقًا (11)}: 1- من صفات المؤمنين أنهم من أولي الألباب ، وأصحاب الفهم والدراية والقلوب الذكية الزكية ، وقليل ما هم. 2- فضل الله على الناس أنه لم يخلقهم ويتركهم، إنما أرسل لهم الرسل الكرام وأنزل عليهم الكتب الهادية إلى الصراط المستقيم .ألم يقل الله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}(الحجر)؟ 3- الانبياءُ رسلُ الله إلى عباده وشهداؤهم عليهم.يهدي بهم الله تعالى عباده إلى العمل الصالح ويخرجهم بهم من الظلمات إلى النور . فجزاهم الله عنا الخير كله وجازى سيدنا محمداً خير ما جازى نبياً عن أمته. 4- إنه من يعمل مثقال ذرة خيراً يره..وان جزاء الله للمتقين الطائعين جزيلٌ يدل على واسع عفوه وكرمه. ... إنه سبحانه كريم وعفوّغفور، يدعونا إلى سُبُلِ الخير وجنة المأوى ، وإلى رضاه أولاً وآخراً ..فهل نرى أولي الألباب من المؤمنين يسارعون إلى مرضاته سبحانه؟. يتبع القسم الأخير
|
#6
|
||||
|
||||
![]() سلسلة إنه ـ سبحانه ـ ينادينا الدكتور عثمان قدري مكانسي القسم الثامن والثلاثون /الأخير بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّـهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) سورة التحريم يقول المثل العربي : درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج. والوقاية من النار بالتأديب والتعليم والعمل بطاعة الله واتقاء المعاصي وبذكر الله المتواصل لساناً وقلباً ، ومساعدتهم على ذلك ، ويعلم أهله وقرابته وما له عليه دالَّةٌ ما فرض المولى سبحانه وما نهى.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها ، رواه ابو داود وقال الترمذي هذا حديث حسن يؤمر بهذا تدريباً و تمرينا له على العبادة لكي يبلغ وهو مستمر على العبادة والطاعة ومجانبة المعاصي وترك المنكر. إنها النار التي تصهر كلَّ ما يلقى فيها ووقودها الكفار من البشر وأصنامُهم وما كانوا يعبدون من دون الله : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98)}(الأنبياء) قرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الاية وفي اصحابه شيخ يسأله: يا رسول الله حجارة جهنم كحجارة الدنيا ؟ فقال النبي صلي الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لصخرةٌ من صخر جهنم أعظم من جبال الدنيا كلها " قال فوقع الشيخ مغشيا عليه فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو حي فناداه قال " يا شيخ قل لا إله إلا الله " فقالها ، فبشره بالجنة قال : فقال أصحابه يا رسول الله أمن بيننا ؟ قال " نعم يقول الله تعالى : { ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14)}(إبراهيم) هذا حديث مرسل غريب . أما الملائكة الغلاظ الشدادُ فطباعهم غليظة قد نزعت من قلوبهم الرحمة بالكافرين بالله وتركيبهم في غاية الشدة والمنظر المخيف. قال عكرمة : إذا وصل أول أهل النار إلى النار وجدوا على الباب أربعَ مئة ألف من خزنة جهنم سودٌ وجوهُهم كالحة أنيابُهم ،قد نزع الله من قلوبهم الرحمة ليس في قلب واحد منهم مثقال ذرة من الرحمة ،لو طار الطير من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ منكبه الآخر، ثم يجدون على الباب التسعةَ عشرَ، عرضُ صدر أحدهم سبعون خريفا ثم يهوون من باب إلى بابٍ خمسَ مئة سنة ،ثم يجدون على كل باب منها مثل ما وجدوا على الباب الأول حتى ينتهوا إلى آخرها