16-10-05, 02:48 PM
|
|
|
••.•°¯`•.•• ( بغداد بين بوش وهولاكو ) ••.•°¯`•.••
••.•°¯`•.•• ( بغداد بين بوش وهولاكو ) ••.•°¯`•.••
هولاكو
شاهد العالم بغداد وغيرها من مدن العراق العزيزة وهي تحترق تحت وابل من القصف العاتي دون أن يمد أحدٌ إليها يدا أو يقدم لها عونا تدفع به العدوان، وتواجه "المغول الجدد".
شهداء تسقط، وأطفال تقتل، وأجساد تتمزق، وأعراض تنتهك، ومبان تتهدم، فزع يملأ العيون، هلع يكسو الوجوه، لا عاصم لهم من غزاة غلاظ الوجوه، قساة القلوب، لا يراعون عهدا ولا ذمة.
وقف العراق وحده يتلقى ضربات متلاحقة، وموجات من القصف المدمر استمر 17 يوما، يقوم به عدو معتدّ بقوته، مغتر بعتاده، يظن أن الكون كله قد صار ملك يمينه وطوع بنانه.. ولم يكن في قدرة العراق أن يتحمل ويلات المغول الجدد وهم يلقون بحممهم على أرض الحضارة، ويبيدون الحياة والإنسان.
أثار صمود العراق هذه المدة في النفس الإعجاب والتقدير. وفي الوقت نفسه أثار صمت إخوانه الأحزان والأسى.. حيث كبَّل الخوف أقدامهم، وقيد الهلع أيديهم، وقطع الفزع ألسنتهم، فأصبحوا يشاهدون المأساة مغلولي الأيدي والفكر.
ولم يكن للعراق أن يصمد كثيرا وهو يواجه الغازي المتجبر وحده دون معاون أو نصير، ولم يكن ليثبت وأذرع الخيانة تحيط به من كل مكان.. فسقط في الميدان في دهشة منا.. وكنا نتمنى أن يطول صموده.. لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
هذا المشهد الحزين يجعلنا نعود بالذاكرة إلى 745 عاما، حيث غزا المغول العراق، وحاصروا بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية بجيش هائل، مجهز بأعتى الأسلحة، ومسلح بطاقة وحشية للفتك والتدمير.
بوش الابن
ويريد الله أن يكون زمن الحصار في المحرم، شهر الله الحرام، وهو نفس الشهر الذي استقبل فيه العراق المغول الجدد (!!)، وأن يكون يوم (الأربعاء 7 من صفر سنة 656هـ) اليوم الذي اقتحم فيه المغول المدينة العريقة هو نفس اليوم الذي دخلت فيه القوات الأمريكية بغداد دار السلام؛ حيث سقطت في أيديهم في يوم (الأربعاء 7 من صفر 1424هـ)!!.
وهذا المشهد الحزين سنقرؤه بعين الماضي القديم؛ وإذا كان التاريخ لا يعيد نفسه، فإن أحداثه ربما أعادها طمع الإنسان واستعلاؤه ورغبته في القهر والسيطرة، وحبه للسيادة والتوسع؛ ولذلك لم تنقطع سلسلة الغزاة الذين يحلمون ببناء إمبراطورياتهم على أشلاء غيرهم، وعلى الرغم من فشل كل مشروعات الغزاة، فإنها لم تتوقف، ولم يعتبر كل مغامر من هؤلاء بمصير من سبقه، يكرر المحاولة ويتأكد الفشل، ويأتي غيره ليقوم بالمحاولة من جديد، ظانا أنه أقدر وأذكى من سابقيه.
أحمد تمام
|
العرض العادي
