الطريقة السابعة والأربعون
تواضعي لزوجك
كل رجل يُحب أن تكون زوجته متواضعة له، وهذا الأمر بصفة عامة أمر جميل، وهو عكس التكبر المذموم على كل حال.
وقد ورد في الحديث الصحيح: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" (متفق عليه). كما أن الكبر يعمي البصر عن رؤية الحق.
وفى صحيح مسلم من حديث عياض بن حمار رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أوحى إلىَّ: أن تواضعوا، حتى لا يَفْخَر أحدٌ على أحد. ولا يبغى أحدٌ على أحد)).
وتواضع الزوجة لزوجها يثمر المحبة والسكينة بينهما، ويطفئ الغضب، وينقي البيت المسلم. وكلما زاد تواضع المرأة لزوجها زادت مكانتها في قلبه، وحسنت صورتها في عينيه.
ومن أسباب الشقاق أن تظن الزوجة أنها أفضل من زوجها حسبًا أو نسبًا أو مالًا أو غير ذلك، فمن تواضع لله رفعه وأولى من تتواضع له هو زوجها، الذى اختارها لتكون له راعية بيته من بين كل النساء.
والمرأة الصالحة تستجلب الأجر والمثوبة بالقرب إلى زوجها والاعتذار إليه، وما أفسد البيوت إلا الكبر. وهي تتقرب إلى أحب الناس إليها، زوجها ورفيق دربها حتى تزول الغمة وحتى يفرج الكرب.
قال عليه الصلاة والسلام: ((نساؤكم من أهل الجنة الودود التي إذا أوذيت أو آذت أتت زوجها حتى تضع يدها على كفه فتقول: لا أذوق غمضًا حتى ترضى)) [رواه الطبراني].
وإذا قرأنا وتأملنا في سِير الأسرة المسلمة في حياة الصالحين لوجدنا التواضع هو شجرتها التي لا يتساقط أوراقها ولا ينقطع ثمرها، ولا تذبل أزهارها.
فهناك قصة لامرأة حطاب تعد نموذجًا للتواضع الذى يملأ البيوت نورًا وسعادة فهي تقول: ((إن زوجي إذا خرج يحتطب (يجمع الحطب من الجبل ليبيعه وينتفع بثمنه) أحس بالعناء الذى لقيه في سبيل رزقنا، وأحس بحرارة عطشه في الجبل تكاد تحرق حلقي، فأعد له الماء البارد حتى إذا ما قدم وجده، وقد نسقت متاعه وأعددت له طعامه، ثم وقفت أنتظره في أحسن ثيابي، فإذا ما ولج الباب (أي دخل) استقبلته كما تستقبل العروس زوجها الذى عشقته، مسلمة نفسى إليه، فإن أراد الراحة أعنته عليها، وإن أرادني كنت بين ذراعيه كالطفلة الصغيرة يتلهى بها أبوها.
إن تواضع الزوجة لزوجها، لا يقل درجة عن درجات العبادة، فالمرأة المتواضعة هي امرأة صالحة آثرت أن تجعل بيتها روضة من جنات الحب والسعادة.
ونحن حين نتحدث عن العلاقات الزوجية نتحدث في هذه النقطة من منطلق ما يحبه الرجل، وما يقربه أكثر من زوجته، حسب ما قام الباحثون من الدراسات عن طبيعة الرجل وما يحبه، وما يكرهه في زوجته، فهم يقولون أن الرجل يحب من المرأة أن تتواضع له، ولا تكون في مستواه، يعني لا تنافسه، لأنه يعتبر كلامها الواثق تهديداً له..
تقول "إيفان كريستان": فالكلام المتردد – غير الواثق – أقل تهديداً للرجل، يعني الرجل يحب هذا، ولا يحب من زوجته أن تنافسه أو تضاد آرائه.
فتكبر المرأة على زوجها أو عدم تواضعها له يعتبره الرجل نوعاً من التمرد المرفوض، كما يعتبره تهديداً لرجولته، ومن ثم يكون ذلك نذيراً بالعواقب الوخيمة.
وإلى أن ألقاكم في حلقة قادمة، لكم مني أطيب المنى.