هؤلاء { لَّا يَعْصُونَ اللَّـهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } يبادرون إليه لا يتأخرون عنه طرفة عين وهم قادرون على فعله ،ليس بهم عجز عنه . وهؤلاء هم الزبانية – لا مفرّ للكافر منهم، نعوذ بالله أن نكون من أهل النار . ولن يُقبل من الكافر اعتذارُه ولن يُرحم بكاؤُه، نسأل الله العافية وحُسْنَ الختام. وقد مدح الله تعالى سيدنا إسماعيل إذ ربَّى أهله على الأخلاق الحميدة ،وتابعهم في توجههم إلى الله فوصفه بصدق الوعد ومتابعة صلاة أهله ،وتأديبِهم على مكارم الأخلاق ودفع الزكاة ، ومساعدة المحتاجين ، فكان عند ربه في مكانة رضيّة { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)} (سورة مريم). ثم قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا ...(8)}(التحريم) والتوبةُ النصوح هي الصادقة التي تمحو ما قبلها من السيئات ومن شروطها 1- (أن يتوب من الذنب، ثمّ لا يعود فيه) 2- ويندم على ما سلف منه في الماضي .ويبغض الذنبَ كما أحبَّه من قبل. 3- ويعزم على أن لا يفعل في المستقبل ما كان يفعله قبل أن يتوب.ويستغفر منه كلما ذكره. 4- وفي حق الآدمي لا بد من إعادة الحق إليه وكشف الظلامة عنه. عن عبد الله بن مسعود أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " الندم توبة " عن أبي بن كعب قال : قيل لنا أشياء تكون في آخر هذه الأمة عند اقتراب الساعة . 1- منها نكاح الرجل امرأته أو أمته في دبرها وذلك مما حرم الله ورسولُه ويمقت اللهُ عليه ورسوله 2- ومنها نكاح الرجل الرجلَ وذلك مما حرم الله ورسوله ويمقت الله عليه ورسوله . 3- ومنها نكاح المرأة المرأة وذلك مما حرم الله ورسوله ويمقت الله عليه ورسوله . وليس لهؤلاء صلاة ما أقاموا على هذا حتى يتوبوا إلى الله توبة نصوحا قال زر : فقلت لأبيِّ بنِ كعب فما التوبة النصوح ؟ فقال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : " هو الندم على الذنب حين يفرط منك فتستغفر الله بندامتك منه عند الحاضر ثم لا تعود إليه أبدا " . والإسلام يجُبُّ ما قبله ، فيعود التائب كأنه لم يكن فعل شيئاً ، وبما أن الإنسان خطّاء وخير الخطّائين التوابون ، فقد يعود المرء إلى الوقوع في الذنب فعليه أن يستغفر الله ويسأل اللهَ سبحانه العفو والمغفرة ، روى ابو هريرة عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فيما يحكي عن ربِّه عزَّ وجلَّ قال " أذنَب عبدٌ ذنبًا . فقال : اللهمَّ ! اغفِرْ لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : أذنَب عبدي ذنبًا ، فعلم أنَّ له ربًّا يغفر الذنبَ ، ويأخذ بالذَّنبِ . ثم عاد فأذنب . فقال : أي ربِّ ! اغفرْ لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : عبدي أذنب ذنبًا . فعلم أنَّ له ربًّا يغفرُ الذنبَ ، ويأخذُ بالذنبِ . ثم عاد فأذنب فقال : أي ربِّ ! اغفرْ لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : أذنبَ عبدي ذنبًا . فعلم أنَّ له ربًّا يغفرُ الذنبَ ، ويأخذ بالذنبِ . اعملْ ما شئت فقد غفرتُ لك " . قال عبدُالأعلى : لا أدري أقال في الثالثةِ أو الرابعةِ " اعملْ ما شئت "رواه مسلم . من فوائد التوبة: 1- تكفير السيئات ، ومن كُفّرت سيئاته وبقيت حسناته ناد منادٍ أن سعد فلان بن فلان سعادة لا شقاء بعدها.ولعلنا بفضل الله نكون من هؤلاء. 