منتديات قصيمي نت

منتديات قصيمي نت (http://www.qassimy.com/vb/index.php)
-   منتدى التربية والتعليم (http://www.qassimy.com/vb/forumdisplay.php?f=36)
-   -   خصائص واستخدامات التاء في اللغة العربية (http://www.qassimy.com/vb/showthread.php?t=765188)

حسن خليل 07-08-23 03:50 PM

خصائص واستخدامات التاء في اللغة العربية
 
بداية، أود أن أُنَوّه إلى أن لغتنا العربية قد توطنت هيام القلوب من أبنائها الأوفياء، وملكت عليهم ألبابهم لما اختصت به ألفاظها وتراكيبها بل وحروفها من سحر وبهاء وحيوية، وما اتصفت به من قدرة على التعبير، وسعة وسلاسة مكنتها من احتواء الفكر العربي في مراحل مختلفة من حياة الأمة العربية. فقد حاكت اللغة العربية خيوط تلك العلاقة البكر بين الإنسان العربي والصحراء العربية منذ تلك اللحظة التي صَدَحَ فيها ثابت بن أواس الأزدي، الملقب بالشنفرى، معبّراً عن عذرية العلاقة مع الصحراء العربية ووحوشها في "لامية العرب":

ولي دونكم أهلونَ سيدٌ عملَّسٌ
وأرقط زهلولٌ وعرفاء جيأل

إلى طليعة الإسلام وما تَبِعهُ من الأزمنة العربية الباهرة، إذ أصبحت العربية لغة العلم والفلسفة، ونقلت تعاليم الدين الجديد إلى أهل البلدان المفتوحة. فقد أكّدت اللغة العربية قدرتها على التطور والرقي مُسايرة الأحداث التاريخية التي صَبَغت ألفاظها بدلالات ومعانٍ جديدة. وقد شَوَّق ذلك أبناءها ودفعهم إلى الاهتمام بها وحملهم على البحث والتنقيب في مظانّها الأساسية عن كل شاردة و واردة، فوضعوا قواعدها النحوية والصرفية، ووقفوا عند حروفها واستخداماتها اللغوية، وخصائصها الصوتية، ودلالاتها، فوجدوا أن كل حرف له من الخصائص ما يميزه من غيره من الحروف، كما أن له ما يُصنِّفه من الاستعمالات والدلالات المختلفة. لذا يقف الدارس منذهلاً أمام تلك الجهود الجبارة والدؤوبة التي بذلها علماء العربية القدماء في البحث في أدقّ تفاصيل هذه اللغة التي لا أجلَّ منها ولا أسمى.

وفي هذا الموضوع سنذكر أحد أصوات هذه اللغة و وهو صوت التاء، حيث نبحث في خصائصه الصوتية ومخرجه، وأثره وتأثره بغيره من الأصوات اللغوية والنسبة إليه، إذ نسب العرب قصائدهم التي رويّها التاء إلى هذا الحرف، كما نسبوا لغيره من الحروف الأخرى.

التاء هي حرف هجاء من حروف المعجم العربي، وهو الحرف الثالث من حروف اللغة العربية، ويساوي عدديا الرقم (400) في حساب الجمل، وفي الترتيب الصوتي الحديث يأتي في الترتيب الثامن، وفي الترتيب الصوتي القديم يأتي في الترتيب السادس عشر عند الخليل بن أحمد، والحادي عشر عند ابن جني. وأحد الحروف النطعية "الطاء والدال والتاء". وقد جاء في المعجم الوسيط أنه، أي التاء، الحرف الثالث من حروف الهجاء، وهو مهموسٌ شديدٌ ومخرجه طرف اللسان وأصول الثنايا العليا، فالتاء تشترك مع الطاء والدال في بعض الصفات، ولكنها تختلف معها في صفات صوتية أخرى وتكون الأوتار الصوتية مفتوحة. وصوت التاء يجهد النفس كونه انفجاري نضطر معه لإخراج الهواء وكأنه محبوسًا. والتاء صوت يعبر عن الحزن والبكاء ويوحي بالتعب والمعاناة.

إن حرف التاء حرف مهموس مرقق يلائم الإطار النفسي للشاعر في موضوع الغزل، وهو رقيق يناسب رقة تلك المرأة العربية التي عاشت في الجاهلية، مفعمة بكل معاني العشق والإخلاص، لذا فهي ترفع رأس زوجها تسير بين المضارب، وعيناها البدويتان تديم النظر إلى الأرض وكأنها تبحث عن شيء كانت قد أضاعته. ولعل تكرار حرف التاء قد أضفى على الروي جرسًا موسيقيًا وحقق إيقاعًا وتلوينًا صوتيًا خاصًا.

وليس هذا وحسب، بل إن صوت التاء الأسناني الانفجاري الشديد ينسجم مع الهجاء ومعاني الفخر ووصف الحرب، فهي تلائم بصوتها وتكرارها الهادر ما يعتري النفس من معاني الغضب والشدّة والحدِّة، كما لاءمت همسات العشاق والمحبين، وتضفي جوّا من الإيقاعات الصوتية الملائمة للنفس البشرية الجَائِشة، وتناسب الزهوه والكبرياء التي يشعر بها العربي في ساحات الوغى.

لهذا فان صوت التاء يلائم معظم الموضوعات الشعرية التي تناولها شعراء العربية، وتناسب النفس البشرية في هدوئها وتمردها.

