المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية تحرير المرأة -12-


ابن الرمادي
27-10-08, 03:01 PM
قضية تحرير المرأة
الاستاذ: محمد قطب
-12-



* لم تكن الصحافة وحدها هي التي تعمل.. وإن كانت من أهم الأدوات.. إنما القصة والمسرحية والسينما والإذاعة..كلها أدوات.
فأما القصة والمسرحية فقد بدأتا- كما كان متوقعا- بالترجمة، وانتهتا بالتأليف. وأما السينما فقد ظلت أجنبية فترة غير قصيرة من الوقت، قام ناس فقالوا: إن من العار علينا ألا تكون لنا سينما وأفلام [وطنية] أي متكلمة باللغة العربية (نقصد العامية) فقامت [الجهود] وتكاتفت حتى برزت تلك الأفلام إلى الوجود.
* فأما الإذاعة فقد جاءت متأخرة نوعا ما.. ولكنها سرعان ما لحقت الركب وشاركت في الموكب [الكبير]..
* لقد تكاتفت الأدوات كلها للوصول في النهاية إلى هدف واحد.. صرف هذه الأمة عن دينها وأخلاقها وتقاليدها. وإنشاء مجتمع [جديد] لا يحفل شيئا بالقيم الدينية، لا يجعلها نصب عينيه، ولا يستمد منها منهج حياته، ولا يلجأ إليها في تكوين أفكاره ولا اهتماماته ولا عاداته ولا أنماط سلوكه. لا بل إن ذكرها- في أي وقت- فهو ذكر السخرية والاستهزاء والاستخفاف. ولا نحتاج هنا أن نتحدث عن هذه الوسائل (خاصة بعد أن أضيف إليها التليفزيون والفيديو) وعن آثارها المدمرة في حياة الأمة، فهذا واقع مشهود، يشهده الناس كل يوم وكل لحظة، ويرون بأعينهم آثاره في أولادهم وبناتهم، ويرون بأعينهم كيف يعجزون عن صد آثاره المتلفة، ووقاية أولادهم وبناتهم من تلك الآثار.
إنما نذكر فقط [عينات] سريعة قد تعين في تصور التخطيط الذي يكمن وراء التنفيذ.
* كتبت [روز اليوسف] في مذكراتها- وكانت تقوم بالتمثيل على المسرح قبل اشتغالها بالصحافة وإصدار مجلتها التي تحمل اسمها- كتبت تقول: إنها طلبت إعانة لمسرحها من الحكومة، وكانت مصر إذ ذاك خاضعة للنفوذ البريطاني المباشر، فنصحها المندوب السامي البريطاني (وهو الحاكم الحقيقي في مصر في ذلك الحين) أن تذهب إلى الريف، وتعرض مسرحيتها هناك، فإن فعلت ذلك نالت الإعانة في الحال!.
والهدف واضح..
فالريف المصري في ذلك الوقت [مسلم] في عمومه، محافظ على بقايا من الدين والأخلاق، ومحافظ بشدة على [التقاليد] المستمدة من الإسلام (بصرف النظر عما غشاها في بعض الجوانب من الانحرافات) ومن أشد ما يحافظ عليه الريف من التقاليد- وفي الصعيد خاصة- قضية الحجاب وقضية العفة وقضية العرض.. وقضية صيانة المرأة بصفة عامة من التبذل والانحلال والانفلات!.وبقاء الريف على هذه الصورة عقبة ولا شك أمام المخططين، فالريف هو معظم مصر. ولن يؤتى المخطط ثماره كاملة إن فسدت العاصمة وحدها، وبقي الريف سليما حتى ولو في محيط التقاليد.. فإن هذا يطيل الأمر على المخططين، ويستنفذ من وقتهم وجهدهم شيئاً غير قليل (لم تكن الإذاعة قد أنشئت بعد، ولا التليفزيون بطبيعة الحال)فمن هنا يوجه المندوب السامي البريطاني [روز اليوسف]-وهو أعلم بحقيقتها، وحقيقة دورها- أن تذهب إلى الريف، لعل مسرحها ومسرحياتها أن تزحزحه قليلا عن تقاليده الصامدة، فيأخذ في حالة [الذوبان].. فتنفرج الأمور.
* نجيب الريحاني ممثل فكاهي موهوب، وصاحب [مدرسة] في الثمثيل كما يقول نقاد المسرح. ولكنه صليبي لا ينسى صليبيته، هـان غلفها [بالفن].. بل هي عن طريق أ الفن، تبلغ مداها الخبيث دون أن يحس الناس بالأمر، لأنهم مشدودون إلى البراعة الفنية المؤثرة، فيتلقون التأثير الخفي وهم في نشوة الإعجاب. فينساقون وراء التأثير.
له فيلم سينمائي يسخر فيه من مدرس اللغة العربية ومن اللغة العربية سخرية ماكرة- مقصودة بلا شك- فيصور مدرس اللغة العربية بائسا مسكينا تبعث كل مواقفه على السخرية به، ولا يثير الاحترام عند أحد، ويجعل فتاة مائعة تحاول أن تقرأ نصا عربيا في درس المطالعة فتخطئ أخطاء مضحكة- يضحك لها الجمهور الغافل- ولكنها تقدم في سياق الأحداث بالصورة التي توحي للمشاهد أن البنت معذورة.. فاللغة هكذا.. صعبة على الإفهام! لا يمكن للمتعلم أن يستوعبها مهما بذل المعلم من الجهد!
* جورجي زيدان هو أحد مؤسسي دار الهلال (والآخر هو أخوه إميل زيدان) وهما- كما أسلفنا- من اللبنانيين المسيحيين المارونيين الذين اتجهوا إلى تأسيس الصحافة في مصر. ولكن جورجي زيدان يزيد- على كونه صحفيا- أنه يكتب قصصا وروايات [إسلامية] تتناول أحداث التاريخ الإسلامي في ثوب فني.. وقد تناول في رواياته عدة أحداث تاريخية، وله قدر من البراعة الفنية- بالنسبة لوقته على الأقل- تجعل القارئ يتابع رواياته في شغف وتأثر.
فكيف تناول أحداث التاريخ الإسلامي؟!
إنه ما من مرة ينسى فيصور المسلمين في موقف [إسلامي] يبعث على الإعجاب بهم، أو تقديرهم واحترامهم، فضلا عن أن يبعث في المسلم الاعتزاز بأمجاد الإسلام..
إنهم أي المسلمون إما غارقون في الطرب واللهو، والجري وراء شهواتهم، سواء شهوة الجنس أو شهوة الملك أو شهوة المال.. وإما واقفون مواقف جادة تثير الإعجاب، لأن واحدا من [أهل الكتاب]- سواء كان يهوديا أو نصرانيا- هو الذي يشير عليهم ويخطط لهم، ويقف وراءهم يساندهم في التنفيذ! فإن لم يكن ذلك الواحد من أهل الكتاب حاضرا في الصورة، فالمسلمون في لهوهم وعبثهم، وخلافاتهم وشجاراتهم، ومؤمراتهم الهابطة.. يسلمون أنفسهم إلى الضياع.. وهذا متى؟ في أشد الأوقات التي كان المسلمون فيها ممكنين في الأرض، تدين لهم الدنيا بالطاعة والإذعان !!
تخصص مجموعة من القصصيين والمسرحيين والسينمائيين في موضوع معين، يتكرر بصورة مختلفة، خلاصته أن فتاة- جامعية في الغالب، ومتعلمة بصفة عامة- لها [صديق].. يقع بينهما ما يقع- على درجات مختلفة من الوقوع!- ثم يتقدم للزواج منها فيرفضه أبواها- الريفيان في الغالب، والرجعيان التقليديان بصفة عامة- إما لأنهما يرتبان لها زواجا معينا بعقليتهما المتخلفة، وإما لأنهما- حرصا منهما على [التقاليد]- يشعران بميل الفتاة له فيرفضانه من أجل هذا السبب بعينه.. ثم تمضي القصة أو المسرحية أو الفيلم بإصرار الفتاة على موقفها، بصورة مختلفة من الإصرار، أدناها رفض الخطيب الذي يقدمه لها والداها، وأشدها ترك البيت والهروب مع [الصديق].. وينتهي الأمر في كل حالة بتنفيذ ما أصرت عليه الفتاة، ورضى الوالدين، أو تسليمهما لأمر الفتاة التقدمية إذعانا للأمر الواقع، أو اقتناع الأم خاصة، ومحاولة إقناعها الأب بأنهما كانا مخطئين، وأن الفتاة على حق!.
* تخصص مجموعة من الكتاب- في وقت من الأوقات- في القول بأن المجتمع لم يكن نظيفا من الجريمة الخلقية وقت أن كان محافظا على التقاليد.. وأن الفاحشة كانت تقع تحت ستار الحجاب.. وذلك ردا على الذين كانوا يقولون: إن السفور والاختلاط سيؤديان حتما إلى التحلل الخلقي.
وكون المجتمع- أي مجتمع مهما كان محافظا- لا يخلو من وقوع جريمة فيه، فهذه حقيقة.. يكفي شاهدا لها أن الفاحشة وقعت في مجتمع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكنه من التبجح الغليظ أن يقال إنه ما دامت الفاحشة تقع هنا وتقع هناك، فلا فائدة في الدين، ولا فائدة في الأخلاق، ولا فائدة في التقاليد، ولا قيمة لكل التوجيهات الخلقية! فهناك فارق ضخم بين مجتمع لا تقع فيه الجريمة إلا شذوذا يستنكر، وتنال عقوبتها الرادعة حين تقع، ومجتمع يعج بالفاحشة حتى تصبح العفة فيه هي الشذوذ المستنكر!
* كتب إحسان عبد القدوس في إحدى توجيهاته التي كان يبثها في مجلة[روز اليوسف]: إنني أطالب كل فتاة أن تأخذ صديقها في يدها، وتذهب إلى أبيها، وتقول له: هذا صديقي!
* كتب أنيس منصور في إحدى مقالاته في أخبار اليوم إنه زار إحدى الجامعات الألمانية ورأى هناك الأولاد والبنات أزواجا أزواجاً مستلقين على الحشائش في فناء الجامعة.. قال: فقلت في نفسي: متى أرى ذلك المنظر في جامعة أسيوط! لكي تراه عيون أهل الصعيد، وتتعود عليه!
هذا وغيره فضلا عن آلاف بل ملايين الصور العارية..والأغاني العارية.. والأفكار العارية.. والنكت العارية.. التي تملأ الصحف والمجلات والإذاعة والسينما والتليفزيون.. وآلاف بل ملايين الأجساد العارية في كل مكان: في الشوارع والمكاتب ووسائل المواصلات والشواطئ العارية في فصل الصيف..
وفضلا عن التفاهة التي تشيعها السينما والإذاعة والتليفزيون في نفوس مشاهديها ومستمعيها.. التفاهة التي تجعل النفوس لا تتجه لشيء جاد.. فضلا عن أن تتجه لله واليوم الآخر، أو للجهاد في سبيل الله!
* ولم تكن [قضية المرأة] وحدها، وما نتج عنها من الفساد الخلقي، هي التي استخدمت في فك ارتباط المجتمع بجذوره الإسلامية، فقد كان الجهد المبذول شاملا لجميع الميادين بلا استثناء، وإن كانت [قضية المرأة] والفساد الخلقي الناشئ من [التحرر]، من أفعل الوسائل في فك ذلك الارتباط.

المالك الحزين
27-10-08, 03:48 PM
بارك الله فيك على الموضوع القيم

بندر الايداء
27-10-08, 04:25 PM
جزاك الله خيرا ونفع بك

حفظك الله

الفارس
27-10-08, 08:26 PM
بارك الله فيك

وجزاك الله خيرا

نسأل الله أن يرد كيد الكائدين ومكر الماكرين

وهو حسبنا ونعم الوكيل

نور القصمان
27-10-08, 08:35 PM
اللهم احفظنا و استر عور اتنا