2- ومن ذابت سيئاته وانقلبت حسنات بفضل المليك وعفوه استحق الجنة ، وصار من أهلها إنها جنات عدن أو جنة المأوى أو الفردوس الأعلى أو غيرها، والله كريم يهب عباده الصالحين ما لا يخطر على البال. 3- ويحشر مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن كان صاحب الحبيب في المحشر لا يُخزيه الله أبداً . 4- نور المؤمنين يملأ الوديان والبطاح ويسير أمامهم يضيء لهم ماهم فيه يومَ لا شمس ولا قمر. يقوله المؤمنون حين يرون يوم القيامة نورَ المنافقين قد طفئ، فعن أبي ذر وأبي الدرداء قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة وأول من يؤذن له برفع رأسه فأنظر بين يدي فأعرف أمتي من بين الأمم وأنظر عن يميني فأعرف أمتي من بين الأمم وأنظر عن شمالي فأعرف أمتي من بين الأمم " فقال رجل يا رسول الله وكيف تعرف أمتك من بين الأمم ؟ قال : " غُرٌّ محجَّلون من آثار الطهور ولا يكون أحد من الأمم كذلك غيرهم، وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم " هذه أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يكرمها الله تعالى بالنور الكامل يوم القيامة .. إن الله تعالى ينادينا ليجعلنا من المقرّبين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . انتهى بحمد الله
|
#7
|
||||
|
||||
![]() سلسلة إنه ـ سبحانه ـ ينادينا الدكتور عثمان قدري مكانسي القسم الثامن والعشرون لكل شيء ثمنٌ ،غالياً كان أم رخيصاً ، وكلما غلا الشيء ونفُس ارتفع ثمنُه. ونصرُ الله غالٍ لا يدفع ثمنه إلا المجاهدون العاملون الذين يبذلون الروح والنفس والمال والوقت في سبيل الله .ومن نصرَ الله َ في العمل الصالح والبعد عن الزلل أعزّه الله ورفع قدره وجعل الدنيا لخدمته والآخرة مأواه ، والمؤمن يعلم علم اليقين أن الناصر هو الله { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)}(الأنفال)، وما نحن في جهادنا إلا ستارٌ لقدرة الله { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)}(الأنفال). فأنا أرمي والله تعالى يأذن بإصابة الهدف ، وأنت أطلقتَ القذيفة نحو العدو، فجعلها الله جلت قدرته في مركز الإصابة ومنتصف الهدف ، فنلنا – إذ ذاك - بفضل الله أجر المجاهدين الذين أثبتوا عبوديتهم لله وإيمانهم به ،فقوّى عزيمتهم وثبّت قلوبهم ، وجعل نصره على أيديهم.
وما أروع القاضي الفاضل – وزير الناصر صلاح الدين يزف إلى الأمة الإسلامية نصر الله على أيديهم فيحمده أن جعلهم أهلاً لذلك النصر وأجراه على أيديهم.. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8)} سورة محمد صلى الله عليه وسلم. ونرى الكفار الذين يحاربون الله تعالى ويمكرون بعباده ويعملون ليل نهار للقضاء على الإسلام وأهله ولإطفاء نور الحق يبذلون ما يستطيعون للوصول إلى هدفهم ، فيخزيهم الله { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)}(الانفال)، فهم يخططون ويصرفون الأموال في خدمة مآربهم فلا يصلون إليها،حين يكون المسلمون واعين متحدين متمسكين بشرع الله وحبله المتين، فيصيب الكافرين اليأسُ والقنوط ، وتدور الدائرة عليهم، هذا في الدنيا ، ومن حلّت عليه التعاسة لم يُفلح وخاب تخطيطه وضل مسعاه ، ثم مأواهم النار خالدين فيها جزاءً وفاقاً. وقد نرى في عالمنا نصراً للعدو علينا ، فنعلم أننا خرجنا من دائرة الإيمان الكامل ووقعنا في المحظور الذي يؤخر النصر، وما علينا إلا أن نؤوب