ما قيل في حرف التاء؟
قيل في حرف التاء: أنتِ تاريخي، وتوفيقي، وتيسيري، وتميمة حظي، تباشير سعدي، وترياق قلبي.


"استخدامات التاء ودلالاتها في اللغة العربية"
تستخدم التاء مع غيرها من حروف اللغة العربية في تركيب الصيغ والأبنية والألفاظ المختلفة، لتحمل علامات معينة، وتشكل رموزا لهذه العلامات. فهي تدخل في تركيب الأصل الثلاثي، وهذا يعني أنها أصلية في الأفعال"فهي التي عين الفعل أو فاؤه أو لامه. وفي الأسماء هي التي تثبت في تصغير الواحد، وتجري في الإعراب كتاء الأصوات، والأقوات. وهكذا نرى أن التاء حرف أصلي يأتي في بدء الكلمة، وفي وسطها وفي آخرها، ومثال ذلك قولك "تبر وبتر ومات".

ولم يقتصر استخدام التاء في العربية على أنها مجرد صوت لغوي أصلي يشترك مع غيره من الوحدات الصوتية في تركيب اللفظ، بل استخدمت حرفا من حروف الزيادة، يضفي على الألفاظ ظلالا من المعاني والدلالات الجديدة. هذا فضلا عن استخدامها اسما إضافة إلى استخدامها حرفا، "فالتاء تأتي حرفا واسما". لهذا فقد امتدَّ استخدامها في اللغة العربية، وتعددت - تبعا لذلك - دلالاتها ومعانيها، كما تنوعت أسماؤها، وتباينت في عملها وعدمه، فهي عاملة وغير عاملة، تعمل اسمًا وتعمل حرفًا، ولهذا يستوجب علينا في بداية حديثنا عن استخداماتها اللغوية أن نبين أنواعها، وما ينتمي تحت هذه الأنواع من التاءات، ثم نستوضح دلالاتها التي أشار إليها اللغويون والنحويون العرب من القدماء والمحدثين.


"أنواع التاء"
أشار القدماء إلى أن التاءات " اثنتا عشرة تاء: تاء أصلية، وتاء غير أصلية، وتاء تجري مجرى التاء الأصلية، وتاء التأنيث، وتاء الاستقبال، وتاء مزيدة في الفعل، وتاء مزيدة في الاسم، وتاء مزيدة في الأدوات، وتاء مزيدة في الأوقات، وتاء القسم وتاء كناية المرفوع، وتاء الإضمار. وهذه التاءات كلها تنضوي تحت ثلاثة أقسام هي تاء القسم، وتاء التأنيث وتاء الخطاب. "وهذه الأقسام الثلاثة هي حروف المعاني، وما سوى هذه الأقسام فليس من حروف المعاني، كتاء المضارعة. وتاء المضارعة تاء مزيدة، تزاد على الأصل الثلاثي وما فوق الثلاثي للدلالة على زمن الحال، فهي تنقل دلالة الفعل من الزمن الماضي إلى الحاضر فضلا عن أنها تدل على المخاطب المذكر مثل قولك: أنت تذاكر، أو الغائبة كقولك: هي تلعب، فالتاء هنا تدل دلالة مركبة على هذين المعنيين.

تاء القسم
تستخدم التاء في العربية بدلاً من الواو في القسم، وهي هنا حرف قسم مختص بلفظ الجلالة "الله تعالى"، "ولا يكاد يذكر مع غيره إلا نادرًا".

والتاء في العربية من علامات التأنيث، فهي تلحق بالاسم، فتغير دلالته من التذكير إلى التأنيث. ولم يلجأ العرب إلى استخدام علامات للتذكير لأن "أصل الاسم أن يكون مذكرًا، والتأنيث فرع عن التذكير، ولكون التذكير هو الأصل، استغنى الاسم المذكر عن علامة تدل على التذكير، ولكون التأنيث فرعا من التذكير افتقر إلى علامة تدل عليه". ومن هنا نقول إن التاء تدخل على الاسم فتغير دلالته من التذكير إلى التأنيث، كأن نقول: معلم ومؤنثها معلمة، وهذا رجل بهي الطلعة، وتلك امرأة بهية الوجه، فالتاء هي الصوت اللغوي الذي غيّر الدلالة من التذكير إلى التأنيث.

وتستخدم التاء استخدامات أخرى في اللغة، لتحمّل المفردات أو الألفاظ دلالات جديدة من خلال هذه الزيادات. فتزاد إلى أصول الكلمات العربية، فتغير مبانيها الصرفية.

وهكذا نلاحظ أن كل الأصول التي اشتركت التاء في بنية أصلها تدور حول معانٍ ودلالات مماثلة، وفي هذا ما يؤكد تلك الصلة الطبيعية بين أصوات اللغة العربية ودلالاتها، ويؤكد أيضًا أهمية التاء في تحديد الدلالة.

وتكون التاء اسماً وحرفاً، فالاسم قولك: جلستُ وخرجتُ، وسمى بعضهم تاء الاسم تاءَ النَّفسْ، وفي الإعراب النحوي تسمّى تاء الضمير.

وختامًا هذا نَزْرٌ يسير من غزارة لغتنا العربية وحروفها الآسرة، ولنا الحق أن نفتخر بالحرف العربي ورسمه البديع .. وكيف لا وقد شرّفه الله - جلّ في علاه - أن يتجلَّى كلامه المنزل على رسول الرحمة المهدة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) ويكون معجزته على الخلق وبحروف عربية باهرة ... تلك هي حروفنا العربية .


الساعة الآن 12:43 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir