[ام أيمن]

لهجة حائل.. هي لغة أصيلة يرجع البعض تأريخها إلى العصر الجاهلي ولاسيما في كلمات لها جذور قديمة مثل كلمة "شرك" بكسر الشين ويقصد بها "الجذر" , [المزيني, اللهجات العربية, ص 45] هذا على مستوى المعجم اللغوي. ومن الظواهر الأخرى في لهجة حائل, والتي يبدو ان بعض المناطق المجاورة لها تشترك معها في هذه الصفة, وهي قصر مدة هاء التأنيث لتكون فتحة قصيرة, مثل (عندَه= عندها), وقد وردت هذه الصيغة في الكتب القديمة من قولهم " إن الله أكرمكم به" أي بها.

ومن الظواهر اللغوية في لهجة حائل العريقة هي نطق اللاحقة "كم" بطريقة جميلة لايستطيع نطقها غير الحائلي المعتق, فمثلا تنطق كلمة "وشلونكم" بكسر النون وفتح الكاف وتسكين المين, في حين ينطقها غيرهم بتسكين النون وضم الكاف أو فتح النون وضم الكاف.

أما نطق حرف الجيم, فيعتبر العلامة المميزة للحائلي الخالي من الشوائب من غيره, بمعنى أخر أن الذي تربى في ربوع حائل فأنه لامحالة سينطق حرف الجيم بطريقة مختلفة عن نطق أهل نجد, أو أهل الحنوب أو أهل سوريا أو اهل الصعيد.. إنه جيم لاأستطيع أن اصفه سوى أنه صوت مختلف!

إن من يصغي إلى هذه اللهجة لفترة زمنية من شخص حائلي ينطق لهجته بلاتشويه, فلابد أن يجد فيها نبرة موسيقية هادئة ولحن ممدود لانملك إلا الشعور بأنه يتكلم بلهجة أخاذة. فمثلا لاحظت أن الناطق بهذه اللهجة يميل الى الهدوء التام في النطق, مع ملاحظة وجود بعض المدات الطويلة على حروف المد, فمثلا ينطق كلمة "ليه" هكذا "ليـــه" ولكن بدون إفراط كما هو في لهجة القصيم المجاورة, وإنما خفة وهدوء طبيعي يشير إلى طبيعة سكان هذه المنطقة الفسيحة الممتدة التي لاتجد صعوبة في التعامل مع وحدات الزمن التي قد تضيق على البعض فتجعل نطقهم مستعجلا وسريعا يخطف الحروف والحركات خطفا.

حائل, ليست مجرد مدينة بل منطقة كبيرة فيها مايزيد على 400 قرية تمتد من اطراف الشمال وحتى المدينة المنورة جنوبا, فيها مناطق جبلية ومناطق رميلة ومناطق سهلية كبيرة, لهذا فإن ساكن المنطقة مرتاح كثيرا مع هذه البيئة غيرالحارة وغير الباردة, اي المعتدلة مناخا , ولهذا فان تأثير الطبيعة عليه يساعده على الهدوء والاتزان والتعرف على ذاته وعلى من حوله بسهوله: وليس بعيدا ان نقول بان لهجة حائل ليست سريعة بل بطيئة الايقاع وكأنها البحر الطويل او الكامل.. وبطأها ليس في كل الأحرف وإنما في صوتيات معينة تعطي اللغة هذا الايقاع دون أن تحيله الى بطء ممل كما في بعض اللهجات المجاورة لحائل.

أعتقد أن لهجة حائل تحتاج إلى دراسة معمقة نظرا لتميزها عن سواها, وهي تعيش في منطقة جغرافية معينة في السعودية من حيث:

-المعجم. (مثل وجود كلمات لاتوجد عند غيرهم, مثل: بعد حيي, وشنوحك, السناعيس, اللوذة...الخ)

- الجانب الصوتي: من حيث وجود تلازم من عدمه بين الأحرف أو الكلمات وطريقة نطقها.

- الجانب التركيبي: العلاقة بين الأحرف أو بين الكلمات, وحتى من ناحية التركيب الإعرابي.

- الجانب الدلالي: فمعنى بعض الكلمات مختلف عن غيرهم ككلمة (نطل بمعنى سرق وليس بمعنى رمى)

مشاركة هذا الرد في Google Facebook Twitter Digg

أنت معجب بهذا.