سريعاً إلى الطريق المستقيم. فالمولى تعالى - في هذه الآية - يأخذنا إلى طريق الصلاح ويهدينا إليه ويعرّفنا كيفية الوصول إلى الهدف المنشود في هذه الحياة. ثم ينادينا مولانا قائلاً : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)} (سورة محمد صلى الله عليه وسلم). إنّ دربَ الهداية الإيمانُ بالله تعالى وبرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، وفي طاعتهما ، فمن آمن أحبَّ ، ومن أحبّ أطاع، وما أحكم قول الشاعر : تعصي الإله وأنت تزعم حبَّه ! * هذا لَعمري في القياس بديعٌ لو كان حبُّك صادقاً لأطعتَه * إنّ المحبَّ لمن يُحبُّ مطيعٌ وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كلُّ أمتي يدخلون الجنةَ إلا من أبى . قالوا : يا رسولَ اللهِ ، ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنةَ ، ومن عصاني فقد أبى ، (رواه البخاري رحمه الله في صحيحه). ولن يُقبل العمل إلا بطاعتهما فمن حاد عن شرع الله لم يُقبل منه عمله ولا إيمانه : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ (19)}(آل عمران ). { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)}(آل عمران)، قواعد ربّانية تاخذ بيد المؤمن الواعي إلى حيث النجاحُ والفلاحُ بأقصر الطرق وأحكَمِها. وغير ذلك الخسارة والبُطلانُ ، وما أسوأ موقف من ظنَّ أنه ينجح في مسعاه بعيداً عن أمر الله وشرعته ، وسنة رسول الله وإرشاده. ولْنتمعّنْ في قوله سبحانه : { وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } فكل منّا يعمل، والعاقل يبني عمله على أساس متين فيرتفع بناؤه عالياً مكيناً ، والجاهل المكابر يبنيه على شفا جُرُف هار، فينهار به – باطلاً- في قعر جهنّم حيث يسترحم فلا يُرحم ، ويستجدي فلا يُؤبه له، إنه سبحانه ينادينا ، فهل سمعنا النداء يقلوبنا ووعيناه بأفئدتنا ، فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوبُ التي في الصدور. يتبع
|
#8
|
||||
|
||||
![]() سلسلة إنه ـ سبحانه ـ ينادينا الدكتور عثمان قدري مكانسي القسم التاسع والعشرون بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}(سورة الحديد ). يربي أحدنا ولده على الأدب والتحلّي بالشمائل الحميدة ، فإن أخطأ مرة وحاد عمّا رُبّي عليه نظر الأب إليه نظرة عتاب دون أن يكلمه ، فلعلَّ النظرة – في هذه الحالة – خير مُربٍّ. فإن عاد فأذنب واستمرأ الخطأ قال له والده مؤنباً مستأخراً توبته :أهكذا ربّيتك ياولدي، أما آن لك أن تقلع عن خطئك وتتوب عن زلاّتك،وقد ربيتك على فضيلة وغذَوتك العملَ الصالح ومكارم الأخلاق؟!
ومن ربّى تابع مهمّته وقوّم الاعوجاج بالنصح والإرشاد ثم بالعتاب واللوم ، ثم بالتوبيخ والتقريع، ثم بالعقوبة المناسبة تعليماً وزجراً. وقوله تعالى { أَلَمْ يَأْنِ } عتاب واستعجال للكمال في العباد الذين رباهم رسوله صلى الله عليه وسلم على التزام الصراط القويم ، ولا بدّ من التذكير كل فترة، فالإنسان خُلق من ضعف وشبّ على نقص ، ويحتاج إلى شحذ الهمة والدفع إلى الخيرات والتحذير من الوقوع في الآثام والمعاصي. وفي معنى قوله تعالى { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا } خطاب غير مباشر للذين آمنوا حين تحدث عن الغائبين لفظاً، الحاضرين حالاً ،وكان أول ما أمروا به أن تخشع القلوب للخالق جل وعلا ، والقلبُ لب الجسم بخشوعه تخشع الجوارح ، وكلما كان القلب خاشعاً لله خائفاً منه محباً لذاته أكثرَ من ذكره ،وارتبطت حياته بطاعته سبحانه . إنَّ ذِكرَ الله علامة الإيمان وسبيلُ العفو والمغفرة ، (وأفضل الذكر لا إله إلا الله). ومن وهب لله حياته عمل بمقتضى إيمانه ونال رضا مليكه ،ففاز بثوابه ونجا من عقابه. والغفلة تورث البعد ، والبعد يورث الضلال، والضلال سمة الضالين من أهل الكتاب الذين قست قلوبهم حين فرغت من ذكر الله وعبادته، وضعف اتصالها به. وكما يحيي الله الأرض بماء المطر يحيي القلوب بفيض عطائه ونور شريعته ،وكما يحيي الأرض بماء السماء يعيد إحياء المخلوقات يوم الدين. إنها معادلة واضحة لكل ذي عينين. يذكر القرطبي رحمه الله في شرح هذه الاية أن المزاح والضحك كثر في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما ترَفَّهوا بالمدينة , فنزلت هذه الآية , فقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يستبطئكم بالخشوع ) فقالوا عند ذلك : خشعنا. وسمي الفاسق فاسقاً لخروجه عن الفطرة واتباعه الهوى والشيطان ،وركونه إلى الدنيا ورغبته فيها ونسيانه الآخرة والعملَ لها. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28)}(الحديد ). من النصارى قومٌ ظلوا على دين التوحيد يؤمنون بعيسى عليه السلام نبياً، وهؤلاء صبروا على التوحيد حتى بُعث النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانوا من التقوى بمكان مكين ،فلهم حين يؤمنون برسالة الإسلام ويعملون لها : 1- أجرٌ مضاعفٌ،يُؤتَون أجرهم مرتين بما صبروا وآمنوا .والكِفل : الحظ والنصيب الوافي من الأجر والثواب فينجّيهم الله تعالى ، في دنياهم من الضلال وفي الآخرة يدخلهم الجنة . 2- ويغدق المولى سبحانه عليهم من رحمته وينير قلوبهم وحياتهم في دنياهم ويضيء لهم آخرتهم حين لا شمس إذ ذاك ولا نجوم ولا قمر. 3- تُغفر ذنوبُهم ، ومن غُفر ذنبُه كان من أهل الرضوان والسعادة الأبدية. كثير ممن كانت لهم رياسة النصرانية أو اليهودية وخدموها بما أوتوا ثم تبيّن لهم الهدى من الضلال ، فأسلموا قيادهم لله تعالى رفعَ الله سبحانه أقدارهم في الدنيا بإيمانهم ودعوة الناس إلى الإسلام والتفاني بهذه الدعوة ،وبشّرهم بنعيم الآخرة وخلود الحياة فيها في جواره – سبحانه- وكرمه. ولا تسل عن عقاب أهل الكتاب الذين حرّفوا وبدّلوا فقست قلوبهم وزاغوا عن درب الهداية وباعوا نفوسهم للشيطان فكانوا ادوات في الإفساد والصد عن سبيل الله ، هؤلاء ظلموا أنفسهم ورموا بها في مهاوي الدركات السفلى من النار . إن لكلٍّ من عمله واجتهاده نصيباً، فأنعم بمن باع حياته لله ، وأبئِس بمن باع نفسه للشيطان وغوايته، إنه سبحانه يدعونا إلى خشيته والخشوع في عبادته والتقرّب إليه لنيل مرضاته .. هل نعد بذلك ونسعى إليه ؟! اللهم اهدنا لأحسن الأحوال ، لا يهدينا لأحسنها إلا أنت ، وأبعد عنّا سيئها ، لا يُبعد عنّا سيئها إلا انت . يتبع
|
#9
|
||||
|
||||
![]() سلسلة إنه ـ سبحانه ـ ينادينا الدكتور عثمان قدري مكانسي القسم الثلاثون بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) سورة المجادلة ذكرت أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرأة التي ظاهرها زوجها تشتكي إليه فلم تسمع ما قالت ، وسمع الله –سبحانه- شكواها : { قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)}(المجادلة).
فسبحانك يارب من إله عظيم تسمع كل شيء وترى كل شيء ، فسبحانك ، سبحانك ( إن الله يسمع دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصمّاء ). فهو محيط بخلقه ،مطّلع عليهم يسمع كلامهم ويرى مكانهم حيثما كانوا وأينما حلّوا ، يعلم السرَّ وأخفى ،ومع ذلك تكتب رسُلُه من الملائكة ما يتناجى به عباده لتوثيقه ،فيُعرض عليهم يوم القيامة بتفاصيله كاملة وقد نبهنا الله تعالى محذراً : { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)}(الزخرف) ، فلا يغيب عنه من أمورهم شيء { ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } قال الإمام أحمد رحمه الله : افتتح الآيةَ بالعلم واختتمها بالعلم . يقول ابن كثير رحمه الله: كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود موادعة وكانوا إذا مر بهم الرجل، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلسوا يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره، فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم ،فترك طريقه عليهم ،فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن النجوى ،فلم ينتهوا وعادوا إليها ،فنزل قولُه تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّـهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّـهُ بِمَا نَقُولُ ۚ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)}(المجادلة) . والنجوى تَسارُّ اثنين بينهما ثالث لا يسمع ما يقولان ، فيُهيّأ إليه أنهم يقصدان به الشرَّ ، وقد نهى القرآن والسنّة عنه ، وما نُهي عنه عُدَّ في الإثم. وأما العدوان فتجاوز الحقوق مما يورث الخوف والكراهية . أما معصية الرسول ومخالفته فقد اصر اليهود عليها فحين يرونه صلى الله عليه وسلم يحيونه بقول فيه ظاهره تحية وفي باطنه سبٌّ ودعاء عليه ، فقال تعالى فاضحاً سرّهم وموبخاً : { وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّـهُ } ، فعن عائشة قالت : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود فقالوا السام عليك يا أبا القاسم ( والسامُ: الموتُ) فقالت عائشة : وعليكم السام والذامّ واللعنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا عائشة إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ) قلت ألا تسمعهم يقولون السام عليك" ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أوما سمعت أقول: وعليكم ) ، وقال ( إنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا ) . وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس مع أصحابه إذ أتى عليهم يهودي فسلم عليهم فردوا عليه ،فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : ( هل تدرون ما قال ؟ ) قالوا :سلَّمَ يا رسول الله . قال : ( بل قال سام عليكم ) أي تسامون دينكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ردوه ) فردوه عليه فقال نبي الله : ( أقلت سام عليكم )؟ قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليك ) ، أي عليك ما قلت. والذي أتعجب منه أنه لم يُخف ما قاله ولا أنكره ، إنما قاله متحدياً ، وهذا دأبهم وسوء أدبهم يتكرر ويستمرّ. يفعل اليهود هذا ويظنون أن الله تعالى سيعاجلهم بعذاب الدنيا لو كان محمد نبياً ، وإذ لم يعاجلهم بالعقوبة الدنيوية السريعة فهو – سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم – ليس نبياً بزعمهم.وهذا تجرّؤٌ فاجر على الله تعالى فقال الله تعالى : { حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ } . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9)}(سورة المجادلة) نُهي المسلمون عن التناجي المؤذي الذي اتصف به المنافقون وغيرهم من كفار أهل الكتاب وأمرهم أن يتناجّوا بفعل الخير وقوله، وأن تكون تقوى الله نصب أعينهم ومرضاتُه هدفَهم. فهو سبحانه مطّلع عليهم – ظاهرهم وسرائرهم- ويوم القيامة يعرضها عليهم . عرض رجل لعمر رضي الله عنه فقال كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة ؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنْ قد هلك قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته وأما الكفار والمنافقون { وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّـهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)}(هود). أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة. { إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)} (سورة المجادلة). إنَّ المسارة حيث يتوهم مؤمن بها سوءا إنما تصدر من المتناجين بتسويل من الشيطان وتزيينه ليسوء المسلمين، وبما أن النفع والضر بيد الله وحده فليستعذ المسلم بالله وليتوكل عليه ،ومن توكل على الله لم يضرَّه أحد. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه فإن ذلك يحزنه ) أخرجه مسلم. من الآداب الإسلامية العالية أن لا يحدث التناجي الذي يورث حزناً وألماً للمسلم، فإن كان الحضور في المكان نفسه كثيراً وتناجى كل اثنين أو ثلاثة بأمر خاص بهم وانشغلوا عن الآخرين فلا تناجيَ إذاً . وينبغي أن تسود في المجتمع المسلم سمات الود والمحبّة والأُلفة ، نمتنع عما يسيء إلى إخواننا ونفعل ما يسرهم ويقرّب بعضهم من بعض.ويزرع السعادة والأمان في ربوعهم . إنه سبحانه ينادينا إلى آفاق حياة الطيبة ويدعونا إلى سلامة الصدر ، فهل نحن واعون منتبهون؟ يتبع
|
#10
|
||||
|
||||
![]() سلسلة إنه ـ سبحانه ـ ينادينا الدكتور عثمان قدري مكانسي القسم الحادي والثلاثون بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّـهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) سورة الحشر جاءت هذه الآيات تتويجاً للآيات التي سبقتها ، فقد عاقب الله تعالى يهود بني النضير حين أرادوا قتل نبيه الكريم غيلة بالخوف يغزو قلوبهم ، فأجلاهم عن المدينة وجعل ديارهم للمسلمين ، ثم مدح المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم جميعاً ،فالمهاجرون تركوا ديارهم للحفاظ على دينهم ، والأنصار احتضنوهم وقدموهم على أنفسهم. ثم فضح المنافقين وجبنهم ، واليهود وخوفهم ، ووصف المنافقين -الذين وعدوا اليهود بمنعهم والدفاع عنهم ثم نكولهم السريع عن ذلك خوف المسلمين -بالشيطان الذي زيّن للمرء الكفر ودعاه إليه ، فلما وقع فريسة لوسوسته تبرّاَ منه، فهما معاً في جهنّم. هكذا كان عقاب من نسي الله تعالى وجاهره بالعداوة ،فكان النداء للذين آمنوا أنْ : 1- يتقوا الله في أنفسهم قولاً وعملاً. 2- أن يعملوا للآخرة حين لا ينفع مالٌ ولا بنون، والنجاح فقط لأهل الإيمان الذين كان خوف الله تعالى وإرضاؤه زادهم إليه. 3- التنبيه إلى علم الله بما بعمل المرء وما يقول ، فلا يخفى على الله شيء،والإنسان محاسب على كل صغيرة وكبيرة . 4- من نسي الله وأوامره ونواهيه ضل وسقط في سعيه، وفُضح أمرُه كما فُضح المنافقون في وعدهم لليهود بمساعدتهم ضد المسلمين ،فباءوا جميعاً بالخزي والهوان. فمن نسيَ أو تناسى ما كُلّف به عامله الله بالمثل فتناساه، 5- ومن تعامى عن دين الله وهجَرَه كان فاسقاً ، والفاسقون من أهل النار، والعياذ بالله . 6- المؤمنون يفوزون برضاء الله وجنته ، والفاسقون يبوءون بغضب المولى وناره ، وشتان ما بين النهايتين فأصحاب الجنة أهل النعيم المقيم والحياة الرغيدة الخالدة. إن القرآن هو الهادي إلى الخير المحض وما عداه سراب لا حقيقة له: { إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10)}(سورة الإسراء) . وفي سورة الحشر هذه نجد المعنى نفسه يُضاف إليه المثال الذي يُثبت في النفس الفكرة ويؤيدها : { لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّـهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)} . فإذا كانت الجبال تعي حقيقة كتاب الله وتتمثله فهماً وتطبيقأ ، ومعنىً ولفظاً فتخشع له، وتكاد صخوره الصمّاء تتشقق وتتهاوى من خشية الله ووعِظَمِ جلاله سبحانه، أفلا تتطامن نفوس البشر فتعلمَ المهمة الملقاة على عاتقها وتعمل ليوم تتقلب فيه القلوب والأبصار؟! لقد ذكر التفكر في القرآن في صيغ متعددة يأمر بها الناسَ أن يتفكروا في أنفسهم وفيما حولهم زهاء أربع عشرة مرة ، إن الفرق بين الإنسان والحيوان الأعجم ( التفكر والتدبّر ) ثم العمل السليم الذي يحقق الهدف ويصل بالمرء إلى شاطئ السلامة فإذا فكر المرءُ وتدبّر وصل إلى اليقين بأنّ الله تعالى : { هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّـهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)}(سورة الحشر) إنه سبحانه يدعونا إلى النأي عن وسوسة الإنس والجنّ وإلى التفكر في الحياة وسببها ومآل الإنسان بعد الموت .. وإلى العمل الصالح .فهل نعي ونتدبر؟ .. من فعل ذلك كان من الناجين وفي عِداد الفائزين. يتبع
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
راديو قصيمي نت | مطبخ قصيمي نت | قصص قصيمي نت | العاب قصيمي نت |